ما سبب توقفت الغارديان عن النشر في منصة إكس المملوكة لإيلون ماسك؟
تاريخ النشر: 14th, November 2024 GMT
أعلنت صحيفة "الغارديان" البريطانية، عزمها التوقف عن نشر أي محتوى على منصة "إكس" (تويتر سابقا)، التي يملكها الملياردير إيلون ماسك، الذي دعم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بقوة خلال السباق الرئاسي.
وقالت الصحيفة، الأربعاء، في تقرير ترجمته "عربي21"، إن "الانتخابات الرئاسية الأمريكية أكدت مخاوفها الطويلة بشأن المحتوى المنشور على منصة إكس"، مشيرة إلى أن "ماسك لعب دورا مهما في حملة دونالد ترامب الرئاسية وكافأه على جهوده بدائرة متخصصة بتحسين الكفاءة في مؤسسات الحكومة الأمريكية".
وأضافت الصحيفة البريطانية، أنها "وازنت بين بقائها على المنصة والمضار"، مشددة على أن "السلبيات تتفوق على المنافع بسبب المحتوى المثير للقلق المنشور عليها".
وقالت: "نريد أن نعلم قراءنا بأننا لن ننشر أي شيء من الحسابات التحريرية للغارديان على موقع إكس".
وأشارت الصحيفة التي تمتلك حسابا بمجموع 27 مليون متابع، إلى أن "المحتوى المثير للقلق على المنصة يشمل نظريات المؤامرة والعنصرية، وقد تبلور قرارها بشكل كبير أثناء الإنتخابات الرئاسية الأمريكية".
ولفتت إلى أن "هذا شيء كنا نفكر فيه لفترة طويلة وبالنظر إلى المحتوى المزعج الذي يتم الترويج له أو العثور عليه على المنصة، بما في ذلك نظريات المؤامرة اليمينية المتطرفة والعنصرية".
وأضافت أن "الحملات الرئاسية الأمريكية أكدت ما كنا نفكر به منذ وقت طويل، وباتت علامة إكس منصة إعلامية سامة وأن مالكها، إيلون ماسك استطاع استخدامها للتأثير على الخطاب السياسي".
وكانت مجموعات حملة مكافحة خطاب الكراهية والاتحاد الأوروبي، وجهتا انتقادات إلى إيلون ماسك، أغنى شخص في العالم، بشأن معايير المحتوى على المنصة منذ أن اشتراها مقابل 44 مليار دولار في عام 2022.
وأعاد الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا"، الذي أعلن أنه "سيطلق العنان لحرية التعبير"، الحسابات المحظورة بما في ذلك حسابات "منظر المؤامرة أليكس جونز والمؤثر الكاره للنساء أندرو تيت والناشط اليميني المتطرف البريطاني تومي روبنسون"، وفقا للتقرير.
وعلقت الصحيفة البريطانية، بالقول إن "منصات التواصل الاجتماعي يمكن أن تكون وسيلة مهمة للمنظمات الإخبارية وتساعدها على الوصول إلى جمهور أوسع ولكن إكس تلعب الآن دورا متراجعا في الترويج لعملنا. وصحافتنا متاحة ومفتوحة للجميع على موقعنا الإلكتروني".
وردا على الإعلان، نشر ماسك تدوينة عبر منصة "إكس"، قال فيها إن "الغارديان لا قيمة لها"، واصفا الصحيفة البريطانية بأنها "آلة دعاية شريرة صعبة".
يشار إلى أن الراديو الوطني العام "إن بي آر"، وهو منظمة إخبارية أمريكية غير ربحية، توقف عن نشر مواده على منصة "إكس"، بعدما صنف المنصة بأنها "إعلام مرتبط بالحكومة". وأوقفت الشبكة التلفزيونية "بي بي أس"، منشوراتها لنفس السبب.
وفي وقت سابق من شهر تشرين الثاني /نوفمبر الجاري، أعلن مهرجان برلين السينمائي أنه سيترك منصة "إكس" دون إبداء سبب، في حين اتخذت شرطة "ويلز" في إنجلترا القرار ذاته الشهر الماضي بسبب أن المنصة "غير متناسبة مع قيمنا".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية ماسك ترامب الغارديان الغارديان ترامب ماسك اكس المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على المنصة إلى أن
إقرأ أيضاً:
أشرف عباس يكتب: دفاعًا عن حرية النشر
حين يُواجه صحفي أو مواطن خطر السجن بسبب رأي أو منشور، فإن السؤال لا يجب أن يكون: "ماذا قال؟" بل: "هل تستحق الكلمة القيد؟"، هنا، لا نتحدث عن مضمون ما كُتب أو مدى الاتفاق معه، بل عن وسيلة العقوبة، وتناسبها، ومبدأ دستوري لا يجوز التنازل عنه: لا حبس في قضايا النشر.
هذا المبدأ لم يعُد مجرد مطلب نقابي أو حقوقي، بل أصبح نصًا صريحًا في المادة 71 من الدستور المصري، التي تحظر توقيع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي تُرتكب بطريق النشر أو العلانية، باستثناء ثلاث حالات فقط هي التحريض على العنف، التمييز، والطعن في الأعراض، ويعززه ما التزمت به الدولة المصرية بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يحظر بدوره سلب الحرية بسبب التعبير، إلا في أضيق الحدود.
ومع ذلك، لا تزال هناك أحكام تصدر وتُنفذ في قضايا لا تنطبق عليها هذه الاستثناءات، ما يثير قلقًا مشروعًا بشأن توسع التأويل القانوني، وتحويل الخطأ في التعبير إلى جريمة موجبة للعقوبة الجنائية.
قد يخطئ صحفي في تناول قضية حساسة، أو يسيء مواطن التعبير في منشور، أو يكتب ما يراه دفاعًا عن حق إنساني، فينتهي الأمر إلى تشهير غير مقصود، لكن هل يكون الرد هو السجن؟ وهل الحبس هنا يُحقق رد اعتبار أم يضيف عبئًا جديدًا على المجال العام؟
رفض الحبس لا يعني إعفاء من المسؤولية، بل يُطالب بتطبيقها من خلال أدوات تناسب طبيعة الفعل، فلا أحد فوق القانون، لكن لا يجوز استخدام القانون كأداة لإسكات الرأي أو معاقبة الكلمة، الخطأ في النشر يجب أن يُعالج، لا أن يُقمَع.
ولهذا، فإن العدالة تقتضي تفعيل وسائل محاسبة مدنية ومهنية، مثل: حق الرد، التعويض المدني، الإدانة النقابية، الحجب المؤقت للمحتوى، أو نشر اعتذار بنفس مستوى الانتشار، هذه الوسائل تضمن المحاسبة دون سلب الحرية، وتُراعي التوازن بين حرية التعبير وحقوق الآخرين.
بل إن العقوبة القاسية، حين تُطبّق على فعل رمزي كالنشر، قد تأتي بنتائج عكسية؛ ففي بعض الحالات، يُحوَّل المخطئ إلى ضحية، ويكسب تعاطفًا لا يستحقه، ما يُربك الرأي العام، ويُضعف ثقة الناس في حيادية منظومة العدالة.
فلسفة العقاب في أي نظام عادل تقوم على الإصلاح لا على الانتقام، وعندما تكون وسيلة الفعل هي الكلمة، يجب أن تكون وسيلة الرد عليها في نفس الفضاء، الحبس لا يُصلح الضرر، بل يُولّد الخوف والانكماش، ويهدد المناخ العام للنقاش والإبداع.
ورغم أن الصحفيين يواجهون هذا الخطر بشكل مباشر، فإن القضية لا تخصهم وحدهم؛ فالمواطن، والمعلم، وصانع المحتوى، وأي شخص يكتب على منصة مفتوحة، أصبح مُعرّضًا للمساءلة بقوانين النشر، وأي تضييق هنا لا يُصيب فئة مهنية، بل يطال المجتمع كله.
من الإشكاليات التي تتكرر في هذا السياق، تصاعد نبرة التشفي في الخصوم على حساب النقاش الموضوعي؛ فبدلًا من المطالبة بتطبيق القانون بروح العدالة، تتحول بعض الأصوات إلى استخدام العقوبة كأداة لتصفية الخلافات الفكرية أو الشخصية، حين يُوظَف القانون لتأديب المختلف، لا لتصحيح الخطأ، تتراجع الثقة في العدالة، ويتحوّل العقاب إلى وسيلة إخراس من يتعامل مع هذا النقاش كأنه يتعلق بمكانة الصحفيين أو امتيازاتهم يُخطئ التقدير، نحن لا ندافع عن فئة، بل عن حق عام، وعن حد أدنى من الأمان الفكري في المجال العام، الحبس في قضايا النشر لا يُهدد مهنة، بل يُقوّض الديمقراطية نفسها.
الخطأ في النشر يُحاسب، لكن لا يُسجن، والمساءلة لا تعني العقاب الجنائي، بل الإجراءات المهنية والقانونية التي تضمن الانصاف، لا الردع.
رفض الحبس في قضايا النشر ليس رأيًا سياسيًا، ولا موقفًا عاطفيًا، بل ضرورة قانونية تحترم الدستور، وتُحصّن المجال العام من الخوف والجمود، الكلمة تُجابَه بالكلمة، والخطأ يُرد عليه بالقانون، لا بالقيد.