لا أحد يشبه أحدًا، حتى في أعمق المشاعر وأدق التفاصيل.. فالبشر هم قصص تمشي على الأرض، لكل منهم لحنه الخاص وأسلوبه المختلف في التعبير.. هناك من يُلقي التحية بيد باردة، وهناك من يطبع لمسة روحه في كل مصافحة، كما لو أنه يودع جزءًا من ذاته.. البعض يمر في حياتنا مرور الغريب، يسلم بيد لا روح فيها، ويكمل طريقه، بينما آخرون لا يغادروننا أبدًا، يطبعون أرواحهم في أعماقنا بكلمة، بنظرة، أو بمصافحة بسيطة تترك صدى طويلًا.

فلكل منّا طريقته في صناعة قصته، في العطاء، في التواصل، في التأثير.. وكل منا يحمل بداخله قصة لا تشبه غيرها، وقلبًا يتحدث بلغة لا تُكتب ولا تُقرأ، بل تُحَس فقط.

مؤمن الجندي يكتب: حسن "سبانخ" الكرة المصرية مؤمن الجندي يكتب: نشر الغسيل بالمقلوب

في الآونة الأخيرة، لمع نجم اللاعب المصري عمر مرموش في الدوري الألماني، حيث قدم أداءً مميزًا جعله واحدًا من أبرز المحترفين المصريين في أوروبا.. يُعيد هذا التألق إلى الأذهان قصة بدابة تألق “العالمي” محمد صلاح، مثل القصة السينمائية الشهيرة التي تناولت تحديات وطموحات الشباب المصري الذي يسعى لإثبات نفسه خارج الحدود، من منا لا يتذكر ما قدمه فيلم "العالمي" الذي جسد قصة شاب يسعى لترك بصمة في عالم كرة القدم رغم كل العوائق.. ولكن ماذا عن الربط بين صلاح ومرموش؟ أو تحديدًا جملة “مرموش يسير على نهج صلاح”.

مع تألق مرموش المتوهج، بدأ البعض يربطه بنجم الكرة المصرية محمد صلاح، معتبرين أن مرموش يسير على خطى "الملك المصري" في مسيرته الاحترافية.. ومع ذلك، فإن هذا الربط قد يكون ظالمًا إلى حد ما، حيث إن لكلٍ من مرموش وصلاح قصته الخاصة ونهجه المختلف في صناعة نجاحه.

مرموش هو مثال حي للشاب المصري الذي تحدى كل العوائق ليصل إلى قمة الدوري الألماني، بعد انتقاله من مصر للاحتراف في أوروبا، واجه مرموش تحديات كبيرة، مثل التأقلم مع ثقافة جديدة والتنافس في دوري قوي وصارم، إلا أنه استطاع بموهبته وإصراره أن يثبت وجوده. 

ففي نادي فولفسبورج، ومن ثم شتوتجارت، قدم أداءً جعله محط أنظار جماهير الكرة الألمانية والمصرية على حد سواء.. مهاراته وسرعته ورؤيته المميزة في الملعب جعلت منه لاعبًا مهمًا في تشكيلة فريقه، وأكسبته شهرة واسعة كلاعب يستحق المتابعة.

عمر مرموش لاعب شاب وجد نفسه أمام تحديات مختلفة ومراحل تطور فريدة من نوعها في مسيرته، سواء من حيث الانتقال بين الأندية أو طبيعة المنافسات. بدأ مشواره الاحترافي باللعب في الدوري المصري مع فريق وادي دجلة، ومن ثم انتقل إلى أوروبا حيث اختار الدوري الألماني ليكون محطته.. أثبت مرموش نفسه تدريجيًا بفضل موهبته والتزامه، ونجح في حجز مكان له بين صفوف لاعبي البوندسليجا، محققًا إنجازات ملموسة رغم حداثة تجربته الاحترافية، بينما قد يتشابه انتقاله من مصر إلى أوروبا مع مسيرة محمد صلاح، فإن ظروفه وطبيعة تجربته مختلفة كليًا.

تطور مسار محمد صلاح الاحترافي حتى وصل ليكون قائدًا لفريق ليفربول الإنجليزي وأحد أساطير الدوري الإنجليزي، مما حمله مسؤولية كبيرة في تحقيق إنجازات كبرى مثل الفوز بدوري أبطال أوروبا والدوري الإنجليزي.. في المقابل، لا يزال عمر مرموش في بداية مسيرته، ويلعب دورًا مختلفًا تمامًا في الدوري الألماني حيث يكون التركيز منصبًا على تطويره الفردي وتحسين أدائه الشخصي، هذا الاختلاف في الأدوار بينهما يعني أن طريق مرموش لا يمكن أن يكون مجرد استنساخ لنجاحات صلاح.

لكل لاعب هويته الخاصة

النظر إلى عمر مرموش كمجرد "محمد صلاح جديد" ينكر هويته الفريدة ومهاراته التي تميزه كلاعب شاب يسعى لبناء اسمه الخاص.. فمرموش لاعب متعدد المواهب ولديه طموحات وطريقة لعب خاصة به، ومع مرور الوقت أصبح أكثر قدرة على التكيف مع أساليب مختلفة تناسب ظروفه.

إن سعيه للتألق في أوروبا نابع من رؤيته الخاصة وهدفه في أن يضع بصمته بطريقته، وليس بالسير على خطى لاعب آخر، حتى وإن كان هذا اللاعب هو النجم العالمي محمد صلاح.

قصص نجاح اللاعبين المصريين في أوروبا، سواء كانت قصة صلاح أو مرموش أو غيرهم، هي قصص فردية تتفاوت في تفاصيلها وتحدياتها وأسلوبها.. رؤية عمر مرموش كنجم يصنع مسيرته باستقلالية يُعتبر بمثابة دعم للجيل الصاعد من اللاعبين المصريين الطموحين.

فالتعامل مع مرموش كشخصية لها طريقتها الخاصة يفتح بابًا للإبداع والتنوع في أسلوب النجاح، ويعزز من فكرة أن اللاعب المصري قادر على تحقيق النجاح بطرق مختلفة دون تقليد أو محاكاة.

مؤمن الجندي يكتب: وداعًا قصاص السيرة مؤمن الجندي يكتب: مُحلل خُلع

بينما يستمر عمر مرموش في رحلته المميزة في الملاعب الأوروبية، ينبغي أن ينظر إليه كشاب يمتلك طموحًا فريدًا، وصانعًا لنجاحه بأسلوبه الخاص.. إن ربط نجاحه بنجاح محمد صلاح بشكل مباشر قد يكون تقليلًا من جهود مرموش الخاصة ورحلته التي يتحدى فيها نفسه يوميًا.

في النهاية، لي قصة كنت أتمنى أن تُحقق مع كرة القدم ولكني أرى فيها مرموش الآن.. لذا فإن كل لاعب مصري يخوض تجربة احترافية له قصته الخاصة.. لا بد أن نقدرها، وقصة مرموش تستحق التقدير والاحترام كمسيرة منفصلة نحو النجاح، تقودها شخصيته الفريدة ورؤيته المتطورة، لما يريد أن يصبح عليه.. فهناك من يسلم باليد وهناك من يسلم بالروح!.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: محمد صلاح عمر مرموش الدوري الانجليزي الدوري الالماني مؤمن الجندي يكتب مؤمن الجندی یکتب الدوری الألمانی عمر مرموش فی أوروبا محمد صلاح من یسلم لاعب ا

إقرأ أيضاً:

عبد السلام فاروق يكتب: الإعلام المصري.. وشجاعة التغيير

في اللقاء الذي جمع الرئيس عبد الفتاح السيسي برموز المنظومة الإعلامية المصرية، كان الحديث يدور حول معنى أن يكون الإعلام ضميراً للأمة، لا مجرد صدى عابراً لأحداثها. لقد أدرك الرئيس، بحكمة القادة الذين يقرأون الزمن بعين البصيرة، أن الإعلام أصبح ساحة يتصارع فيها الحق والباطل، وورشة تبنى فيها العقول قبل الأبنية، وميداناً تحدد فيه معالم الهوية قبل الحدود.  
لم يتحدث الرئيس عن الحرية ككلمة تتردد في الفراغ، بل رسمها ككائن حي، له روح تغذيها المسئولية، وجسد يحميه الوطن. إنها الحرية التي لا تتنفس إلا في رئة الأخلاق، ولا تعيش إلا في ظل الثوابت. وكأنه يقول لنا: إن الكلمة الحرة هي التي تحمل في طياتها همس الأمة، لا صرخة الفوضى.  
ماسبيرو.. ذاكرة تتجدد  
أما "ماسبيرو"، ذلك الصرح الذي ظل لعقود يمثل صوت مصر النابض، فقد أصبح اليوم أمام مفترق طرق. فالعالم لم يعد يحتمل خطاباً جامداً يتكلم بلغة الأمس، بينما الجمهور يسبح في فضاءات لا تعرف حدوداً. التحديث ليس خياراً، بل هو قدر لا مفر منه. فكيف لصوت أن يصل إلى القلوب إذا كان لسانه أعجميّاً، وقلبه لا ينبض بلسان العصر؟  
ولعل أبرز ما لمسناه في كلمات الرئيس ذلك الإيمان العميق بالشباب، كأنه يرى في عيونهم شعلة المستقبل. لكن يا ترى، كم من موهبة دفنها الروتين؟ وكم من فكرة أطفأها الخوف؟ إن العطاء لا يطلب من الشموع أن تضيء وهي محبوسة في قوالب الجليد.  
البدل النقدي.. رسالة بلا كلمات  
وما موافقة الرئيس على صرف البدل النقدي للصحفيين وحل مشكلات العاملين بماسبيرو إلا رسالة صامتة تقول إن الإعلامي جندي في معركة الوعي، وقلمه سلاح في ساحة الحق. ولكن، هل يدرك الإعلاميون أن المسئولية هي الثمن الطبيعي لكل امتياز؟  
إن مصر تقف اليوم على حافة زمن جديد، وإعلامها إما أن يكون جسراً يعبر به الوطن إلى بر الأمان، أو أن يظل حبيس ذاكرة بالية. لقد قال الرئيس كلمته: نريد إعلاماً حراً مسئولاً، منفتحاً واعياً، قوياً راقياً. فهل نستطيع أن نصنع من الكلمات حقائق؟  
كم من أزمة جعلنا منها سراً، فتحولت إلى فضيحة؟ وكم من مشكلة عاملناها بالكتمان، فانفجرت كالبركان؟ إن الشعب ليس أعمى، فهو يرى ما نخفي، ويسمع ما لا نقول. فلماذا نصنع من الحقائق ألغازاً، ومن الأزمات طابوراً خامساً؟  
الحرب الخفية  
في زمن أصبحت فيه الكذبة سلاحاً، والشائعة جيشاً، لم يعد الإعلام مجرد ناقل للأخبار، بل أصبح حارساً للحقيقة. لقد رأيت بأم عيني كيف تتحول كلمة مسمومة إلى سيل جارف، وكيف يختزل وعي الأمة في مقاطع لا تتجاوز ثوان. فهل ندرك أننا في حرب وجودية، أم نظل نلعب في ساحة الماضي؟  
إن الجيل الجديد لا يتحدث بلغتنا، ولا يفهم خطابنا. فبينما نحن نناقش طول التقارير وحجم العناوين، هم يغرفون المعرفة من ينابيع لا نعرفها. سألني شاب ببراءة: لماذا تتحدثون إلينا بلغة أبي؟. فلم أجد جواباً. التغيير يحتاج إلى شجاعة، والشجاعة تحتاج إلى إيمان. فهل نؤمن بأن الإعلام ضمير الأمة؟ وهل نملك الجرأة لنقول لأنفسنا: لقد آن الأوان؟  
إن رسالة الرئيس واضحة كالشمس: الإعلام ليس ترفاً، بل هو رسالة أو صمت إلى الأبد. فإما أن نكون عند مستوى المسئولية، أو نعترف أننا خذلنا التاريخ.
لكن المفارقة الأكثر إيلاماً في مشهدنا الإعلامي اليوم هي تلك الهوة السحيقة بين إعلام يحاول أن يكون صورة للجمهورية الجديدة ، وواقع يشهد تحولات جذرية في طرق استهلاك المعلومة. فبينما تنفق الملايين على استديوهات فاخرة وتقنيات متطورة، يظل السؤال الجوهري عالقاً: هل ننتج محتوى يلامس روح العصر؟ 
الحقيقة إن ما يعانيه الإعلام القومي ليس نقصاً في الإمكانيات، بل أزمة هوية لغوية. فالكلمات الرنانة والعبارات المنمقة التي تملأ الشاشات تشبه زخارف قصر جميل، لكن أبوابه مغلقة. المواطن البسيط يبحث عن لغة تفهم نبض حياته اليومية:  الحل ليس في تبسيط" اللغة، إنما في تحويلها إلى جسر من التعاطف. حين تحدث الرئيس عن الحرية المسئولة، كان يلمح إلى أن الإعلام الناجح هو الذي يتنفس مع الشعب، لا فوقه.  
في المقابل، يواجه الإعلام الخاص معضلة أخلاقية، السبق الصحفي أم الدقة؟ الكلمة الصادقة أم المشاهدات العالية؟. لقد تحولت بعض القنوات إلى بازارات إلكترونية تقايض المعلومة بالدعاية، والتحليل بالدراما. والأخطر هو ذلك الانقسام الحاد بين وسائل الإعلام التي تتبنى خطابات متضاربة، فتحول الرأي العام إلى ساحات معركة بدلاً من أن تكون منصات حوار.  
الإعلام الرقمي.. ثورة لم نستثمرها بعد  
بينما يهدر وقت ثمين في جدال عقيم على الشاشات، فإن معركة الرأي العام الحقيقية تدور على منصات التواصل الاجتماعي. والسؤال المحوري هو لماذا تنجح صفحات غير محترفة في تشكيل الوعي بينما تقف المؤسسات الإعلامية الكبرى في موقع الرد المفاجئ ؟  
الجميع يعرف أن الطريق طويل وشاق، لكن شيئاً ما كان يقول إن اللحظة حاسمة. ربما تكون هذه هي الفرصة الأخيرة لإعادة تشكيل الإعلام المصري قبل أن يفوتنا القطار.
السؤال ليس فيما إذا كنا نستحق إعلاماً أفضل، بل فيما إذا كنا نملك الشجاعة لصنعه. الشجاعة لمواجهة أنفسنا، الشجاعة للتخلي عن الموروث البائد، الشجاعة للاعتراف بأن العالم قد تغير وأن علينا أن نغير معه.
رسالة السيد الرئيس لنا .. رسالة واضحة محددة تقول ببساطة إن الإعلام ليس ترفاً، بل هو ضمير الأمة. وإما أن نكون عند مستوى المسئولية، أو نعترف بأننا خذلنا التاريخ.
 

طباعة شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي المنظومة الإعلامية المصرية الإعلام

مقالات مشابهة

  • هناك مفاوضات .. أمير هشام: اتحاد الكرة لم يحسم مكان إقامة السوبر المصري
  • عبد السلام فاروق يكتب: الإعلام المصري.. وشجاعة التغيير
  • محمد صلاح يتقاسم صدارة استطلاع TNT Sports لجائزة الكرة الذهبية مع ديمبلي
  • نموذج يحتذى | النني: أتمنى فوز محمد صلاح بالكرة الذهبية
  • هالاند ومرموش يتصدران قائمة أعلى المهاجمين أجرًا فى الدوري الإنجليزي
  • 9 أهداف وأرقام قياسية.. صلاح يعتلي عرش افتتاحيات الدوري الإنجليزي
  • مالوش لازمة.. ساويرس ينتقد وجود ميسي في إعلان ترويجي لافتتاح المتحف المصري
  • من مرموش إلى صلاح.. حارس كريستال بالاس يُحرج المصريين
  • البنك الأهلي يعلن تشكيله لمواجهة غزل المحلة في افتتاح الدوري المصري
  • فرج عامر: نمتلك أفضل مهاجمين في العالم والجيل الحالي لا يقل عن جيل حسن شحاتة