الموارد الطبيعية والبنى الأساسية.. كنوز عمانية لتحقيق نقلة نوعية في قطاع "الاقتصاد الأزرق"
تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT
الرؤية- سارة العبرية
تبذل سلطنة عمان جهودا ملموسة لتحقيق نقلة نوعية في قطاع الاقتصاد الأزرق، من خلال الاستفادة من الموارد البحرية والاستثمار في الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.
ويأتي هذا التوجه انطلاقا من الموقع الاستراتيجي الذي تتمتع به السلطنة إلى جانب التنوع الأحيائي، حيث تمتد سواحلها لأكثر من 3000 كيلومتر على بحر العرب وبحر عُمان، وتحتضن مجموعة من الموانئ التي تتيح فرصًا للاستثمار في قطاعات الشحن والخدمات اللوجستية والطاقة.
وبحسب الإحصائيات، يمثل قطاع الصيد حوالي 6% من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي في عُمان، ويوفر فرص عمل لحوالي 40.000 شخص يعملون في الصيد البحري وصناعات الأحياء البحرية، مع إنتاج سنوي يُقدّر بـ 300.000 طن من الأسماك، كما شهدت السياحة البيئية نموًا سنويًا تجاوز 10%؛ حيث ساهمت بنحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022 مع توفير آلاف فرص العمل الجديدة.
وفي مجال الطاقة المتجددة، من المتوقع أن تستثمر سلطنة عُمان حوالي 30 مليار دولار أمريكي حتى عام 2040؛ أي حوالي 11.55 مليار ريال عُماني، مع خطط لإنتاج 25 جيجاوات من الطاقة المتجددة ضمن مشروع الدقم للطاقة النظيفة.
كذلك، تحقق الخدمات اللوجستية وخاصة عبر ميناء الدقم، عائدات سنوية تبلغ نحو 1.5 مليار دولار؛ حيث يعدُّ هذا القطاع محورًا استراتيجيًا نظرًا لموقع السلطنة الذي يتيح عبور نحو 30% من حركة النفط العالمية عبر موانئها، مما يعزز مكانتها في الشحن البحري الإقليمي والدولي.
وبلغت قيمة صادرات المنتجات البحرية حوالي 1.5 مليار دولار أمريكي في عام 2022، في ظل الاستثمارات الهائلة في البنية الأساسية لضمان استدامة الموارد البحرية.
وفي مجال الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، تستثمر عُمان في موارد الطاقة الشمسية والرياح بالتعاون مع شركات دولية، حيث تُعتبر مشاريع مثل مشروع الطاقة الخضراء في الدقم خطوة نحو جعل السلطنة مركزًا إقليميًا للطاقة النظيفة، باستثمارات تصل لمليارات الدولارات، بالإضافة إلى ذلك، تعد الخدمات اللوجستية والنقل البحري ركيزة أساسية بفضل امتلاك السلطنة ستة موانئ رئيسية تدعم التجارة الدولية، مثل ميناء صلالة وميناء الدقم، اللذين يربطان آسيا وإفريقيا وأوروبا ويعززان مكانة السلطنة كمحور لوجستي إقليمي.
وانطلاقا من هذه المعطيات، أقيم ملتقى الدقم الخامس لعام 2024، لتسليط الضوء على 3 محاور أساسية لدفع الاستثمارات نحو الاقتصاد الأزرق، وهي: تطوير استراتيجيات للاستثمار المستدام في هذا القطاع، وتعزيز فرص الاستثمار في قطاعات الأمن الغذائي والسياحة واللوجستيات والطاقة المتجددة، واستكشاف التقنيات والتجارب العالمية لدعم الاستثمارات في هذه المجالات.
وتهدف هذه المحاور إلى تحويل عُمان إلى وجهة استثمارية مركزية في الاقتصاد الأزرق، ما يسهم في تعزيز التنوع الاقتصادي وتحقيق رؤية "عُمان 2040"، كما جسد الملتقى التزام سلطنة عُمان بتطوير بيئة الاستثمار ودعم الاقتصاد الأزرق.
وفي تصريحات له، قال المكرم الدكتور سالم بن سليم الجنيبي رئيس مجلس إدارة فرع غرفة تجارة وصناعة عُمان بمحافظة الوسطى، إن ما تملكه سلطنة عُمان من شريط ساحلي وبُنى أساسية وما تستشرفه من نمو في قطاع الطاقة البديلة يجعل منها أحد أبرز المؤثرين في خطط الاقتصاد الأزرق ويؤهلها بأن تشكل مركز استقطاب لرؤوس الأموال في مشاريعه المختلفة.
وأوضح سعادة الشيخ خليفة بن علي الحارثي وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، أن وزارة الخارجية ومن خلال تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية تشكل حلقة وصل بين الجهات المعنية والدول أو الكيانات والأفراد الراغبين في الاسثتمار في سلطنة عُمان، وأن الوزارة سوف تستضيف النسخة الثامنة من مؤتمر المحيط الهندي، في مسقط في فبراير 2025، بهدف تعزيز الشراكات الدولية وتطوير الحلول المبتكرة التي تسهم في استدامة واستقرار منطقة المحيط الهندي.
بدوره، أكد سعادة الشيخ أحمد بن مسلم الكثيري محافظ الوسطى أن المحافظة تشكل مركزًا إقليميًّا مُهمًّا لقطاع اللوجستيات البحرية بولاية الدقم التي تتميز بموقعها الاستراتيجي الواسع الأفق نحو الموانئ العالمية، والمناطق الصناعية المتكاملة التي تمثل ركيزة أساسية لدعم تحقيق أولويات رؤية السلطنة الهادفة إلى تعزيز التنوع الاقتصادي وايجاد فرص عمل مُستدامة.
وأشار إلى أن إجمالي الاستثمارات القائمة بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم بلغ أكثر من 6 مليارات ريال عُماني في الربع الثالث من عام 2024، إلى جانب مشروع مصفاة الدقم، والتي أصبحت من أهم المصافي على مستوى المنطقة، وتكلفت أكثر من 8 مليارات دولار، وتبلغ طاقتها الإنتاجية 230 ألف برميل يوميًّا.
وتابع سعادته "أن المحافظة تعمل على مشاريع ذات الأثر العالي في مجال الكربون الأزرق لتوفر الأراضي الرطبة، من خلال إنشاء بحيرات صناعية ملائمة لزراعة أشجار القرم جاءت من أجل تحقيق عوائد بيئية واقتصادية من خلال استثمار رأس مال يقدر بـ100 مليون دولار لاستصلاح أراضٍ على مساحة 20 ألف هكتار تستوعب أكثر من 100 مليون من أشجار القرم، إضافة إلى مشاريع الثروة السمكية والأنشطة المتعلقة بها؛ حيث يشكل هذا القطاع نسبة 37 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي؛ مما يشكل ثروة وطنية استراتيجية لتحقيق التنمية المُستدامة وتعزيز الأمن الغذائي وتنويع مصادر الدخل وتوفير فرص العمل".
وأشار سعادة محافظ الوسطى إلى أن المشاريع القائمة لقطاع الثروة السمكية تضم استثمارات بقيمة 611.5 مليون ريال عُماني، وأن من أهم هذه المشاريع ذات الأثر العالي مشروع الجازر لاستزراع الروبيان بقيمة استثمارية 462 مليون ريال عُماني وبقدرة إنتاجية تصل إلى 220 ألف طن سنويًّا، ومشاريع الصناعات السمكية والغذائية والتي بلغت كلفتها 105 ملايين ريال عُماني، ومشاريع موانئ الصيد البحرية بولايات الدقم ومحوت والجازر بإجمالي تكلفة بلغت 102 مليون ريال عُماني، إضافة إلى مشاريع تطوير الأسواق السمكية وقرى الصيادين بولايتي الدقم والجازر بتكلفة بلغت 4 ملايين ريال عُماني".
ولفت صالح بن حمود الحسني مستشار رئيس الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية والمناطق الحرة، إلى أن الهيئة تسعى إلى تشجيع الاستثمارات المستدامة وتقديم حوافز للمستثمرين في مجالات مثل تربية الأحياء البحرية، والطاقة المتجددة، وإدارة الموارد المائية، وذلك إلى جانب حرصها على تحسين البنية الأساسية من خلال تطوير الموانئ والمرافق اللوجستية لدعم أنشطة النقل والتجارة، ووضع سياسات بيئية صارمة تهدف للحفاظ على التنوع البيولوجي البحري وتقليل التلوث.
وأضاف الحسني أن دور الهيئة في نمو الاقتصاد الأزرق يتحقق من خلال تسهيل الاستثمار؛ حيث تُقدِّم هذه المناطق حوافز مثل الإعفاءات الضريبية والرسوم المخفضة؛ مما يشجع المستثمرين على ضخ الأموال في مشاريع مرتبطة بالاقتصاد الأزرق، مثل الصيد المُستدام، وتربية الأحياء البحرية، والسياحة البحرية، وتطوير البنية الأساسية والتي تساعد المناطق الاقتصادية الخاصة في تحسين البنية الأساسية اللازمة للنشاطات البحرية.
يشار إلى أن السلطنة تسعى إلى رفع مساهمة قطاع الاقتصاد الأزرق من إجمالي الناتج المحلي إلى أكثر من 10% بحلول عام 2040، عبر التركيز على تعزيز الاستثمارات في الطاقة المتجددة بهدف تقليل انبعاثات الكربون ودعم الاستدامة البيئية، ومن خلال مشاريع مثل الهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية والرياح.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: البنیة الأساسیة الاقتصاد الأزرق الطاقة المتجددة الناتج المحلی ریال ع مانی من خلال أکثر من فی قطاع إلى أن
إقرأ أيضاً:
«أبوظبي للدفاع المدني» لـ «الاتحاد»: «حصنتك» نقلة نوعية لتعزيز جاهزية المجتمع وتمكين التدخل السريع
جمعة النعيمي (أبوظبي)
أطلقت هيئة أبوظبي للدفاع المدني، بالتعاون مع «إي آند الإمارات»، «حملة حصنتك»، التي تعد إحدى أبرز المبادرات الذكية في مجال الإنذار المبكر والوقاية من الحرائق في المنازل، وذلك في إطار جهودها المستمرة لتعزيز الوقاية المجتمعية، وتحقيق أعلى مستويات السلامة العامة.
في حديث لـ«الاتحاد»، أكد المقدم المهندس محمد علي الكثيري، نائب مدير إدارة الحماية المدنية في «الهيئة»، أن حملة «حصنتك» تسهم بشكل مباشر في تقليل زمن الاستجابة لحوادث الحريق، وتمثل نقلة نوعية في مساعي «الهيئة» لتعزيز جاهزية المجتمع، وتمكين التدخل السريع لفرق الدفاع المدني، مما يحد من الخسائر البشرية والمادية.
نظام ذكي على مدار الساعة
أوضح الكثيري، أن خدمة «حصنتك» تعتمد على تكنولوجيا متقدمة لربط أجهزة الكشف عن الدخان والحرارة في المنازل السكنية، بلوحة تحكم مركزية مرتبطة مباشرة بغرف العمليات، تعمل على مدار الساعة.
وأضاف: «بمجرد رصد أي إنذار، يتم إرسال إشارة فورية إلى مركز المراقبة الذكي، الذي يتحقق من الحادث من خلال التواصل مع الساكن، وفي حال عدم الرد أو تأكيد الإنذار، يتم تحريك أقرب مركز دفاع مدني للتعامل مع الحادث»، مشيراً إلى أن العناصر الرئيسة للخدمة، تشمل: مستشعرات دقيقة للكشف عن الدخان والحرارة، ربط مباشر مع غرفة العمليات، مراقبة متواصلة على مدار الساعة، بوابة إلكترونية لإدارة ومراقبة الأنظمة عن بُعد.
إلزامية البرنامج
أشار الكثيري إلى أن الاشتراك في خدمة «حصنتك» ليس خياراً، بل التزام قانوني وفق قرارات مجلس الوزراء بالأرقام (61 - 90 - 85) لسنة 2020، التي نصت على إلزامية تركيب أجهزة كشف الحريق في جميع المنازل السكنية، سواء الجديدة أو القائمة، مؤكداً أن تركيب نظام حصنتك في جميع الغرف والممرات ضروري لاكتشاف الحريق في مراحله الأولى، حيث إنه يعد أحد اشتراطات كود الإمارات للوقاية من الحريق وسلامة الأرواح.
توعية شاملة
وكشف الكثيري عن خطة شاملة لتنظيم ورش عمل توعوية ضمن مجالس إمارة أبوظبي، بالتعاون مع الجهات الحكومية والخاصة، بهدف توعية أفراد المجتمع بأهمية تركيب نظام «حصنتك»، وتعزيز ثقافة السلامة الاستباقية، مضيفاً: «نحرص على الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من السكان، لضمان شمولية التوعية وترسيخ مفهوم الوقاية كمسؤولية جماعية».
مستقبل ذكي وآمن
وفيما يتعلق باستشراف مستقبل خدمة «حصنتك»، أوضح نائب مدير إدارة الحماية المدنية في هيئة أبوظبي للدفاع المدني، إن «الهيئة» تعمل باستمرار على تطوير النظام عبر دمجه بتقنيات الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي يسهم في تحسين القدرة على التنبؤ بالحوادث، وتحليل البيانات بشكل لحظي، واتخاذ قرارات فورية عن بُعد. وفي هذا الصدد، قال الكثيري، نسعى لتحسين الكفاءة التشغيلية من خلال تكنولوجيا تستطيع رصد الأعطال وتنبيه الجهات المختصة فوراً، دون الحاجة إلى زيارات ميدانية.
دعم حكومي
وفي لمسة إنسانية تعكس حرص القيادة الرشيدة على شمولية الحماية، أكد الكثيري، أن دولة الإمارات العربية المتحدة، تكفلت بتركيب النظام مجاناً لذوي الدخل المحدود من المستفيدين من الدعم الاجتماعي التابع لوزارة تنمية المجتمع، مما يضمن شمولية الوقاية لشرائح المجتمع كافة.
كما أكد المقدم الكثيري، أن «نظام حصنتك» يمثل التزاماً وطنياً ومسؤولية مشتركة، داعياً جميع ملاك المنازل إلى الإسراع بالاشتراك في النظام لحماية أسرهم وممتلكاتهم، ولضمان بيئة سكنية أكثر أمناً واستدامة في إمارة أبوظبي.
حملات توعية شاملة
وتندرج حملة «حصَّنتُك للمنازل»، ضمن جهود «الهيئة» المستمرة لحماية الأرواح والممتلكات، وتمثل هذه المنظومة الذكية حلاً متطوراً لاكتشاف الحرائق في مراحلها الأولى، مما يسهم في تسريع الاستجابة وتقليل الخسائر، ويمكن الأسر من التصرف بشكل فوري عند نشوب أي حريق. كما وتركز الحملة على نشر الوعي المجتمعي بأهمية التدابير الوقائية داخل المنازل، عبر تنفيذ حملات توعية شاملة، وإطلاق رسائل إعلامية متكاملة من خلال المنصات الرقمية ووسائل الإعلام، لتسليط الضوء على دور أنظمة الإنذار الذكية في حماية الأرواح والممتلكات. وفي سياق متصل، أكدت هيئة أبوظبي للدفاع المدني، بأن السلامة الوقائية تبدأ من الوعي باعتماد الحلول الذكية، مثل منظومة «حصنتك للمنازل»، داعية أفراد المجتمع إلى تركيب أجهزة الإنذار المبكر، والالتزام بإجراءات السلامة المنزلية لتكون خط دفاع أول من المخاطر.
تعزيز السلامة
أوضحت «الهيئة»، أن الحملة تنسجم مع رؤية أبوظبي لتعزيز السلامة العامة، وتحقيق أعلى مستويات الوقاية المجتمعية، مما يدعم خطط التنمية المستدامة والأهداف الاستراتيجية للسلامة المدنية في الإمارة.