كولومبيا تقدم اعتذاراً ثانياً للسودان عن مشاركة رعاياها في الحرب
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
كولومبيا أدانت مشاركة عدد من رعاياها في الحرب السودانية، ودعت إلى أهمية التعاون مع السودان لضمان عودتهم إلى بلادهم.
بورتسودان: التغيير
تلقى السودان اعتذاراً ثانياً من الحكومة الكولومبية، عن مشاركة مواطنين كولومبيين كمرتزقة ضمن قوات الدعم السريع، التي تقاتل القوات المسلحة السودانية منذ منتصف أبريل 2023م.
وكانت القوة المشتركة للحركات المسلحة التي تقاتل بجانب الجيش السوداني، قالت في 20 نوفمبر الماضي، إنها استولت على وثائق هوية تعود لمرتزقة كولومبيين خلال كمين نصبته لقافلة قادمة من ليبيا كانت تحمل إمدادات للدعم السريع.
وبحسب منصة الناطق الرسمي للحكومة، يوم الاثنين، تلقى وزير الخارجية السودانية علي يوسف، محادثه هاتفية من نظيره وزير خارجية كولومبيا لويس جلبيرتو موريللو، تناولت العلاقات الثنائية بين البلدين.
وقدم الوزير الكولومبى خلال المحادثة اعتذار بلاده عن اشتراك بعض مواطنيها في الحرب إلى جانب الدعم السريع، وعبر عن إدانته لهذا التصرف غير السليم، وأشار إلى أهمية التعاون بين الجانبين لضمان عودتهم إلى بلادهم.
من جانبه، عبر الوزير السوداني عن استغرابه وحزنه لاشتراك كولومبيين في الحرب ضد الشعب السوداني.
وأعلن استعداد السودان للنظر في إمكانية التعاون مع الجانب الكولومبى لبحث كيفية معالجة الأمر بما يحفظ العلاقات الودية التى تربط بين البلدين وبما يضمن منع تكرار ذلك في المستقبل.
وأكد علي يوسف أن قوات الدعم السريع تم تصنيفها “مليشيا متمردة وإرهابية” ارتكبت جرائم وانتهاكات جسيمة في حق المدنيين في السودان- حسب قوله.
وقبل 24 ساعة من محادثة وزير الخارجية الكولولمبي أعربت سفيرة كولومبيا لدى القاهرة آن ميلنيا دي جافيريا خلال لقاء مع سفير السودان لدى مصر عماد الدين مصطفى عدوي، عن صدمة شعب وحكومة بلادها لدى تلقيها خبر مشاركة مواطنين كولومبيين في الحرب الدائرة بالسودان ضمن قوات الدعم السريع.
ووصفت السلوك بغير المسؤول، ونقلت احترام حكومة بلادها لشعب وحكومة السودان وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، بحسب ما أوردت وكالة السودان للأنباء.
فيما رحبَّ السفير السوداني بتصريحات الحكومة الكولومبية، واعتبر أن هذه الحادثة تؤكد تورط جهات ودول في الحرب الدائرة بالسودان.
الوسومآن ميلنيا دي جافيريا الجيش السودان القاهرة القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح علي يوسف عماد الدين عدوي قوات الدعم السريع كولومبيا لويس جلبيرتو موريللو مصر وزارة الخارجيةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجيش السودان القاهرة القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح علي يوسف عماد الدين عدوي قوات الدعم السريع كولومبيا مصر وزارة الخارجية قوات الدعم السریع فی الحرب
إقرأ أيضاً:
زوبعة الحكومة الموازية في السودان
يمكن لأي جماعةٍ أن تعلن تشكيل حكومة على الورق أو في الفضاء الرقمي، لكن هذا لا يعطيها شرعيةً أو وجوداً حقيقياً. فأي حكومة لا تملك السيطرة على أرضٍ ذات سيادة، ولا تمثل إرادة شعبية واسعة، ولا تحظى باعتراف دولي، تعد حكومة وهمية، أو في حالات أخرى محاولة لكسب نقاط تفاوضية، أو لمنازعة السلطة القائمة والمعترف بها في المحافل الدولية.
الحكومة «الموازية» التي أعلنتها «قوات الدعم السريع» وحلفاؤها في منصة «تأسيس» هي مزيج من كل ذلك، وهي محاولة لفرض واقع جديد بعدما فشل مشروع السيطرة على الدولة السودانية بالكامل بعد اندلاع حرب 15 أبريل (نيسان) 2023، والهزائم التي أخرجت «الدعم السريع» من الأراضي التي تمددت فيها، وحصرت سيطرتها في أجزاء من إقليم كردفان ومساحات من دارفور. لكن هذه المحاولة ليست مرشحةً للفشل فحسب، بل قد تنقلب وبالاً على «الدعم السريع» وحلفائها.
الخطوة قُوبلت بإدانة واسعة من كثير من الدول، ومن المنظمات الإقليمية، ومن الأمم المتحدة، وكلها اتفقت على عدم مشروعية هذه «الحكومة»، محذرةً من أنها قد تمس بوحدة البلاد ولا تعبر عن إرادة الشعب السوداني. بل إن الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية وجّها دعوة للدول لعدم الاعتراف بها، مع التأكيد على دعم وحدة السودان وسيادته وأمنه، والتشديد على التعامل مع السلطة القائمة والمعترف بها.
داخلياً فجّرت الخطوة نقمة وخلافات في أوساط «قوات الدعم السريع» التي بدأت تشهد في الأشهر الأخيرة تصدعاً خرج إلى العلن بسبب صراعات النفوذ، والتوترات القبلية، والشكاوى من وجود تمييز وعنصرية من مكونات على حساب أخرى، مع انفلات أمني في مناطق سيطرتها أدى إلى مواجهات مسلحة مرات عدة.
ومع إعلان الحكومة أعلن عدد من مستشاري «الدعم السريع» انشقاقهم احتجاجاً، بينما ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمقاطع فيديو لمقاتليها الساخطين على تشكيلة الحكومة والمجلس الرئاسي لـ«تأسيس». في هذه المقاطع هاجم المجندون قياداتهم وأعلنوا رفضهم لما وصفوه بالتهميش لهم ولقبائلهم، وطالبوا بحصتهم في قسمة السلطة على أساس أنهم من حمل السلاح وقاتل وفقد أعداداً كبيرةً من الشباب، ولكن لم يتم تمثيلهم في حين ذهبت المناصب لأصحاب «البدلات» من المدنيين الذين لم يشاركوا في القتال.
وبينما شن المحتجون في «الدعم السريع» هجوماً شديداً على عبد العزيز الحلو، رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، الذي حصل على منصب نائب رئيس المجلس الرئاسي وحصة 30 في المائة من المناصب الأخرى، فإن الرجل قُوبل أيضاً بموجة من السخرية من ناشطين في مناطق سيطرته في جبال النوبة لقبوله أن يكون نائباً لمحمد حمدان دقلو (حميدتي)، متسائلين ما إذا كانت «الحركة الشعبية» قاتلت من أجل المناصب على حساب شعارات التهميش ورفع المظالم.
الواقع أن تحرك «قوات الدعم السريع» ومجموعة «تأسيس» لإعلان حكومة لا يعكس قوة، بقدر ما يظهر يأسها من قلب الموازين العسكرية مجدداً، ويزيد من تصدعاتها. فهذه الحكومة سيصعب عليها الوجود على الأرض في ظل الهجمات التي يشنها الجيش السوداني في دارفور وكردفان، بعدما انتقلت المعارك غرباً، وسط مؤشرات على أن الجيش يستعد لشن هجمات كبرى منسقة على غرار ما حدث في الجزيرة والخرطوم. وعلى الرغم من الصخب الإعلامي عن أن إعلان الحكومة كان من نيالا، فالحقيقة أن اجتماعات ترتيب خطواتها وتشكيل المجلس الرئاسي كانت في كينيا، وفقاً لبيان الخارجية السودانية.
لا أمل للحكومة الموازية في تغيير الموازين التي لم تعد تسير لصالح الدعم السريع
«قوات الدعم السريع» قد تكون مسيطرة حالياً على أجزاء كبيرة من دارفور وبعض المواقع في كردفان، لكنها لا تمثل بأي حال أغلبية السكان هناك، ولا تحظى بتأييد مكونات ومجموعات مقدرة، لا سيما بعد الانتهاكات الواسعة وجرائم الإبادة التي ارتكبتها. وحتى داخل مكونها القبلي فإنها تواجه عداء شخصيات نافذة مثل الشيخ موسى هلال رئيس «مجلس الصحوة الثوري» الذي انتقد تشكيل الحكومة الموازية، وشن هجوماً عنيفاً على حميدتي وشقيقه عبد الرحيم، وسخر من فكرة أن يحكما السودان.
المفارقة أنه مع إعلان هذه الحكومة أعلنوا أيضاً تعيين ولاة لأقاليم السودان في الوسط والشمال والشرق والنيل الأزرق والخرطوم، وهي المناطق التي كان أهلها يحتفلون بانتصارات الجيش والقوات التي تقاتل في صفوفه، وإخراجه «قوات الدعم السريع» منها. هذه التعيينات تضيف بلا شك إلى عبثية المشهد، لسببين؛ الأول أنه لا أمل لهؤلاء «الولاة» في تسلم سلطة فعلية على هذه المناطق، ولا معطيات حقيقية بإمكانية عودة «الدعم السريع» للسيطرة عليها، والثاني أنه حتى عندما كانت قواتها تسيطر عليها سابقاً فإن الإدارات المدنية التي شكلتها فيها لم تكن سوى مسميات وهمية لا وجود حقيقياً لها، ولا إنجازات.
الحقيقة أنه على الرغم من الفورة الإعلامية التي رافقت إعلانها، فإنه لا أمل للحكومة الموازية في تغيير الموازين التي لم تعد تسير لصالح الدعم السريع ناهيك عن أن تصبح حكومة بديلة تحكم السودان كله.
الشرق الأوسط