الجماعات المسلحة السورية تحاول كسر دائرة الشك العراقية برسالة تطمين
تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT
2 ديسمبر، 2024
بغداد/المسلة: في خطوة مفاجئة وجهت “حكومة الإنقاذ السورية”، المتمركزة في منطقة هيئة تحرير الشام والتي تسيطر على أجزاء واسعة من محافظة إدلب شمال سوريا، رسالة تطمين إلى بغداد.
أكدت الرسالة أن تحركات الفصائل المسلحة داخل الأراضي السورية لا تشكل تهديداً لأمن العراق. هذه الخطوة جاءت وسط تصاعد المخاوف في الأوساط العراقية من تكرار سيناريو 2014 عندما اخترقت الجماعات المسلحة وتنظيم “داعش” الحدود السورية واحتلت مساحات شاسعة من العراق.
رسالة “حكومة الإنقاذ” تثير التساؤلات في الساحة العراقية حول دوافعها وتوقيتها. فمن جهة، تبدو محاولة لتجنب استعداء بغداد، التي تتبنى موقفاً داعماً لدمشق في مواجهة الفصائل المسلحة. ومن جهة أخرى، قد تكون محاولة لتأمين الحياد العراقي في ظل التحديات التي تواجهها هذه الفصائل على الجبهات السورية.
الرسالة تأتي أيضاً في سياق حساس، حيث تزداد المخاوف العراقية من عودة أي تنظيمات مسلحة عبر الحدود، خاصة بعد تواتر تقارير تشير إلى نشاط ملحوظ لخلايا نائمة لتنظيم “داعش” في مناطق حدودية. كما تتزامن مع ضغوط متزايدة من قبل بغداد لتعزيز أمن الحدود مع سوريا، وهو ما عكسته زيارات المسؤولين العراقيين، بما في ذلك جولات وزير الدفاع ثابت العباسي الأخيرة.
و لا يبدو أن رسالة التطمين قد أحدثت أثراً كبيراً على مواقف الحكومة والقوى السياسية العراقية. غالبية الأطراف العراقية، بما في ذلك المجلس الوزاري للأمن الوطني الذي ترأسه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مؤخراً، تلتزم بموقف حذر تجاه هذه الجماعات، التي تُعد امتداداً لأيديولوجيات متطرفة عانت منها البلاد لعقود.
وعلى الرغم من أن الرسالة تحمل في ظاهرها تطمينات، إلا أن ذاكرة العراقيين لا تزال مثقلة بالأحداث الدامية التي رافقت صعود تنظيم “داعش”.
في هذا السياق، يرى كثير من المراقبين أن بغداد ستظل متشككة إزاء أي مبادرات من هذا النوع، لا سيما في ظل التحالفات الإقليمية التي تلعب دوراً في توجيه هذه الجماعات.
الرسالة قد لا تكون موجهة إلى بغداد فقط، بل ربما تحمل رسالة أوسع للمجتمع الدولي. يبدو أن الفصائل السورية المسلحة تحاول الظهور بمظهر اللاعب المحلي غير المهدد لجيرانه، في محاولة للحصول على شرعية دولية أو على الأقل تخفيف الضغوط عليها.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
منطق الانتخابات يفكك عرف 2003: الديمقراطي يطعن في حصانة منصب الرئاسة
10 دجنبر، 2025
بغداد/المسلة: تتنافس في كردستان العراق، القوى الكردية الرئيسة، حزب الديمقراطي الكردستاني (KDP) وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني (PUK)، على ما لطالما شكل عرفًا متوارثًا منذ عام 2005: أن حقيبة رئاسة الجمهورية الاتحادية في بغداد من حصة المكون الكردي عبر الاتحاد الوطني، بينما تذهب رئاسة الإقليم إلى الديمقراطي الكردستاني. غير أن هذا العرف يوشك على الانهيار، وسط إصرار من KDP على كسر الاتفاق القديم.
فعلى الرغم من اتفاق بين عائلتي الطالباني والبارزاني منذ 2003 لتقاسم المناصب في بغداد والإقليم، بحيث يتولى الديمقراطي رئاسة الإقليم مقابل حصول الاتحاد على رئاسة الجمهورية، فإن خلافات عميقة بين الطرفين اليوم تُضعف هذا التوازن.
الديمقراطي يطرح مبدأ “الاستحقاق الانتخابي” بعد تحقيقه مكاسب مهمة في الانتخابات الأخيرة، فيما يتمسك الاتحاد بموقعه التقليدي في رئاسة الدولة.
وما يزيد من تعقيد المشهد أن الوساطات التي بدأت بعض القوى السياسية العراقية والعربية تبذلها لإعادة التوافق تبدو حتى الآن عاجزة عن جسر الهوة. الطرفان يرشحان شخصيات مختلفة لمنصب الرئاسة — ما يعني أن كل منهما بات يعتمد على كتل أخرى، أبرزها من قوى شيعية، لتمرير ترشيحه. بالتالي، الأزمة لم تعد قضية توزيع مناصب بين كرد فقط، بل باتت مرتبطة بمعادلات وطنية أوسع، تحوّل الأمر إلى صفقة براغماتية سياسية.
كما أن التفكك النسبي للاتفاق السابق يشي بأن موازين القوى في كردستان والعراق عمومًا قد تغيرت. الديمقراطي الكردستاني، حسب تصريحاته الأخيرة، يرى أن منصب الرئيس العراقي “لكل الأكراد وليس مخصصًا لفصيل بعينه” وإذا استمر هذا الخط من الإنكار الرسمي لوضع الاتحاد كمجرد حامل رمزي لهذا المنصب، فستنهار إحدى الركائز الأساسية للقاسم السياسي الكردي.
وفي ضوء هذه التطورات المتسارعة، تبدو إمكانية عودة التوافق بعيدة حاليًا. الخلاف ليس فقط على الأسماء، بل على مبدأ التمثيل ذاته؛ ما يعني أن أي حل جديد سيحتاج إلى تفاهم أوسع، ربما إعادة صياغة الاتفاق بين الأطراف الكردية — إن كانت هناك رغبة جماعية في الحفاظ على وحدة الصف.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts