"التربية" تناقش تحديات وفرص "لغة الضاد" في ظل التحولات الرقمية
تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT
مسقط- الرؤية
نظّمت وزارة التربية والتعليم مُمثلة باللجنة العمانية للتربية والثقافة والعلوم ملتقى بعنوان "فضاءات اللغة العربية والتحولات الرقمية"، احتفاء باليوم العالمي للغة العربية الذي يصادف 18 ديسمبر من كل عام.
رعت الفعالية التي أقيمت بفندق كراون بلازا العرفان؛ سعادة الدكتورة جوخة بنت عبدالله الشكيلية الرئيسة التنفيذية للهيئة العمانية للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم، بحضور عدد من المستشارين، ومديري العموم بوزارة التربية والتعليم، واستهدف عددًا من الباحثين والأكاديميين، والمشرفين ومعلمي مادة اللغة العربية، وطلبة المدارس.
وتضمّن الملتقى جلسة افتتاحية وأخرى رئيسية وحلقات تدريبية مصاحبة، ناقشت التحديات والفرص أمام اللغة العربية في زمن التحولات الرقمية، سعيًا من وزارة التربية والتعليم إلى تعزيز أهمية المعرفة اللغوية من خلال إبراز مختلف جهود الحقل التربوي، التي كان لها أثر متميز في مسار اللغة العربية الفكري والإبداعي.
وهدف الملتقى إلى إبراز أهمية ودور اللغة العربية في التطور الحضاري للمجتمعات الإنسانية، تعزيز البحوث العلمية والتربوية، التشجيع على ممارسة تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تنمية مهارات اللغة العربية وتوظيفها، وعرض التحديات التي تواجه مجالات اللغة العربية والحلول الإبداعية لحفظها واستدامتها.
وألقى الدكتور محمد بن عبدالله العبري أمين اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم، كلمة الوزارة، أشار فيها إلى أن اللغة ليست أداة تواصل فحسب، وإنما المرآة الأولى لإدراك الثقافة والمعرفة ووعي الشعوب، ولهذا يتنافس الجميع على إبراز لغتهم، والاهتمام بها وحمايتها من الضعف والاندثار كون أن اللغة كائن حي يتأثر ويؤثر.
وفي نهاية حفل الافتتاح، كرّمت سعادة راعية المناسبة المتحدثين ومقدمي أوراق العمل، والفائزين من الطلبة في مسابقة أفضل قصة مصوّرة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، التي نظمتها دائرة المواطنة بوزارة التربية والتعليم.
وافتتح الملتقى، بجلسة استعرض خلالها الأستاذ الدكتور إحسان بن صادق اللواتي من جامعة السلطان قابوس، موضوع: "ثنائيات في الواقع المعيش للغتنا العربية"، كما اشتملت الجلسة الرئيسية على تقديم عدّة أوراق عمل، ترأسها يونس بن جميّل النعماني من اللجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم.
وفي الورقة الأولى تطرق الدكتور عبدالله بن سعيد السنيدي من تعليمية شمال الباطنة إلى موضوع: "تداعيات الازدواجية اللغوية للطلبة في المدارس"، وبحثت ورقة: "اللغة العربية في الفضاء السيبراني: جهود المنظمات اللغوية لتعزيز التعدد اللغوي" التي قدّمها حميد بن محمد الهنائي من اللجنة الوطنية العمانية؛ دور المنظمات اللغوية الدولية والعربية في تعزيز استخدام اللغة العربية على الإنترنت، وجاءت الورقة الثالثة بعنوان: "الثروة اللفظية وتعليم اللغة العربية" للدكتور الأزهر بن زهران الراشدي الخبير بدائرة تطوير مناهج العلوم الإنسانية.
واستعرضت الدكتورة فوزية بنت مال الله الوهابية مشرفة مجال أول بتعليمية مسقط ورقتها البحثيّة التي استهدفت: "فاعلية منصة تعليمية قائمة على التلعيب في تنمية مهارات الفهم القرائي لدى تلاميذ الصف الرابع الأساسي"، وقدّمت الدكتورة مريم بنت حميد الغافرية من المعهد التخصصي للتدريب المهني للمعلمين ورقة بعنوان: "أدب الذكاء الاصطناعي والأدب التفاعلي: التجلّيات والتحدّيات".
وصاحب الجلسة الرئيسية للملتقى تقديم حلقتي عمل تدريبيتين، قدم الأولى: يعرب بن علي المعمري أخصائي خدمات رقمية بوزارة التربية والتعليم بعنوان: "توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تدريس مفاهيم ومهارات اللغة العربية"، وقدم الحلقة الثانية الدكتور سعيد بن محمد الكلباني أخصائي خدمات رقمية أول بوزارة التربية والتعليم وعنوانها: "فرص اللغة العربية في النماذج اللغوية الاصطناعية".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الرجل الذي يريد أن يصبح ملكا.. قراءة في التحولات السعودية تحت قيادة ابن سلمان
في توقيت لا يمكن اعتباره مصادفة، نشرت الصحفية الأمريكية المخضرمة كارين إليوت هاوس كتابها الجديد "الرجل الذي يريد أن يصبح ملكا: محمد بن سلمان وتحول السعودية"، في لحظة حرجة من تاريخ الشرق الأوسط، حيث تصاعد دور السعودية بقيادة ولي عهدها محمد بن سلمان في إعادة رسم توازنات الإقليم، على خلفية التحولات الدراماتيكية في الصراع بين إيران وإسرائيل، وتبدل التموضعات الجيوسياسية عقب الحرب على غزة، وانخراط المملكة في ملفات حاسمة تتعلق بالتطبيع ومفاوضات الأسرى والسلام.
الكتاب، الذي راجعه الكاتب الأمريكي البارز والتر راسل ميد في صحيفة "وول ستريت جورنال" بتاريخ 3 تموز/ يوليو 2025، يقدّم شهادة من الداخل الأميركي على تحول ولي العهد السعودي إلى "ملك غير متوّج فعليًا"، يباشر إعادة تشكيل الدولة والمجتمع في المملكة، ولكن ليس بالضرورة ضمن مسار ديمقراطي، بل عبر رؤية مركزية تُعلي من "التحكم الحداثي" على حساب الانفتاح السياسي.
سعودية جديدة.. لا تشبه القديمة
كارين هاوس ليست صحفية عابرة في الشأن السعودي؛ فقد بدأت تغطية المملكة منذ السبعينيات، ونالت جائزة "بوليتزر" في 1984 عن تغطياتها العميقة للشرق الأوسط. في كتابها الجديد، تنقل تحولاتها الشخصية من متابعة صحفية إلى "شاهدة على نهاية سعودية قديمة وصعود أخرى جديدة"، حيث أصبح محمد بن سلمان هو الدولة.
ترصد هاوس، من خلال مقابلاتها داخل السعودية، ملامح التغيير الذي أحدثه "MBS"، كما يُعرف دوليًا، من فتح المجال أمام النساء في الفضاء العام وسوق العمل، إلى إقصاء عدد كبير من أفراد العائلة المالكة، وإعادة ترتيب الاقتصاد والمجتمع والدين بما يتناسب مع رؤيته الصارمة لـ"رؤية 2030".
لكن الأهم من التغييرات الاجتماعية، حسبما تبرز هاوس، هو كسر بن سلمان للسلوك التقليدي لآل سعود؛ فهو لا يرى مشكلة في التزلج على الرمال في نيوم، أو الظهور بجاكيت "باربور" الإنجليزي ونظارات "توم فورد" وحذاء "Yeezy" الأمريكي، في سباقات الفورمولا E، في مشهد رمزي يُلخّص شكل الحكم الجديد: مزيج من الحداثة الغربية والهوية السعودية، تحت هيمنة الفرد الواحد.
تحديث بلا ديمقراطية
يؤكد الكاتب والتر ميد في مراجعته أن ولي العهد لا يسعى إلى ديمقراطية، بل إلى تحديث اقتصادي واجتماعي تحت سلطة مركزية صارمة. ويقول: "محمد بن سلمان لا يريد تقاسم الحكم، بل يريد النجاح فيه بمفرده". وهذا ما يجعل تجربته محل جدل؛ فبينما يتلقاها الغرب بعيون منبهرة لما فيها من "علمانية مقنّعة"، فإن الأصوات الحقوقية ترى في تلك التغييرات شكلاً من الاستبداد الجديد المغلف بالتكنولوجيا والانفتاح الاقتصادي.
وبينما يتحدث الكتاب عن إعجاب بعض السعوديين، خاصة النساء والشباب، بالانفتاح النسبي، إلا أن أسئلة كبرى تظل دون إجابة: ماذا عن الحريات السياسية؟ ماذا عن المعتقلين؟ وماذا عن المعارضة المقموعة في الداخل والخارج؟ وماذا عن ثمن التحالفات الخارجية، مثل ملف التطبيع مع إسرائيل، الذي بات يطبخ على نار هادئة بدعم أميركي واضح؟
رجل في قلب لعبة إقليمية كبرى
يتزامن صدور الكتاب مع عودة المملكة إلى قلب اللعبة السياسية في الشرق الأوسط. محمد بن سلمان لم يعد "قائدًا شابًا طموحًا" فقط، بل رقماً حاسماً في ملفات ساخنة: التفاوض على إنهاء حرب غزة، الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، بل وأيضًا "هندسة ما بعد إيران"، بعد التقهقر الإيراني الإقليمي عقب الضربات الإسرائيلية، كما يشير ميد.
وفي هذا السياق، فإن فهم شخصية بن سلمان ـ بحسب ميد ـ ليس ترفًا، بل ضرورة استراتيجية لصناع القرار في واشنطن وتل أبيب، الذين يجدون أنفسهم اليوم مضطرين للجلوس معه، بل الاعتماد عليه في مشاريع إعادة رسم خارطة المنطقة.
المعضلة: كيف نحكم على التغيير؟
يبقى السؤال الجوهري الذي يطرحه الكتاب، بذكاء غير مباشر: هل ما يحدث في السعودية ثورة تحديث فعلية، أم هندسة اجتماعية من فوق؟ وهل يمكن لعقود من المحافظة والسلطوية أن تُستبدل بتغيير سريع تحت سلطة فرد واحد؟ وأين يقف المواطن السعودي من هذه التحولات؟
الكتاب لا يجيب بشكل نهائي، لكنه يضع القارئ أمام حقيقة واحدة: محمد بن سلمان قد لا يكون ملكًا رسميًا بعد، لكنه يحكم كملك فعلي، ويعيد تشكيل السعودية على صورته.. وصورة المستقبل الذي يريده.
https://www.wsj.com/world/middle-east/the-man-who-would-be-king-review-a-very-modern-monarch-bd35aa6d