جريدة الرؤية العمانية:
2025-08-01@14:38:31 GMT

الاقتصاد في 2025

تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT

الاقتصاد في 2025

 

علي الرئيسي **

 

ما التوقعات حول الاقتصاد العالمي خلال العام المُقبل؟ وكيف سيُؤثر تذبذب نمو الاقتصاد العالمي على اقتصادات الدول الخليجية بصورة عامة واقتصاد سلطنة عُمان بصورة خاصة؟

رغم أنَّ توقعات الاقتصاد تخضع لكثير من المتغيرات، إلّا أنَّ هذه التوقعات يسودها عدم اليقين دائمًا، خاصة في ظل عالم مضطرب تسيطر عليه القلاقل الجيواستراتيجية، وبالذات في ظل التجاذب بين الولايات المتحدة وأوروبا من جهة وبين الصين وروسيا من جهة أخرى.

اقتصادات الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي واليابان من المتوقع أن تنمو بأقل من 3% خلال الفترة المقبلة، وفي الوقت نفسه، من المتوقع أيضًا أن تشهد الاقتصادات الناشئة الكبيرة مثل البرازيل والأرجنتين وجنوب أفريقيا تباطؤًا في النمو على مدى العقد المقبل. كما تهدد سياسات الرئيس المنتخب دونالد ترامب بفرض تعرفة جمركية تصل إلى 20% على الواردات من كندا والمكسيك والصين وكذلك فرض تعرفة على بقية البلدان بأننا مقبلون على حرب تجارية وسياسات حمائية ستؤدي في الأغلب على تباطؤ للاقتصاد العالي.

ورغم أن الناتج المحلي الإجمالي العالمي ارتفع إلى 110 تريليونات دولار، فإنَّ التقدم لا يزال غير متكافئ، مما يُهدد بتآكل مستويات المعيشة. والأسوأ من ذلك أنَّ الاقتصاد العالمي يواجه رياحاً مُعاكسة قوية من شأنها أن تخنق النمو والابتكار والاستثمار، مما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار السياسي والاجتماعي.

وتزعم دامباسا مايو في "بروجكت سندكت" أن في المستقبل، ستبرز 8 مخاطر تُهدد نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهي: التصدعات الجيوسياسية، والسياسات المحلية المثيرة للانقسام، والاضطرابات التكنولوجية وصعود الذكاء الاصطناعي، والاتجاهات الديموغرافية، وتزايد التفاوت بين البلدان وداخلها، وندرة الموارد الطبيعية، والديون الحكومية والسياسات المالية المتساهلة، وتراجع العولمة. وفي مجموعها، ستشكل هذه الرياح المعاكسة عائقًا مستمرًا أمام النمو الاقتصادي في السنوات المقبلة.

وعلى مدى السنوات الخمسين الماضية، تحول الاقتصاد العالمي من عملية محصلتها إيجابية إلى عملية محصلتها سلبية. وبلغ عصر المحصلة الإيجابية، المدفوع بالتعاون الاقتصادي والعالمي، ذروته خلال فترة إجماع واشنطن، التي برزت مع سقوط جدار برلين في عام 1989 وانضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001. ولكن في أعقاب الأزمة المالية في عام 2008، دخل العالم فترة محصلتها سلبية، اتسمت بتراجع النمو، وتكثيف المنافسة، وتصاعد التوترات الدولية، التي تفاقمت بسبب جائحة "كوفيد-19"، وغزو روسيا لأوكرانيا، وحرب الإبادة في غزة.

بالنسبة للشرق الأوسط، فقد ذكر تقرير "آفاق الاقتصاد الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" الصادر عن صندوق النقد الدولي في أكتوبر الماضي، بأن المشهد الاقتصادي يواجه تحديات هائلة، من بينها ما يفرضه التشرذم الجغرافي الاقتصادي (المقصود نمو مجموعة بريكس)، كما تواجه اقتصادات دول المنطقة تحولًا في أنماط التجارة، كما تواجه تحديات في التعامل مع صدمات متكررة ناجمة عن الصراعات وتغير المناخ. لذلك فإن آفاق النمو من المتوقع أن تبقى ضعيفة.

لقد ظلت اقتصادات دول مجلس التعاون تنمو بشكل بطيء حيث لم يتجاوز النمو 2.3% في العام الحالي بينما كانت 1.7% في عام 2023 ويرجح صندوق النقد الدولي تراجع النمو في دول مجلس التعاون في عام 2024 أساسًا لتخفيضات في إنتاج النفط وذلك ضمن اتفاق أوبك بلس. ومن غير من المتوقع أن يكون النمو في الاقتصاد غير النفطي قويًا في عامي 2024 و2025.

ومن المتوقع أن تحافظ دول مجلس التعاون على معدلات تضخم منخفضة؛ حيث إنَّ التضخم الكلي سيبقى في حدود 2% على المدى المتوسط، رغم التخوف من ارتفاع أسعار المواد الغذائية عالميًا. ونتيجةً لتباطؤ في إنتاج النفط في العام المقبل وتوقعات بتراجع أسعار النفط تدريجيا في الأعوام المقبلة، فمن المتوقع أن تتراجع أرصدة الحساب الجاري في المدى المتوسط، وأن يتراجع الفائض في الحساب الجاري في مجلس التعاون إلى حوالي 2.5% من إجمالي الناتج المحلي على المدى المتوسط (بلغ الفائض 6.1% في عام 2024).

وبالنسبة لسلطنة عُمان، تُشير توقعات صندوق النقد الدولي الصادرة في نهاية أكتوبر الى زيادة في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، وذلك من 1% في عام 2024 إلى 3.1% في عام 2025. ويُتوَقَّع ارتفاع نمو القطاع غير النفطي من 3.2% في عام 2024 الى 3.4% في عام 2025، بينما من المتوقع ارتفاع نمو الناتج المحلي الحقيقي للقطاعات النفطية من سالب 3.4% في عام 2024 إلى 2.4%؛ حيث من المتوقع أن يظل إنتاج النفط في حدود مليون برميل يوميًا، بينما يظل إنتاج الغاز في مستوى 15 مليون طن متري سنويا بعد اكتمال القاطرة الجديدة.

ومن المتوقع أن يظل التضخم في مستويات منخفضة فقد ارتفعت الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين بنسبة 1.3% في عام 2024 بينما من المتوقع أن يرتفع التضخم إلى 1.5% في عام 2025.

التوقعات تشير كذلك إلى تراجع الفائض في الحساب الجاري من 2.3% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024 الى 1.4% في عام 2025؛ حيث من المتوقع أن تظل فاتورة الواردات من البضائع والخدمات في حدود 50 مليار دولار، بينما ستصل حصيلة الصادرات من البضائع والخدمات في حدود 68.1 مليار دولار.

إنَّ ضعف النمو الاقتصادي يفرض تحديات كبيرة على الحكومة والمجتمع، فإذا أخذنا في الاعتبار النمو السكاني، فإن ضعف النمو سيؤدي إلى زيادة في عدد الباحثين عن عمل، وخاصةً تراكم عدد الباحثين عن عمل من الخريجين. كما إن ذلك سيمنع من تحقيق أهداف رؤية "عُمان 2040" فيما يتعلق بزيادة دخل الفرد. ورغم أهمية الاستدامة المالية ووضع الدين العام تحت السيطرة، إلّا أن من الأهمية بمكان أن تظل السياسات الاقتصادية ساعية نحو زيادة النمو الاقتصادي واستدامته، وكما هو معروف فإنَّ النمو في البلدان النفطية لا يتحقق سوى بزيادة الإنفاق الحكومي الرأسمالي والتنموي أو بزيادة الاستثمارات الأجنبية المؤسسية، وذلك في غياب سياسة نقدية نشطة ووجود أسوق مالية تُعاني الضعف. علاوة على أن مسألة التنويع الاقتصادي بعيدًا عن النفط والغاز، يجب أن تحظى بالأولوية؛ مما يتطلب تحسين قطاعات مثل السياحة والزراعة والصناعة. كما يجب عدم التركيز على النمو بالمطلق، ولكن يجب ان يكون النمو شموليًا؛ أي يجب أن يصل إلى القطاعات الهشة في المجتمع.

ورغم الإصلاحات التي قامت بها الحكومة مؤخرًا لتحسين الخدمات العامة وإدخال التكنولوجيا والرقمنة، إلّا أن الأداء الحكومي بحاجة ليكون أكثر ديناميكية وبعيدًا عن الروتين، كما إن هناك حاجة مُلحَّة للاستثمار في التكنولوجيا والابتكار لتحسين الإنتاجية ودعم نمو الأعمال.

** باحث في قضايا الاقتصاد والتنمية

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

495 مليار ريال حجم الاقتصاد الرقمي.. وزير الإعلام: إطلاق الإستراتيجية الوطنية للإعلام قريباً

البلاد (جدة)
أكد وزير الإعلام سلمان الدوسري، أن المملكة لم تطلق إستراتيجية القطاع الإعلامي، وهي لا تزال تحت المداولة، مشيرًا إلى أنه سيتم قريبًا إطلاق الإستراتيجية الوطنية للإعلام، والإعلان عنها في وقتها.
وأضاف الدوسري، أن حجم الاقتصاد الرقمي بلغ 495 مليار ريال في 2024، مساهمًا بـ15% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأضاف خلال المؤتمر الصحفي الحكومي أمس (الأربعاء) في الرياض، أن الإعلام السعودي يرسم مساره الجديد من الوسيلة إلى الرسالة، ومن نقل الخبر إلى صناعة الأثر، فقد صدرت الموافقة الكريمة على إقامة النسخة المقبلة من المنتدى السعودي للإعلام، تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز؛ كمنصة وطنية تواكب الحراك الدولي بأدوات المستقبل.
وأشار الدوسري إلى أن عام 2030 لم يَعُد تاريخًا لعام سيأتي؛ بل رمزية لطموح لا حدود له، ففي المملكة الأحلام لا تُروى بل تُبنى، والغد لا يُنتظر، لأنه يُنجز اليوم.
وذكر أن المملكة تعزز الطموح وتمكن الإنسان؛ حيث تغيث وتبني وتمكن؛ إذ تم تحويل المساعدات من مبادرات إلى منظومة إنسانية مستدامة، مشيرًا إلى أن إجمالي ما قدمته المملكة من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بلغ أكثر من 30 مليار ريال؛ شملت 108 دول، عبر أكثر من 3500 برنامج ومشروع تنموي وحيوي.
ولفت إلى إجراء قرابة 230 ألف عملية جراحية، ضمن البرامج التطوعية الطبية الخارجية، كما بلغ إجمالي ما قدمته المملكة في البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن أكثر من 4.27 مليار ريال، في أكثر من 265 مشروعًا ومبادرة تنموية في قطاعات حيوية؛ منها الطرق والمياه والصحة والتعليم.
وأبان أن المملكة تؤمن أن التنمية المستدامة مسؤولية تتجاوز الحدود، حيث إنها تصنع اليوم خوارزميات المستقبل، وتحول البيانات إلى قرارات، والذكاء الاصطناعي إلى تنمية، فقد وصل حجم الاقتصاد الرقمي إلى 495 مليار ريال في 2024، مساهمًا بـ15% من الناتج المحلي الإجمالي، وبنمو سنوي يقارب 7%.
وأشار وزير الإعلام إلى ارتفاع عدد الشركات التقنية المدرجة في السوق المالية إلى 23 شركة في 2024 مقارنة بشركتين فقط في 2020 “فنحن اليوم لا نستهلك التقنية؛ بل نساهم في تصنيعها بمسار قيمي ورؤية إنسانية”

صدارة عالمية في نمو إيرادات السياحة

أكد وزير الإعلام أن المملكة تتصدر الترتيب العالمي في نمو إيرادات السياحة خلال الربع الأول من عام 2025- حسب قائمة مجلة تايم الأمريكية- كما يُصنّف مشروع “شيبارة”، ضمن“أعظم أماكن العالم 2025”- بحسب مجلة “تايم” العالمية. وأكد الدوسري أن التحول الرقمي في المملكة؛ يصنع اقتصادًا معرفيًا قائمًا على البيانات والذكاء الاصطناعي.

مقالات مشابهة

  • السياسات الأمريكية والعبث بالنظام الاقتصادي العالمي
  • “تفاؤل حذر”.. تقرير لصندوق النقد الدولي يوضح آفاق نمو الاقتصاد المصري
  • 495 مليار ريال حجم الاقتصاد الرقمي.. وزير الإعلام: إطلاق الإستراتيجية الوطنية للإعلام قريباً
  • الاقتصاد الأميركي ينمو 3% في الربع الثاني
  • اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر.. .ما دور الهيئات في التحقيق والملاحقة القضائية؟
  • محذرًا من غموض سياسات واشنطن.. صندوق النقد يرفع توقعات النمو العالمي بعد تخفيف ترامب للرسوم
  • الاقتصاد العماني وسياسات التنويع والابتكار
  • صندوق النقد يرفع توقعاته للنمو العالمي إلى 3% عام 2025
  • صندوق النقد يرفع توقعاته بـ نمو الاقتصادي العالمي بنسبة 3% في عام 2025 و2026
  • ثقة دولية في الاقتصاد التركي: صندوق النقد يرفع توقعات النمو!