سلط تقرير نشره موقع "ذا نيو هيومانتاريان" الضوء على الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية الهادفة إلى تجويع سكان شمال غزة وإثارة الفوضى الاجتماعية، وهو ما يعتبره الخبراء دليلا على "نمط من جرائم الحرب".

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي 21"، إن وكالات الأمم المتحدة نظمت جهودًا طارئة لإيصال المساعدات الغذائية بأمان إلى مئات الآلاف من الأشخاص في شمال غزة، التي كانت على حافة المجاعة بسبب القصف والحصار الإسرائيلي.



وذكرت الوكالات، مثل برنامج الأغذية العالمي وهيئة تنسيق المساعدات الإنسانية، أنها استعانت بالمجتمع الفلسطيني المحلي لتأمين توصيل المساعدات من خلال لجان طارئة تضم أفرادًا من العائلات والقبائل البارزة ومتطوعين.

وأشار الموقع إلى أن هذا النظام نجح لبضعة أيام في منتصف آذار/ مارس، حيث تم إيصال مساعدات غذائية إلى أجزاء من شمال غزة دون تعرضها للنهب أو الهجمات الإسرائيلية.

وبعد أقل من 48 ساعة من أول عملية توصيل ناجحة للمساعدات، استهدفت ضربة جوية إسرائيلية في 18 آذار/مارس مستودعًا للمساعدات، ما أسفر عن استشهاد شخصين. وخلال الأسبوعين التاليين، استهدفت القوات الإسرائيلية أكثر من 100 فلسطيني، بينهم مشاركون في الجهد الإنساني وعائلاتهم.


وأوضح الموقع أن هذا الأمر أدى إلى تراجع اللجان المحلية، مما شل الخطة الإنسانية في وقت كان الأطفال يموتون من سوء التغذية والجفاف.

واعتبر الموقع أن انهيار خطة الأمم المتحدة لإيصال المساعدات بسبب الهجمات هو مثال على عرقلة إسرائيل الأوسع نطاقًا للمساعدات وتسييسها، مما يفسر فشل جهود الإغاثة، مشيرًا إلى أن الجهود الدولية للاستجابة الإنسانية في غزة ما زالت محدودة بسبب القيود الإسرائيلية وانعدام الأمن، وهو ما عززه قتل أعضاء لجنة المساعدات في آذار/مارس.

وشدد الموقع أن ذلك أدى إلى اقتصاد حرب قائم على التلاعب بالأسعار، حيث استولت عصابات يُزعم أنها مدعومة من الجيش الإسرائيلي على المساعدات ونهبتها.

على حافة المجاعة
وكان القصف الإسرائيلي والعمليات البرية وأوامر الإجلاء قد أجبرت معظم السكان على الفرار، مما حوّل جباليا إلى أكوام من الأنقاض والطرقات المدمرة والمباني المدمرة. وبحلول نهاية كانون الثاني/ يناير، لم يبقَ في المخيم سوى حوالي 100,000 شخص تقريبًا، بعد أن يئسوا من الجوع؛ حيث أصبح الأطفال يبكون باستمرار، بينما تطعم بعض الأسر أطفالها طعام الحيوانات، وبيحث آخرون عن طعام بين الأنقاض.

وأفاد الموقع بأن أرباب العائلات والقبائل البارزة في المنطقة طالبوا الشباب المساعدة في تأمين قوافل المساعدات التابعة للأمم المتحدة، وذلك على الرغم من استهداف القوات الإسرائيلية من ينتظرون المساعدات في الشمال، وارتفاع المخاطر في عملية التأمين.

الانفصال عن الجنوب
وذكر الموقع أن طلب تأمين تسليم المساعدات من المدنيين العاديين يعكس اليأس في شمال غزة والتحديات الكبيرة التي تواجهها الوكالات الإنسانية. وذلك بعد أن فرضت إسرائيل حصارًا كاملًا عقب هجمات حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، فقد منع الجيش الإسرائيلي دخول الإمدادات الأساسية، وأمرت سكان الشمال بمغادرة منازلهم.

وأشار الموقع إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي كثف قصفه للمباني وتدمير الطرق، ليتم تقسيم القطاع إلى نصفين عبر ممر نتساريم مع نقاط تفتيش إسرائيلية. وفي حين سمحت إسرائيل بكميات محدودة من المساعدات في الجنوب، إلا أن الشمال لم يتلقَ سوى القليل.

وفي كانون الأول/ ديسمبر، حذرت الهيئة الدولية من خطر المجاعة في غزة، ووصفت الوضع في الشمال بالـ "مقلق"، كما أصدرت محكمة العدل الدولية، في كانون الثاني/ يناير، أمرًا لإسرائيل بتسهيل المساعدات. ورغم ذلك، إسرائيل رفضت غالبية طلبات الأمم المتحدة لإرسال قوافل إلى الشمال، وهاجمت القوافل القليلة التي تم الموافقة عليها، وزادت التهديدات ضد عمال الإغاثة.

وفي كانون الثاني/ يناير، نفذت الأمم المتحدة 10 من أصل 61 بعثة إنسانية بسبب العرقلة الإسرائيلية، والتي انخفضت إلى 6 بعثات في شباط/ فبراير، ثم توقفت المساعدات في نهاية الشهر بعد قصف قافلة غذائية تابعة للأمم المتحدة، وجمدت إسرائيل دور الأونروا في الشمال، مما اضطر الناس لأكل العشب، وقد توفي 10 أطفال بسبب سوء التغذية والجفاف في نهاية الشهر نفسه.

خلق فراغ أمني
مع انتشار المجاعة، بدأ النظام المدني في الشمال بالانهيار. وعندما تمكنت قافلة نادرة من عبور نقاط التفتيش، سارع الناس الجائعون إلى نهبها لتأمين الطعام لأنفسهم ولعائلاتهم.

وأوضح الموقع أن السلب المنظم كان يشكل تهديدًا أيضًا، لكنه كان أقل شيوعًا مما أصبح عليه لاحقًا. وعلى الرغم من التصريحات الإسرائيلية المتكررة بأن حماس كانت تسرق وتعيد بيع المساعدات، إلا أنه لم يكن هناك أدلة تذكر لدعم هذه الادعاءات.


وأضاف الموقع أنه عندما بدأت الشرطة المدنية بتوفير الأمن لقوافل المساعدات، تعرضت هي الأخرى للهجوم. وبعد سلسلة من الغارات الجوية المميتة في شباط/ فبراير، انسحبت الشرطة وتُركت قوافل المساعدات دون حماية، وتدهور الأمن في جميع أنحاء غزة.

واعتبرت الأمم المتحدة أن استهداف إسرائيل للشرطة المدنية غير قانوني، كما انتقدت الولايات المتحدة هذه الهجمات، محذرة من عرقلة نقل المساعدات وخلق فراغ أمني.

الفوضى والعنف
وذكر الموقع أن وتيرة المجاعة في غزة تسارعت بالتوازي مع الانهيار الاجتماعي؛ حيث تجمع الفلسطينيون في دوار الكويت والنابلسي بانتظار المساعدات، لكن الجنود الإسرائيليين فتحوا النار، ما أدى إلى تدافع.

وذكر الموقع مجزرة "الدقيق" التي وقعت في 29 شباط/ فبراير، حيث استشهد 100 شخص وأصيب 700. وسجلت المفوضية 10 هجمات على الأشخاص الذين كانوا ينتظرون المساعدات. وحمّل مكتب المفوض السامي إسرائيل، بصفتها القوة المحتلة، مسؤولية توفير الطعام والرعاية أو تسهيل الأنشطة الإنسانية.

الخطة تتضح
وقال الموقع إن العائلات والقبائل البارزة في غزة نظمت لجانًا لتوفير الأمن بعد الهجمات الإسرائيلية. وقد تعاونت الأمم المتحدة مع هذه اللجان لتوزيع المساعدات بشكل عادل، على أمل توسيع الاستجابة الإنسانية لاحقا.

ونظرا لعدم وجود أي مؤشر على الأرض يفيد بأن إسرائيل مهتمة بتسهيل استجابة إنسانية ذات مغزى، كان هذا المخطط يبدو صعب التنفيذ. لكن مع تزايد الجوع والفوضى، شعرت الوكالات أنه ليس أمامها خيار آخر.

المتاهة السياسية لمساعدات غزة
وأفاد الموقع أن المسؤولين الإسرائيليين قاموا في وقت سابق من السنة بطرح فكرة إنشاء هياكل حكومية محلية لتحل محل حماس في غزة، مع محاولة تسليح العائلات والقبائل لتأمين المساعدات، لكن الخطط قوبلت بالرفض من العائلات وتحذير حماس من التعاون مع إسرائيل.

ولجأت إسرائيل إلى العمل مع متعاقدين من القطاع الخاص لمحاولة إنشاء نظام مساعدات بديل تحت سيطرتها للتحايل على الأمم المتحدة، كما انتشرت شائعات وتقارير تفيد بأن السلطة الفلسطينية كانت تحاول بناء قوة أمنية خاصة بها في القطاع.

وفي ظل هذه الخلفية، كانت القبائل والعائلات حذرين من العمل مع الأمم المتحدة، لكنهم أيضا كانوا يراقبون بقلق متزايد جهود إسرائيل لإزالة الحكومة ودفع غزة إلى الفوضى، وكانوا قلقين من أن ينتهي الأمر بالعائلات إلى القتال من أجل السيطرة على الموارد في صراع عنيف مجاني للجميع.

وقد استغرق الأمر بعض الوقت ورأس المال السياسي للتغلب على حذر العائلات في البداية، لكن مسؤولي الإغاثة نجحوا في تنظيم اجتماعات مع قادة المجتمع المحلي في غزة وأسفرت هذه الاجتماعات عن تشكيل لجان شعبية لتأمين المساعدات، والتي حظيت بموافقة ضمنية من حماس لتجنب أن يبدو الأمر وكأنه استقطاب لصالح أهداف الحرب الإسرائيلية.

نجاح وصول المساعدات
وأوضح الموقع أن الخطة التي تبلورت كانت على النحو التالي: عندما تنطلق القافلة، تقوم الأمم المتحدة بإبلاغ اللجان القبلية التي تقوم بدورها بإرسال أشخاص على طول الطريق لحمايتها من النهب وضمان وصول حمولتها بأمان إلى المستودعات.

ووفقا لجيمي ماكغولدريك، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في ذلك الوقت، فقد استخدمت جهود الإغاثة نفس نظام تفادي التضارب مع السلطات الإسرائيلية الذي تستخدمه الأمم المتحدة.

ولتجنب التعرض لهجوم إسرائيلي، منعت اللجان القبلية أعضاءها من حمل الأسلحة النارية، لكن بعض عناصرها حملوا العصي أو القضبان الحديدية في حال احتاجوا إلى صد اللصوص.

وقبل منتصف ليلة 16 أذار/مارس بقليل، وصلت قافلة تابعة للأمم المتحدة مكونة من تسع شاحنات محملة بالمواد الغذائية إلى شمال غزة، تبعتها في 17 آذار /مارس 18 شاحنة أخرى.

وجاء ذلك في لحظة حاسمة؛ ففي 18 آذار/مارس، أصدرت فرقة العمل التابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر تحذيرًا شديد اللهجة: كانت المجاعة وشيكة في شمال غزة؛ وبدون زيادة كبيرة في وصول المساعدات الإنسانية، كان أكثر من 200,000 شخص معرضين لخطر وشيك.

وأشار مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إلى أنه لأول مرة منذ شهور تتم عمليات التسليم والتوزيع "دون الإبلاغ عن أي حادث يُذكر". وللمرة الأولى منذ بداية شهر آذار/مارس، لم يتم الإبلاغ عن أي حوادث قتل في دوار الكويت والنابلسي في أي من اليومين.

سلسلة من الاستهدافات
وذكر الموقع أن مخزن المساعدات في جباليا تعرض للقصف بعد أقل من 48 ساعة، وأعقب ذلك الهجوم على المخازن هجمات إسرائيلية على أعضاء اللجان القبلية الذين كانوا يعملون على تأمين المساعدات، مما أسفر عن استشهاد العديد من القادة والمجتمع المحلي.

وجاءت هذه الغارات بعد أيام فقط من توقيع غالانت، وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك، على رسالة إلى الحكومة الأمريكية وعد فيها بأن السلطات الإسرائيلية لن تعرقل المساعدات الإنسانية وستستخدم الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة وفقًا للقانون الدولي.

ومع بدء انهيار جهود إيصال المساعدات تحت القنابل والرصاص، عاد الناس إلى دوار النابلسي والكويت، واستؤنفت الهجمات الإسرائيلية اليومية على الأشخاص الذين ينتظرون المساعدات في تلك المواقع.

وقال عمال الإغاثة التابعين للأمم المتحدة إنهم لا يستطيعون الجزم بأن إسرائيل استهدفت عمدًا أعضاء لجان العشائر بسبب دورهم في تأمين إيصال المساعدات، ولكن بالنسبة لأعضاء اللجان القبلية، لم يكن هناك شك في ذلك، وقال أحد مسؤولي الأمم المتحدة إنه يعتقد أن قادة اللجان وأعضائها "مستهدفون بشكل خاص ومتعمد لأن إسرائيل تريد فرض الفوضى في قطاع غزة".

وتزامنت الهجمات على اللجان العشائرية مع هجمات على ضباط ومسؤولين في الشرطة في شمال غزة، كما بدأت القوات الإسرائيلية غارة على مستشفى الشفاء استمرت لمدة أسبوعين؛ حيث قتلت المسؤول البارز في الشرطة فائق المبحوح.

وفي حين أنه من الصعب تحديد النية، إلا أن الضربات الإسرائيلية على أعضاء اللجان القبلية وضباط الشرطة وغيرهم من قادة المجتمع المحلي خلال تلك الفترة كان لها تأثير في قتل عدد كبير من الأفراد الذين كانوا يتمتعون بسلطة كافية لحشد جهود مدنية لتأمين إيصال المساعدات ومنع شمال غزة من الانزلاق إلى الفوضى.

وفي 30 آذار/مارس؛ استهدفت غارة إسرائيلية مجموعة من العاملين على تأمين المساعدات في دوار الكويت، مما أدى إلى استشهاد 19 شخصًا. وفي اليوم التالي، قررت اللجان القبلية إنهاء مشاركتها في تأمين المساعدات.

ما بعد الكارثة
وقال الموقع إنه في 1 نيسان/أبريل، قتلت غارة إسرائيلية سبعة من عمال الإغاثة التابعين لمنظمة "المطبخ المركزي العالمي" غير الحكومية في دير البلح وسط قطاع غزة، وكان ستة من القتلى يحملون جوازات سفر غربية، وقد أثارت هذه الوفيات مستوى من الغضب الدولي لم تفلح المجاعة في الشمال ومقتل عشرات الفلسطينيين المشاركين في جهود الإغاثة في إثارته.

واستجابت إسرائيل للضغوط الدولية بالسماح بعمل المخابز شمال غزة وفتح مسارات جديدة للمساعدات الإنسانية، وبدأت أول عملية تسليم عبر الطريق الجديد في 12 نيسان/أبريل، مما أظهر أن كان بالإمكان إمكانية تجنب الأزمة السابقة لو تم فتح المعابر مسبقًا.

ورغم استئناف عمل المخابز، ظل نقص الغذاء واضحًا بسبب منع دخول معظم المواد الأساسية، فيما استمرت الغارات الإسرائيلية بقتل المدنيين واستهداف عمال الإغاثة.

وأشار تحليل أصدره المركز الدولي للأزمات في نهاية شهر حزيران/يونيو إلى أن المجاعة المحتملة في شمال غزة لم تحدث بسبب زيادة شحنات الغذاء في شهري آذار/مارس ونيسان/أبريل، لكن وضع الأمن الغذائي في جميع أنحاء غزة ظل حرجًا.

فقد بدأت حالة من العنف الذي كان يخشاه قادة المجتمع المحلي في الشمال، ومع مقتل القلة من الفلسطينيين القادرين على تأمين توصيل المساعدات والحفاظ على قدر من النظام العام، سرعان ما تحولت "عمليات التوزيع العفوية" التي كان يقوم بها الجائعون إلى هجمات منظمة من قبل العصابات المسلحة التي كانت تبيع البضائع المنهوبة بأسعار باهظة.


وفي بداية شهر تشرين الأول/أكتوبر؛ فرضت إسرائيل حصارًا شاملًا على المراكز السكانية الثلاثة الواقعة في أقصى شمال القطاع - جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا - وأمرت السكان المتبقين بالمغادرة، وشنّت إسرائيل هجومًا عسكريًا وحشيًا هناك، ومنعت دخول جميع المساعدات الإنسانية تقريبًا.

ومع استمرار الحصار الإسرائيلي، أدى تزايد العصابات التي تهاجم قوافل المساعدات إلى انهيار تام في توافر المواد الغذائية، وفي تشرين الثاني/نوفمبر، أعلن المجلس الدولي للمساعدات الإنسانية أن المجاعة وشيكة في شمال غزة، وأن الإمدادات الغذائية "تدهورت بشكل حاد" في بقية القطاع.

وقد تجلى التهديد الذي تشكله العصابات ودور إسرائيل في تمكينها عندما اختطف لصوص مسلحون 98 شاحنة من أصل 109 شاحنة تابعة للأمم المتحدة في قافلة مساعدات غذائية دخلت غزة في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر.

وختم الموقع بأن سلسلة عمليات القتل التي وقعت في آذار/مارس كانت مثالًا بارزا على كيفية قيام إسرائيل بشكل منهجي بتقويض القيادة المحلية والجهات الفاعلة الإنسانية من أجل تحقيق الفوضى في غزة، وفقا لتصريحات أحد عمال الإغاثة الذي وصف الوضع بأنه "بغيض وإجرامي".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة شمال غزة جباليا الاحتلال غزة الاحتلال جباليا شمال غزة صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المساعدات الإنسانیة قوافل المساعدات إیصال المساعدات تأمین المساعدات الأمم المتحدة للأمم المتحدة المساعدات فی عمال الإغاثة فی شمال غزة فی الشمال آذار مارس الموقع أن أدى إلى لجان ا فی غزة جهود ا إلى أن

إقرأ أيضاً:

حشد: «تحقيق دولي يكشف عن إعدامات ميدانية في نقاط توزيع المساعدات الأمريكية الإسرائيلية في غزة»

أصدرت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني «حشد» تحقيقًا ميدانيًا دامغًا بعنوان «إعدامات ميدانية داخل نقاط توزيع المساعدات الأمريكية الإسرائيلية»، للباحثة القانونية لبنى ديب.

يكشف التحقيق الواقع المأساوي الذي يواجهه الفلسطينيون في غزة، حيث تحولت ما يُسمى بنقاط توزيع المساعدات الإنسانية إلى مصائد موت يومية خلال حرب طوفان الأقصى عام 2025.

ومن خلال شهادات حية، وتحليلات طبية، وبيانات موثقة، يكشف التقرير أن ما يسمى بـ«نقاط التوزيع» أصبحت مناطق إعدام، حيث يتم إطلاق النار على المدنيين الجائعين وقتلهم تحت ستار المساعدات الإنسانية.

نقاط التوزيع في غزة: من مناطق المساعدات إلى مناطق القتل

يتتبع التحقيق الأحداث منذ افتتاح ما يُسمى بـ«مراكز توزيع المساعدات» ابتداءً من 27 مايو 2025، هذه المراكز، الممولة من الولايات المتحدة وإسرائيل والمدارة من خلال مؤسسة غزة الإنسانية، تحولت إلى مصائد موت حقيقية. لا يُقابل المدنيون المصطفون للحصول على الطعام بالشفقة، بل بنيران القناصة وقنابل الغاز والطائرات المسيرة والمراقبة البيومترية.

تقع المراكز في:

رفح

شمال غزة

شارع التينة

نيتساريم

زيكيم

ورغم الترويج لها دوليا باعتبارها مناطق إنسانية محايدة، فإن التقرير يجد أنها في الممارسة العملية تعمل كمناطق عسكرية تسيطر عليها إسرائيل، حيث يتم تنظيم وصول المدنيين إليها بشكل صارم وغالبا ما يتم قمعها بعنف.

نشأة وتشكيل منظمة العمل الإنساني العالمي.. الإنسانية المصطنعة

وُلدت مؤسسة غزة الإنسانية أواخر عام 2023 من خلال منتدى ميكفيه إسرائيل، وهو تجمع غير رسمي لجنود الاحتياط الإسرائيليين ورجال الأعمال والمستشارين السياسيين، سعى هذا المنتدى إلى تهميش وكالات الأمم المتحدة، مثل الأونروا، واستبدالها بهيئة «محايدة» أكثر قابلية للرقابة.

بحلول فبراير 2025، وبفضل ضغط ومشاركة مباشرة من مسؤولين أمريكيين، سُجِّلت مؤسسة GHF رسميًا في جنيف، وبدأت عملياتها في غزة بحلول مايو، ورغم عدم وجود سجل سابق في العمل الإنساني، تلقت المؤسسة تمويلًا أوليًا تجاوز 20.000 فرنك سويسري، ووسَّعت نطاق عملياتها بسرعة.

ومن الجدير بالذكر أن قيادة GHF تشمل:

جيك وود - الرئيس التنفيذي، وهو جندي سابق في مشاة البحرية الأمريكية ومؤسس فريق روبيكون.

ديفيد بيرك - الرئيس التنفيذي للعمليات، مع خبرة في الاستراتيجية العسكرية.

جون أكري - رئيس البعثة، سابقًا في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.

ويضم المجلس الاستشاري جنرالات أمريكيين متقاعدين، وموظفي أمن سابقين في الأمم المتحدة، ومديرين تنفيذيين لشركات كبرى مثل ماستركارد وشركات فورتشن 500.

وتشمل الشركات المتعاقدة المشاركة في العمليات اللوجستية والأمنية شركة Safe Reach Solutions (SRS) وشركة Global Delivery Company (GDC) - وهي كيانات اتُهمت سابقًا بانتهاكات حقوق الإنسان في مناطق الصراع.

عسكرة المساعدات والإعدامات الميدانية

يوثّق التقرير بدقة الحوادث اليومية لإطلاق النار الحي في مواقع التوزيع. وتُظهر إحصاءات موثقة من المستشفيات والمراقبين الميدانيين أنه بين 27 مايو و1 يوليو 2025:

972 مدنيا قتلوا وأصيب أكثر من 4278 شخصًا ولا يزال العشرات في عداد المفقودين.

تُظهر التقارير الطبية أنماطًا متكررة من الاستهداف المميت للمناطق الحيوية، بما في ذلك الشريان الفخذي والصدر والرأس والرقبة. يموت العديد من الضحايا في غضون دقائق بسبب النزيف الحاد أو إصابات الرأس، ويتفاقم الوضع بسبب الانهيار الكامل للبنية التحتية الطبية في غزة.

إن استخدام الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية ضد المدنيين العزل - وكثير منهم من كبار السن والنساء والأطفال - يشكل انتهاكا للعديد من أحكام القانون الإنساني الدولي، «أُرسلنا للمساعدة، فأصبحنا جلادين»

ترسم شهادة مُبلّغ عن مخالفات من مُقاول أمني أمريكي، تعاقدت معه شركة UG Solutions، صورةً مُرعبة. يروي كيف وصل إلى واشنطن في 16 مايو، حيث نُقل على عجل إلى الشرق الأوسط مع 300 آخرين - بعضهم جنود مُدرّبون، والبعض الآخر مدنيون بلا خبرة قتالية.

لم نتلقَّ تدريبًا حقيقيًا، سلّمونا بنادق هجومية وأسلحة جانبية وقالوا إن هذا عمل إنساني. لكن سرعان ما بدأنا نطلق النار على حشود من الناس الجائعين.

كان المتعاقدون يفتقرون إلى المعدات الأساسية، وأجهزة الرؤية الليلية، وحتى المعرفة الطبية. وكان استخدام رذاذ الفلفل وقنابل الصوت شائعًا، وغالبًا دون معرفة المسافات الآمنة أو آثارها. ويتضمن التقرير شهادات مماثلة عديدة من متعاقدين آخرين.

الطائرات بدون طيار والمراقبة: «أطلقوا علينا اسم الحيوانات»

وصف العديد من المدنيين الذين أُجريت معهم مقابلات الاستخدام المتكرر للطائرات الرباعية المروحية التي كانت تحلق فوق خطوط المساعدات. ووفقًا للضحايا، لم تقتصر هذه الطائرات على المراقبة فحسب، بل شملت أيضًا توجيه الإساءات الصوتية والشتائم.

ونقل أحد الضحايا عن مشغلي الطائرات بدون طيار قولهم:

«يا حيوانات، ماذا فعلتم بالطعام؟!» - قبل إلقاء الغاز المسيل للدموع.

أزمة الأخلاقيات الداخلية والاستقالات

حتى أعضاء لجنة التخطيط التي أسست GHF أعربوا عن مخاوف أخلاقية. وكشف خمسة أفراد شاركوا في المراحل الأولى من التصميم ما يلي:

وقيل لهم في البداية أن المهمة إنسانية.

وتضمن النموذج النهائي قوات أمنية خاصة، والمسح البيومتري، ونقاط التفتيش العسكرية.

ورأى البعض أن هذا الإجراء يُستخدم لتمكين النزوح القسري من وسط غزة إلى الجنوب، وهو عمل قد يشكل جرائم حرب بموجب القانون الدولي.

النتائج الطبية: تشريح الجريمة

ويتضمن التقرير تفصيلاً للعواقب الطبية الناجمة عن الهجمات:

تؤدي إصابة الشريان الفخذي إلى الوفاة خلال دقائق.

تؤدي الطلقات في الصدر إلى نزيف في الصدر وانهيار الرئتين.

تؤدي الطلقات في الرأس إلى نزيف داخل الجمجمة وكسور وفتق في الجمجمة.

غالبًا ما تتطلب الجروح في الأطراف البتر بسبب نقص التروية أو العدوى غير المعالجة.

تؤكد صور الأشعة السينية وتحليلات الخبراء من أطباء مثل الدكتورة يارا أبو مار استخدام رصاصات عالية السرعة، تهدف إلى تعطيل الجسم أو قتله. ويُعتبر استهداف المناطق التشريحية التي تحافظ على الحياة انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي.

نظام المراقبة والإذلال

ووصفت عملية الدخول إلى مواقع التوزيع بأنها عملية غير إنسانية:

المسح الحيوي الكامل عن طريق القزحية والتعرف على الوجه.

حظر تام على جمع المساعدات عن الآخرين (حتى للمرضى).

يتم تفتيش الحاضرات من الإناث من قبل موظفات مسلحات.

ويتم التحقيق مع عائلات الشهداء بشكل منفصل.

ويقارن السكان المحليون هذه العملية بـ«رعي الماشية» بسبب الممرات الأمنية المشددة والطوابير الإجبارية.

لا توجد ضمانات للسلامة. يُعتقل الكثيرون أو يختفون بعد وصولهم إلى مراكز المساعدة.

أصوات عامة: «نركض لنأكل ونرحل بالدم»

وتؤكد شهادات السكان المحليين على القسوة: نركض كيلومترين للحصول على كيس دقيق. يطعن الناس بعضهم البعض بالسكاكين. رأيتُ ذات مرة رجلاً طُعن في رقبته ينزف حتى الموت.

نتناول مسكنات الألم لنواصل المشي. جسدي يؤلمني. نُعامل أسوأ من الحيوانات.

لا أريد رفاهية. أريد فقط طعامًا. نحن نموت ببطء، كل يوم.

القضية القانونية: الجرائم ضد الإنسانية

وتطالب الهيئة بما يلي:

توقف شركة GHF جميع عملياتها على الفور.

المحكمة الجنائية الدولية تفتح تحقيقات في عمليات الإعدام الميدانية.

السيطرة الكاملة على عودة المساعدات إلى وكالات الأمم المتحدة مثل الأونروا.

- إنشاء ممرات إنسانية آمنة دون تدخل أمني.

تُتهم منظمة GHF بتمكين الجرائم المنصوص عليها في نظام روما الأساسي، بما في ذلك التجويع المتعمد للمدنيين، والقتل خارج نطاق القضاء، والتهجير القسري.

انتهاك وقف إطلاق النار والابتزاز الإنساني

يربط التقرير أيضًا ظهور صندوق الأمم المتحدة للسكان (GHF) بانتهاك إسرائيل لوقف إطلاق النار في 18 مارس 2025، عندما أُعيد إطلاق حملة عسكرية واسعة النطاق. ومع منع وصول المساعدات، وتزايد الضغط العالمي، طُرح صندوق الأمم المتحدة للسكان كحل وسط سياسي.

ولكنها سرعان ما تحولت إلى أداة عسكرية مسيسة، تتحايل على المعايير الإنسانية بينما تعمل على تقويض الأمم المتحدة وتديم الحصار.

الخاتمة: «دعوا غزة تعيش»

وخلصت اللجنة الدولية إلى أن:

لقد أصبحت المساعدات سلاحا.

يتم استخدام الجوع كأداة للخضوع.

يتم استبدال القانون الإنساني بالحكم العسكري.

هذا التقرير، الذي يستند إلى أشهر من العمل الميداني والتوثيق الطبي والأدلة المباشرة، يُقدّم الآن كوثيقة قانونية للمجتمع الدولي. على العالم أن يتحرك، ليس فقط لوقف القتل، بل لاستعادة الكرامة والأمان والإنسانية لأهل غزة.

دعوا غزة تحيا. دعوا الطعام يبقى طعامًا. دعوا الإنسانية تستعيد عافيتها.

اقرأ أيضاًالإغاثة الطبية في غزة: نواجه أوضاعا كارثية مع استمرار إسرائيل منع إدخال المساعدات

«مكلفة وغير فعالة».. مفوض الأونروا ينتقد إسقاط المساعدات جوا في غزة

مقالات مشابهة

  • بريطانيا: هدن إسرائيل الإنسانية لا تكفي لتخفيف معاناة الفلسطينيين
  • "المنظمات الأهلية" ل"صفا": الإنزال الجوي للمساعدات لن يوقف المجاعة بغزة
  • هيئة البث الإسرائيلية: تل أبيب أقرت الهدنة الإنسانية بسبب الضغط الدولي وفشل إيصال المساعدات
  • طائرات تنفذ إسقاطًا جويًا للمساعدات غربي غـ.ـزة
  • حشد: «تحقيق دولي يكشف عن إعدامات ميدانية في نقاط توزيع المساعدات الأمريكية الإسرائيلية في غزة»
  • الأونروا: الإسقاط الجوي للمساعدات في غزة مكلف وخطير ولا يغني عن الإغاثة البرية
  • كندا: منع إسرائيل وصول المساعدات الإنسانية لغزة انتهاك للقانون الدولي
  • تحليل أميركي يشكّك في اتهامات إسرائيل: لا أدلة على سرقة حماس للمساعدات الإنسانية في غزة
  • تحقيق حكومي أمريكي يضرب رواية الاحتلال.. لا أدلة على سرقة حماس للمساعدات
  • كندا: الحكومة الإسرائيلية تتقاعس في منع الكارثة الإنسانية في قطاع غزة