فرض “حل” على الفلسطينيين لن ينهي صراع الشرق الأوسط مع إسرائيل
تاريخ النشر: 24th, November 2024 GMT
ترجمة وتحرير “يمن مونيتور”
قبل قرن من الزمان، عندما كانت القوى الأوروبية الغربية تخطط لتقسيم منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حاولت الولايات المتحدة إقناع تلك القوى باتباع مسار مختلف. ودعماً للاعتقاد بأن الشعوب التي تحررت مؤخراً من الحكم الاستعماري ينبغي أن تتمتع بحق تقرير المصير، أرسلت الولايات المتحدة لجنة من الأميركيين البارزين لاستطلاع الرأي العام العربي لاكتشاف ما يريدونه وما لا يريدونه لمستقبلهم.
وخلصت اللجنة إلى أن الأغلبية الساحقة من العرب رفضت تقسيم أو تفكيك منطقتهم، أو الانتداب الأوروبي عليهم، أو إنشاء دولة صهيونية في فلسطين. وكان الكثيرون يأملون في قيام دولة عربية موحدة. كما حذر تقرير اللجنة من الصراع إذا ما تم المضي قدماً في التقسيم المخطط له.
وقد رفض البريطاني آرثر بلفور هذه النتائج، قائلاً إن مواقف السكان العرب الأصليين لا تعني الكثير بالنسبة له، خاصة عندما تقارن بأهمية الحركة الصهيونية.
وفي النهاية، نجح بلفور في تحقيق مراده، وتحققت نبوءة اللجنة الأميركية المروعة. فقد تم تقسيم منطقة الشرق الأوسط، وتأسست ولاية في فلسطين، استخدمها البريطانيون لتشجيع الهجرة اليهودية، الأمر الذي أدى إلى إنشاء دولة إسرائيل.
ومنذ ذلك الحين، تعرض الفلسطينيون للتهجير والتشريد والعنف المتواصل. ولأنهم قاوموا، فقد تحول القرن الماضي إلى صراع مستمر بلغ ذروته بالإبادة الجماعية في غزة والقمع الساحق في الضفة الغربية.
إن المشكلة التي يواجهها الشعب الفلسطيني في الوقت الحاضر هي أنه خلال العقود الثلاثة الماضية فقد المزيد من السيطرة على ظروف حياته. فمنذ توقيع اتفاقيات أوسلو، اتخذت إسرائيل خطوات لجعل إقامة دولة فلسطينية موحدة في الأراضي التي احتلتها في عام 1967 أمراً مستحيلاً.
لقد فصل الإسرائيليون ما يسمونه القدس الشرقية عن بقية الضفة الغربية، مما أدى إلى تشويه اقتصادها وإجبار سكانها على الاعتماد على إسرائيل في الحصول على فرص العمل والخدمات. وفي الضفة الغربية، اتبع الإسرائيليون خطة لتوسيع المستوطنات واستخدام الطرق والبنية الأساسية ونقاط التفتيش والمناطق الأمنية “الخاصة باليهود فقط” لتقسيم الأراضي الفلسطينية إلى مناطق صغيرة خاضعة للسيطرة. وقد عانت غزة من تراجع التنمية وتعرضت للخنق الاقتصادي لعقود من الزمان. كما تم عزلها عن بقية فلسطين.
لقد تحطم الحلم الذي كنا نأمله بعد أوسلو.
ولكن العالم الغربي لا يولي اهتماماً كبيراً لاحتياجات وتطلعات الشعب الفلسطيني. وبدلاً من ذلك، وبقيادة الولايات المتحدة، يتم طرح خطط لحكم مستقبل الفلسطينيين من دون موافقة المحكومين. وما يتم اقتراحه هو غزة يحكمها سلطة فلسطينية “مُصلحة”، مع توفير الأمن من قبل قوة عربية إسلامية، ولا شيء أكثر من الالتزام بالتفاوض على حل الدولتين في المستقبل.
إن الاقتراح غير قابل للتنفيذ لسببين.
رغم أن هذا المفهوم مصمم لتلبية احتياجات إسرائيل، فإن شروطه قوبلت بالرفض من جانب الإسرائيليين. فهم يرفضون مغادرة غزة أو السماح للفلسطينيين بالعودة إلى المناطق التي تم “تطهيرهم” منها في غزة. كما يرفض الإسرائيليون دور القوى الخارجية في توفير الأمن.
علاوة على ذلك، فإنهم يرفضون مناقشة أي نقاش حول دولة فلسطينية تنطوي على ربط المناطق الفلسطينية المقسمة، وخاصة إذا كان ذلك يتضمن التنازل عن الأراضي، أو إزالة المستوطنين، أو التنازل عن السيطرة الأمنية، أو توسيع دور السلطة الفلسطينية.
والأمر الأكثر أهمية هو أن خطط “اليوم التالي” فشلت في أخذ وجهات النظر الفلسطينية في الاعتبار.
وبدلاً من إعطاء الأولوية لما تريده إسرائيل (أو الولايات المتحدة) أو تتطلبه وفرض الخطط على الفلسطينيين لتلبية احتياجات إسرائيل الأمنية، هناك حاجة إلى التحول إلى نهج يتحدى تلك السياسات الإسرائيلية التي أدت إلى نزوح الفلسطينيين وغضبهم؛ وتشويه التنمية السياسية والاقتصادية الفلسطينية؛ وجعلت من المستحيل بناء المؤسسات الفلسطينية القادرة على كسب الاحترام.
إن نقطة البداية هي المطالبة بوقف إطلاق النار وإنهاء الاحتلال المدمر. ولابد من الاستماع إلى وجهات نظر الفلسطينيين. ولابد من تحميل إسرائيل وسياساتها التي خلقت هذه الفوضى وليس الضحايا المسؤولية.
هناك بعض العلامات المشجعة التي تشير إلى أن الرأي العام في الولايات المتحدة تحول في السنوات الأخيرة نحو اتجاه أكثر تأييداً للفلسطينيين. فقد أصبح الأميركيون أكثر دعماً للفلسطينيين، وأكثر معارضة للسياسات الإسرائيلية التي تنتهك الحقوق الفلسطينية. وهم منفتحون على تغيير السياسات التي من شأنها أن تساعد الفلسطينيين.
ولكن هنا وصلت المحادثة إلى طريق مسدود، وذلك -على وجه التحديد- بسبب عدم وجود رؤية فلسطينية واضحة للمستقبل، ولا توجد قيادة قادرة على التعبير عنها.
وعلى هذا الأساس، قامت مجموعة من رواد الأعمال الفلسطينيين بتكليف مؤسسة زغبي للأبحاث بقياس تأثير السياسات الإسرائيلية في غزة، والتهديدات التي تواجه السكان في الضفة الغربية، وسؤال الفلسطينيين عن المسار الأفضل للمضي قدما لتحقيق حقوقهم والسلام.
إن ما يكشفه الاستطلاع الذي أجري في شهر سبتمبر/أيلول هو أنه على الرغم من الظروف المختلفة التي فرضها الإسرائيليون على الفلسطينيين في كل من المناطق الثلاث الخاضعة لسيطرتهم، فإن الخيوط المشتركة المتمثلة في الهوية والرغبة في الحرية والوحدة لا تزال تربطهم ببعضهم البعض. إن ما يريدونه هو أن تُرفع ركبة الاحتلال الإسرائيلي عن ظهورهم حتى يتمكنوا أخيراً من التمتع بالحرية والاستقلال في أرضهم.
وبما أنهم فقدوا الثقة، بدرجات متفاوتة، في أداء السلطة الفلسطينية وحماس، فإنهم يفضلون ما يلي: إجراء استفتاء شعبي لانتخاب جيل جديد من القيادة القادرة على طرح رؤية جديدة لفلسطين؛ وتوحيد الصفوف الفلسطينية لإنشاء حكومة فعّالة قادرة على كسب الاحترام والتقدير؛ ومواصلة محاسبة إسرائيل على جرائمها في الهيئات الدولية.
وبطبيعة الحال، فإن كل هذا يحتاج إلى مزيد من التطوير، ولكن هذا هو المسار الأفضل على وجه التحديد لأنه يعترف بأنه بدلاً من الاستمرار في فرض “الحلول” على الفلسطينيين، فإن المكان الذي يتعين علينا أن نبدأ منه هو أن نسألهم عما يريدون، ونستمع إلى ما يقولون، ثم نعمل على تحويل تطلعاتهم إلى حقيقة واقعة.
*نشر أولاً في صحيفة “ذا ناشيونال” الإماراتية الصادرة بالانجليزية
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق بلغ السيل الزباء 22 نوفمبر، 2024 الأخبار الرئيسيةالإنبطاح في أسمى معانيه. و لن ترضى عنك اليهود و النصارى حتى...
تقرير جامعة تعز...
نور سبتمبر يطل علينا رغم العتمة، أَلقاً وضياءً، متفوقاً على...
تم مشاهدة طائر اللقلق مغرب يوم الاحد 8 سبتمبر 2024 في محافظة...
يا هلا و سهلا ب رئيسنا الشرعي ان شاء الله تعود هذه الزيارة ب...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الضفة الغربیة
إقرأ أيضاً:
"تورك" تكشف عن أول مجموعة صابون مصممة خصيصًا لمناخ الشرق الأوسط
دبي- الوكالات
كشفت تورك، العلامة التجارية العالمية الرائدة في حلول النظافة المهنية، عن مجموعة جديدة من تركيبات الصابون المصممة خصيصًا لتلبية التحديات المناخية الفريدة في مناطق الشرق الأوسط والهند وأفريقيا. وتضم المجموعة الجديدة صابونًا سائلًا وآخر رغويًا، وقد تم تطويرها لتناسب درجات الحرارة والرطوبة المرتفعة، مما يعكس التزام العلامة المستمر بتقديم حلول مصممة خصيصًا لتلبية احتياجات المنطقة، مع دعم أهداف الاستدامة في الوقت ذاته.
وقال آروش أبراهام، رئيس فئة العناية بالبشرة في الشرق الأوسط والهند وأفريقيا: "تأتي هذه المنتجات الجديدة استجابةً للطلب المتزايد على حلول نظافة فعّالة تراعي صحة البشرة وتلتزم بالمعايير البيئية. وقد تم تطوير هذه التركيبات بعناية لتواكب تحديات المناخ في الأسواق المستهدفة، حيث تزداد حساسية البشرة في الأجواء الحارة والرطبة، ما يستدعي استخدام صابون يتمتع بثبات فعاليته وملمس لطيف وآمن للاستخدام المتكرر. وقد نجحنا في ابتكار منتج يلبّي هذه المتطلبات بكفاءة."
وقد خضعت المنتجات لاختبارات على مدى ستة أشهر في ظروف وصلت إلى 50 درجة مئوية، وأثبتت قدرتها على الحفاظ على الثبات والفعالية. كما تتميز برائحة محسّنة وتركيبة كريمية ناعمة، توفر تجربة غسل يدين يومية مريحة وفعالة. تم اختبار التركيبات من الناحية الجلدية، وتمت موازنة مستوى الحموضة (pH) عند المستوى 5 لدعم البشرة العادية والجافة، مع استخدام مكونات يصل مصدرها الطبيعي إلى 96%.
ويأتي إطلاق المجموعة الجديدة ضمن جهود "تورك" المتواصلة نحو الابتكار المستدام، حيث تُصنع العبوات من بلاستيك معاد تدويره بنسبة30%، فيما يساهم التصميم القابل للطي في تقليل حجم النفايات بنسبة تصل إلى 70%. كما أن التركيبات خالية من المكونات الحيوانية، وقابلة للتحلل الحيوي، ما يجعلها خيارًا مثاليًا للجهات الباحثة عن منتجات صحية وصديقة للبيئة.
وتتوافق هذه المنتجات الجديدة مع موزعات "تورك" الحالية، سواء اليدوية أو الأوتوماتيكية، مما يتيح إعادة التعبئة بسرعة لا تتجاوز عشر ثوانٍ، بالإضافة إلى نظام مغلق لإعادة التعبئة يقلّل من خطر انتقال العدوى.
وتُعد تورك إحدى العلامات التجارية التابعة لشركة أسيتي (Essity) العالمية للصحة والنظافة، وتواصل استثماراتها في حلول تعزز معايير النظافة وتقلل الأثر البيئي.
ويعكس طرح هذه المنتجات المقاومة للمناخ مكانة تورك كشريك موثوق للمؤسسات في قطاعات مثل الرعاية الصحية، الضيافة، التعليم، والمكاتب، من خلال تقديم حلول تدعم مستقبلًا أكثر نظافة وأمانًا.
يأتي إطلاق المجموعة الجديدة لمنطقة الشرق الأوسط والهند وأفريقيا ضمن سلسلة من المبادرات الإقليمية التي تهدف إلى تعزيز الأداء البيئي ورفع معايير النظافة في المنطقة.