البيئة تدرس بناء مدن شاملة وذكية ومرنة مناخيا
تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT
بدعوة من الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، في إطار استضافة مصر للمنتدى الحضري العالمي الثاني عشر (WUF12)، نظمت وزارة البيئة جلسة "حوار السياسات" لمناقشة توصيات تقرير مراجعة سياسات النمو الأخضر في مصر، والذي تم إعداده بالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، على مدار يومين بالمركز الثقافي التعليمي البيئي (بيت القاهرة)، لمناقشة الفصل الثالث من التقرير الخاص ب "بناء مدن شاملة وذكية ومرنة مناخياً"، وذلك بحضور السيدة جوليا وانجيرو منسق تقرير تقييم سياسات النمو الاخضر بمنظمة (OECD)، والمهندس تامر الشيال ممثلاً عن الوكالة الألمانية للتعاون الدولى (GIZ) والأستاذ محمد معتمد مساعد وزيرة البيئة للتخطيط والاستثمار و الدعم المؤسسي ورئيس وحدة الاستثمار البيئي والمناخي بالوزارة وممثلي الحكومة من مختلف الوزارات والهيئات المتخصصة المشاركة في التخطيط الحضري والتنمية، وممثلين عن الجهات الدولية والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
وأكدت الدكتورة ياسمين فؤاد ان حوار السياسات يقدم رسالة إيجابية تشير إلى أن الدولة المصرية كلها تتحرك نحو التحول الأخضر، ودمج البعد البيئي والاستدامة والاقتصاد الأخضر والدوار في الاستراتيجيات القطاعية التنموية في مصر .
وأوضحت وزيرة البيئة ان مصر خاضت خلال العام الجاري تجربة مهمة مع مؤسسات دولية ذات مصداقية كبيرة في إعداد تقييم للوضع الراهن للسياسات البيئية والمسار نحو النمو الأخضر، حيث تعاونت مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OCED في إعداد تقرير مراجعة سياسات النمو الأخضر في مصر، وأيضاً التعاون مع البنك الدولي في إعداد التقييم البيئي القطري والذي ركز على موضوعات الاقتصاد الدوار والأزرق والتمويل الأخضر والحوكمة البيئية، ليكون التقريران مدخل لتقييم الوضع الحالي وتحديد الفرص والفجوات وآليات التغلب عليها.
وأكد محمد معتمد مساعد وزيرة البيئة ان الفترة الماضية شهدت خطوتين فارقتين في مسار مصر نحو التحول الأخضر، وهي صدور قرار السيد رئيس مجلس الوزراء عقب صدور تقرير مراجعة سياسات النمو الأخضر في مصر بتشكيل لجنة للسياسات البيئية بعضوية مختلف الوزارات، تستهدف الاستفادة من نتائج وتوصيات التقارير الدولية الصادرة مؤخراً، في إعداد ورقة سياسات وطنية تبرز الأولويات الوطنية بما يتماشى مع التوصيات الدولية، إلى جانب الإعداد لاستراتيجية البناء الأخضر في مصر من خلال لجنة مشكلة من السيد رئيس مجلس الوزراء وعضوية عدد من الوزارات تقودها وزارة الإسكان، والمتوقع إطلاقها خلال فاعليات المنتدى الحضري العالمي.
واستعرضت السيدة جوليا وانجيرو نيكيما منسق تقرير تقييم سياسات النمو الاخضر بمنظمة OECD، الوضع الحالي للمدن الذكية مناخيا والمرنة والشاملة في مصر وفق التقرير ، ومحركات النمو لها، وأكبر المساهمين في الناتج المحلي الإجمالي، وفرص العمل، ومصادر التلوث ومسببات غازات للاحتباس الحراري، والمدن المصرية التي بحاجة إلى التعزيز والمرونة المناخية، وحماية وحماية المجتمعات المتضررة. وقد أوصى التقرير بضرورة الإصلاحات الإدارية من أجل مراعاة الاستمرارية الريفية والحضرية بشكل أفضل، حيث لم يعد توزيع سكان المناطق الحضرية والريفية يعكس الواقع الحضري في مصر، كما تحتاج الحوكمة الحضرية إلى مزيد من التعزيز، في تيسير الإطار المؤسسي وإدماج الاعتبارات البيئية بشكل أكبر، وتساعد السياسات المصممة حسب المكان في تحقيق التنمية الحضرية إلى جانب تعزيز المشاركة العامة في القرار البيئي، وتبسيط حوكمة الأراضي وجعلها أكثر شفافية، حيث تتمتع مصر بإمكانيات كبيرة لتحسين الحوكمة من أجل التنمية الحضرية المستدامة.
كما تحدثت عن المجتمعات العمرانية الجديدة المنفذة وعددها ٢٣ ويتم العمل على إنشاء ٢٣ منطقة أخرى بحلول ٢٠٣٠، والتحديات التي تواجه مدينة ساحلية مثل الإسكندرية من مخاطر مناخية والطفرة العمرانية، وجهود حماية المدن الساحلية التي تركز على البنية التحتية، وضرورة توسيع نطاق الحلول المستندة إلى الطبيعة واستدامتها، حيث تتمتع المدن المصرية بمجال كبير لزيادة مساحاتها الخضراء وتوفير قدر أكبر من المساواة في الوصول لها، في إطار رؤية مصر 2030 التي تستهدف خلق 3 متر مربع من المساحات الخضراء للفرد، مقارنة بـ 0.74 متر مربع للفرد في القاهرة في عام 2020.
وأوضح معتمد أن الحوار تضمن مناقشة النتائج الرئيسية لتقرير مراجعة سياسات النمو الأخضر في مصر، وتبادل الآراء حول القضايا الرئيسية المتعلقة بالتخطيط الحضري المستدام والتنمية؛ ودمج الاعتبارات البيئية والمناخية في خطط التنمية الحضرية وتحديد الفرص والعوائق أمام تحويل المدن القائمة والمجتمعات الحضرية الجديدة إلى مدن خضراء، صياغة طريق للمضي قدمًا في تعزيز أجندة مصر الحضرية وتسريع انتقالها إلى البيئة الخضراء.
كما تناول الحوار الدور المحوري للمدن في دعم التحول الأخضر، حيث تعد من محركات النمو في مصر ويمكنها دعم جهود التحول الأخضر من خلال تحفيز النشاط الاقتصادي الحضري والابتكار الأخضر والوظائف والمهارات والتنمية الأكثر شمولاً. في الوقت نفسه، تعد المدن مصادر رئيسية للتلوث وتتعرض أيضًا لمخاطر متعددة مرتبطة بالمناخ، وخاصة موجات الحر والفيضانات المفاجئة والعواصف الترابية وارتفاع مستوى سطح البحر للمدن الساحلية. وفي عام 2023، تبنت الحكومة سياسة حضرية وطنية لتعزيز التغيير التحويلي الإيجابي في المدن، حيث يشكل التعداد السكاني الوطني لعام 2026 فرصة لإعادة النظر في التقسيمات الإدارية ومراجعة تعريف المناطق الحضرية لضمان أن تعالج السياسات والتمويل الاحتياجات المحددة لسكانها، فضلاً عن التحديات المرتبطة بالتوسع الحضري. وتحتاج مصر إلى تبسيط نظام تخطيط استخدام الأراضي وتسجيلها الحالي والسعي إلى تطوير نظام معلومات متكامل لتبسيط عملية تخصيص الأراضي وتحسين الشفافية. وايضاً دمج الاعتبارات البيئية بشكل منهجي في جميع خطط التنمية الحضرية وأدوات تخطيط استخدام الأراضي. وان تضع المحافظات استراتيجياتها الخاصة لتغير المناخ على المستوى الوطني تماشياً مع الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050.
واشارت المناقشات إلى ان مصر تحتاج إلى مواصلة الجهود الرامية إلى تعزيز المدن الذكية مناخيًا والمرنة والشاملة، والتي بدأتها منذ سبعينيات القرن العشرين، ببناء مجتمعات حضرية جديدة لتخفيف الضغط عن المدن التي تعاني من تغير المناخ، وأصبحت المدن الجديدة أكثر خضرة بمرور الوقت، مع استخدام مصادر الطاقة المتجددة بشكل أكبر، ورغم هذا يتطلب قانون البناء تحديثات مهمة لدعم المناخ والأهداف البيئية. وقد يشمل ذلك تحديد المعايير الوطنية لمواد البناء منخفضة الكربون، ومعايير كفاءة الطاقة، ومتطلبات خلق مساحات عامة خضراء، وعمل الحكومة على تحضير المباني العامة وبرامج الإسكان الاجتماعي. كما يجب أن تعمل الحكومة على دمج تقييم المخاطر المناخية على المستوى الوطني وتطوير أنظمة الإنذار المبكر، وتعمل الحكومة أيضا على دمج الحلول القائمة على الطبيعة في منطقة الدلتا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التنمیة الحضریة التحول الأخضر وزیرة البیئة فی إعداد
إقرأ أيضاً:
مونديال بلا جمهور.. كيف تهدد سياسات الهجرة الأمريكية كأس العالم 2026؟
نشرت مجلة "نيولاينز" تقريرًا يناقش تأثير قيود السفر المحتملة التي تفرضها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على مشاركة اللاعبين والمشجعين من إفريقيا والشرق الأوسط في كأس العالم 2026، الذي تستضيفه الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.
وقالت المجلة، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه مع تأهل منتخب إيران لكرة القدم للرجال إلى كأس العالم للمرة السابعة، والفرصة التي أمام السودان، رغم من الحرب الأهلية التي تمزق البلاد، ليصنع التاريخ بأول مشاركة له في كأس العالم.
لكن مشاهد الجماهير المتفائلة في البلدين قد تخمد قبل أن تبدأ، فبينما تستعد الولايات المتحدة لاستضافة كأس العالم 2026 بالاشتراك مع كندا والمكسيك، فإن سياسات الهجرة المتشددة التي تفرضها إدارة ترامب، والتي قد تدخل حيز التنفيذ قبل انتهاء التصفيات في تشرين الثاني/ نوفمبر، تهدد بإلقاء ظلالها على الحدث.
ووفقاً لمذكرة مسربة نشرتها عدة وسائل إعلام في أذار/ مارس الماضي، فإن الإدارة الأمريكية بصدد صياغة قيود سفر جديدة تستهدف المواطنين من 43 دولة؛ وبحسب التقارير، ستقع إيران والسودان ضمن الفئة الأكثر صرامة؛ حيث ستواجهان تعليقاً كاملاً للتأشيرات، وقد تواجه دول أفريقية وشرق أوسطية ودول ذات أغلبية مسلمة أخرى إجراءات مماثلة، وهذه القيود فد لا تنطبق فقط على اللاعبين والمدربين، بل أيضًا على المشجعين والمسؤولين، مما يُقصي دولًا بأكملها فعليًا من المشاركة في أكبر بطولة عالمية.
وأشارت المجلة إلى أن هذه الأزمة تعد صدى مخيف لحظر السفر الذي فرضه ترامب في ولايته الأولى، مما ينذر بأن السياسة الأمريكية قد تحدد مرة أخرى من يلعب ومن يُستبعد، ولن تكون هذه المرة الأولى التي تسمح فيها واشنطن للأيديولوجية أو الهوية أو السياسة الخارجية بتحديد شكل الوصول إلى الرياضة؛ فهناك تاريخ أعمق غالبًا ما يتم تجاهله.
فمن إيقاف محمد علي عن ممارسة الملاكمة في 1967 بسبب رفضه الخدمة في حرب فيتنام، إلى القيود المفروضة هذه السنة على الرياضيينج، لطالما رسمت الولايات المتحدة خطوطًا حول من يحق له التنافس ومن لا يحق له ذلك.
قد تُشكّل قضية خامان مالواتش، لاعب كرة السلة الجنوب سوداني بجامعة ديوك نقطة التوتر التالية. يُصنّف جنوب السودان ضمن الفئة الثانية من الدول المتأثرة بالقيود المقترحة، والتي تشمل تعليقًا جزئيًا للتأشيرات.
إضافةً إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في أوائل نيسان/ أبريل أن الولايات المتحدة ستلغي جميع التأشيرات التي يحملها حاملو جوازات سفر جنوب السودان، مُشيرًا إلى عدم قبول الحكومة الانتقالية للمُهاجرين المرحلين من أمريكا الأمريكيين "في الوقت المناسب" حسب وصفه.
وأضافت المجلة أن كرة القدم ليست بمنأى عن هذه القيود، وقد سلّط مشجعوها الضوء على تأثير سياسات الهجرة المعيبة على اللاعبين والفرق وكذلك على الجماهير التي تأمل في تشجيعهم.
وخلال فترة ولاية ترامب الأولى، مُنع فريق كرة القدم النسائي التبتي من الحصول على تأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة لحضور كأس دالاس في تكساس.
وعلى الرغم من دعوتهم من قِبل منظمي البطولة وامتلاكهم جميع الوثائق اللازمة؛ حيث قيل للفريق إنه "ليس لديه سبب وجيه" لزيارة الولايات المتحدة. ومُنع اللاعبون، ومعظمهم من اللاجئين التبتيين المقيمين في الهند، من الدخول دون تفسير واضح، مما أجبرهم على إلغاء مشاركتهم.
وبالمثل، مُنع تسعة لاعبين من المنتخب الوطني الغواتيمالي لكرة القدم تحت 15 سنة من الحصول على تأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة لحضور بطولة اتحاد أمريكا الشمالية والوسطى ومنطقة البحر الكاريبي لكرة القدم في سنة 2019، والتي أقيمت في برادنتون بولاية فلوريدا، مما وضع الفريق في وضع تنافسي سيء، إذ اضطر إلى استبدال اللاعبين المرفوضين بآخرين حصلوا على تأشيرات ولم يخضعوا للتحضيرات نفسها.
في السنة نفسها، واجه المنتخب الوطني الكوبي لكرة القدم عقبات خطيرة عندما رُفضت تأشيرة دخول قائد الفريق وأفضل لاعبيه، يوردان سانتا كروز، للولايات المتحدة ، مما أضعف الفريق بشكل كبير.
وفي عام 2021، واجه العراقي علي عدنان، الذي يلعب في دوري كرة القدم الأمريكي للمحترفين، تحديات كبيرة في الحصول على تأشيرة دخول، مما منعه من المشاركة في مباريات الدوري الأمريكي لكرة القدم خارج أرضه مع فريق فانكوفر وايتكابس. كما أنه لم يتمكن من لعب المباريات على أرضه بعد انتقال النادي الكندي إلى ملعب ريو تينتو ستاديوم في الولايات المتحدة، مقر فريق ريال سولت ليك في الدوري الأمريكي، بسبب جائحة كورونا. مما اضطر النادي واللاعب إلى إنهاء العقد بالتراضي.
وأوضحت المجلة أن هذه المشاكل قد تحدث على نطاق أوسع بالنظر إلى المسرح الأكبر لكأس العالم، مما قد يؤدي إلى تفاقم أي رد فعل وتسييسه، ومن شأن السيناريوهات المماثلة أن تبعث برسالة صارخة تناقض شمولية كرة القدم التي يُحتفى بها في كثير من الأحيان، ويمثل انتكاسة خطيرة للفيفا. وقد روّج رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو مرارًا وتكرارًا لكأس العالم 2026 - التي تم توسيعها إلى 48 فريقًا لأول مرة - باعتبارها الأكثر شمولية في تاريخ البطولة.
وقد أثيرت بالفعل مخاوف بشأن إمكانية الوصول خلال فترة ولاية ترامب الأولى، عندما كانت الولايات المتحدة وكندا والمكسيك يتنافسون على استضافة البطولة. في أذار/ مارس 2017، حذر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو من أن حظر السفر - الذي فُرض في البداية على مواطني إيران والصومال والسودان واليمن وسوريا وليبيا - قد يعرض أي عرض أمريكي للخطر. وقال للصحفيين في ذلك الوقت: "الفرق المتأهلة لكأس العالم تحتاج إلى إمكانية الوصول إلى البلاد، وإلا فلن يكون هناك كأس عالم. هذا واضح". ومع ذلك، منح الاتحاد الدولي لكرة القدم بطولة 2026 للثلاثي الأمريكي الشمالي؛ حيث من المقرر أن تُقام 75 بالمئة من المباريات في الولايات المتحدة.
في رسالة مؤرخة في 2 أيار/ مايو 2018 أكد ترامب لإنفانتينو أن "جميع الرياضيين والمسؤولين والمشجعين المؤهلين من جميع دول العالم سيكونون قادرين على دخول الولايات المتحدة دون تمييز" خلال البطولة، واستُشهد بالرسالة في تقرير تقييم ملف الفيفا للوضع، وبعدها توقف الاتحاد الدولي لكرة القدم عن الإشارة علنًا إلى المخاوف المتعلقة بإمكانية الوصول، ومع إلغاء حظر السفر بعد فوز جو بايدن في 2020 خفتت حدة الوضع بشكل كبير.
ولكن خطر الاستبعاد عاد إلى الظهور مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، إلا أن إنفانتينو، الذي لطالما صوّر نفسه مدافعًا عن المناطق الأقل تمثيلًا مثل أفريقيا وآسيا، ظل صامتًا بشأن التأثير المحتمل لقيود السفر الأمريكية الجديدة.
وأفادت المجلة بأن التحالف الوثيق بين إنفانتينو وترامب يجعل أي مواجهة مباشرة بشأن قضايا الوصول والمشاركة أمرًا مستبعدًا للغاية، كما أن إنفانتينو قد يكون مترددًا في خسارة دعم رئيس الدولة الأكثر نفوذاً في العالم، فعلاقتهما وثيقة للغاية لدرجة أنهما التقيا ما يقرب من 10 مرات منذ كانون الأول/ ديسمبر، وكان آخر اجتماع بينهما في 6 أيار/ مايو في البيت الأبيض.
وبالتالي، فإن صمت إنفانتينو يرمز إلى نمط أوسع من الانتهازية المحسوبة، واستغلال مبادئه لخدمة مصالحه السياسية، حتى عندما ينطوي ذلك على تكرار النماذج التي أدانها يومًا ما.
إنفانتينو هو أيضًا المؤيد الرئيسي لكأس العالم للأندية المكون من 32 فريقًا، والذي سينطلق في الولايات المتحدة في حزيران/ يونيو، وكان من الممكن أن تواجه هذه البطولة قيود سفر مماثلة لو تم إقرارها في بداية ولاية ترامب الثانية، ولكن لم تكن هناك أي مشاكل في الموافقات على التأشيرات للفرق الأفريقية والآسيوية المشاركة في الحدث حتى الآن. اللاعب الوحيد الذي من الممكن أن يتأثر هو لاعب الأهلي الفلسطيني وسام أبو علي، ورغم أن المهاجم المولود في آلبورج يحمل جواز سفر دنماركي، فإن أحد احتفالاته السابقة بتسجيل هدف - والتي تشبه وضعية مرتبطة بزعيم حماس السابق يحيى السنوار - انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي وأثار تكهنات بأنه قد يعقد عملية الموافقة على تأشيرته.
وبينما قد تبدو الأندية غير متأثرة نسبيًا في الوقت الحالي، فإن المشجعين يعانون بالفعل من عواقب سياسات الهجرة الأمريكية الصارمة، وأكدت المجلة أنه حتى وقت كتابة هذا التقرير، رُفضت تأشيرات ما لا يقل عن 10 مشجعين مصريين للأهلي، وثمانية مشجعين تونسيين للترجي، ومشجع سعودي واحد للهلال، بعد أن أعربوا عن نيتهم حضور كأس العالم للأندية خلال مقابلات في سفاراتهم الأمريكية.
ورغم أن السلطات الأمريكية لا تكشف عن أسباب رفض منح التأشيرات، إلا أن هذا الوضع يُسلط الضوء على قضية ربما تم تجاهلها ولكنها بالغة الأهمية، ففي حين أن المنظمين والفرق المحترفة غالبًا ما يمتلكون الموارد والدعم المؤسسي للتغلب على قيود السفر، فإن المشجعين العاديين يواجهون عوائق قد تمنعهم من الوصول إلى أهم ملاعب كرة القدم.
ووفقاً للبيانات المتعلقة بأوقات الانتظار العالمية للحصول على التأشيرة الصادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية، فإن متوسط الفترة بين دفع رسوم مقدم الطلب وموعد المقابلة يختلف بشكل كبير حسب موقع السفارة، مما يزيد من تعقيد العملية بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في بلدان ذات وجود دبلوماسي أمريكي محدود.
ولفتت المجلة إلى أن المشجعين من القاهرة والرياض يواجهون فترات انتظار قصيرة نسبيًا تبلغ حوالي ستة أسابيع وأربعة أسابيع على التوالي، بينما يواجه مشجعو الفرق الأخرى التي تأهلت إلى كأس العالم للأندية تأخيرات أطول بكثير. على سبيل المثال، يحتاج مشجعو الترجي التونسي للانتظار حوالي ثلاثة أشهر لإجراء مقابلة، ويضطر مشجعو ريفر بليت أو بوكا جونيورز الأرجنتيني للانتظار لأكثر من خمسة أشهر، أما التأخير الأكبر فيؤثر على مشجعي مونتيري في المكسيك؛ والذين تقدر مدة انتظارهم بحوالي 10 أشهر.
وأشارت المجلة إلى تصريحات مسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية لموقع "ذا أثلتيك" في شباط/ فبراير الماضي، والتي أوضحوا خلالها أن حيازة تذكرة مباراة أو تصريح دخول منطقة المشجعين في كأس العالم 2026 لا تكفي وحدها للحصول على تأشيرة. ويُطلب من المتقدمين، خصوصًا الشباب من دول كالمغرب ونيجيريا، إثبات روابط قوية بوطنهم كوظيفة مستقرة أو سجل سفر دولي. كما أن عرض التذاكر أثناء المقابلة يمثل تحديًا، إذ تُمنع الهواتف في السفارات وتُعد النسخ المطبوعة عرضة للتزوير.
وتوقعت المجلة أن تفرض إدارة ترامب مزيدًا من التشدد في فحص الزوار الأجانب. وقال أحد مشجعي الأهلي بعد رفض تأشيرته إن الأمر كله يتعلق "بالحظ"، موضحًا أن الموظف لم يطلب منه أي مستندات ولم يسأله عن سبب السفر.
وأضافت المجلة أن حتى من حالفهم الحظ ونالوا تأشيرة الدخول لا تنتهي متاعبهم، إذ تستمر إجراءات التدقيق حتى بعد الوصول. ففي 17 أبريل/ نيسان، حذّرت السفارة الأميركية في القاهرة من أن السلطات ستتابع التزام حاملي التأشيرات بقوانين الهجرة، وستلغي تأشيرتهم وترحّلهم إذا خالفوها.
وبينت المجلة أن مشجعي الترجي التونسي يواجهون صرامة مماثلة، ويقول أحدهم إنه رأى الموظف يتصفح حسابه على فيسبوك، مرجحًا أن رفض التأشيرة يعود لمنشوراته المؤيدة لفلسطين، مضيفًا أن ستة مشجعين آخرين معروفين بدعمهم العلني لفلسطين رُفضت طلباتهم أيضًا، رغم تمتعهم بوظائف مستقرة ورواتب جيدة في تونس، مؤكدًا: "ليست لدينا نية للهجرة، لكن ذلك لا يعنيهم".
ليس كل المشجعين يعتمدون على الحظ، فمواطني 42 دولة مثل اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا وأوروبا يمكنهم دخول الولايات المتحدة بسهولة لحضور كأس الأندية 2025 أو كأس العالم 2026، وذلك عبر برنامج الإعفاء من التأشيرة لأغراض السياحة أو العمل لمدة لا تزيد على 90 يومًا.
وأفادت المجلة أن المشجعين الأجانب المقيمين في الولايات المتحدة يعانون من استهداف إدارة الهجرة والجمارك. ففي 10 أيار/ مايو، تسببت مداهمات في ناشفيل بتخلف مجموعة مشجعين لاتينيين عن مباراة فريقهم خوفًا من التوقيف. وفي جو من الخوف، يتجنب المشجعون المخاطرة بسبب وضعهم القانوني الهش حسب معايير إدارة ترامب.
وقالت المجلة إن التوترات مع الدول المضيفة المشتركة كندا والمكسيك تصاعدت، بسبب تعريفات ترامب الجمركية وتشكيكه في سيادة كندا الإقليمية، وهو ما يزيد من تعقيد قيود السفر المحتملة. وتهدد هذه الخلافات وحدة الدول الثلاث التي كانت أساس ترشيحهم المشترك لاستضافة البطولة، كما أكد كارلوس كوردييرو، رئيس الاتحاد الأميركي لكرة القدم، عند منح حقوق استضافة كأس العالم. وقد تعرقل هذه التوترات جهود ضمان مشاركة جميع المستحقين في البطولة.
واعتبرت المجلة أن الانسحاب من البطولة غير منطقي لكندا والمكسيك بسبب الخسائر الاقتصادية، وقدرة الولايات المتحدة على استضافة الفعالية بسرعة. بينما يظل دورهما محدود بسبب عدد المدن المستضيفة، مما يجعل نقل الفرق إليهما غير واقعي. لذلك، من المرجح أن تتجنب كندا والمكسيك تحدي سياسات السفر الأمريكية حفاظًا على التنسيق وضمان نجاح البطولة.
ومع استمرار التصفيات وعدم تأهل أي فريق بعد، من غير المرجح أن يتدخل الفيفا، الذي قد يفضل تأهل أقل عدد ممكن من الدول "الإشكالية". لذا، تتحمل الحكومات المحلية وجمعيات كرة القدم مسؤولية إيجاد الحلول.
وذكرت المجلة أن الأسوأ من ذلك، ألا يتقدم أحد لتحمل المسؤولية، مما يترك المجتمع الدولي ينتظر قرارات ترامب وإدارته، الذين، رغم عيوبهم، كانوا على الأقل صريحين في إظهار أن جميع المواطنين لا يُعاملون على قدم المساواة.
وبينما تلتزم الحكومات والمؤسسات الرياضية الصمت، تطالب منظمات حقوقية مثل هيومن رايتس ووتش الفيفا بالاعتراف بتأثير سياسات الهجرة الأمريكية على نزاهة كأس العالم، وحث الولايات المتحدة على ضمان دخول جميع المشاركين بغض النظر عن الجنسية أو الدين أو الرأي، مع وضع معايير واضحة لتعديل سياسات الهجرة الأمريكية، والتحضير لإعادة النظر في الاستضافة إذا لم تُحقق هذه الضمانات.
وأضافت المجلة أنه يفترض أن يسهم تنظيم البطولة في الولايات المتحدة بسلاسة نظرًا لبنيتها التحتية الجاهزة، لكن السياسة تعرقل ذلك. فقيود التأشيرات وتأخر المعالجة والانطباع بعدم الترحيب تثير قلقًا واسعًا. ومع اقتراب مونديال 2026، تزداد صعوبة التخطيط للفرق والجماهير على حد سواء.
وتختتم المجلة تقريرها بالإشارة إلى أن كأس العالم، رغم الترويج له كرمز للوحدة العالمية، يكشف عن واقعٍ لا يزال الوصول فيه غير متكافئ وتتحكم فيه السياسة. فإذا مُنع لاعبون أو مشجعون من الحضور بسبب جنسيتهم أو دينهم، فإن الحدث يفقد جوهره العالمي. فالسؤال اليوم لم يعد فقط: من يتأهل؟ بل: من يُسمح له بالحضور أصلًا.