بوابة الوفد:
2025-05-12@13:40:25 GMT

الثقة أهم من القانون!

تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT

صدور قانون بتنظيم نقل وزراعة الأعضاء (كما قلت فى مقال أمس) لم يكن كافياً لإقبال الأحياء على التبرع لإنقاذ المرضى المحتاجين لزرع عضو أو إقناع المواطنين بالتوصية قبل وفاتهم ببترك وصية للتبرع بأعضائهم، ويرجع ذلك إلى غياب الثقة، التى كانت وراء تأخر إصدار القانون من مجلس الشعب إلى أكثر من 8 سنوات بعد أن نشأ خلاف اختصاصى بيد مجلسى الشورى الذى كان متحفظاً على مشروع القانون، وبين مجلس الشعب الذى كان يرى ضرورة إصداره لحاجة آلاف المرضى إلى عمليات زرع أعضاء بشرية، وما بين الشد والجذب فى البرلمان راجت تجارة الأعضاء البشرية، ولكن دولة 30 يونيو كانت لها بالمرصاد، وخاصة بعد تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى المسئولية الذى أصدر تعليماته إلى وزارة الصحة ضمن مبادرة 100 مليون صحة لإنشاء مركز متخصص فى نقل وزراعة الأعضاء لإنهاء كل ممارسات بيع الأعضاء بمقابل مادى.

أزمة الثقة التى سيطرت على المواطنين من تعرضهم لسرقة أعضائهم أحياء أو أمواتًا على يد تجار قطع الغيار البشرية وتركيبها فى الأثرياء تحدث عنها العالم الكبير ملك القلوب الدكتور مجدى يعقوب مع الإعلامية لميس الحديدى فى برنامج كلمة أخيرة، وقال بكل صراحة بأن زراعة الأعضاء تتطلب الثقة من المجتمع للأطباء، وأضاف أنه من المهم أن يثق الشعب أن فيه نظامًا للتأكد أن المريض متوفى ليجوز نقل الأعضاء البشرية منه، وأن موت جزع المخ بنسبة 100٪ هو علامة الوفاة فى كل العالم حالياً، ومعناه أن المخ مات وأن تكون هناك عدالة اجتماعية فى زراعة الأعضاء فلا يحصل عليها صاحب فلوس ولا مشهور، وإنما تُعطى للمحتاج فقط، وهذا موجود فى كل دول العالم.. الأعضاء البشرية يتم منحها بدون أموال ولا واسطة ولا شهرة، ونقول نحن الأطباء والحكومة للشعب ثقوا فينا، واقترح «يعقوب» بالبدء فى نقل وزراعة القرنية والصمامات القلبية، مطالبًا مصر بأن تخدم نفسها، ولا بد من منح الثقة للشعب لأن التبرع يكون من الشعب للشعب.

ولخص يعقوب كلامه حتى يطمئن المتبرعون بأعضائهم بأنها تبرع وليست تجارة، أو أنهم وقعوا ضحية تجار قطع غيار بشرية حتى وهم أحياء بأن تكون هناك مساواة وعدالة وثقة فى هذه القضية المهمة التى تتوقف عليها حياة مرضى الحاجة إلى زراعة أعضاء!

حالياً كلام الدكتور يعقوب قارب على أن يحقق كل ما يتمناه، فهناك سعى لغلق الباب أمام عمليات نقل الأعضاء التى قد يستغل فيها جهل البسطاء وعدم درايتهم بالمخاطر المترتبة على عملية التبرع لأعضاء، وهناك برنامج موضوع فى مركز نقل وزراعة الأعضاء بأن يكون الزرع لغير القادرين على نفقة الدولة من الصندوق الذى تم إنشاؤه لهذا الغرض، وفقًا للدور والضوابط الصادرة من وزير الصحة بصفته رئيس اللجنة العليا لزراعة الأعضاء.

تبقى نقطة مهمة وهى كيفية تبرع المتوفيين بأعضائهم بعد التأكد من أن التبرع بالأعضاء يتفق مع الشريعة الإسلامية لاستفادة الأحياء بها، وهى كل عن طريق توثيق التبرع فى الشهر العقارى، أو وصية يتركها المواطن لأبنائه، أو عن طريق خانة فى بطاقة الرقم القومى.

ما زال أمل آلاف المرضى معلقاً بالهبة التى يقدمها المتبرعون بعد وفاتهم لإنقاذ الأحياء، وما زال الشعب يبحث عن الثقة عند الأطباء بأن يراعوا ضمائرهم بخلاف ثقافة التبرع بالأعضاء التى يجب أن تسود فى المجتمع باعتبارها صدقة تفيد مريضاً فى إنقاذ حياته.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: زراعة الأعضاء

إقرأ أيضاً:

كان.. يا ما كان

فى واحدة من أهم الظواهر التى تستحق الدراسة مؤخرًا في مجتمعنا المصرى يبدو أن ظاهرة الحنين إلى الماضى المعروفة علميًا (بالنوستالجيا) قد بلغت مداها بين قطاعات عريضة من أبناء هذا الوطن بكل أطيافه بل وأجياله حتى يكاد الأمر أن يصل إلى درجة رفض الواقع بل وإنكاره من فرط الحنين إلى ما كان. لماذا نحن فى هذه الحالة؟ وإن كان ذلك مقبولًا لدى أجيال الوسط والشيوخ التى عاصرت هذا الماضى فكيف نفسر حنين أبناء جيل الشباب أيضًا لما كان قائمًا قبل أن يولدوا؟

فى حكاوى ومناقشات أهل مصر على المقاهى وفي مواقع التواصل ستجد تلك الحالة منتشرة، بل ربما لن يخلو حديث فى مجلس للأهل أو للأصدقاء دون أن يترحموا على أيام قد مضت وكيف كان حال الفن والفكر والثقافة بل والرياضة وحتى السياسة، وعن تلك الأوزان النسبية التى تغيرت لتهبط عدة درجات فى سلم الإبداع، حين تجلس مع أبناء جيل الشيوخ والوسط سيحدثونك عن شبابهم وكيف تربى وجدانهم على فكر وثقافه وذوق مختلف ومتنوع، سيحكون لك أنهم قد كان لديهم كل المدارس الفكرية والفنية وكان متاحًا لهم أن ينهلوا من هؤلاء العمالقة الذين عاشوا وأبدعوا معًا فى توقيت واحد فأحدثوا زخمًا فى شتى مجالات الفكر والفن والسياسة وحتى فى لغة الحديث بل وفى شكل وأناقة ملابس الرجال والنساء وزى أطفال المدارس وطلاب الجامعة.

هل هى الحداثة قد أفقدتنا كثيرًا مما اعتدنا عليه سابقًا قبل أن تُغرقنا موجات التكنولوجيا العاتية وهذه الأنماط السلوكية والفكرية الهشة التى تنتشر بسرعة البرق بين رواد السوشيال ميديا؟ هل هجر الناس الأصالة عن قناعة أم مجبرين حين خلت الساحة من إبداع رصين يحفظ لهذا الشعب هويته السمعية والفكرية؟

ليس الأمر بسيطًا حتى وإن بدا كذلك. فهذا ذوق يتغير وفكر يندثر وعمق يختفى تحت ضربات ولعنات التريند والتيك توك والمهرجانات ودراما العنف والقيم الأسرية المنحلة ومسارح اللهو دون قيمة أو رسالة، ورياضة كلها تعصب وشحن وسباب وفُرقة بين الجميع.. ليس الأمر هينًا فهذا وطن يسرق من ماضيه وقيمته وريادته بين الأمم.. هل نجد إجابة لكل تلك التساؤلات أم يظل الحال كما هو لنهوى أكثر وأكثر فى دوامة الحنين إلي الماضي ونظل نردد بكل حسرة: كان ياما كان.. ؟؟

مقالات مشابهة

  • «خيرية الشارقة» تطلق مبادرة لتوفير المياه والغذاء لأهالي غزة
  • “خيرية الشارقة” تطلق مبادرة لجمع 2.6 مليون درهم لتوفير المياه والغذاء لأهالي غزة
  • حين تصمت النخبة ويتكلم الوهم
  • كان.. يا ما كان
  • «خيرية الشارقة» تطلق مبادرة بهدف جمع 2.6 مليون درهم لتوفير المياه والغذاء لأهالي غزة
  • عمرو أديب: تعب وعرق الشعب المصرى بدأ يظهر فى قناة السويس وبورسعيد
  • الهلال يجدد الثقة في خبرة البليهي لموسمين إضافيين
  • اليوم..الحكم فى دعوى عدم دستورية عقوبة مخالفة البناء بدون ترخيص
  • اللجنة الإسلامية للهلال الدولي تُدين انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني
  • المغرب يسجل أدنى مستويات التبرع الخيري عالمياً في 2024