أكد الوزير المفوض بهجت أبو النصر، مدير إدارة النقل والسياحة بالجامعة العربية، على أهمية إعادة ترتيب أولويات المجتمع العربي في ظل التحديات العالمية غير المسبوقة. 

 

جاء ذلك خلال كلمته في الدورة العادية رقم (73) للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء النقل العرب، التي عُقدت في الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري.

 

قدم أبو النصر تعازيه للشعب الفلسطيني واللبناني، مشيراً إلى موقف الجامعة العربية الثابت في دعم حقوقهم ورفض الحصار المفروض على غزة. وأكد أن الوضع الإنساني في القطاع يتطلب تحركاً عاجلاً من الدول العربية والمجتمع الدولي لضمان حقوق الإنسان وتخفيف المعاناة.

 

عبّر أبو النصر عن شكره للأكاديمية على استضافة الاجتماع، مشيداً بالدور الحيوي الذي يلعبه قطاع النقل في الاقتصاد العربي. وأكد على أن هذه الاجتماعات تعكس التزام الدول العربية بالتعاون والتنسيق في مجال النقل، الذي يعد أحد الركائز الأساسية للتنمية المستدامة.

 

وأشار أبو النصر إلى أن قطاع النقل يعد من القطاعات الأساسية التي تسهم بنسبة تتراوح بين 7% و10% من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية. وقال إن الارتقاء بمستوى هذا القطاع يعد من المؤشرات الهامة للنمو الاقتصادي، خاصة في ظل ارتباطه بأنظمة النقل المتطورة والتكنولوجيا الحديثة.

 

ولفت أبو النصر إلى أن جدول أعمال الاجتماع يتناول عدة موضوعات حيوية، منها تطوير البنية التحتية وتحسين خدمات النقل، مشدداً على ضرورة دراسة هذه الموضوعات للخروج بتوصيات تسهم في تعزيز مستوى النقل في العالم العربي. وأكد أن الأمانة العامة للجامعة العربية تولي اهتماماً خاصاً بقطاع النقل، حيث يعد جزءاً لا يتجزأ من رؤية التنمية الشاملة للدول العربية.

 

وفي ختام كلمته، دعا أبو النصر جميع الدول الأعضاء إلى التعاون وتعزيز الجهود المشتركة، مشدداً على أهمية العمل الجماعي في مواجهة التحديات الراهنة. وأعرب عن أمله في أن تثمر هذه الاجتماعات عن نتائج إيجابية تسهم في تحسين مستوى النقل وتلبية احتياجات المجتمع العربي في ظل الظروف الحالية.


 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: المجتمع العربي مجلس وزراء النقل العرب

إقرأ أيضاً:

في ذكرى ميلاده.. «نجيب محفوظ» رجل صاغ القاهرة من طين الحكايات وصنع للروح العربية مرآتها الحقيقية

في كل ذكرى لميلاد نجيب محفوظ، تُفتح نافذة سرّية على وجدان الأمة؛ كأننا نتذكّر فجأة أن هذا الرجل لم يكن مجرد روائي، بل كان «ذاكرة جماعية» تمشي على قدمين، كان يمسك بالقلم كما يمسك العازف بوترٍ حساس، يضربه برفقٍ مرة، وينفجر منه اللحن مرة أخرى، ليرسم من خلاله ملامح الإنسان في ضعفه وقوته، خضوعه وتمرده، خطيئته وخلاصه.

لم يكن محفوظ يكتب روايات بقدر ما كان يكتب خريطة الروح، يقتفي أثر الإنسان في شوارع القاهرة، يلتقط تنهيدتها، يلاحق صمتها، ويعيد تشكيلها في نصوصٍ تشبه المدن القديمة: صلبة، معقدة، لكنها مسكونة بالدفء والدهشة، في يوم ميلاده، يعود السؤال الأبدي: كيف تحوّل ابن الجمالية الهادئ إلى الأب المؤسس للرواية العربية الحديثة، وإلى الاسم الذي هزّ المؤسسة الأدبية العالمية حتى فتحت له أبواب نوبل؟

من الجمالية إلى العالم.. رحلة طفل مفتون بالأسئلة

وُلد نجيب محفوظ عام 1911 في قلب القاهرة الفاطمية، بين الأزقة التي ستصبح لاحقًا وطنًا كاملاً لأبطال رواياته. لم يكن طفلاً صاخبًا؛ كان مراقبًا، ينصت أكثر مما يتكلم، يجمع التفاصيل الصغيرة مثل مقتنيات أثرية، ليعيد صياغتها في ذاكرته بحسّ فلسفي مبكر.

طموحه الأول كان الفلسفة، وقرأ بشغف لابن خلدون وتوفيق الحكيم واليونانيين، لكنه اكتشف سريعًا أن المقال لا يسعه، وأن الرواية هي الوسيط الأقدر على حمل أسئلته الوجودية، هكذا وُلد الروائي من رحم الفيلسوف.

بدأ محفوظ بكتابة الرواية التاريخية عن مصر القديمة، قبل أن يقفز إلى الحاضر بقوة، ليُطلق أكبر مشروع روائي عرفه الأدب العربي: الثلاثية. لم تكن الثلاثية مجرد حكاية عائلة، بل كانت وثيقة حية لبنية المجتمع المصري بين الحربين، وصورة عميقة لتحولات الطبقة والسلطة والوعي.


كاتب يكتب بالانضباط قبل الإلهام.. وسر الساعة الواحدة

كان نجيب محفوظ نموذجًا نادرًا في الانضباط: يكتب ساعة واحدة فقط في الصباح، في الموعد نفسه، وبالهدوء نفسه، وكأنه موظف في محراب الكتابة.
لم يؤمن بالكتابة المزاجية، وكان يرى أن “الإبداع الحقيقي يحتاج نظامًا صارمًا، وإلا ضاع العمر في محاولات لا تكتمل”.

الغريب أن هذا الانضباط لم يُنتج نصوصًا جامدة، بل أعمالًا مليئة بالروح، مشتعلة بالحياة، وكأن تلك الساعة الواحدة كانت نافذته الوحيدة على الخلود، ورغم شهرته الطاغية، كان يتجنب الأضواء، وينفر من الكاميرات، ويعيش حياة شديدة البساطة. حتى جائزة نوبل لم يذهب لاستلامها، وبقي وفيًّا لمقهاه وأصدقائه وطقوسه الصباحية.

«أولاد حارتنا».. الجرح الذي لم يندمل

من بين كل أعماله، تبقى رواية “أولاد حارتنا” هي الأكثر إثارة للجدل، والأقرب إلى قدره الشخصي، عندما نُشرت في الأهرام عام 1959 انفجرت معركة ثقافية كبرى، ووُجهت إليها اتهامات قاسية دون أن يقرأها معظم من هاجموها.

حُوصرت الرواية لسنوات ومنعت من النشر في مصر، وأصبح محفوظ هدفًا للغضب وسوء التأويل، حتى جاءت محاولة اغتياله عام 1994 على يد شاب لم يرَ الرواية في حياته.

ومع ذلك، بقي محفوظ ثابتًا: «أنا أكتب عن الإنسان.. وليس عن العقائد»، كان يؤمن أن الأدب لا يعادي أحدًا، بل يكشف الظلم أينما كان، ويبحث عن العدالة داخل النفس البشرية قبل أن يبحث عنها في العالم.

حكيم الحارة المصرية.. الذي عرف سرّ الإنسان

يقول مقربوه إنه كان قادرًا على سبر النفوس بنظرة واحدة.
لم يكن يرفع صوته، ولم يكن ساخرًا بطبعه، لكنه كان يرى ما لا يراه الآخرون: يقرأ القلق على الوجوه، ويتتبع الشهوات الصغيرة، ويُمسك بين السطور بما يختبئ خلف الأقنعة.

ولهذا أحب الناس أعماله.. لأنهم وجدوا أنفسهم فيها، كان محفوظ يكتب عن البسطاء، لكنه في الحقيقة كان يكتب عن البشرية كلها.


ما بعد نوبل.. العالم يكتشف القاهرة من جديد

عندما مُنح محفوظ جائزة نوبل للآداب عام 1988، تغيّر مكان الأدب العربي في العالم، أصبح اسم القاهرة مرتبطًا بالرواية، وأصبحت الحارة المصرية رمزًا عالميًا للدهشة الإنسانية، ترجمت أعماله إلى لغات العالم، وتحوّلت إلى أفلام ومسلسلات قاربت الوعي الجماهيري العربي لعقود.

وبعد محاولة اغتياله، ومع ضعف يده، لم يتوقف عن الكتابة. كان يملي “أحلام فترة النقاهة” بصوت خافت، كأنها رسائل أخيرة يبعثها من على حافة الألم، وتحوّلت تلك الأحلام القصيرة إلى واحدة من أهم وأغرب تجارب السرد العربي الحديث.

في ميلاده.. نعود إلى الرجل الذي كتب ليحيا

في ذكرى ميلاد نجيب محفوظ، نعود إلى الرجل الذي لم يكتب ليشتهر، بل كتب ليعيش، الذي حوّل الحياة العادية إلى ملحمة، والمقهى إلى صالون فلسفي، والحارة إلى كونٍ كامل.

نجيب محفوظ لم يكن صوت جيل، بل صوت الإنسان في رحلته القلقة نحو الحقيقة، وبين ميلاده ورحيله، بقي شيء واحد ثابتًا: «أن الأدب يمكنه أن يغيّر العالم… حين يكتبه رجل يعرف سرّ الروح».

طباعة شارك نجيب محفوظ ذاكرة جماعية خريطة الروح شوارع القاهرة الجمالية

مقالات مشابهة

  • المؤرخ والأكاديمي الإيراني حميد دباشي: العالم العربي أصبح وطني
  • هذا هو حال العالم العربي من أيزنهاور إلى ترامب!
  • مؤكدة الالتزام بدعمهم.. الجامعة العربية تحيي اليوم العربي للأشخاص ذوي الإعاقة
  • د. هويدا مصطفى: العالم العربي "مستهلك" وليس "صانعاً" للأدوات الرقمية
  • باسم يوسف ينتقد الصورة الإعلامية المغلوطة عن ليبيا والوطن العربي
  • طارق الشناوي: عمار الشريعي أحد أهم الموهوبين الذين ظهروا في العالم العربي
  • بيراميدز يعتلي صدارة ترتيب الأندية العربية والأفريقية في تصنيف أندية العالم.. تفاصيل
  • منظمات أممية وإغاثية لـ«الاتحاد»: تحديات إنسانية غير مسبوقة تواجه السودان
  • «المجلس العربي للآثاريين» يتوّج «دبي للثقافة» بجائزته التقديرية
  • في ذكرى ميلاده.. «نجيب محفوظ» رجل صاغ القاهرة من طين الحكايات وصنع للروح العربية مرآتها الحقيقية