الشرطة تحقق في تمرد رئيس كوريا الجنوبية والمعارضة تحشد لعزله
تاريخ النشر: 5th, December 2024 GMT
بدأت شرطة كوريا الجنوبية تحقيقا بحق الرئيس يون سوك يول بتهمة "التمرد"، في وقت تحشد فيه المعارضة لعزله من منصبه، لكن يون آثر الصمت بعد قبوله استقالة وزير دفاعه كيم يونغ هيون، في حين صوّت البرلمان على عزل 4 مسؤولين آخرين من مناصبهم.
وفتحت الشرطة الكورية الجنوبية اليوم الخميس تحقيقا مع يون بتهمة "التمرّد" بسبب إعلانه الأحكام العرفية لبضع ساعات مساء أول أمس الثلاثاء، وفقما أعلن ضابط كبير أمام مجلس النواب.
وقال رئيس دائرة التحقيقات في شرطة كوريا الجنوبيية وو كونغ سو أمام النواب إن الشرطة باشرت تحقيقا بحق يون سوك يول بتهمة "التمرد" بعد إعلانه الأحكام العرفية مساء الثلاثاء الماضي قبل رفعها بعد 6 ساعات تحت ضغط النواب والمتظاهرين.
وقدمت 6 أحزاب معارضة أمس الأربعاء مذكرة بإقالة الرئيس لاتهامه بارتكاب "انتهاكات خطيرة للدستور والقانون".
وأفادت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية للأنباء اليوم الخميس بأن البرلمان سيعقد بعد غد السبت في الساعة 19:00 بالتوقيت المحلي (10:00 ت.غ) جلسة يصوّت خلالها على مشروع قانون يقضي بعزل يون بعد محاولته الفاشلة فرض الأحكام العرفية في البلاد.
من جهته، أعلن ديوان الرئاسة في سول أن الرئيس يون لا يعتزم الإدلاء بأي تصريح علني اليوم الخميس، ولم يذكر سبب إيثاره الصمت في ظل الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد.
إعلانويعود آخر خطاب علني للرئيس يون إلى الساعات الأولى من فجر أمس الأربعاء عندما اضطر إلى التخلي عن محاولته فرض الأحكام العرفية في البلاد.
ويأتي صمت الرئيس يون في وقت طرحت فيه أحزاب المعارضة اقتراحا لعزله في الجلسة العامة للجمعية الوطنية (البرلمان) اليوم الخميس، وهو إجراء برلماني يمهد الطريق للتصويت على المقترح الأسبوع المقبل.
وقدم 190 نائبا من أحزاب المعارضة ونائب مستقل واحد المقترح، وتم رفعه إلى الجلسة العامة في وقت مبكر من صباح اليوم، بعد أقل من يوم من رفع الرئيس الأحكام العرفية في أعقاب موافقة البرلمان على رفعها.
ووفقا للقانون، يجب طرح الاقتراح للتصويت خلال فترة تتراوح بين 24 و72 ساعة بعد تقديمه إلى جلسة عامة. ويمكن التصويت على الاقتراح في الساعة 12:49 في وقت مبكر من صباح غد الجمعة بالتوقيت المحلي على أقرب تقدير.
وفي مقترحهم لعزل الرئيس، اعتبر نواب المعارضة إعلان يون الأحكام العرفية "انتهاكا للدستور والقوانين الأخرى المتعلقة بمبادئ سيادة الشعب وفصل السلطات، وانتهاكا لحرية التعبير لأنه يضع جميع وسائل الإعلام تحت سيطرة قيادة الأحكام العرفية ويحظر الإضرابات والاحتجاجات".
ويتطلب الاقتراح موافقة ثلثي الأعضاء في البرلمان الـ300، لذا ستحتاج المعارضة إلى 8 أصوات من حزب "سلطة الشعب" الحاكم لتمرير الاقتراح، حيث يبلغ عدد النواب المعارضين، بمن فيهم رئيس الرلمان وو وون سيك والنائب المستقل كيم جونغ مين، 192 نائبا. وفي حالة تمرير الاقتراح، سيتم تعليق صلاحيات يون الرئاسية على الفور.
على الجانب الآخر، قرر حزب "سلطة الشعب" الحاكم التصويت ضد المقترح. وقال رئيس الكتلة النيابية للحزب "إن جميع نواب حزب قوة الشعب البالغ عددهم 108 نواب سيظلون متحدين لرفض عزل الرئيس"، علما بأن المعارضة تحتاج إلى أصوات 8 نواب من الحزب الحاكم للتصويت معها لتمرير مشروع قانون العزل.
يأتي ذلك في وقت أعلن فيه ديوان الرئاسة في سول -في بيان له اليوم الخميس- أن وزير الدفاع كيم يونغ هيون قدم استقالته إلى الرئيس الذي قبلها وعيّن سفير البلاد لدى السعودية تشوي بيونغ هيوك، وهو جنرال سابق في الجيش، لهذا المنصب.
إعلانمن جهته أعلن كيم سيون نائب وزير الدفاع اليوم أن وزير الدفاع السابق كيم أمر البرلمان ومنع النواب من دخول مجمع الجمعية الوطنية أثناء فرض الأحكام العرفية.
وقال كيم إنه عارض نشر القوات لفرض الأحكام العرفية، وأكد أنه "لا يوافق" على وصف البرلمان بأنه "وكر للمجرمين"، وهو تعبير استخدمه الرئيس خلال كلمته المتلفزة لإعلان الأحكام العرفية.
وردا على سؤال حول من كتب مرسوم الأحكام العرفية، قال كيم إنه لا يستطيع تأكيد الاسم، لكن المرسوم لم يصدر من وزارة الدفاع.
وفي جلسة اليوم صوتت أحزاب المعارضة في البرلمان على عزل 3 من المدعين العامين ومسؤول آخر في قضايا كانت مصدرا رئيسيا للصراع مع الرئيس، الذي أعلن الأحكام العرفية قبل أن يرفعها.
وصوت أعضاء الحزب الديمقراطي وأعضاء آخرون من المعارضة لإقالة رئيس مجلس التدقيق والتفتيش في البلاد تشوي جاي هاي و3 من كبار المدعين العامين، بما في ذلك لي تشانج سو رئيس مكتب الادعاء المركزي في سول.
وسيتم تعليق مهامهم حتى تصدر المحكمة الدستورية قرارها بشأن ما إذا كان يجب إقالتهم من مناصبهم.
وقاطع أعضاء حزب "قوة الشعب" الحاكم بزعامة الرئيس يون سوك يول التصويت، مما جعل الأرقام في صالح الإقالة بشكل ساحق.
وتعاني كوريا الجنوبية من آثار الاضطرابات التي أثارها إعلان الرئيس يون الأحكام العرفية في وقت متأخر من يوم الثلاثاء الماضي، واستمر فرض الأحكام العرفية لمدة 6 ساعات قبل أن يتم رفعها بعدما صوّت البرلمان ضدها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فرض الأحکام العرفیة الأحکام العرفیة فی الیوم الخمیس وزیر الدفاع الرئیس یون فی وقت
إقرأ أيضاً:
تمرد كاليفورنيا.. ما الأدوات التي تملكها الولايات لكبح السلطة الفدرالية؟
كاليفورنيا- في تصعيد هو الأقوى منذ إعادة انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوّح حاكم ولاية كاليفورنيا غافن نيوسوم بإجراء غير مسبوق تمثل في وقف تحويل الضرائب الفدرالية من الولاية إلى واشنطن، ردا على ما وصفه بـ"الابتزاز السياسي" من الإدارة الفدرالية.
وتشهد مدينة لوس أنجلوس منذ أيام احتجاجات متصاعدة على خلفية حملة اعتقالات نفذتها سلطات الهجرة الفدرالية طالت عشرات المهاجرين في مناطق تعرف بـ"مدن الملاذ الآمن"، مما أسفر عن مواجهات عنيفة بين المتظاهرين وشرطة مكافحة الشغب، وهو ما دفع ترامب إلى نشر الحرس الوطني وقوات مشاة البحرية في المدينة.
ويأتي هذا التصعيد في لحظة سياسية دقيقة، إذ تسعى إدارة ترامب إلى تطبيق أجندة مركزية أكثر صرامة ترتكز على ضبط الحدود ومعاقبة الولايات المعارضة.
وبذلك، تتحول كاليفورنيا من مجرد ولاية "متمردة" إلى ساحة اختبار حقيقي لحدود السلطة الفدرالية، ومدى استقلالية الولايات بعد عودة ترامب للرئاسة.
ويعيد هذا التوتر السياسي إلى الواجهة تساؤلات جوهرية بشأن مدى استقلالية الولايات الأميركية، والأدوات السياسية والقانونية التي تملكها الولايات لحماية سيادتها، وماذا تملك الحكومة الفدرالية من صلاحيات للرد.
إعلان مبدأ عدم التسلطيشرح آرون كابلان أستاذ القانون الدستوري في كلية لويولا للحقوق بمدينة لوس أنجلوس أن القانون الأميركي يفرض قيودا صارمة لما يمكن للحكومة الفدرالية أن تمليه على الولايات، مؤكدا أنه "من الثابت أنها لا تستطيع إلزام الولايات بتنفيذ القوانين الفدرالية".
ويشير كابلان في حديثه للجزيرة نت إلى أن المحكمة العليا لطالما رفضت فكرة تحويل الولايات إلى "أدوات تنفيذية تابعة للحكومة الفدرالية"، إذ لا يجوز -بموجب التعديل العاشر للدستور- أن تُجبر حكومة الولاية أو مسؤولوها على سن قوانين أو تنفيذ برامج فدرالية تتعارض مع إرادتهم السياسية أو التشريعية.
ويضيف أن المحكمة استخدمت في سوابق قضائية مصطلح "التسلط" للدلالة على التجاوز الدستوري، ويرى كابلان أن هذا المبدأ لا يحمي فقط استقلالية الولايات، بل يكرس أيضا التعددية السياسية داخل النظام الفدرالي الأميركي، ويحول دون احتكار المركز صلاحيات التشريع والتنفيذ على حساب المجتمعات المحلية.
ورغم أن مبدأ "عدم التسلط" متاح لجميع الولايات فإن استخدامه يختلف باختلاف التوجهات السياسية للولاية، إذ تلجأ إليه ولايات ليبرالية مثل كاليفورنيا لحماية المهاجرين أو مقاومة سياسات تعليمية أو بيئية، في حين تستند إليه ولايات محافظة لرفض تطبيق قوانين فدرالية تتعلق بتنظيم السلاح أو مناهج الهوية والعرق.
ولا تعتبر كاليفورنيا مجرد ولاية ذات توجهات ليبرالية تختلف جذريا عن سياسات إدارة ترامب، بل تعد أيضا رابع أكبر اقتصاد في العالم وأكبر "ولاية مانحة" للخزينة الفدرالية، أي أنها تحول سنويا مبالغ ضخمة من الضرائب تفوق بكثير ما تتلقاه من الإنفاق الفدرالي.
وتصنف كاليفورنيا إلى جانب ولايات مثل نيويورك وإلينوي وماساتشوستس ضمن الولايات التي تعاني من "عجز عكسي"، حيث تمول برامج فدرالية في ولايات أخرى أقل دخلا وأكثر اعتمادا على الدعم الحكومي.
إعلانومنح هذا الواقع المالي كاليفورنيا ورقة ضغط سياسية رمزية -لكنها تحمل دلالة قوية- دفعت بحاكمها غافن نيوسوم إلى التلويح بما سماها "إعادة النظر في آليات تحويل الضرائب"، ردا على ما وصفه بـ"الابتزاز الفدرالي" الذي تتعرض له برامج الولاية وجامعاتها.
ورغم أن الضرائب الفدرالية تجبى مباشرة من الأفراد والشركات عبر مصلحة الضرائب (آي آر إس) ولا تمر عبر خزائن حكومات الولايات، وبالتالي لا يمكن حجبها قانونيا بقرار محلي فإن محللين يرون أن استخدام هذه الورقة -ولو على مستوى الخطاب- يهدف إلى إعادة طرح العلاقة المالية بين واشنطن والولايات المانحة على طاولة النقاش العام.
وفي هذا السياق، يؤكد جارد والزاك نائب رئيس مشاريع الولايات في معهد الضرائب بواشنطن أن التهديد بوقف تحويل الضرائب الفدرالية لا يتعدى كونه "خطوة تفاوضية عالية الصوت"، وليس إجراء قانونيا قابلا للتطبيق من الناحية الدستورية.
ويضيف أن أي محاولة "للتفلسف الضريبي" قد تواجه برد قضائي حاسم، وذلك حسب تصريحه لمؤسسة "كال ماترز" الإعلامية.
أدوات ضغط متبادلةورغم أن تصعيد الأحداث في كاليفورنيا يبدو غير مسبوق من حيث الحدة والتوقيت فإن العلاقة المتوترة بين الحكومة الفدرالية والولايات ليست جديدة في التاريخ الأميركي، بل خضعت مرارا لاختبارات قضائية وسياسية حاسمة.
فقد رسّخت المحكمة العليا مبدأ "عدم التسلط" في قضية "برنتز ضد الولايات المتحدة" عام 1997 حين رأت أن إلزام قادة شرطة المقاطعات بتنفيذ قانون فدرالي يتعلق بفحوصات شراء السلاح يعد انتهاكا للدستور، وأكدت أن الحكومة الفدرالية لا تملك سلطة تسخير أجهزة الولايات لخدمة برامجها.
في المقابل، أقرت المحكمة في قضية "ساوث داكوتا ضد دول" عام 1987 بشرعية ربط التمويل الفدرالي بشروط محددة، مثل اشتراط رفع سن شرب الكحول مقابل استمرار تمويل الطرق، شرط أن تكون تلك الشروط واضحة ومشروعة وغير تعسفية، وقد شكّلت هذه السابقة أساسا يُستخدم حتى اليوم لتبرير ممارسات الضغط المالي على الولايات.
وتملك الحكومة الفدرالية أدوات فعلية للرد على تمرد أي ولاية، من بينها:
قطع التمويل عن قطاعات محددة. تحريك دعاوى قضائية ضد القوانين المحلية. استخدام الوكالات الفدرالية لممارسة ضغط مباشر كما حصل في لوس أنجلوس. إعلانلكنها في المقابل تخاطر بإثارة ردود فعل داخلية تتهمها بممارسة "عقاب سياسي"، خاصة عندما تكون المواجهة مع ولاية ذات ثقل اقتصادي وانتخابي كبير مثل كاليفورنيا.
ويخلص أستاذ القانون الدستوري آرون كابلان في حديثه للجزيرة نت إلى أن "التوتر بين الولايات والحكومة الفدرالية ليس عارضا، بل جزء بنيوي من النظام الفدرالي الأميركي، حيث تعاد صياغة حدود السلطة في كل حقبة سياسية، ويبقى موضوعا قابلا لإعادة التفاوض مع كل إدارة جديدة أو أزمة سياسية".