هل منيت روسيا بهزيمة استراتيجية في سوريا؟
تاريخ النشر: 12th, December 2024 GMT
تناول أستاذ العلوم السياسية سيرغي رادشينكو الوضع الروسي في سوريا بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد الذي كانت تربطه علاقة صداقة قوية بموسكو، مشيراً إلى أنه من الصعب أن يتخلى بوتين عن موطئ قدمه المهم على ساحل البحر المتوسط عبر نافذة دمشق، مؤكداً أن تطور الأوضاع يكشف على ضعف النفوذ الروسي في المنطقة على أي حال.
تحتفظ روسيا بأصول كبيرة في سوريا،
وقال رادشينكو، أستاذ فخري في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز، في مقاله بموقع مجلة "سبِكتايتور" البريطانية، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تدخل في سوريا قبل عقد من الزمان لكي ينقذ بشار الأسد من هزيمة وشيكة أمام ثورة شعبية كاسحة، مما ساهم في رفع مكانة روسيا في الشرق الأوسط وسمح لبوتين بتقديم روسيا باعتبارها "قوة عظمى".
ومع ذلك، فإن سقوط الأسد يقوّض هذا الادعاء، حيث فشلت روسيا - المنشغلة بالحرب في أوكرانيا - في الحفاظ على بقاء عميلها على رأس السلطة. ورغم أن موسكو منحت الأسد اللجوء، فلم تتمكن من منع الإطاحة به وإنقاذه من مصيره المشؤوم.
الهزيمة الاستراتيجيةوأكد الكاتب أنه من السابق لأوانه إعلان الهزيمة الاستراتيجية الكاملة لبوتين في المنطقة. فعلى الرغم من إزاحة الأسد، تحتفظ روسيا بأصول كبيرة في سوريا، بما في ذلك منشأتها البحرية في طرطوس وقاعدة حميميم الجوية، إلى جانب آلاف الجنود.
???? „Ten years ago, Putin saved Bashar al-Assad from certain defeat. Russia’s intervention raised Putin’s profile in the Middle East, and gave him some ground to claim that Russia was still a ‘great power’.”
"Putin isn’t done yet with the Middle East"https://t.co/sb4YIhyysp
وتعد هذه المرافق حاسمة لنفوذ روسيا الإقليمي، خاصة في أفريقيا، وتعمل كدلائل على مكانتها. ويبدو أن روسيا عازمة على الحفاظ على موطئ قدمها في سوريا. لكن الاحتفاظ بها سوف يعتمد على تعاون القوة الحاكمة الجديدة في سوريا.
سيطرت "هيئة تحرير الشام" على دمشق بعد فرار بشار الأسد؛ وهي جماعة لا تدين بشيء لبوتين. وتتمتع "هيئة تحرير الشام" الآن بنفوذ على روسيا وقد تجبرها على الانسحاب. ومع ذلك، يشير رادشينكو إلى أن عدم الاستقرار المحيط بتعزيز هيئة تحرير الشام لسلطتها قد يؤخر مثل هذه الخطوة.
وقد تقرر "هيئة تحرير الشام" أن طرد روسيا الآن قد يزعزع استقرار موقفها الهش، فتختار بدلاً من ذلك التسامح مع وجود موسكو.
ويشير رادشينكو إلى أن هيئة تحرير الشام قد تستخدم روسيا كورقة مساومة في تعاملاتها مع لاعبين إقليميين رئيسين مثل إسرائيل وتركيا والولايات المتحدة؛ وهو السيناريو الذي يأمل الكرملين باستغلاله.
وقد استشهدت وسائل الإعلام الروسية بتصريحات غير مؤكدة من ممثلي هيئة تحرير الشام تشير إلى أنهم قد يحافظون على الاتفاقيات المفيدة لسوريا.
Putin’s strategic victory in Ukraine was far from inevitable a fortnight ago and it is less inevitable now after the Assad regime collapsed like a house of cards, shattering Putin’s credibility in the Middle East and the Sahel. He could do nothing to save his sole state ally in… pic.twitter.com/3baN94sRuC
— Geopolitics & Empire (@Geopolitics_Emp) December 11, 2024وقبل سقوط الأسد مباشرة، شنت روسيا غارات جوية ضد المتمردين السوريين، مما أسفر عن مقتل العشرات. وفي السابع من ديسمبر (كانون الأول)، وصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف "هيئة تحرير الشام" بأنها "إرهابية".
ومع ذلك، دفعت الإطاحة بالأسد موسكو إلى تغيير خطابها ووصف "الإرهابيين" السابقين بـ "جماعات المعارضة المسلحة". وأوضح الكاتب أن هذا التحول السريع يسلط الضوء على حرص روسيا على كسب ود النظام الجديد.
حماية مصالح روسياويبدو أن بوتين، الزعيم المعروف ببراغماتيته، مستعد للتعاون حتى مع الفصائل المتطرفة لحماية مصالح روسيا. ومن خلال استغلال الانقسامات بين الفصائل السورية، تهدف روسيا إلى البقاء لاعباً رئيساً في السياسة السورية طالما استمر وجودها العسكري.
وحذر رادشينكو من أن الخروج القسري من سوريا من شأنه أن يمثل نهاية لانخراط روسيا الذي دام عقوداً من الزمان في المنطقة، مما يؤدي إلى تآكل نفوذها في الشرق الأوسط وتعقيد مشاريعها في ليبيا وأفريقيا. ومن شأن مثل هذا الانسحاب أن يقلل من مكانة روسيا العالمية وصورة بوتين كقوة جيوسياسية ثقيلة.
وفي الوقت الحالي، تتمسك روسيا بأصولها، على الرغم من أن موقفها محفوف بالمخاطر. ويعتمد الكرملين على أدوات مثل الرشوة والتهديدات والتخريب، وقد يسعى إلى التحالف مع إيران، التي عانت أيضاً من نكسة مع سقوط الأسد.
ومع ذلك، يؤكد رادشينكو أن موسكو لا تستطيع تحمل استخدام القوة العسكرية للحفاظ على موطئ قدمها في سوريا. ومع استنزاف الموارد بسبب الحرب في أوكرانيا، يفتقر الكرملين إلى القدرة أو الرغبة في المزيد من الصراع.
وقال الكاتب في ختام مقاله إن ثمة دوراً محورياً تلعبه "هيئة تحرير الشام" في تحديد مستقبل روسيا في الشرق الأوسط.
وتمارس هذه الجماعة المسلحة، التي كانت هامشية ذات يوم، سلطتها الآن لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت روسيا ستبقى أو تغادر.
وبالنسبة لبوتين، يضيف الكاتب، فإن الاختيار بين إذلال الانسحاب أو الإهانة المتمثلة في التشبث بدور متضائل في سوريا يمثل معضلة تؤكد على تراجع نفوذ روسيا.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية بوتين الأسد روسيا بالحرب في أوكرانيا سوريا سقوط الأسد بوتين روسيا الحرب الأوكرانية الحرب في سوريا هیئة تحریر الشام بشار الأسد سقوط الأسد فی سوریا ومع ذلک إلى أن
إقرأ أيضاً:
خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة
كشف الدكتور محمد العزبي، خبير العلاقات الدولية، تفاصيل جديدة حول ما وصفه بـ"الصفقة الجارية لإعادة الرئيس السوري السابق بشار الأسد إلى المشهد"، مؤكدًا أن جزءًا من بنودها يتضمن تسليم الأسد لدولة أخرى لإجراء محاكمة شكلية تمهيدًا لتبرئته من تهم جرائم الحرب.
وأشار العزبي خلال مشاركته في برنامج "خط أحمر" الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم، إلى أن هذا الطرح "غير مسبوق وخطير للغاية"، متسائلًا: "وفق أي قانون سيتم محاكمته؟ السوري أم الدولي؟ وكيف يتم إعداد سيناريو يعيد شخصًا متهمًا بقتل شعبه إلى واجهة المشهد؟".
وأوضح أن هذه البنود كانت محل رفض وسخرية في البداية، حيث اتُهم هو وآخرون بـ"الجنون وترويج الأوهام"، قبل أن تظهر تقارير دولية – بينها تقرير لوكالة رويترز وأخرى لهيئة الإذاعة البريطانية BBC – تؤكد صحة ما نشره، وتكشف عن تحركات فعلية تمهّد لهذه الصفقة.
وأكد العزبي أن ما تم نشره في الإعلام الدولي يتوافق مع ما تم كشفه مسبقًا عبر البرنامج، مشيرًا إلى أن هذه التسريبات أحدثت حالة هلع داخل صفوف هيئة تحرير الشام بقيادة أبو محمد الجولاني، ما أدى إلى حملة اعتقالات واسعة في مناطق نفوذ التنظيم.
وأضاف أن المرحلة المقبلة ستشهد تطورًا غير متوقع، يتمثل في فتح عدد من السجون في حمص وحلب وإطلاق سراح مجموعات معينة، ضمن سيناريو يعزّز مخطط تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ متعددة.
وكشف العزبي أن الجولاني وافق ضمن الصفقة على التخلي عن المناطق الغنية بالنفط والغاز لصالح إسرائيل، مستشهدًا بتقرير بثته القناة الإسرائيلية 12، ظهر خلاله مسؤولون إسرائيليون يتحدثون صراحة عن "ضرورة بقاء مناطق معينة تحت السيطرة الإسرائيلية".
وأشار إلى أن الجولاني لم يصدر أي تصريح يعترض فيه على هذه التصريحات، رغم ظهوره مؤخرًا في مقاطع وصفت بأنها "استعراضية وغير واقعية".
وأكد العزبي أن مصر هي الدولة الوحيدة التي تقف ضد سيناريو التقسيم، وقد نجحت بالفعل في تمرير قرار أممي يمنع تفكيك الدولة السورية ويطالب بانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي التي يسيطر عليها.
وفي ختام حديثه، انتقد العزبي الأبواق الإعلامية التابعة للإخوان وتنظيم داعش، معتبرًا هجومهم الحاد على مصر وعلى كل من يكشف الحقائق "محاولة بائسة للتغطية على حجم الترتيبات التي تجري في الخفاء".