منتدي الاعلام السوداني : غرفة التحرير المشتركة

اعداد وتحرير/ صحيفة التغيير

تقرير – فتح الرحمن حمودة

في ساحة مبنى الاستقبال التابع لمفوضية اللاجئين السودانيين في منطقة بيالي بأوغندا تتجمع مئات الأسر السودانية الهاربة من جحيم الحرب باحثة عن الأمان والحياة المستقرة بعيدا عن رعب الصراعات، معظمهم يقف في طوابير طويلة في انتظار الحصول على بطاقة اللجوء التي ستمنحهم حق الإقامة في معسكرات اللجوء المنتشرة في المنطقة.

الوجوه متعبة تعكس قصصا من المعاناة الطويلة، ترى وراء كل التفاتة حزينة حكاية عن اليأس والقهر، هولاء هم الفارون من جحيم الحرب ومعهم أطفالهم وكبار السن من آبائهم. ليسوا مجرد أرقام أو مشاهد عابرة، فكل خطوة لهم تحمل عبء الضعف والإرهاق وكل نظرة تحكي عن ألم الهروب ومرارة الفقد .

العاصمة الخرطوم

العم «أ.أ»، رجل خمسيني هو أحد هؤلاء الفارين جلس في أحد المقاهي المجاورة لمبنى الاستقبال يستعيد أنفاسه بعد رحلة مرهقة. بدأ حديثه بتذكر صباح الخامس عشر من أبريل 2023 حين استيقظ على أصوات الرصاص والقصف في العاصمة الخرطوم دون أن يدرك أن الحرب بدأت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

قال لـ«التغيير» إنه ظل يعمل في مهنة الحدادة والنجارة لأكثر من ربع قرن إذ كانت مصدر رزقه الوحيد طوال هذه السنين، لكن مع اندلاع الحرب تغيرت حياته جذريًا ووجد نفسه فجأة دون عمل ومواجه بصعوبات يومية في تأمين قوت أسرته مما دفعه للبحث عن أي فرصة جديدة لكسب لقمة العيش وفي الوقت نفسه كان عليه التفكير في كيفية الهروب مع أسرته من منطقة سكنه التي أصبحت ساحة للمواجهات المستمرة منذ بدء الصراع .

ويحكي اللاجئ “أ. أ” عن أسرته التي تتألف من عدة أبناء أكبرهم يبلغ من العمر «18» عامًا وكان قد بدأ أولى خطواته في الجامعة قبل أن تتوقف الدراسة بسبب الحرب، أما البقية فهم في سن المدارس باستثناء طفله الأخير الذي لم يتجاوز عمره تسعة أشهر الذي ولد في خضم جحيم النزاع .

جنوب الحزام

ويقول إن الأسرة كانت تعيش في منطقة جنوب الحزام في الخرطوم، وهي واحدة من أخطر المناطق التي ما زالت تشهد مواجهات عنيفة بين الأطراف المتقاتلة، حيث أصبحت حياتهم اليومية محفوفة بالمخاطر في ظل تصاعد وتيرة الصراع .

ومع تصاعد وتيرة العنف بدأ القلق يتسلل إلى قلبه بحسب حديثه الذي قال فيه لم يعد الأمر مجرد أخبار عن الحرب فقد أصبح الرصاص الطائش يحاصرهم ويهدد حياة أسرته في كل لحظة.

وقال إن قراره بمغادرة المنطقة كان واحدا من أصعب القرارات التي اتخذها في حياته، مضيفا “على الرغم من ثقله لم يكن أمامي خيار آخر سوى الهروب حفاظا على سلامة أبنائي وزوجتي” .

ويمضي “أ.أ” في سرد محاولات خروجه من المنطقة الملتهبة، ويقول إنه لم يكن لديه المال الكافي للمغادرة ومع استمرار المعارك لعدة أشهر أصبح الحي الذي يقطن فيه ليس فقط ساحة للقتال بين الجيش والدعم السريع، بل أيضا مرتعا للنهب والجرائم التي ارتكبها مسلحون فروا من السجون مع بداية الحرب، فالأسواق أصبحت مسرحا لعمليات السرقة في وضح النهار والمارة باتوا يخشون المرور خوفا من الاعتداء.

رحلة النزوح

“أ.أ” اضطر للعمل بائعا للمياه لعدة أشهر مستخدما «درداقة» صغيرة لحمل الصفائح وبيعها للمواطنين، كان يعتقد أنه سيتمكن من البقاء في الخرطوم، وإن الحرب ربما تتوقف رغما عن كل شيء، لكن الوضع ازداد سوءا إلى أن قرر في النهاية المخاطرة وبدء رحلة الخروج.

يقول: واجهنا الكثير من التحديات على طول طريق السفر، تعرضنا للتفتيش عدة مرات، وفي إحدى نقاط التفتيش اتهمت من قبل استخبارات الجيش بالاتماء للدعم السريع وتزوير النقود وتعرضت للإهانة الشديدة، لكن لحسن حظي أُطلق سراحي في النهاية بعد أن لم تثبت علي التهم.

انتقل “أ. أ” وأسرته في رحلة طويلة وشاقة من الخرطوم إلى القطينة في ولاية الجزيرة ثم ربك وجودا الشمالية في ولاية النيل الأبيض إلى أن وصلوا إلى مدينة جوبا عاصمة جنوب السودان ومن هناك توجه إلى أوغندا واستقر في معسكر بيالي.

يروي اللاجئ “أ أ” قصته بعينين مثقلتين بالحزن والهم ويتمنى أن تنتهي الحرب حتى يتمكن هو وأسرته من العودة إلى ديارهم. ورغم المعاناة يخطط لبدء حياة جديدة في بيالي ويأمل في أن يبدأ مشروعا صغيرا في الزراعة ويجد عملا إضافيا لدعم أسرته، كما أنه يسعى لمساعدة ابنه في مواصلة دراسته الجامعية بعد أن توقفت حياته التعليمية بسبب الحرب التي أوقفت كل شيء في السودان.

ينشر هذا التقرير بالتزامن في منصات المؤسسات والمنظمات الإعلامية والصحفية الأعضاء بمنتدى الإعلام السوداني

#SilenceKills

#الصمت_يقتل

#NoTimeToWasteForSudan

#الوضع_في_السودان_لا_يحتمل_التأجيل

#StandWithSudan

#ساندوا_السودان

#SudanMediaForum

الوسومالحرب لاجئ نزوح يوغندا

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الحرب لاجئ نزوح يوغندا

إقرأ أيضاً:

علي فوزي يكتب.. السودان بين الصراع والبحث عن قائدٍ وطني

يشهد السودان حالة من عدم الاستقرار العميق، ليس فقط نتيجة الحرب التي اندلعت منذ أبريل 2019، بل أيضًا بسبب الانقسامات الداخلية داخل المجتمع السوداني نفسه. 

لقد أصبح المجتمع يعاني من خلافات واسعة، وتبادل الاتهامات بين الشخصيات السودانية، سواء السياسية أو الاجتماعية، في سياق أزمات متعددة، مما زاد من معاناة المواطن الذي يواجه كارثة إنسانية حقيقية نتيجة النزاع المستمر.

لقد أدت هذه الحرب إلى تدمير النسيج الاجتماعي الذي حاول السودانيون الحفاظ عليه على مر السنوات، وكان معروفًا بقيمه الإنسانية من قلبٍ ولسانٍ جميل، وبثقافته ومعرفته الواسعة التي شكلت هويته. اليوم، يبدو المجتمع السوداني في حاجة ماسة لمن يقود الدولة نحو الاستقرار والسلام، ويعيد لمواطنيها الأمل في وطنهم.

ويُطرح السؤال الأبرز: هل ستظهر شخصية وطنية تجمع السودانيين حولها، وتملك الحب والخير والتسامح في قلبها؟ هذه الشخصية التي ما دام كتب عنها الكثيرون، وآخرهم الدكتورة أماني الطويل في "مانديلا السودان"، ويشير إليها العديد من الكتاب والمحللين على أنها "السوداني الأصيل".

إن السوداني الأصيل، المحب لوطنه والمخلص لشعبه، هو القادر على الجمع بين الصفات التي تجعل منه قائدًا ناجحًا ومنقذًا للدولة. شخصية قوية، واثقة من نفسها، قادرة على إنهاء الحرب، وتحقيق المصالحة الوطنية، واستثمار الموارد الكبيرة التي تمتلكها البلاد لصالح الشعب السوداني.

في الختام، يحتاج السودان إلى قائد قادر على توحيد الصفوف، ووقف النزاع الدموي، والعمل على بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة. وعلى السودانيين، وكل أبناء الوطن في الداخل والخارج، أن يتكاتفوا لدعم هذه الشخصية الوطنية، ليعود السلام والاستقرار إلى وطنهم الغالي.

مقالات مشابهة

  • ملك بريطانيا يروي رحلة التعافي من السرطان على مسامع المشاهدين
  • السودان على مفترق طرق: حرب استنزاف أم مفاوضات جادة؟
  • غوتيريش: الأمم المتحدة ستلتقي طرفيّ حرب السودان
  • حوار مع صديقي المصري عاشق السودان
  • الإمارات: الحرب في السودان بلا منتصر والإغاثة يجب أن تتدفق دون عوائق
  • علي فوزي يكتب.. السودان بين الصراع والبحث عن قائدٍ وطني
  • السيّد: هل تكفي الدولارات القليلة التي تحال على القطاع العام ليومين في لبنان ؟
  • تناسل الحروب
  • رحلة متّجهة إلى تل أبيب غيّرت مسارها... ما الذي جرى فوق بيروت؟
  • اليمن.. عقدة الجغرافيا التي قصمت ظهر الهيمنة: تفكيك خيوط المؤامرة الكبرى