ما دلالات غياب أردوغان عن كلمة بشار الأسد خلال قمة الرياض؟
تاريخ النشر: 13th, November 2024 GMT
أثار انسحاب رئيس تركيا رجب طيب أردوغان من مكانه المحدد في القمة العربية الإسلامية التي عقدت في السعودية، أثناء إلقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد خطابه، تساؤلات حول دلالتها، وخاصة أن تصرف أردوغان يتناقض مع الاندفاع التركي العلني نحو توطيد العلاقات مع دمشق، بعد قطيعة لأكثر من عقد.
وأظهرت مقاطع مصورة، غياب أردوغان أثناء إلقاء الأسد لكلمته في قاعة القمة، وحل مكانه السفير التركي في السعودية أمر الله إشلر.
الرد بالمثل
ويبدو أن أردوغان قد رد بالمثل على انسحاب وزير خارجية النظام السابق فيصل المقداد قاعة اجتماع وزراء الخارجية العرب في العاصمة المصرية القاهرة، لحظة توجه وزير خارجية تركيا هاكان فيدان، لإلقاء كلمة شكر وتحية على دعوته للمشاركة في الاجتماع الذي عقد في أيلول/ سبتمبر الماضي.
وهو ما يؤكد عليه الكاتب والمحلل السياسي باسل المعراوي، موضحاً أن أردوغان "رد الصفعة" للنظام، في إشارة إلى انسحاب وزير خارجية النظام المقداد أثناء كلمة فيدان.
وفي حديثه لـ"عربي21" أضاف أن "الواضح للجميع أن الموقف التركي وموقف الرئيس أردوغان نفسه، الذي تصدر عنه تصريحات من وقت لآخر عن رغبته بلقاء الأسد، ليس سوى توجيه للداخل التركي، أو لإرضاء الأصدقاء الروس".
وبحسب المعراوي، فإن تركيا رغم اندفاعها في العلن نحو التطبيع مع النظام، هي تتريث في هذا المسار إلى حين وضوح الصورة في الإقليم الذي يعيش على وقع صفيح ساخن.
من جانب آخر، يفسر الكاتب مقاطعة أردوغان كلمة الأسد إلى الخلل الذي يعتري العلاقات بين أنقرة وموسكو، ويدل على ذلك إعلان مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرينتييف الثلاثاء، عن رفض بلاده شن تركيا عملية عسكرية جديدة في سوريا، واعتباره ذلك بـ"الأمر غير المقبول".
رسائل سياسية
من جهته، يقول الكاتب والمحلل السياسي التركي عبد الله سليمان أوغلو، إن عدم حضور أردوغان أثناء كلمة الأسد، خطوة تحمل رسائل سياسية بالتأكيد.
وأوضح لـ"عربي21"، أن أردوغان أراد القول للنظام السوري، أن رغبتها بتطبيع العلاقات معه، لا تعني أن يدها مفتوحة دون شروط.
وأكد أوغلو، أن تركيا تريد التطبيع مع النظام لاستقرار المنطقة، في ظل ما تشهده المنطقة والعالم من تطورات، لكن بالمقابل لا يصدر عن النظام أي رد إيجابي.
وبحسب الكاتب والمحلل السياسي التركي، فإن أنقرة راضية عن فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وتتوقع أن يكون هناك تعاون مع واشنطن وخاصة في الملف السوري، وقال: "كل ذلك يقوي الموقف التركي في سوريا".
تركيا تغير أولوياتها
ومن وجهة نظر الكاتب السياسي درويش خليفة، فقد أعطى غياب أردوغان أثناء كلمة الأسد انطباعاً أن تقارب العلاقات التركية مع نظام الأسد، لم يعد حاجة ملحة وأولوية تركية في هذا التوقيت، مشيراً إلى اقتصار التمثيل التركي في جولة أستانا الأخيرة التي عقدت بالتزامن مع قمة السعودية، على المدير العام للعلاقات الثنائية السورية في وزارة الخارجية التركية.
بذلك، يظهر أن تركيا لديها أولويات استراتيجية تفوق التقارب مع نظام الأسد، وفق تأكيد خليفة لـ"عربي21"، مضيفاً: "مع قدوم الرئيس الأمريكي ترامب إلى البيت الأبيض تعود العلاقات التركية الأمريكية لسابق عهدها، ويصبح أي خيار آخر تكون موسكو طرفاً فيه بدون جدوى لاستراتيجيات تركيا في المنطقة".
وكان أردوغان قد دعا في مناسبات عديدة الأسد إلى اجتماع ثنائي، من دون أن يتم الاتفاق على ذلك، في ظل خلافات واضحة على العديد من النقاط، أبرزها تمسك النظام السوري بشرط انسحاب الجيش التركي من الشمال السوري.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد تركي منوعات تركية تركيا أردوغان بشار الأسد سوريا سوريا تركيا أردوغان بشار الأسد قمة الرياض سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
غياب دور الوسطاء باتفاقات الحرب على غزة
رغم الانحياز الأمريكي والأوروبي الصارخ لإسرائيل منذ نشأة الكيان الصهيونى على أرض فلسطين، ظل العرب والمسلمون ينخدعون بالمبادرات التي تقدمها الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية لحل القضية الفلسطينية خلال العقود الماضية، ورغم ثبوت استمرار الانحياز والتواطؤ ووحدة الهدف بينه وتمثيل دولة الكيان لمصالحها في المنطقة، ظل العرب يثقون بمبادرات السلام الجديدة رغم تراجع ما تقدمه للعرب من مزايا بالمقارنة لما سبقها من مبادرات.
وفي كل مرة لا تلتزم دولة الكيان بما وقعته من اتفاقات مع الأطراف العربية والفلسطينية وتعيد عدوانها على الفلسطينيين، ولا تتدخل الدول الغربية الضامنة لتلك الاتفاقات لإلزامها بتنفيذ وعودها. وهكذا لم تنفذ إدارة الرئيس الأمريكي بوش ما وعدت به من قيام دولة فلسطينية عام 2005 من خلال ما سمي بخارطة الطريق، أو غيرها من الوعود ممن تلاه من رؤساء، ولم يُلزم أحد من هؤلاء الرؤساء إسرائيل بإعادة بناء مطار غزة الذي دمرته عام 2001، أو إعادة بناء ميناء غزه البحري الذي دمرته قبل اكتماله عام 2000، أو ما دمرته خلال عدوانها المتكرر على غزة، ولم ينلها أي لوم من جانب هؤلاء وهي تحاصر قطاع غزه لنحو 17 عاما برا وبحرا وجوا منذ عام 2005، وشاركها بهذا الحصار الخانق دول جوار عربي لفلسطين.
ونذكر من المشروعات والمبادرات التي لم تُعد للفلسطينيين حقوقهم، مشروع ريغان (1982)، ومشروع بريجنيف للسلام (1988)، ومشروع شامير للحكم الذاتي (1989)، ومؤتمر مدريد للسلام (1991)، واتفاق أوسلو (1993)، واتفاق القاهرة (1994)، واتفاق / أوسلو 2 عام (1995)، واتفاق الخليل (1997)، واتفاق واي ريفر بلانتيسشن (1998)، ومفاوضات كامب ديفيد (تموز/ يوليو 2000)، ومشروع بيل كلينتون للسلام (كانون الأول/ ديسمبر 2000) ومبادرة الأمير عبد الله (2002).
واستمرت الإدارة الأمريكية تقدم الهدايا الجديدة والعطايا لدولة الكيان في فترة ترامب الأولى بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف باحتلال إسرائيل الجولان، بخلاف الإمداد بالسلاح والمال والتأييد السياسي، ومنع أي قرارات مضادة لها بمجلس الأمن، وعقاب الدول التي تتخذ مواقف مناهضة لها في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وها هي حرب غزه الأخيرة التي أسفرت عن استشهاد أكثر من 70 ألف شهيد وعشرات الآلاف من الجرحى وتدمير عشرات الآلاف من المنازل والمرافق؛ لم تواجه خلالها دولة الاحتلال مجرد لوم من جانب الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة، وبينما كان الرئيس الأمريكي ترامب فترته الثانية يهدد المقاومة الفلسطينية برد قاس نظرا لما شاهده من تأثر جسماني على أحد الأسرى الإسرائيليين بعد الإفراج عنه، بسبب منع إدخال الطعام للقطاع، فقد أنشأ منظمة غزة الإنسانية التي قامت بقتل المئات من سكان غزه خلال تجمعهم للحصول على الطعام.
بيانات شكلية من الاتحاد الأوروبي
وها هو ترامب يفاخر خلال كلمته بالكنيست في الثالث عشر من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بما قدمه لإسرائيل من أسلحة متقدمة ودعم مخابراتي بشكل لم يقدمه رئيس أمريكي سابق، ورغم ذلك ظل قادة العرب ينتظرون حضوره لشرم الشيخ كي يأتي بالسلام ويحقق الدولة الفلسطينية! متناسين سكوت الولايات المتحدة عن استئناف إسرائيل عدوانها على غزة في بداية كانون الأول/ ديسمبر 2023 بعد هدنة صمدت لسبعة أيام فقط، وهو ما تكرر باستئنافها قصف غزه في 18 آذار/ مارس 2025 بعد شهرين من وقف القتال، رغم ما وعدت به من استمرار باقي مراحل التفاوض خلال وقف إطلاق النار.
وها هو السيناريو يتكرر بعد اتفاق وقف إطلاق النار المُعلن عنه بالتاسع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، فإذا بدولة الكيان تكرر قصفها للمدنيين في غزة مرات عديدة وتتسبب بقتل العشرات من الأطفال والنساء والشيوخ، وتستمر تجاوزاتها في الضفة الغربية وإنشاؤها للمستوطنات الجديدة، ويمتد عدوانها المتكرر على دول عربية أخرى، وعدم التزامها بإدخال نوعية المعدات المطلوبة لاستخراج رفات الضحايا من تحت الركام، أو تقوية الخيام للصمود أمام قوة الرياح أو إدخال الدواء والأجهزة الطبية لعلاج الجرحى، مع غياب أي تحرك أمريكي لحثها على الالتزام بما قعت عليه من بنود لوقف إطلاق النار، وهو ما تكرر من جانب الاتحاد الأوروبي مع بعض البيانات الشكلية من بعض دوله والتي لا تجد أي صدى.
ونصل إلى موجة البرد القارص الحالية والأمطار الغزيرة والرياح التي اقتلعت الخيام، ونجم عنها إغراق أرضيات الخيام بالمياه بما بها من لوازم النوم المفروشة على الأرض ولوازم الطبخ والطعام وعدد من الوفيات، وتسببت في انهيار جدران منازل متداعية.. وتكرر نفس الصمت والتواطؤ والخذلان، فلا تدخل أمريكيا أو أوروبيا أو عربيا أو إسلاميا لإدخال الكرافانات أو الخيام الأكثر تحملا، أو لوازم الوقاية من الصقيع، أو الطعام الكافي للأجساد المنهكة للبرد، والاكتفاء بسرد بعض وسائل الإعلام بتلك الدول العربية لبعض وقائع المعاناة، ومناشدة دولة الكيان بالسماح بإدخال المزيد من المساعدات والأدوية والأغطية، وهو ما تتجاهله دولة الكيان كالمعتاد، رغم إمداد دول عربية لها بالغذاء والمنتجات الزراعية طول شهور حربها على غزة.
مواقف موحدة أمريكية أوروبية عربية
وتتجلى أبرز صور الحقارة الأمريكية والأوروبية والعربية، بربط إدخال أدوات إفراغ مناطق المخيمات من برك المياه، وتقوية الجدران الطينية للخيام لمنع دخول المياه، وإدخال عدد من الكارافانات والأدوية والأجهزة الطبية؛ بتسليم المقاومة لسلاحها وبهدم الأنفاق التي استمر بناؤها لسنوات رغم الحصار. ومن هنا يجب أن نقر بأنه في حرب غزه لا يوجد موقف إسرائيلي وموقف أمريكي، بل هناك موقف موحد بينهما يهدف للإبادة الجماعية لسكان غزة.
وعقابهم على مطالبتهم بحقوقهم وتمسكهم بأرضهم، وإبعادهم عن كل ما يساهم في صمودهم من مظاهر دينية ومضمون تعليمي وقيم اجتماعية تضامنية، كما أنه لا يوجد موقف إسرائيلي وموقف أوروبي، فالمواقف واحدة، وكما ذكر المسشار الألمانى أن اسرائيل تنفذ الملفات القذرة التي نسعى إليها بالمنطقة.
وبنفس السياق يصبح أمرا ساذجا أن نقول إن هناك وسطاء قاموا بالتوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار بشرم الشيخ قبل شهرين، وننتظر منهم دورا ما مستقبلا، فكما أنه لا يوجد وسيط أمريكي بل شريك كامل لإسرائيل بالمذابح، فلا يوجد وسيط عربي سواء من قبل الإدارة المصرية أو القطرية، فهذه نظم تابعة للنفوذ الأمريكي ولها علاقات متعددة المجالات بدولة الكيان، ولا تستطيع ممارسة أي شكل من أشكال الوساطة التي تتطلب إيقاف المعتدي عن الاستمرار في عدوانه أو إلزامه بنصوص الاتفاق الذي وقعه.
وهذا ينطبق على تركيا رغم التصريحات البراقة لمسؤوليها، وعلى إندونيسيا وباكستان، والسعودية وفرنسا المتبنيتين لمسار الدولة الفلسطينية من خلال مؤتمر نيويورك، وينطبق على كل من الصين وروسيا وكوريا الجنوبية، فالجميع يوظف القضية الفلسطينية لمصالحه الخاصة، ولعل امتناع الصين وروسيا عن التصويت في مجلس الأمن مؤخرا حول القوة الدولية بغزة، والمساعدة بمنح الولايات المتحدة الغطاء الشرعي الدولي لخططها الرامية لتصفية المقاومة خير شاهد.
لذا يصبح أمرا سخيفا أن ننتظر جديدا من معطيات قديمة متكررة منذ عقود، أو نأمل خيرا في منظمات خاملة كالجمعية العامة للأمم المتحدة أو مجلس الأمن أو منظمة التعاون الإسلامي أو الجامعة العربية، أو منظمات حقوق الإنسان أو حتى المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية؛ صحيح أن للمقاومة الفلسطينية مضطرة التعامل مع تلك الدول والمنظمات في ضوء رغبتها بتخفيف تفاقم معاناة السكان الطويلة، ولهذا فليكن التفكير في مسار بديل مواز، مع دعوة المراكز البحثية لاقتراح البدائل، سواء من خلال التنسيق بين الدول المتضررة من الغطرسة الأمريكية، أو تقوية دور الشعوب الإسلامية والعربية والجاليات العربي والمسلمة في الخارج، للضغط على المصالح الأمريكية والأوروبية كوسيلة لإجبارها على إعادة التفكير في مواقفها، وإحياء الدور الشعبي المساند لمعاناة غزة أوروبيا وأمريكيا، وترسيخ الصورة الذهنية السلبية للرواية الإسرائيلية للأحداث، والتنبيه لتضرر المصالح الأمريكية من مساندتها المطلقة لإسرائيل وبما يتنافى مع شعار أمريكا أولا، ومقاطعة سلع وخدمات الدول والشركات المساندة لإسرائيل دوليا، والمساندة المستمرة للشعب الفلسطيني بالمال والطعام والكساء والمعدات، حتى يستطيع مواصلة نضاله ضد المطامع الإسرائيلية المتجددة، وحتى يشعر مواطنوها بأنها لا تمثل لهم المجتمع المثالي والآمن والديمقراطي الذي طمحوا إليه، فتزداد معدلات الهجرة العكسية خاصة لمن لديهم جنسيات أخرى وتتوقف الهجرة إليها، والتذكر بأنه صراع طويل الأجل سيتنتصر فيه الأكثر تحملا والأكثر صبرا وتضحية، والأعلى صمودا، وهو ما نراهن على كسبه من جانب الفلسطينيين.
x.com/mamdouh_alwaly