واجه النوبيون، أحفاد الحضارات العريقة لكوش وتهارقا والكنداكة أماني ريناس، تاريخًا طويلاً من التهميش والتطهير العرقي. بدأت معاناتهم مع سياسات الإغراق والتهجير القسري التي انطلقت منذ عام 1903، مدفوعة بمشاريع السدود التي أشرف عليها الاستعمار البريطاني واستمرت لاحقًا مع الحكومات الوطنية المصرية و السودانية بعد الاستقلال.



الإغراق والتهجير: مأساة مستمرة

كان النوبيون يعيشون على ضفاف نهر النيل في مناطق تُعرف بخصوبة أراضيها، وغِنى ثقافتها، وعمق تاريخها وثراء حياة مواطنيها الاجتماعية .إلا أن بناء سدود مثل سد أسوان (بنسخته الأولى في 1903 والثانية الكبرى عام 1964)، ولاحقًا سد مروي، أدى إلى إغراق مناطق شاسعة من أراضي النوبيين. نتيجة لذلك، أُجبر الآلاف على النزوح من قراهم، التي ظلت جزءًا من هويتهم، إلى مناطق قاحلة وغير ملائمة لنمط حياتهم الزراعي التقليدي.

آثار التهجير القسري

أدت هذه السياسات إلى:
• تدمير المواقع الأثرية والثقافية: غُمرت العديد من المواقع التاريخية التي تعود إلى آلاف السنين تحت مياه السدود، مما شكّل خسارة فادحة للتراث النوبي.
• تفتيت المجتمع النوبي: التهجير القسري تسبب في تشتيت الأسر النوبيّة وتفكيك الروابط المجتمعية، مما جعل إعادة بناء حياتهم تحديًا كبيرًا.
• صعوبات اقتصادية واجتماعية: عانى النوبيون من فقدان مصادر رزقهم التقليدية مثل الزراعة والصيد، ما أدى إلى ظروف معيشية صعبة ونزوح بعضهم إلى المدن الكبرى بحثًا عن فرص عمل.

التهميش السياسي والثقافي

يرى النوبيون أن الحكومات المتعاقبة، منذ الاستعمار وحتى الوقت الحالي، لم تلتفت لمطالبهم العادلة. فقرارات بناء السدود، وما تبعها من إغراق وتهجير، اتُخذت دون استشارتهم أو الحصول على موافقتهم. هذا الإقصاء عزّز لديهم شعورًا عميقًا بأنهم ضحية سياسات تستهدف طمس هويتهم الثقافية وإضعاف تأثيرهم السياسي والاجتماعي في السودان.

جزء من معضلة السودان الأكبر

يُعد التهميش الذي عانى منه النوبيون مثالًا واضحًا على المظالم الأوسع التي تعاني منها مناطق السودان المختلفة. فكما تعرضت دارفور، النيل الأزرق، وجبال النوبة للإقصاء والتهميش، يواجه النوبيون نفس المصير، ما أدى إلى تصاعد الاحتجاجات والحركات النضالية المطالبة بالعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الشعوب المهمشة.

خاتمة

تاريخ النوبيين في السودان هو شهادة على معاناة شعب حافظ على تراثه وهويته رغم محاولات الطمس والتهجير. يمثل النضال النوبي جزءًا من القصة السودانية الأوسع، التي تتطلب اعترافًا بالتنوع الثقافي والعرقي والعمل على تحقيق العدالة والمساواة للجميع. تحقيق ذلك يبدأ بالاستماع إلى مطالب النوبيين المشروعة بالعودة إلى أراضيهم، والحصول على تعويضات عادلة، وضمان حقوقهم الثقافية والاجتماعية.

د احمد التيجاني سيداحمد
١٥ نوفمبر ٢٠٢٤ روما إيطاليا

ahmedsidahmed.contacts@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

طارق صالح يشدد على تسريع إنجاز مشروع مياه الشيخ زايد لتخفيف معاناة سكان تعز

يمن مونيتور/ قسم الأخبار

ترأس عضو مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، طارق صالح، اليوم السبت في مدينة المخا، اجتماعاً موسعاً لمناقشة أزمة المياه الخانقة التي تعاني منها مدينة تعز، مركّزاً على أهمية التسريع في تنفيذ مشروع مياه الشيخ زايد بوصفه أحد أبرز الحلول الاستراتيجية لمعالجة هذه الأزمة.

وناقش الاجتماع، الذي ضم عدداً من أعضاء مجلس النواب والمسؤولين في الحكومة المحلية والجهات المعنية بقطاع المياه، التحديات الفنية والبيئية والإدارية التي تعيق تنفيذ المشروع الحيوي، وطرح عدداً من المقترحات لتجاوزها وضمان إنجازه في أقرب وقت ممكن.

وأكد طارق صالح خلال الاجتماع أن توفير المياه لسكان تعز يمثل أولوية ملحّة، مشدداً على ضرورة العمل المشترك بين المؤسسات الرسمية والمجتمع المحلي لتجاوز العقبات.

كما وجّه السلطة المحلية بتكثيف الرقابة على استخدام الآبار داخل المدينة، لضمان عدم استنزاف الموارد المائية المحدودة.

وفي خطوة عملية لتسريع وتيرة التنفيذ، كلّف طارق صالح محافظ تعز، نبيل شمسان، بالإشراف المباشر على سير المشروع، كما كلّف وكيل المحافظة المهندس رشاد الأكحلي بمتابعة التنسيق مع المجتمعات المحلية المحيطة بحقول المياه، بما يضمن مراعاة احتياجاتهم وضمان استفادتهم من المشروع.

ويُعد مشروع مياه الشيخ زايد من أبرز المشاريع الحيوية المنتظرة في تعز، نظراً لتأثيره المباشر على تحسين الحياة اليومية لعشرات الآلاف من السكان، الذين يعيشون منذ سنوات تحت وطأة شح المياه وغياب الخدمات الأساسية.

والشهر الماضي، وجه رئيس البرلمان اليمني سلطان البركاني، رسالة رسمية إلى رئيس مجلس الوزراء سالم صالح بن بريك، طالبه فيها باتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة أزمة المياه.

ويعاني سكان مدينة تعز جنوب غربي اليمن من أزمة مياه غير مسبوقة، مع ارتفاع أسعار المياه الشحيحة المتوفرة إلى أرقام قياسية يصعب على الأسر توفيرها لشراء احتياجاتها من مياه الشرب ومياه الاستخدام المنزلي.

البرلمان اليمني يطالب رئيس الوزراء بمعالجة عاجلة لأزمة المياه في تعز والكهرباء في عدن “عطش في عروق الثقافة”.. تعز تغوص في أزمـة مائية تهدد وجودها الإنساني (تقرير خاص)

 

مقالات مشابهة

  • الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم
  • ثقافة كوردستان تمنع نشر صور وفيديوهات معاناة المرضى في مستشفيات الإقليم
  • «كليفلانـــد كلينـــك» ينهـــي معانـــاة خـــمسيني مـــع «باركنســون»
  • محاكمة “ديدي” .. فريق الدفاع يتهم الادعاء بالتمييز العرقي
  • الأمم المتحدة: الحرب الإسرائيلية على غزة تسبّب "معاناة مرعبة وغير مقبولة"
  • جراحة تنهي معاناة مريض من ثقب في طبلة الأذن بمستشفى جنوب القنفذة
  • مع قصفها لإيران.. إسرائيل تحوّل حركة الفلسطينيين إلى معاناة يومية
  • رئيس الوزراء يزور عدداً من محطات الكهرباء في عدن ويوجه بتنفيذ إجراءات لرفع القدرات التوليدية
  • محافظ أبين يوجه بفتح طريق “عقبة ثرة” الاستراتيجي الرابط مع البيضاء
  • طارق صالح يشدد على تسريع إنجاز مشروع مياه الشيخ زايد لتخفيف معاناة سكان تعز