سواليف:
2025-05-31@03:36:35 GMT

مصطلحات إسلامية: النفاق والكفر

تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT

#مصطلحات_إسلامية: النفاق والكفر
بقلم: د. #هاشم_غرايبه
هذان المصطلحان اسلاميان بامتياز، فلم يستعملا قبل بمدلوليهما في اللغة العربية قبل نزول القرآن.
ومع أن دلالتيهما غير منقطعة عن جذريهما اللغوي، إلا أن ما يهمنا هو المعنى الإصطلاحي المقصود شرعيا، فالكفر هو جحود بالنعمة وأنكار لفضل المنعم، ويشمل انكار وجود الله (الإلحاد)، أو انكار تفرده بالأوهية (الشرك)، أو الاعتراف بوجوده لكن التكذيب بأنه أنزل الدين.


أما النفاق فهو ادعاء الإيمان واتباع منهجه ظاهريا، مع إبطان الكفر، ويتمثل بالإرصاد بدينه والعداء لمنهجه عندما تلوح الفرصة لذلك.
هكذا فخروج الكافر عن الملة ظاهر بأفعاله، معلن بأقواله، بينما المنافق ظاهره مؤمن وأنه من الأمة، لكنه يخفي عداءه لها تقية، فلا يمكن كشفه ألا بالتمحيص، أو حين تلم بها المخاطر، فيطمعه ضعفها بإعلان ما بدخيلته.
ولما كانت أمة الدعوة مكلفة بنشر الدين الذي يحقق العدالة ويحارب الظلم والأطماع، فستبقى على الدوام مستهدفة من قبلهم، ويبذلون كل ما بوسعهم لاستئصالها من الوجود، ولن يمكنهم ذلك قطعا، لأن الله الذي شاء أن ينزل للبشر نورا هاديا، لن يسمح لأحد بإطفاء نوره، لذلك طمأن متبعي منهجه الى هذه الحتمية المؤكدة بقوله تعالى: “وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا” [النساء:141].
لذلك فلتوافق مصلحة الفريقين الكافرين، سواء الكاشفون عن عدائهم او المخفون له، فهما متحالفان أصلا ضد الفئة المؤمنة، لكن خطورة المخفين كفرهم (المنافقين) أعظم، لأن الضرر والأذى الذي يحدثه من يهاجم المعاقل والحصون من الداخل أبلغ كثيرا مما يحدثه من يهاجمها من خارجها، لذلك رأينا عددا كبيرا من آيات كتاب الله تناولت المنافقين، وبينت مخاطرهم وتوعدتهم بالدرك الأسفل من النار، وبأكثر كثيرا مما تناولت الكافرين.
وتكفي الآية: “اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ” [التوبة:80]، لكي ترتعد أوصال المنافقين رعبا من غضب الله عليهم، فهو غفور رحيم، ويقبل التوبة إن شاء من المستغفرين مهما بلغت ذنوبهم، لكن المنافق مطرود من رحمته تلك نهائيا، ولن يقبل فيهم حتى شفاعة نبيه الكريم.
في عصرنا هذا الذي تكالب على أمتنا أعداؤها الكافرون من الخارج، وأصابها الضعف لما ران على قلوب حكامها، لذلك اطمأن المنافقون فيها فكشفوا أنفسهم، وهم ليسوا تاركي الصلاة والزكاة من بيننا، فهؤلاء عصاة لهم حسابهم عند خالقهم، لكنهم أولئك الذين يكشفهم محاربتهم الدعاة الى اتباع الحكام لمنهج الله، وتخذيلهم عن نصرة المجاهدين ووصمهم إياهم بالإرهاب.
وهم على أصناف ثلاثة:
1 – حكام يوالون أعداء الأمة ابتغاء نيل رضاهم وإبقائهم في مناصبهم، وهؤلاء عدّهم الله منافقين: “بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا. الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا” [النساء:138-139] .
2 – من يوالون من حادّ الله ورسوله، فيؤيدون الحكام الذين يبطشون بمن يدعو الى إقامة دولة الإسلام، بدعوى أنها تخلف ورجعية، وأن التقدم في اتباع منهج الغرب.
3 – وأخطرها النفاق الخفي، فيظن المرء أنه ليس منافقاً، وهم الذين قال فيهم تعالى: “وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ” [التوبة:47]، فتطرب نفوسهم لأقوال المنافقين ويبثونه، وهؤلاء يعتقدون أنهم مؤمنون صادقون متبعون للسنة المطهرة بتشبههم بمظاهر السلف، بل ويكثرون من العبادات والنوافل، لكن هؤلاء هم الأخسرون يوم الحساب: “قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا .الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا” [الكهف:103-104]، ودليلا على خسران هؤلاء الذين كانوا يعتقدون أنهم بعباداتهم فائزون، هو قوله تعالى في الآية التي سبقتها: “أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِن دُونِي أَوْلِيَاءَ”، فهؤلاء هم الذين يوالون الحكام المذكورين في الصنف الأول، ويدافعون عنهم بذريعة طاعة أولي الأمر، مع أنهم يرونهم مخالفين لمنهج الله ويطبقون العلمانية بديلا له، فيبيحون مظاهر الفسوق والانحلال تحت مسمى الترفيه ودعم السياحة، وهم يرون مدى بطشهم وتنكيلهم بالعلماء الربانيين الذين رفضوا الإفتاء لهم بما يفعلون، لكنهم يسكتون عن كل ذلك، اتباعا لشيوخ الضلال الذين باعوا دينهم بدنياهم.
لذلك فاتباعهم شيوخ الجماعات التي باعت نفسها للسلاطين جعلهم شركاء لهم في النفاق، وسيجدون يوم القيامة أعمالهم الصالحة هباء منثورا، ولو كانت كجبال تهامه.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: هاشم غرايبه

إقرأ أيضاً:

«علي جمعة»: الذين ينكرون السنة لا يفهمون صحيح البخاري

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الجمهورية الأسبق، إن الإمام البخاري لم يكن مجرد راوٍ أو جامعٍ للأحاديث، بل كان أول من جرد الحديث الشريف وميّزه عن الآراء الفقهية، فجعل في كتابه «الجامع الصحيح» أبوابًا دقيقة تعبّر عن فقهه وفهمه للحديث، دون أن يخلط بينها وبين اجتهادات الفقهاء.

وأوضح عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الجمهورية الأسبق، خلال بودكاست "مع نور الدين"، المذاع على قناة الناس، اليوم الخميس، أن البخاري لم يقتصر على كتابه الصحيح، بل ألّف عددًا من الكتب الأخرى مثل: الأدب المفرد، ورفع اليدين في الصلاة، وخلق أفعال العباد، والتاريخ الكبير، والتاريخ الأوسط، والتاريخ الصغير، والقراءة خلف الإمام، وغيرها، مشيرًا إلى أن الإمام لم يشترط الصحة المطلقة إلا في كتابه الصحيح فقط، أما باقي مؤلفاته فكان يقبل فيها الحديث الضعيف إذا لم يجد الصحيح، لأنه يرى أن الحديث الضعيف حجة في بعض المواضع.

وبيّن الدكتور علي جمعة أن سند الأحاديث في "صحيح البخاري" يتراوح بين ثلاثي وتساعي (أي بين 3 إلى 9 رواة بين البخاري والنبي ﷺ)، مؤكدًا أنه لا يوجد حديث في الصحيح بسند عشاري، وهو ما يدل على دقة الإمام البخاري في اختياره للرواة وتقليله عدد الوسائط قدر الإمكان.

كما أشار إلى أن العلماء بعد البخاري قاموا بعمل موسوعات عن رجال "صحيح البخاري"، ووجدوا أنهم جميعًا ثقات، بل إنهم إذا وجدوا كلامًا على راوٍ معين تتبعوا الرواية نفسها في الصحيح، ليجدوا لها طريقًا آخر دون هذا الراوي، حفاظًا على دقة الكتاب.

وقال الدكتور علي جمعة: "الإمام البخاري لم يؤلف كتابًا عاديًا، بل الأمة كلها خدمته، واعتبرته كتاب أمة، وليس كتاب فرد.. كل محدث وكل ناقد وكل عالم في اللغة والنحو والفقه خدم هذا الكتاب، ولذلك كان الناس يتبركون بقراءته في الكوارث والمجاعات والحروب، كما يتبركون بقراءة القرآن الكريم، وكانوا يقرؤونه تعبّداً وتعلّماً وتعليماً".

وأضاف: "الناس الذين ينكرون السنة لا يفهمون طبيعة هذا الكتاب، ويظنون أنه مجرد جهد بشري يمكن الطعن فيه بسهولة، بينما هو في الحقيقة كتاب أجمعت عليه الأمة وحققته قرونًا بعد قرون، ولهذا لا يجوز التعامل معه كأي كتاب عادي، بل يجب احترام الجهد الجماعي الذي أنتجه".

مقالات مشابهة

  • القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي تطلق نداءً لبناء منظومة اقتصادية إسلامية تنافسية
  • عرفة.. خطيب المسجد الحرام: يوم وفاء بالميثاق الذي أخذه الله على بني آدم
  • ترددت كثيراً قبل أن أكتب عن واحد من ضباطي الذين شاركوا معي في الحركة التصحيحية
  • «علي جمعة»: الذين ينكرون السنة لا يفهمون صحيح البخاري
  • حكم الحاج الذي يحلق شعره ناسياً.. اعرف التصرف الشرعي
  • صريح جدا / المجاملة عند الجزائريين .. بين اللباقة و النفاق
  • «إسلامية دبي» تطلق دورة الأربعين النووية التثقيفية
  • السيد القائد عبدالملك: جيل الأمة الإسلامية في أمس الحاجة إلى الرُشد الذي مصدره الله سبحانه وتعالى
  • السيد القائد الحوثي: القرآن الكريم النعمة الكبرى بكتاب الهداية الذي فيه البركة الواسعة في كل مجالات الحياة
  • عن الذين خاطروا بأنفسهم وأموالهم فلم يرجعوا من ذلك بشيء