من الذي أجهض المشروع الأماراتي؟
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
عندما قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غواتيرش أمام مجلس الأمن ( أن الظروف ليست متوفرة لنشر قوات تابعة للأمم المتحدة في السودان لحماية المدنيين) و هي الرؤية الأمريكية التي كانت ساعية لدخول قوات أممية للسودان تحت البند السابع لميثاق الأمم المتحدة.. هل كان غواتيرش يعلم أن حديثه سوف يجهض الخطة الأمريكية الداعمة للميليشيا التي تقف وراءها الأمارات؟ أن دولة الأمارات جندت كل الطاقات العندها و الأموال في تحقيق مشروعها الداعم إلي سيطرة الميليشيا و كل مرة تحاول فيها إعادة التجربة في مجلس الأمن تفشل، و تجر هي و عملائها وراءهم أزيال الخيبة و الإنكسار .
كانت الدعوة الأخيرة في مجلس الأمن قد تم الترتيب لها منذ بدأ المبعوث الأمريكي توم بيرييلو زيارته الأخيرة، و استهلها بنيروبي و التقي بقيادات "تقدم" حيث بدأت تظهر دعوة للتدخل الدولي من قبل الاتحاد الأفريقي أو قوات أممية تحت البند السابع.. قال بيرييلو في نغريدة معلقا على التدخل الدولي لحماية المدنيين أن المقترح قدمته قيادة " تقدم" و التغريدة نفسها هي محاولة تبرير "مقدمة" إذا فشل المشروع، بالقول أن الدعوة ليست رغبة أمريكية أنما رغبة من قيادات سياسية سودانية.. و معرف أن المخطط التأمري على السودان الذي تقوده الأمارات الداعمة للميليشيا المستخدمة كرأس رمح في تنفيذه، وراءه الدول التي كانت في " الرباعية – أمريكا و بريطانيا و السعودية و الأمارات" الذين حاولوا أن يفرضوا على الشعب السوداني قيادات بعينها. فشل المخطط في " الاتفاق الإطاري" ثم فشل في الخطة البديلة " الانقلاب العسكري من قبل الميليشيا" و فشلت كل المجهودات أن تعود الميليشيا مرة أخرى عبر التفاوض في منبر جدة و جنيف.. أخر هذه المجهودات هو الدعوة للتدخل الخارجي عبر بوابة مجلس الأمن تحت البند السابع و هي أيضا قد فشلت..
أن الدعوة للتدخل الخارجي تحت البند السابع، تؤكد أن الممارسات التي مارستها الميليشيا في شرق الجزيرة لم تكن بدافع الانتقام من موقف كيكل، أنما كان الهدف منها هو زيادة حالة قتل المواطنين في العديد من مناطق السودان التي تسيطر عليها الميليشيا أو التي تطالها يد الميليشيا حتى تكون مقنعة لأعضاء مجلس الأمن بضرورة تدخل قوات أممية لحماية المواطنين.. أن حالة القتل في شرق الجزيرة صاحبتها قصف عشوائي لمناطق أم درمان و كرري، و أيضا هجوم على المدرعات و شرق النيل، كان الهدف منها جميعا أقناع أعضاء مجلس الأمن.. فهي مخططات مرتبة و تشارك فيها دول و عناصر سودانية داخلية داعمة للميليشيا...
أن حياكة المؤامرات الخارجية ضد الوطن، بهدف السيطرة عليه من خلال تصعيد قيادات سياسية للسلطة شبيهة بحكومة " تغو دينه ديم" في فيتنام الشمالية التي كانت مدعومة من قبل الولايات المتحدة، أو حكومة " فيشي" في فرنسا التي كانت مدعومة من قبل ألمانيا النازية.. جميعهم قد سقطوا عندما تغلبت القوى الوطنية على الأيادي الخارجية ، و تحاول ذات الدول أن تعيد التجربة مرة أخرى في السودان، و لكن كل المخططات كانت تسقط بفضل و يقظة و وعي الشعب السوداني.. عندما رفع شعار " معليش ما عندنا جيش" و " البوليس جرى" كانت بداية للمخطط لضرب القوى الصلبة في البلاد. و تسكين الشعب بشعارات هلامية بهدف تمرير المشروع.. و سوف تسقط كل المخططات القادمة من خلال التلاحم الشعبي القوي و الاستنفار و حمل الشعب السلاح حماية لوطنيه، فالسلاحه نفسه دفاعا عن الوطن و الوقوف ضد المؤامرات الخارجية سوف يخلق وعيا سياسيا جديدا في المجتمع، و أيضا سوف تسقط مؤسسات قديمة تصدعت جدرانها.. فالحرب سوف تخلق معادلة سياسية جديدة لها رؤى جديدة تتجاوز بها سلبيات الماضي. نسأل الله حسن البصيرة..
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: تحت البند السابع مجلس الأمن التی کانت من قبل
إقرأ أيضاً:
التغلب على العقبات التي تحول دون إصلاح الأمم المتحدة
نيليما جولراجاني ـ جون هندرا -
في الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، سوف يكون لزاما على المشاركين مواجهة أزمة تمويل التنمية المتصاعدة التي تجتاح منظومة الأمم المتحدة. حتى الآن، كانت الاستجابات للضغوط المالية تركز على خفض التكاليف، عن طريق تقليص النفقات العامة وتحسين الكفاءة. لكن الحل الدائم يتطلب تغييرات أعمق، وهذا يبدأ بسؤال جوهري: ما هي الهيئة التي يحتاج العالم أن تكون عليها الأمم المتحدة اليوم، وهل تناسب نماذج التمويل الحالية الغرض منها؟
في هذا العام، تعني أزمة السيولة الناجمة عن امتناع الحكومات عن السداد أو تأخرها في السداد أن الأمم المتحدة تواجه عجزا قدره 2.4 مليار دولار من مستحقات ميزانيتها العادية، ونحو 2.7 مليار دولار من مساهمات حفظ السلام. علاوة على ذلك، إذا فشلت الأمم المتحدة في إنفاق أي أموال قبل نهاية العام ــ ولنقل بسبب التأخر في تسليمها ــ فإنها مطالبة بإعادتها إلى البلدان الأعضاء في هيئة أرصدة دائنة، بدلا من ترحيلها إلى العام التالي. على الرغم من خطط خفض الإنفاق بنسبة 30% هذا العام عن الذروة التي بلغها في عام 2023، فإن منظومة الأمم المتحدة بأكملها معرضة لخطر الإفلاس. وما يضاعف من شدة الضغوط، أن تخفيضات المساعدات تقوض برامج الأمم المتحدة، ويتحمل العواقب على نحو غير متناسب أكثر الناس ضعفا وعُـرضة للخطر في العالم. وتتفاقم هذه المشكلات بفعل تقلص الميزانيات بين بعض أكبر المانحين على مستوى العالم ــ تتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية انخفاضا سنويا بنسبة 9-17% في المساعدات الخارجية في عام 2025. في حين أن حجم أزمة التمويل والسيولة التي تعاني منها الأمم المتحدة حاليا غير مسبوق، فإن المشكلات الأساسية ليست جديدة. فلأن ميزانيتها العادية لا تغطي سوى جزء بسيط من احتياجاتها، تعتمد الأمم المتحدة بشكل كبير على التمويل الحكومي الطوعي غير المخطط. وتعتمد منظومة الأمم المتحدة الإنمائية (UNDS) ــ التي تضم 43 صندوقا ووكالة وبرنامجا تقدم الدعم الإنمائي والمساعدات الإنسانية على مستوى البلدان ــ بشكل خاص على المساهمات الطوعية التي يمكن استرجاعها بسرعة. فقد انخفضت الاستثمارات في منظومة الأمم المتحدة الإنمائية بنسبة 16% في عام 2023 (ما يقرب من 9 مليارات دولار)، ويأتي 93% من إجمالي التمويل من مصادر طوعية و7% من اشتراكات العضوية المقررة.
لمواجهة هذه الأزمة، أطلق أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، مبادرة الأمم المتحدة 80، والتي تضم ثلاثة «مسارات عمل»: إيجاد سبل لتحسين الكفاءة، ومراجعة تنفيذ ولايات الأمم المتحدة، ودراسة التغييرات البنيوية المحتملة وإعادة تنظيم البرامج. ومن المفترض أن تعمل نتائج ومقترحات مساري العمل الأولين على تشكيل فِـكر وجوهر المسار الثالث. الواقع أن مسار العمل الثالث هو الذي ينطوي على القدر الأعظم من الإمكانات التحويلية. وإذا أُدير هذا الجهد على النحو الصحيح، فمن الممكن أن يمثل نقطة تحول لكل «التساؤلات» حول عمل الأمم المتحدة و«كيفية إدارتها». لكن النجاح يستلزم حرص الأمم المتحدة على تجنب الأخطاء التي ارتُـكِـبَت في إطار جهود الإصلاح السابقة، والتي سعت إلى إزالة الطابع المركزي وتحسين التنسيق بين الوكالات لكنها تجنبت تساؤلات أشد عمقا حول الغرض من منظمة الأمم المتحدة وكيفية تمويلها.
فيما يتعلق بالغرض، فإن القيمة الفريدة التي تتمتع بها منظومة الأمم المتحدة الإنمائية تكمن في قدرتها على النهوض بالمعايير المتفق عليها عالميا والحفاظ عليها. وينبغي للأنشطة على مستوى البلدان والتي تعزز معايير مثل المساواة بين الجنسين، والاستدامة، وحقوق الإنسان، أن تكون على رأس القائمة.
يعتمد تحقيق هذه الوظيفة على الكفاءات الفنية لدى منظومة الأمم المتحدة الإنمائية وقدرتها على عقد الاجتماعات، ومصداقيتها الدولية، وعلاقاتها الدبلوماسية. ولكن من الأهمية بمكان أن نعلم أن الأمر يعتمد أيضا على الحصول على التمويل الوافي الذي يُـمكِن التنبؤ به لتعزيز العمليات التي تدعم هذه المعايير. وفي حين أن المساهمات المقررة من الممكن أن توفر ذلك، فإنها في الممارسة العملية تمثل حاليا جزءا ضئيلا من إجمالي موارد منظومة الأمم المتحدة الإنمائية. ونتيجة لهذا، تنتهي الحال بالصناديق والوكالات والبرامج التابعة لمنظومة الأمم المتحدة الإنمائية المتعطشة للأموال إلى قبول مساهمات مرتبطة بمشاريع محددة بشكل ضيق، وقد يؤدي هذا إلى تفتت الجهود، وهو يعكس أهواء وتفضيلات حفنة من كبار المانحين الطوعيين. وهذا يحول منظمة الأمم المتحدة فعليا إلى مقاول مسؤول أمام أصحاب الأموال، بدلا من أن تكون مستشارا جديرا بالثقة للحكومات المضيفة وواضعا للأجندة العالمية. بوسع منظومة الأمم المتحدة الإنمائية أن تعمل بأعظم قدر من الفعالية عندما يتمكن العاملون بها من توجيه السياسة على نحو استراتيجي وتحقيق النتائج حيثما تشتد الحاجة إليها، وليس حيثما تمليها الجهات المانحة.
لهذا السبب، دعا اتفاقان للتمويل على التوالي إلى زيادة التمويل الأساسي لأنشطة الأمم المتحدة الإنمائية، وتقليل الاعتماد على المساهمات المخصصة. في المقابل، التزمت الأمم المتحدة بتحسين الشفافية، وتعزيز سبل الإبلاغ، وتعزيز كفاءة عملياتها. في عام 2023، حققت وكالات الأمم المتحدة 56% من أهداف الاتفاق ــ أي أكثر من ضعف الحصة التي حققتها البلدان الأعضاء البالغة 24%. وعلى هذا فإن انعدام الكفاءة الذي تنتقد البلدان الأعضاء الأمم المتحدة بسببه يرجع جزئيا على الأقل إلى ممارساتها التمويلية.
في نهاية المطاف، فشل الميثاق في اكتساب الزخم بين الحكومات الأعضاء في الأمم المتحدة لأنه لم يقدم حجة مقنعة بالقدر الكافي للدور الإنمائي الذي تضطلع به الأمم المتحدة. ويتمثل أحد الدروس المستفادة من الميثاق في دعم مسار العمل الثالث لمبادرة الأمم المتحدة ثمانين في أن وجود رؤية متجددة لمنظومة الأمم المتحدة الإنمائية تستطيع الحكومات الأعضاء أن تدعمها على نطاق واسع يشكل خطوة أولى ضرورية للإصلاح الناجح. أما عن التمويل في حد ذاته، فإن أحد الحلول قد يتمثل في تعزيز وتوسيع نطاق استخدام المساهمات المقررة من خلال إعادة النظر في صيغة توزيع الالتزامات المالية بين البلدان الأعضاء في الأمم المتحدة.
الأمم المتحدة قادرة أيضا على توسيع أشكال أكثر ليونة من التخصيص، مثل الصناديق المشتركة والمجمعة؛ وإدخال أشكال أكثر إبداعا للتمويل، مثل تجديد الموارد والرسوم؛ وتوسيع نطاق الاستفادة من أموال الـمِـنَـح لحشد استثمارات إضافية. أياً كان ما سيحدث بعد ذلك، يجب أن يكون أمرا واحدا شديد الوضوح: سوف يحدد تمويل البلدان للأمم المتحدة مدى كفاءتها. من غير الممكن أن تخدم الأمم المتحدة كقناة ذات مصداقية لاستثمارات الأعضاء في التنمية العالمية إلا من خلال إطار تمويل قوي ويمكن التنبؤ به، مسترشدة بإجماع قوي على الأهداف. هذه هي الأجزاء المفقودة من أُحجية إصلاح الأمم المتحدة والتي يجب العثور عليها الآن وبسرعة.