فى ذكرى رحيل موسوعة الفكر ( 2 )
تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT
ما زالت تباريح الذكرى الرابعة عشرة لرحيل العالم والمفكر والفيلسوف والأديب الدكتور مصطفى محمود تعيش معنا. عرفته عن كثب، نازعته نفسه بين الشك واليقين والعلم والدين. ظل يبحث عن الحقيقة.. عن اليقين. التمس العلم سبيلا للوصول إلى ما يريد بعد أن خامره الظن بأن العلم يمكن الارتكان إليه فى فهم ما استعصى عليه فهمه.
وفي هذا الصدد قال لى: " نعم.. نفسي لا أعرفها. وليس هناك من يدعى أنه عرف نفسه على وجه الأصالة والحقيقة. هل نفسى ما يراه الآخرون من ملامح وطول وعرض؟ بالطبع لا، لأن هذا يتغير، فالإنسان فى تغير دائم.. يطول ويقصر، ينحف، يشيب.. يمرض ويتحول إلى تراب، وبالتالى ليست الملامح والهيئة هى النفس. النفس هي ما بداخلي.. الجانب الجوانى لديّ. كما أن النفس ليست مجموعة عواطف، لأن العاطفة عابرة أيضا تتداول عليها الأحوال وتتغير، فمرة فاترة ومرة مشتعلة، ومرة تنقلب إلى الضد، فليست هى نفسى. وبالتالى هذا يصدق على العقل والأفكار بدليل أننى إذا قرأت كتبى لوجدت أن أفكارى تتغير وكذا مواقفى. إذن مسألة النفس هذه محيرة. كل ما أعلمه عن نفسي أمور خارقة سواء أكانت صفات جسدية أم صفات نفسية. وعليه فإن النفس الحقيقية هى السر الأعظم الذى يكمن وراء هذا كله".
وأسأله: عبر محاولاتك لمعرفة ذاتك هل وصلت إلى ما تريد؟ فيجيبنى قائلا: "أحاول أن أصل إليها، ولكنى دائما فى الطريق نحو التعرف على نفسى. والإنسان يتعرف على نفسه من خلال ردود الفعل والاختيار. فى كل لحظة يكون الفعل الحر هو اختيار الإنسان لنفسه، ولهذا لا يتم هذا الفعل الحر إلا من خلال تفاعل الانفعال مع البيئة ومع الآخرين. وما دام الإنسان على قيد الحياة، فلا يمكن الحكم على نفسه، لأن من الممكن فى السنة الأخيرة من حياته أن يكتشف مبادئ جديدة، ويقلع عن مسائل تمرس عليها لسنوات. ولهذا دائما يقال: العبرة بالخاتمة، فالنفس تكشف عن باطنها من خلال الابتلاء والامتحان والاصطدام مع الآخرين. عملية الكشف هذه تتم على أجزاء مثلما ترين البرعم المقفول، فكلما تفتحت فيه ورقة وجدت تحتها ورقة أخرى إلى أن تجدى الجنين فى الداخل.ولم يتسنّ لأحد معرفة نفسه أبدا. غير أن المخلصين عامة دائما فى طريقهم إلى معرفة نفوسهم".
وهنا أقول: ولكن وفقا للإطار الشائع غالبا ما يدرك المرء نفسه فيما لو أدرك ما الذي يريده. فيجيبنى الدكتور مصطفى محمود قائلا: "هذا مخادع جدا.. فربما تريدين الارتباط بهذا الرجل تحديدا، ولكن بعد الارتباط به بعام واحد يتحول شعورك إلى الضد، فالإرادة خادعة ومتلونة. قد تحلمين بثروة حتى إذا حصلت عليها زهدت فيها. الإنسان أكثر قلقا وأكثر جوعا. وكلما شرب لا يرتوي.. يزداد عطشا. يتأكد له أن ما شرب منه ليس النبع الذى يبحث عنه، ومن ثم يتطلع إلى نبع جديد".
واليوم ومع الذكرى الرابعة عشرة لرحيل الدكتور مصطفى محمود النموذج المبهر فكرا وعلما وبحثا أستدعى لقاءاتي معه كمفكر غير تقليدى، و مجدد فى انتقائه للجملة وارتياده للفكرة، وفي سوقه البراهين والأدلة على أى موقف من مواقف الحياة، كانت أفكاره وخواطره وكتاباته عنصر جذب أخاذا ولهذا كثر محبوه وقراؤه. وانعكس تأثير كتاباته فى محيط تتعدد اتجاهاته، وتختلف نزعاته. عباراته مجلوة بإيقاع شعرى، أولى سماته أنه مفكر تحركه ذاتيته أولا وقبل كل شىء، وهى التى تضفي على أفكاره وكتاباته ذلك البريق الذى يخطف الأبصار ويشدها إليه.
وللحديث بقية..
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مصطفى محمود
إقرأ أيضاً:
د.أحمد حطاب: علم النفس والاجتماع مساق جديد سهل وممتع لطلبة التوجيهي
صراحة نيوز – عدي أبو مرخية
أكد دكتور المناهج وأساليب التدريس في الدراسات الاجتماعية، د. أحمد حطاب، أن مساق علم النفس والاجتماع الذي ستطرحه وزارة التربية والتعليم لطلبة التوجيهي (جيل 2008) ضمن المواد الاختيارية، يُعد مادة سهلة وسلسة، مشيرًا إلى أن الطالب يمكنه تحقيق العلامة الكاملة فيها نظرًا لارتباطها المباشر بحياته وسلوكاته اليومية.
وأوضح الحطاب أن كثيرًا من الطلبة لم يطّلعوا على هذا المساق بعد، نظرًا لطبيعة المجتمع الذي يتخوف من أي جديد أو تطوير، إلا أن الاطلاع على النسخة التجريبية للكتاب كشف عن أنه أكثر متعة وأسهل من مواد اختيارية أخرى.
وبيّن الحطاب أن المادة تتناول سلوكيات الإنسان وعلاقتها بالدماغ، ما يجعلها مادة ذات طابع واقعي ومفيد، وليست قائمة على الحفظ البصمي، بل على الفهم والتحليل. وأضاف أن الفصل الأول من الكتاب يركز على علم النفس والسلوك، بينما من المتوقع أن يتناول الفصل الثاني محور علم الاجتماع.
وأشاد الحطاب بقرار الوزارة طرح هذا المساق الجديد، داعيًا إلى تعميم مساقات مشابهة في المراحل الأساسية العليا، لما لها من دور في تنمية تفكير الطالب وصقل شخصيته وفهمه لنفسه وللآخرين.
كما دعا إلى تخصيص معلمين أكفاء لتدريس المادة، مثل المتخصصين في التربية مناهج وأساليب التدريس أو علم النفس أو علم الاجتماع*، بالإضافة إلى توعية الطلبة بمحتوى المادة ليختاروها بناء على قناعة ومعرفة حقيقية بمواضيعها.