المقاومة بالفكرة.. ابتكارات غزة في زمن الحرب
تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT
"ما أقصى مراحل الإحباط التي قد يصل لها الإنسان؟ وإلى أي حد يدفعه الأمر للتفكير بالموت؟" سؤالان يلخصان ما دار في ذهن الشاب الفلسطيني عبد الله قلجة عندما استنفد الأطباء الحلول لعلاج قدمه اليسرى، وقاموا ببترها بسبب إصابة تعرض لها إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزل جيرانه شمالي قطاع غزة.
ففي 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي منزلا مجاورا لعائلة قلجة، مما أسفر عن استشهاد والده وشقيقه، وإصابة عبد الله وشقيقه الثاني وعدد آخر من أفراد العائلة.
وأجرى الأطباء 4 عمليات طارئة لعلاج قدم عبد الله، لم تفلح جميعها. وجاءت اللحظة التي "تمنيت فيها الموت قبل أن أخسر قدمي"، هكذا يصف الشاب للجزيرة نت أقصى مرحلة من الإحباط وصل لها وقت إبلاغه بأن العملية الخامسة ستكون بترها.
نزح عبد الله مع أمه ومن تبقى من عائلته، وانتهى بهم المطاف مؤخرا في خيمة بالقرب من شاطئ دير البلح وسط قطاع غزة.
ويضيف عبد الله للجزيرة نت "السعي في طلب الرزق عبادة، لكن الطريق مؤلم وشاق بقدم واحدة، بعد أن منحني أحد الأصدقاء عكازا أتكئ عليه، قبل أن أقرر تحويل العكاز المكسور إلى قدم صناعية".
وتابع "لقد صنعت لنفسي حياة من جديد، صحيح هي فكرة بدائية، لكنها بالنسبة لي مجدية للحد الذي يعينني على مصاعب الحرب وفقر الإمدادات الطبية في حرب لم تبق شيئا على حاله في غزة".
تطوير طريقة لتحلية مياه البحر للتغلّب على ندرة المياه العذبة في قطاع غزة pic.twitter.com/KyYYe9C2UC
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) June 1, 2024
تحلية مياه البحرأما الفلسطيني أحمد عفانة، فيقول إنه كان يشق طريقا وعرة يوميا باحثا عن أقرب نقطة لتعبئة مياه الشرب، خاصة أنه يسكن خيمة على رمال البحر الممتدة وسط القطاع، مما يجعل المهمة مرهقة.
ويضيف للجزيرة نت أن "تعبئة مياه صالحة للشرب، وأنت تسكن خيمة على شاطئ البحر أبعد ما تكون عن المناطق السكنية، مهمة ليست سهلة، يشارك فيها أطفالي أحيانا بدلا من الجلوس للدراسة والتعليم".
وأردف قائلا "لأن الاحتلال والحرب لا يكسران صمود الفلسطيني، ابتكرت طريقة لتحلية مياه البحر الممتدة أمام مرأى بصره من أجل الحصول على نحو لترين من مياه صالحة للشرب يوميا".
ويُحضر أحمد المياه من البحر، ويضعها في أنبوب مليء بالحجارة، وفي نهايته مصفاة لترسيب الملوحة. ويعترف الشاب النازح من مخيم جباليا بأن هذه الطريقة لا تغني عن الحصول على المياه مما تبقى من محطات تحلية في غزة، لكنها مجدية إلى حد لا يجعله يضطر يوميا لقطع مسافات طويلة وشاقة.
وتعمّد جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 استهداف آبار المياه والخزانات ومحطات التحلية المختلفة، حتى بات مشهد طوابير المواطنين للحصول على بضع ليترات منها مألوفا على الشاشات.
#شاهد | قصة ابتكار جهاز تحلية مياه البحر بالطاقة الشمسية في غزة
– المهندسة إيناس الغول تتمكن من إيجاد حلول بديلة لحل مشكلة انقطاع مياه الشرب، وذلك عن طريق صناعة جهاز يعمل على تحلية مياه البحر عن طريق الطاقة الشمسية.
– وقد تم تطبيقه على بعض الأحياء بخانيونس ومنحه للسكان هناك… pic.twitter.com/c8X5ciCKt1
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) August 5, 2024
مقاومة بالفكرةوكما وضعت الحرب أحوال الفلسطينيين ومصائرهم في المجهول، فقد دفعتهم للمقاومة بالأفكار وتحدي الظروف الصعبة وانعدام الخدمات الأساسية بصور مختلفة.
وفي ظل انعدام الكهرباء وانقطاعها بشكل كامل عن غزة في 21 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ابتكر الخياطون طريقة لتشغيل ماكينة الخياطة الخاصة باستخدام دراجة هوائية، في ظل حاجة الفلسطينيين إلى هذه المهنة لإصلاح ما تبقى معهم من ملابس.
وهي الطريقة نفسها التي استخدمها فلسطينيون آخرون في إعادة تدوير أقمشة البطانيات الحرارية لإنتاج ملابس شتوية.
إبداع أهلنا في غزة العزة ????????????
اعادة التدوير عند اهلنا في غزة #غزة #غزة_العزة pic.twitter.com/nXBxcuDwl9
— اسماء اليماني – Asma Alyamani (@asmaalyamani00) October 21, 2024
ومع اقتراب فصل الشتاء الأصعب على سكان غزة، يشكو أكثر من مليوني مواطن من ندرة الملابس وتوفرها بأسعار باهظة، مما يجعل فكرة تدوير البطانيات الحرارية مبتكرة للنازحين في القطاع.
وبسبب ندرة الغاز وصعوبة توفيره في ظل إغلاق معابر غزة، عمل فلسطينيون على ابتكار حلول بديلة، عبر إشعال النيران بواسطة زيت القلي وبعض البلاستيك، مستعينين بمجفف الشعر لجعل النار أكثر اشتعالا وانتظاما.
ودمرت إسرائيل خلال الحرب على غزة القطاع الاقتصادي بما فيه المنشآت والمصانع والمزارع وأسواق الأسماك، الأمر الذي أحدث خسائر مالية واقتصادية كبيرة جدا.
وتوقفت 82% من الشركات في غزة، التي تشكل محركا رئيسيا للاقتصاد، وتسببت الحرب الإسرائيلية في وضع اقتصاد القطاع في حالة خراب، وفق تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد).
ووصل معدل البطالة في قطاع غزة إلى 80% منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفق تقرير نشرته منظمة العمل الدولية في يونيو/حزيران الماضي.
وبدعم أميركي، تشن إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 حربا على غزة خلفت أكثر من 143 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وللعام الثاني على التوالي، يواصل جيش الاحتلال حرب الإبادة الجماعية في مناطق مختلفة من قطاع غزة، مستهدفا البشر والحجر، مما تتسبب في خسائر مالية ضخمة، قدرها المكتب الإعلامي الحكومي بنحو 33 مليار دولار.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجامعات أکتوبر تشرین الأول 2023 تحلیة میاه البحر عبد الله قطاع غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
الفاو: 6 آلاف من صيادي غزة يواجهون الموت جراء الهجمات الإسرائيلية
أكد أحدث تقرير صدر عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، أن 6 آلاف من صيادي غزة يواجهون الموت لتضرر قطاع الصيد من الهجمات العسكرية الإسرائيلية، مشيرة إلى أن هذا القطاع كان يعيل قرابة 110 آلاف نسمة.
وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، أوضحت الفاو أن الصيادين في غزة كانوا يواجهون قيودا مشددة حتى قبل التصعيد الأخير، إذ كانت المناطق التي يسمح بها الصيد تقتصر على ستة أميال بحرية شمالا و15 ميلا جنوبا. أما اليوم، فأصبح الصيد يجري على بعد أمتار قليلة من الشاطئ، ما يجعل حياة الصيادين في خطر دائم.
وذكرت منظمة الفاو أن مرفأ غزة البحري، شمال وادي غزة، تعرض لأضرار جسيمة أدت إلى تدمير الغالبية العظمى من القوارب، مما فاقم أزمة الأمن الغذائي في القطاع.
ووفقاً لتقرير الفاو، فإن الأسماك، التي كانت تشكل يوما مصدرا حيويا للبروتين والمغذيات الأساسية لسكان غزة، أصبحت شبه معدومة في السوق المحلي، ففي حوض ميناء غزة البحري، حيث كانت المئات من قوارب الصيادين ترسو بعد ليال طويلة من الصيد في عرض البحر، لم يتبقَ اليوم سوى مخلفات المراكب الغارقة، وأرصفة مدمرة تتزاحم بينها خيام نازحين فروا من مناطقهم مع تصاعد العمليات العسكرية المستمرة في القطاع منذ أكثر من 20 شهرا.
وأكدت الفاو أن قطاع الصيد في غزة الذي كان يشكّل مصدر رزق لأكثر من 6 آلاف فلسطيني يواجه انهيارا شبه تام، في ظل ما يصفه العاملون فيه بـالاستهداف الممنهج للبنية التحتية الخاصة به.
ووفقا لتقرير مشترك صادر عن مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان وشبكة المنظمات الأهلية في غزة، قُتل ما لا يقل عن 202 شخصا من العاملين في قطاع الصيد منذ اندلاع الحرب، بينهم 50 قتلوا بنيران الزوارق الاسرائيلية أثناء مزاولتهم لمهنتهم في البحر، كما أُصيب أكثر من 300 آخرين، من بينهم 20 إصابة وقعت داخل البحر.
وأشار التقرير إلى أن أكثر من 90% من قوارب ومراكب الصيد، بالإضافة إلى غرف ومخازن الصيادين، تعرضت للتدمير بشكل الكامل، مما أدى إلى فقدان ما لا يقل عن 4.500 صياد و1.500 عامل في المهن المرتبطة بالصيد، مصدر دخلهم الوحيد.
من جانبه، أكد منسق لجان الصيادين في قطاع غزة زكريا بكر، أنه منذ اللحظات الأولى للحرب، مارست قوات الاحتلال الإسرائيلي عمليات قصف ممنهجة على مراسي ومراكب الصيادين من خلال الزوارق والطائرات الحربية، ما أدى إلى تدمير نحو 95% من ممتلكات الصيادين، بما في ذلك مصانع الثلج، غرف بيع الأسماك، والحسبة الرئيسية داخل الميناء.
وقال بكر إن الهجمات الإسرائيلية طالت جميع المراكب في مدينة غزة ولم يتبق سوى قارب واحد تم قصفه مؤخرا.
وأضاف: الاحتلال قضى بشكل كامل على قطاع الصيد وحرم أكثر من 6 ألاف شخص من العمل، الأمر الذي أثّر بشكل مباشر على الأمن الغذائي لنحو مليوني فلسطيني في قطاع غزة.
اقرأ أيضاًبالتعاون مع منظمة الفاو.. مشروع جديد بالبحيرة لتقليل الأثر البيئي وتحسين الإنتاج الحيواني
وزير الزراعة يشارك في المؤتمر الدولي لدعم استراتيجية «الفاو» بمجال صحة النبات