على الفاتح يكتب: هكذا نتجاوز قفزات ترامب..!
تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT
ربما آن الأوان للإعلان عن تحالف «مصرى سعودى إيرانى تركى» صريح ينقذ الشرق الأوسط من تقلبات صانع القرار فى البيت الأبيض ونفاق الحسابات الدولية.مرة أخرى ينبغى التأكيد أن السابع من أكتوبر (طوفان الأقصى) لم يحرك فقط مياه القضية الفلسطينية الراكدة، وإنما أعاد تشكيل رؤية قادة الشرق الأوسط لخريطة تحالفاتهم.
بل يمكن الذهاب بعيداً بالقول إن التداعيات السياسية لطوفان الأقصى وصلت بتأثيراتها غير المباشرة إلى استراتيجية الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب إزاء إيران ومن ثم الشرق الأوسط.
وكان الخطاب الطائفى يروج إلى أن الصراع فى الشرق الأوسط مذهبى بين الدول السنية وإيران الشيعية، إضافة إلى حلفائها فى المنطقة، لكن «طوفان الأقصى»، علاوة على تاريخ ترامب مع المنطقة أثناء ولايته الأولى وسياساته غير الموثوقة، دفع الجميع إلى إعادة قراءة المشهد فى ظل استمرار جرائم الإبادة الصهيونية التى تستهدف تهجير سكان غزة والضفة الغربية، ما يدفع المنطقة حتماً إلى فوضى عارمة ستطول الجميع.
من نتائج هذه القراءة الجديدة زيارة رئيس هيئة أركان الجيش السعودى طهران ولقاء نظيره الإيرانى لتوقيع اتفاقات دفاعية وأمنية، ثم تأكيد ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان، خلال القمة العربية الإسلامية، رفض العدوان على إيران والمساس بسيادتها.
فى السياق ذاته يأتى تأكيد زعماء الدول المشاركة فى القمة على أن إقامة الدولة الفلسطينية هى السبيل الوحيد للسلام والاستقرار فى المنطقة وليس مجرد البدء فى مسار مائع نحوها.
بالتوازى مع الخطوة السعودية الإيرانية غير المسبوقة كان «إلون ماسك»، صديق ترامب المفضل، والذى أعلنه وزيراً للكفاءة الحكومية، يلتقى سراً بمندوب إيران لدى الأمم المتحدة السفير «أمير سعيد كرفان».
وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز» جرى اللقاء بناء على طلب من إلون ماسك، وتناول سبل نزع فتيل التوتر بين واشنطن وطهران، ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مصدرين إيرانيين إيجابية اللقاء الذى قد يسفر عن تغير فى سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران على عكس المتوقع.
فور إفصاح ترامب عن الأسماء المرشحة لتولى حقائب وزارية فى إدارته الجديدة ساد التشاؤم أوساط غالبية المراقبين بسبب ما عُرف عن تشدد وتطرف غالبية المرشحين المصنفين كصقور فى الحزب الجمهورى، خاصة وزيرى الدفاع والخارجية ومستشاره للأمن القومى؛ فجميعهم من أشد الداعمين للكيان الصهيونى والمؤيدين لمساعيه بشأن ضم الضفة الغربية، والمعادين لإيران ومشروعها النووى.
بالطبع من حق الجميع الشعور بالقلق والتشاؤم، لكن لقاء إلون ماسك مع الدبلوماسى الإيرانى رفيع المستوى يؤشر إلى تغيير لا يمكن تجاهله فى رؤية الرئيس الأمريكى الجديد تجاه الصراع فى الشرق الأوسط.
وصحيح أن «ترامب» لن يسعى إلى تحقيق حل الدولتين بحسب تصريح سفيره المرشح لدى الكيان الصهيونى، ومع ذلك هناك ما يمكن عمله على الأقل لمنعه من دعم أى مسعى صهيونى لضم الضفة الغربية، أو تقنين احتلال قطاع غزة.
قد نرى قفزات متعددة ومتناقضة فى سياسة ترامب تجاه المنطقة، لكن تجاوزها غير مستحيل بإظهار صلابة فى الإرادة السياسية لدى دولها تُكمل ما بدأته المقاومة، وذلك بإعلان تحالف صريح يضم السعودية ومصر وإيران وتركيا عبر اتفاقات ذات أبعاد سياسية واقتصادية وأمنية ودفاعية وثقافية وعلمية.
تحالف يستثمر رغبة ترامب فى إنهاء الحرب ويقنعه بأن ضم الضفة الغربية يُنهى اتفاقات أوسلو ويدفع الأجهزة الأمنية التابع للسلطة الفلسطينية إلى الانضمام لصفوف المقاومة وأن تقنين أى مشروع استيطانى فى غزة لا مستقبل له وتهديد لاتفاق كامب ديفيد للسلام مع مصر، خاصة إذا أصر الكيان على استمرار احتلاله لمحور فيلادلفيا.
من شأن هذا التحالف تخفيض وتيرة الصراع ودفع الاحتلال الصهيونى للتراجع عن مخططاته التوسعية تحت وطأة خسائره الناجمة عن حرب استنزاف طويلة دخلها بالفعل.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الانتخابات الأمريكية دونالد ترامب الشرق الأوسط الكيان الصهيونى الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
من هو سيد الشرق الأوسط القادم؟
يمرّ الشرق الأوسط اليوم بمنعطف تاريخي بالغ الأهمية، إذ تتشابك فيه تحولات جيوسياسية عميقة مع صراعات هيمنة إقليمية ودولية متصاعدة، ما يحوّل هذه المنطقة إلى بؤرة اختبار لقوى متعددة تتنافس على النفوذ والسيطرة.
لم يعد السؤال عن "سيد الشرق الأوسط" مجرد استفسار جغرافي أو عسكري، بل هو تساؤل مركّب يتقاطع فيه مفهوم الشرعية والوعي الجمعي والتحالفات المتغيرة، ومصير الشعوب التي تحمل على عاتقها مستقبل هذه الأمة.
تمثّل الحرب على غزة منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023 نقطة تحوّل نوعي في تشكيل الرأي العام العالمي، ليس فقط من حيث حجم الإبادة الجماعية المرتكبة، بل من حيث انعكاساتها على بنية النظام الدولي ومفاهيمه الأخلاقية.
فقد كشفت هذه المحرقة هشاشة السردية الصهيونية في مواجهة أدوات التوثيق الرقمي الفوري، وعرّت ازدواجية المعايير الغربية، حيث فشلت القوى الكبرى في الحفاظ على الحد الأدنى من التوازن القيمي الذي تدّعي تمثيله.
في المقابل، برزت القضية الفلسطينية كمؤشر أخلاقي يعيد فرز مواقف النخب والشعوب على أسس تتجاوز الاصطفاف السياسي التقليدي.
لقد فرضت غزة نفسها كعامل محفّز لإعادة تموضع الإنسانية دوليًا وإقليميًا، ولتشكيل شبكة تضامن مدني وشعبي عابرة للقارات، ما قد يفتح الباب أمام تحولات إستراتيجية تشمل اهتزاز مسارات التطبيع، وتنامي الضغوط الشعبية على الأنظمة العربية، وتوسّع الجبهة القانونية لمحاكمة الاحتلال.
وعليه، فإن ما يجري في غزة لم يعد شأنًا محليًا أو فلسطينيًا فقط، بل أصبح قضية كونية تُشكّل اختبارًا أخلاقيًا للنظام الدولي بكامله.
شهدت المنطقة في الآونة الأخيرة مرحلة مواجهة مباشرة استمرت اثني عشر يومًا بين إيران والمحور الصهيو-أميركي، كشفت هشاشة الدفاعات الجوية الإيرانية، لكنها في الوقت نفسه أظهرت قدرة إيران على استهداف العمق الصهيوني حتى في قواعده المتقدمة.
إعلانهذه الجولة لم تكن مجرد صدام عابر، بل نقطة تحول تُبرز هشاشة توازن الردع القائم على الاستنزاف المتبادل، وتُشير إلى احتمال تصاعد المواجهات نحو جولات أكثر خطورة، قد تؤدي إلى اتساع رقعة الصراع إذا ما وقع خطأ في التقدير أو قرار متهور.
في ظاهر المشهد، تهدئةٌ قائمة، لكن خلف الكواليس كل طرف يشحذ أسلحته: إيران تعيد التموضع بهدوء إستراتيجي بدعم صيني واقتصادي غير مسبوق، وأذرعها تتحرك بدقة في لبنان واليمن والعراق، بينما واشنطن تراقب بصمتٍ ذكيّ وتتهيأ للانخراط عند لحظة الضغط.
في المقابل، تل أبيب تعيش صمتًا عسكريًا مشحونًا، تتخلله انفجارات داخلية سياسية وقضائية تهدد حكومة نتنياهو من العمق أكثر مما تهددها الصواريخ.
الجميع في حالة استعداد دقيق لانفجار، حيث ستكون المعركة المقبلة أكثر من مجرد تبادل نيران: إنها مواجهة إستراتيجية، إعلامية، وقانونية.. والأرض تشتعل دون صوت.
وقد شهد وقف إطلاق النار بين إيران والمحور الصهيو-أميركي ترحيبًا دوليًا حذرًا، وسط هشاشة الوضع وتصريحات متباينة بين القادة. ففيما عبّر ترامب عن إحباطه، أعلن نتنياهو عن "تدمير البرنامج النووي الإيراني"، رغم تقارير استخباراتية تنفي ذلك.
تناولت وسائل الإعلام الغربية- مثل نيويورك تايمز والإيكونوميست- وقف النار كفرصة محتملة لتهدئة الصراع في غزة، لكن تحليلات أخرى حذّرت من أن تجنّب إسرائيل حلّ القضية الفلسطينية سيُبقي على دورة العنف قائمة.
أكدت "فايننشال تايمز" أن الهدنة الراهنة ليست سوى مرحلة انتقالية هشّة، والقرار الحقيقي يكمن في استعداد إسرائيل للانخراط في تسوية عادلة تفضي إلى دولة فلسطينية كاملة السيادة، لا الاكتفاء بإدارة الصراع كأمر واقع.
في قلب هذا المشهد، يظلّ مشروع "إسرائيل الكبرى" حاضرًا كأحد أبرز التهديدات، إذ تسعى تل أبيب لإقامة هيمنة شاملة من النيل إلى الفرات، لا تقتصر على الأرض الفلسطينية فقط، بل تشمل تفكيك السيادة الوطنية للدول العربية وتحويلها إلى كيانات تابعة.
المشروع لا يقوم فقط على السيطرة العسكرية، بل يمتد إلى الاقتصاد، والأمن، والتطبيع الثقافي، وشبكات النفوذ الخفي داخل مؤسسات الحكم العربية.
ورغم النجاحات الاستخباراتية والعسكرية التي يحققها المحور الصهيو-أميركي، فإن مشروعه لقيادة "الشرق الأوسط الجديد" يصطدم بجملة من المعوّقات البنيوية: فرفض الشعوب العربية، وتماسك قوى المقاومة، والأزمات الداخلية، وغياب مشروع إقليمي جامع، كلها عوامل تُضعف من قدرته على فرض واقع مستدام.
كما أن اعتماد المشروع الإسرائيلي بشكل كلي على الدعم الأميركي يضعه في مأزق إستراتيجي، خاصة مع تراجع نفوذ واشنطن، نتيجة أزماتها الداخلية وضغوط ملفَّي أوكرانيا والصين، ما يقلّص من قدرتها على التحكم الأحادي بمسار المنطقة.
وقد بدأ هذا الفراغ الجيوسياسي يُملأ تدريجيًا من قبل الصين وروسيا، عبر أدوات اقتصادية وعسكرية جديدة، تمهّد لنظام دولي متعدد الأقطاب، يُنهي عهد الهيمنة الأميركية المطلقة.
مصر، كقلب العالم العربي، تُعد هدفًا مركزيًا في هذه الإستراتيجية، حيث تُهدّد محاولات التحكم بنهر النيل، واستهداف قناة السويس دورها الإقليمي والاقتصادي.
إعلانأما دول الخليج، فتواجه محاولات فرض شراكات أمنية تُضعف استقلال قراراتها. وفي العراق وسوريا ولبنان والأردن، يحاول المحور الصهيو-أميركي تثبيت هيمنة نفسية وجوية تمنع هذه الدول من استعادة دورها السيادي الكامل.
في المقابل، تبرز إيران كمحور مقاومة يمتلك عمقًا إستراتيجيًا ممتدًا من غزة إلى صنعاء، ويُعيد إنتاج خطاب تحرّري راسخ يربط بقاء الأمة بتحرير فلسطين.
فصائل المقاومة، وعلى رأسها حركة حماس، لم تعد مجرد أدوات ضغط، بل صارت قوى فاعلة تؤثّر عسكريًا وإعلاميًا وسياسيًا في معادلات المنطقة.
غزة، رغم الحصار والدمار، تحوّلت إلى مركز ثقل أخلاقي، تُعيد تشكيل مشروعية المقاومة، وتُفقد المحور الصهيو-أميركي ما تبقّى من غطاء أخلاقي أمام الرأي العام العالمي.
في موازاة ذلك، لم تعد أدوات الصراع التقليدية هي الفيصل في حسم الهيمنة على الشرق الأوسط، بل باتت جبهات الوعي تحتل الصدارة.
فالإعلام المقاوم ووسائل التواصل الاجتماعي والتعليم والدين والثقافة والاقتصاد والذكاء الاصطناعي أصبحت ساحات مركزية في معركة التحرر، تعيد تشكيل وعي الشعوب، وتكسر هيمنة السردية التي يفرضها الاحتلال، وتعزز خطاب المقاومة والعدالة.
هذا الحضور المتصاعد لتلك الأدوات يمنح المشروع التحرري امتدادًا نفسيًا وثقافيًا واقتصاديًا، ويحوّله من فعل مقاومة عسكرية محدودة إلى مشروع حضاري شامل، يهدد منظومة السيطرة من جذورها، ويعيد تعريف موازين القوة ليس فقط من منظور عسكري، بل من زاوية معرفية وقيمية وأخلاقية.
في النهاية، لا يمكن التنبؤ بسيّد واحد للشرق الأوسط القادم، بل إن المنطقة تتجه نحو شبكة معقدة من اللاعبين المتنافسين والمتعاونين، وفق المصالح والظروف المتغيرة.
"إسرائيل" رغم أزماتها، تواصل السعي نحو الهيمنة، وإيران تعزز نفوذها المقاوم، بينما تعيد تركيا والسعودية ومصر تموضعها الإستراتيجي. الولايات المتحدة تتراجع، فيما تتقدم موسكو وبكين بخطى مدروسة.
لكن المعركة الحقيقية التي ستحسم الوجهة النهائية للمنطقة ليست فقط في ساحات السياسة أو الجغرافيا، بل في ميدان الوعي والشرعية.
سيد الشرق الأوسط القادم، سيكون من يملك الرؤية الحضارية الأعمق، والقدرة على بناء توازنات تحررية تعيد للأمة سيادتها، وتمنح شعوبها الحرية والكرامة في نظام عالمي جديد.
"فالشرق الأوسط لا ينتظر مستعمرًا جديدًا، بل قائدًا تحرريًا يعيد صياغة المعنى ويوحد الصفوف".
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline