جامعة صنعاء في الصدارة.. فعاليات مؤدلجة وتهديدات تطول الأكاديميين والموظفين
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
تواصل مليشيا الحوثي الإرهابية فرض سياسات صارمة على أكاديميي وموظفي الجامعات الحكومية في المناطق الخاضعة لسيطرتها تأتي جامعة صنعاء في صدارتها، حيث تلزمهم بالمشاركة في فعاليات احتجاجية أسبوعية ذات طابع مؤدلج.
وأفادت مصادر أكاديمية، بأن هذه الإجراءات تأتي تحت تهديدات بالعقوبات، من بينها الفصل الوظيفي أو الخصم من المرتبات، مشيرة إلى أنها تلزم الموظفين والأكاديميين بالخروج والمشاركة في الوقفات الاحتجاجية ذات الطابع السياسي والطائفي المؤدلج.
وأكدت المصادر، في حديثها لوكالة "خبر"، أن هذه السياسات الحوثية تعد امتداداً لنهج المليشيا الإرهابية المدعومة إيرانياً في تحويل المؤسسات التعليمية إلى أدوات تخدم أجندتهم السياسية والطائفية.
وتشير تقارير متعددة إلى أن مليشيا الحوثي (المصنّفة على قائمة الإرهاب) حولت الجامعات الحكومية بدرجة أساسية إلى منصات للترويج لأيديولوجيتها، حيث أصبحت الوقفات الاحتجاجية الأسبوعية أمراً مفروضاً على الأكاديميين والموظفين.
وتكشف مصادر مطلعة، أنه يتم تنظيم هذه الفعاليات تحت رقابة مشددة لضمان مشاركة الجميع، فيما تُسجَّل أسماء المتغيبين وتُرفع إلى الإدارات كجزء من نظام عقابي صارم يطول من يرفض المشاركة.
وتقول مصادر أكاديمية، طلبت عدم ذكر اسمها، إن هذه الإجراءات أثرت بشكل كبير على جودة التعليم، إذ انشغل الأكاديميون بمتطلبات سياسية لا علاقة لها بالعملية التعليمية.
وأفاد أساتذة في جامعة صنعاء بأن الأنشطة الأكاديمية باتت ثانوية، مقارنة بتركيز الإدارة على تنفيذ أجندة الحوثيين، ما أدى إلى استياء واسع بين الكوادر التعليمية والطلاب، نتيجة الخطر الذي بات يهدد مستقبل التعليم العالي في البلاد.
ضغوط سياسية
وفقاً لتقرير أصدرته منظمة "هيومن رايتس ووتش" عام 2023، تعرض أكثر من 60 بالمئة من الموظفين الأكاديميين في الجامعات اليمنية لضغوط سياسية وتهديدات من قبل جماعة الحوثي.
كما أفاد تقرير سابق من مركز الدراسات الاستراتيجية اليمني بأن نسبة كبيرة من الأكاديميين غادروا البلاد بسبب السياسات القمعية، ما أدى إلى نقص حاد في الكوادر المؤهلة.
ولم تقتصر السياسة الحوثية على فرض الوقفات الاحتجاجية، بل امتدت إلى إدخال مواد دراسية مؤدلجة تتوافق مع رؤيتهم الطائفية، وتخصيص ميزانيات كبيرة لنشر أيديولوجياتهم بدلاً من تحسين البنية التعليمية أو دعم البحث العلمي، الأمر الذي تسبب في تراجع تصنيف الجامعات اليمنية على المستوى الإقليمي والدولي.
ويشكّل هذا التسييس تهديدا مستقبليا كبيرا على الإقبال على التعليم، بسبب فقدان الثقة في الجامعات الحكومية، سيما والتقارير المحلية تشير إلى انخفاض ملحوظ في الإقبال على التعليم العالي نتيجة هذه الإجراءات بالإضافة إلى تدني مستوى دخل الفرد المستمر.
وبحسب الأكاديميين، فإن استمرار هذه السياسات سيؤدي إلى انهيار تام للنظام التعليمي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وكانت طالبت منظمات حقوقية دولية وإقليمية، المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالضغط على مليشيا الحوثي لوقف استغلال الجامعات في تحقيق أجندتها السياسية، وإعادة الاعتبار للعملية التعليمية بعيداً عن التسييس.
كما طالبت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، بتحمل مسؤوليتها والتحرك الجاد حيال ذلك، بممارسة ضغوط على المجتمع الدولي والأممي، غير أنها المطالب التي لم تلق أي تجاوب ما زاد من شهية المليشيا لتوسّع دائرة انتهاكاتها بحق التعليم.
ويحذر مراقبون، من إفراغ الجامعات اليمنية من محتواها التعليمي وتحويلها إلى مسرح للأجندة السياسية، بدلاً من أن تكون منارات للعلم والمعرفة.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
إقرأ أيضاً:
فعاليات ثقافية في إب ومأرب وصنعاء بالذكرى السنوية لرحيل العالم الرباني بدر الدين الحوثي
يمانيون | تقرير
في مشهدٍ إيماني وروحي تتجدد فيه معاني الوفاء والارتباط بأعلام الهدى، شهدت العديد من مديريات محافظات إب ومأرب وصنعاء سلسلة ندوات ثقافية وفعاليات خطابية في الذكرى السنوية لرحيل السيد العلامة الرباني بدر الدين أمير الدين الحوثي، الذي شكّل برحيله محطة من محطات التأمل في حياة العظماء الذين أحيوا الدين قولاً وفعلاً وجهاداً وتربية.
إب.. ندوات تُحيي سيرة رجلٍ أحيا الله به الأمة
في محافظة إب، توزعت الفعاليات على عدد من المديريات، حيث أقيمت ندوات ثقافية في بعدان، مذيخرة، الرضمة، والنادرة، إلى جانب فعاليات خطابية في مديريات ذي السفال، حبيش، الشعر، القفر، فرع العدين، وإدارة أمن يريم.
حفلت الكلمات التي أُلقيت في هذه الفعاليات بتسليط الضوء على السيرة الذاتية والفكرية للسيد بدر الدين الحوثي، ووقفت عند محطات متعددة من حياته، بدءًا من نشأته العلمية، مرورًا بمؤلفاته العميقة، وصولاً إلى أدواره المركزية في تأسيس مدرسة قرآنية واجهت بقوة مشاريع التضليل والاستعمار الفكري.
الاهتمام المتزايد بإحياء هذه الذكرى في إب لا يمكن فصله عن الدور المؤسس الذي اضطلع به العلامة الحوثي، حيث تحوّلت دروسه ومواقفه إلى مرجع أخلاقي وفكري لمعظم الأطر العلمية والدعوية، وهو ما تجسّد في شهادات المشاركين الذين اعتبروا أن هذه الفعاليات ليست مجرد احتفال، بل تجديدٌ للعهد مع المبادئ التي غرسها في طلابه ومريديه.
مأرب.. الجبهة الثقافية تخلّد عالماً واجه الباطل ولم يساوم
التفاعل مع هذه الذكرى امتد من المرتفعات الوسطى في إب إلى تخوم مأرب، حيث اتخذت الفعاليات طابعًا تعبويًا وروحيًا في آنٍ معًا.. فقد شهدت مديريات بدبدة والجوبة وحريب القراميش، فعاليات وندوات ثقافية عكست الحضور المتنامي للمشروع الفكري الذي أرساه العلامة الحوثي، حتى في البيئات التي ظلت لسنوات تحت ضغط سياسي وعسكري مكثف.
الكلمات التي أُلقيت في ندوات مأرب كشفت عن امتداد تأثير السيد بدر الدين إلى شرائح اجتماعية واسعة، حيث أصبح نموذجًا للعالم الزاهد، الذي جمع بين العلم والخشية، وبين الفكر والموقف.. ولم تقتصر الإشادة على مآثره الشخصية، بل تعدتها إلى ربط مواقفه بأفق نهضوي تحقّق فعلاً في المسيرة القرآنية التي أسس بنيانها الأول، وتحمل رايتها اليوم القيادة الثورية والسياسية في صنعاء.
ومن الجوبة إلى حريب القراميش، توحّد الصوت في التأكيد على أن العلامة بدر الدين لم يورّث مكتبة كتبٍ فحسب، بل أورث مشروعًا متكاملاً في مواجهة الانحرافات العقائدية والفساد السياسي، في زمنٍ أصبح فيه العلماء – في أغلبهم – جزءاً من معسكر الظلم أو أدوات لتبرير طغيان أنظمة الخيانة.
صنعاء.. ثقافة الوفاء تتجذر وتترجم في خطاب جماهيري
ذلك الحضور العميق في إب ومأرب، واصل امتداده إلى محافظة صنعاء، حيث أقيمت ندوة رئيسية في مديرية الحيمة الداخلية، جمعت مسؤولين ومثقفين وشخصيات اجتماعية.
حيث سلطت الندوة الضوء على الجذور العميقة للمسيرة القرآنية، وأكدت أن العلامة بدر الدين لم يكن مجرد مُربٍّ لأسرة علمائية، بل باني مشروع تحوّل إلى مسار ثوري متكامل، انتقل من الكلمة إلى الفعل، ومن الفقه إلى الميدان.
وفي كلمة العلامة عبد العالم المتوكل، طُرحت رؤية متكاملة عن أن كل ما تحقّق من مكاسب فكرية وسياسية وعسكرية في اليمن إنما هو امتداد لجهد علمي وتربوي بدأ في الزوايا والبيوت، على يد رجل عارف بالله لم يطلب شهرة ولا سلطة، وإنما انطلق من يقين قرآني بضرورة هداية الأمة وتحقيق استخلافها بالحق والوعي.
هذا التأسيس الذي تحدّث عنه المتوكل، أعاد التأكيد على أن الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي لم يظهر فجأة، بل خرج من بيئة علمية وتربوية راسخة، نشأ فيها على روح البذل والصدق والاستقامة، وهي البيئة التي هيّأها والده العلامة بدر الدين، وكانت حاضنًا لما أصبح لاحقًا المشروع القرآني الذي تغيّر من خلاله ميزان القوى في المنطقة.
حضور نسائي متميز يواكب الذكرى ويثري بعدها التربوي
ذلك الامتداد الاجتماعي الشامل الذي أحدثه السيد بدر الدين لم يتوقف عند العلماء والرجال، بل وجد طريقه إلى أوساط النساء، كما عكست ذلك ندوة الهيئة النسائية في مديريتي سنحان وصنعاء الجديدة.
وفي الندوة، حضرت سيرة السيد بدر الدين بروحها الزاهدة ومواقفها التربوية، وقدّمت النساء المشاركات قراءات تأملية في دوره كمرشد ومعلّم، استطاع أن يخرج من بين يديه جيلًا علمائيًا استثنائيًا في زمن التزييف والانحراف.
وركّزت الكلمات على الجانب التربوي للراحل، موضحة كيف أن المدارس التي أسسها، والمؤلفات التي وضعها، أسهمت في خلق بيئة قرآنية تقاوم التمييع الثقافي وتنتج قادة وعلماء، وتفتح أبواب العلم والمعرفة للمرأة اليمنية كجزء أصيل من مشروع التحرر والنهضة.
ثمرة جهدٍ عمره عقود
إن هذا التفاعل الشعبي والثقافي مع الذكرى السنوية لرحيل السيد بدر الدين الحوثي في أكثر من محافظة، يعبّر عن حالة وعي جماعية بحجم البصمة التي تركها هذا العالم الرباني في وجدان الأمة.
وفي زمن يُراد فيه تزييف القيم وطمس القدوات، تبدو هذه الذكرى السنوية مناسبة وطنية وإيمانية لإعادة إحياء النموذج، ليس فقط في الشكل، بل في جوهر المشروع الذي حمله السيد بدر الدين الحوثي: مشروع الإيمان الواعي، والثورة المتجذرة في قيم القرآن، والحياة الحرة في ظل ولاية الله.