عملياً لا يُمكن للقائد العام للجيش السيطرة على كل مجريات الحرب. المعركة العسكرية بطبيعة الحال تقودها غرفة عمليات تعمل بمهنية عسكرية وتتحرك بناءً على معطيات واقعية وتعمل وفق قواعد عمل معروفة مثل أي مهنة أخرى. وبالتالي لا مجال لتأثير المواقف الفردية في طبيعة عملها بما في ذلك مواقف القائد العام للجيش.

الفريق البرهان موقعه كرئيس لمجلس السيادة هو موقع سياسي يستند إلى شرعية دستورية هي شرعية وثيقة كورنثيا (* سيئة الذكر) التي جاءت به إلى هذا المنصب.

وهو حاليا الرئيس المعترف به خارجياً والذي يتعامل معه العالم على أنه ممثل الدولة السودانية أكثر من كونه قائد الجيش. لقد استطاعت الحكومة السودانية تثبيت نفسها بوصفها الممثل الشرعي للدولة وتتعامل معها الأمم المتحدة وكل دول العالم على هذا الأساس. هذه معركة حُسمت سريعاً لصالح الحكومة بفضل فشل مخطط اعتقال أو اغتيال البرهان، وبسبب صمود الجيش وسيطرته على كل ولايات الوسط والشرق والشمال وأغلب ولايات الغرب، ليبقى الدعم السريع عبارة عن قوة متمردة تسيطر على مناطق محدودة في ولاية الخرطوم وبعض المناطق في دارفور.

البرهان حالياً شئنا أم أبينا يمثل ليس الجيش وحسب وإنما الدولة، ولا يمكنه أن يغادر موقعه كقائد للجيش ورئيس لمجلس السيادة دون إثارة أزمة دستورية وأزمة اعتراف خارجي وسط هذه الحرب. وربما هذا هو سر قوة البرهان أكثر من كونه قائد الجيش.

الإنقلاب على البرهان في ظل الوضع الحالي سينتج سلطة ستكون في موقف ضعيف وبحاجة إلى اعتراف خارجي وستكون بكل تأكيد عرضة للغضوط الخارجية وللابتزاز أكثر من البرهان نفسه. عبارة عن سلطة إنقلابية وسط حالة حرب وفي الوقت نفسه لا تسيطر على البلد ولا على العاصمة وربما ولا حتى على الجيش؛ سلطة تواجه تمرد عسكري ومعارضة سياسية وحالة من التشكيك داخلياً وأيضاً خارجياً “من هؤلاء وماذا يريدون؟” و أسئلة كثيرة.

فموضوع تنحية أو إبعاد البرهان ليس مسألة بسيطة متعلقة بقيادة الجيش وحسب. ومهما كان أداء البرهان فسيفكر ضباط الجيش ألف مرة قبل الإقدام على أي خطوة ضده. هو حالياً أقوى رجل في الدولة بحكم منصبه الذي هو أخطر منصب في الدولة ويحدد مصير شعب بأكمله.

نحن لسنا ضد الإنتقاد السياسي لرئيس مجلس السيادة ولأداء الحكومة وقراراتها بشأن كيفية إدارة الحرب من الناحية السياسية؛ يشمل ذلك الموقف التفاوضي ومصير المليشيا وقرار مواصلة الحرب أو وقفها؛ هذه قرارات سياسية قابلة للنقاش. ولكن إدارة الحرب كعمليات عسكرية هذا عمل مهني بحت، خصوصاً إستراتيجية وتكتيكات المعارك وإداراتها بشكل يومي؛ هذا عمل مؤسسة الجيش ويجب أن نترك الجيش يشتغل شغله مع توفير الدعم والمساندة.

حليم عباس

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: أکثر من

إقرأ أيضاً:

بينهم 7 ملايين هربوا بعد الحرب.. أكثر من 10 ملايين نازح داخل السودان

نزح أكثر من 10 ملايين سوداني داخل البلاد، من بينهم أكثر من 7 ملايين، نزحوا بعد اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في العام الماضي، وفق منظمة الهجرة الدولية، اليوم الثلاثاء.

وقالت المنظمة عبر منصة إك: "أكثر من 10ملايين في السودان فرّوا من بيوتهم، إذ دفعت الحرب نحو ربع السكان إلى ترك منازلهم".

وحذرت المنظمة في الأسبوع الماضي من ارتفاع عدد النازحين بسبب الحرب في السودان  إلى 10 ملايين في الأيام المقبلة، واصفة الوضع بـ "أسوأ أزمة نزوح داخلي في العالم".

وأوضحت المنظمة الأممية أن عدد النازحين في جميع أنحاء البلاد بلغ منذ اندلاع الحرب 7.26 ملايين، يضاف إلى 2.83 مليون نازح قبل الحرب.

وتدور حرب في السودان منذ منتصف أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو.

وأسفرت هذه الحرب عن مقتل عشرات الآلاف بينهم ما يصل إلى 15 ألفًا في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة.

ولا تزال حصيلة الحرب غير واضحة، تشير بعض التقديرات إلى أنها تصل إلى 150 ألفا وفقا للمبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيرييلو.
كما دفعت الحرب نحو مليونين ونصف مليون شخص إلى الفرار إلى الدول المجاورة.

واليوم، أعرب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان عن "قلقه البالغ" من العنف في إقليم دارفور غرب السودان، وحثّ الشهود على ارسال أدلة إلى مكتبه تساعده في التحقيق في الجرائم المحتملة فيه.

وأمس الاثنين أعلنت منظمة أطباء بلا حدود اغلاق آخر مستشفى في الفاشر بعد هجوم قوات الدعم السريع التي تحاول السيطرة على هذه المدينة الرئيسية، في دارفور.

مقالات مشابهة

  • منظمة الهجرة الدولية: أكثر من 10 ملايين نازح داخل السودان
  • بينهم 7 ملايين هربوا بعد الحرب.. أكثر من 10 ملايين نازح داخل السودان
  • عيساوي: بيعة البرهان
  • هل الحرب ضد البرهان أم الكيزان؟
  • الحيثيات الحالية بتلزمنا انو نكون مع البرهان في خندق واحد
  • معارك متفرقة في السودان والأمم المتحدة تحذر من “كارثة لا نهاية لها”
  • واثقون من سماع بيان النصر من قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان
  • «القاهرة الإخبارية»: الإعلام الإسرائيلي يعلن استمرار الحرب في الشمال
  • قائد الجبهة الداخلية الإسرائيلي: الجيش يدرك مسؤوليته عن الفشل في الحرب بغزة
  • قائد الجبهة الداخلية الإسرائيلية: الحرب لم تنته بعد ومستعدون لخوض حرب في الشمال