خبير عسكري: قصف إسرائيل للحوثيين عقابي ولن يؤثر على قدراتهم
تاريخ النشر: 19th, December 2024 GMT
يعتقد الخبير العسكري العقيد المتقاعد حاتم كريم الفلاحي أن الضربات الإسرائيلية على اليمن لن تؤثر على قوة الحوثيين في مناطقهم، واصفا القصف الإسرائيلي بأنه عقابي بالدرجة الأولى.
وأوضح الفلاحي -في تحليله للتطورات العسكرية بالمنطقة- أن استخدام القوة الجوية الإسرائيلية لن يؤثر على الحوثيين لأن الضربات الأخيرة استهدفت موانئ نفطية وبنى تحتية للطاقة.
وقد توعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، الحوثيين بالمزيد من الهجمات، وقال إن من يمس إسرائيل "سيدفع ثمنا باهظا للغاية" بعد ساعات من شن مقاتلات إسرائيلية غارات على موانئ ومنشآت للطاقة والنفط تابعة لهذه الجماعة اليمنية.
وقال نتنياهو في بيان إنه "بعد حركة حماس وحزب الله ونظام الأسد في سوريا، أصبح الحوثيون تقريبا الذراع الأخير المتبقي لمحور الشر الإيراني".
ووفق وسائل إعلام إسرائيلية، فإن الهجوم الإسرائيلي خطط له منذ أسابيع عدة، ونُفذ بـ14 طائرة مقاتلة قطعت أكثر من ألفي كيلومتر، إلى جانب طائرات التزود بالوقود وطائرات التجسس.
وفي المقابل، أعرب الخبير العسكري عن قناعته بأن التأثير الإستراتيجي للصواريخ التي تطلق من اليمن باتجاه إسرائيل "ليس كبيرا لكونها ليست كثيرة ولا تسقط على مناطق مهمة".
إعلانولفت الفلاحي إلى أن الغارات الإسرائيلية التي ضربت مناطق مختلفة في اليمن جاءت ترجمة لتصريحات إسرائيلية بأن الحوثيين باتوا الجبهة الوحيدة من المحور الإيراني ويجب تركيز الأنظار والضربات عليها.
ومساء الخميس، بثت جماعة الحوثي مشاهد قالت إنها لإطلاق صاروخين باليستيين من النوع "فرط صوتي" على منطقة يافا (تل أبيب) وسط إسرائيل.
وفي وقت سابق الخميس، قال المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع في خطاب متلفز إن القوة الصاروخية التابعة للجماعة نفذت عملية عسكرية نوعية بصاروخين باليستيين "فرط صوتي" من طراز "فلسطين 2" استهدفت هدفين عسكريين بمنطقة يافا المحتلة.
وبعد ساعات، أعلن سريع عن هجوم بمسيّرة استهدف هدفا عسكريا في إسرائيل بمنطقة يافا المحتلة، مؤكدا استعداد الجماعة لـ"لحرب طويلة مع العدو الإسرائيلي إسنادا للمجاهدين في غزة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
هل تؤلم هجمات الحوثيين إسرائيل أم تعطيها ذريعة لاستمرار حرب غزة؟
تتزايد التساؤلات حول طبيعة الأثر الذي تتركه هجمات جماعة أنصار الله الحوثي على إسرائيل، لا سيما مع استمرار إطلاق الطائرات المسيّرة من اليمن باتجاه العمق الإسرائيلي، في ظل حالة استنزاف متصاعدة على أكثر من جبهة.
وتبرز في هذا السياق فرضيتان متضادتان، الأولى تعتبر أن هذه الهجمات تشكل مصدر إرباك وضغط فعلي على حكومة بنيامين نتنياهو، والثانية ترى فيها مبررا يتيح لإسرائيل مواصلة الحرب على غزة بذريعة التصدي لمحور إقليمي أوسع.
ومن وجهة نظر المدير التنفيذي لمركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية أسامة الروحاني، فإن هجمات الحوثيين لا تمثل كلفة عالية لإسرائيل، بل توفر لها فرصة لتبرير عملياتها العسكرية الجارية وتغذية خطابها عن الدفاع ضد خطر إقليمي متصاعد.
وأشار الروحاني، في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر"، إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة تحاولان استثمار الهجمات الحوثية سياسيا، لتضخيم التهديد الإيراني، ومن ثم شرعنة التصعيد على مختلف الجبهات، ومن بينها اليمن.
آثار نفسية عميقةفي المقابل، رأى الكاتب المختص في الشؤون الإسرائيلية إيهاب جبارين أن الصواريخ الحوثية، وإن لم تُحدث أضرارا جسيمة، إلا أنها تترك أثرا نفسيا عميقا داخل إسرائيل، وتجبر الحكومة على التعاطي مع جبهات جديدة في توقيت شديد الحساسية.
إعلانوأوضح جبارين أن إسرائيل، التي كانت قد تعهدت منذ سنوات بإحكام قبضتها الجوية والإلكترونية على المجال الإقليمي، تجد نفسها اليوم في مواجهة مسيّرات تخترق مجالها من مسافة بعيدة وتصل إلى مناطق حساسة.
وتعزز هذه التطورات -وفق المتحدث- شعورا بالضعف داخل المجتمع الإسرائيلي، إذ تبدو الحكومة عاجزة عن احتواء اتساع رقعة المواجهة، مما قد يُضعف ثقة الجمهور بقدرة الدولة على حمايته في ظل حرب استنزاف غير مألوفة.
ورغم ذلك، يشدد الروحاني على أن الحوثيين لا يستهدفون إسرائيل فقط، بل يخوضون معركتهم الخاصة التي تستند إلى مزيج من الدوافع الأيديولوجية والمكاسب السياسية في الداخل اليمني، وليس بالضرورة في انسجام تام مع الأجندة الإيرانية.
تعزيز الشرعية الثورية
ويعتقد أن الحوثيين يوظفون الصراع في غزة لتعزيز شرعيتهم الثورية، وتوسيع حضورهم الإقليمي ضمن محور المقاومة، مستفيدين من الصدى الإعلامي والسياسي الذي توفره ضرباتهم تجاه إسرائيل.
ويضيف أن واشنطن حاولت تحييد الحوثيين عسكريا من خلال ضربات محددة، لكنها لم تنجح في كبح جماحهم، بل أدت إلى تصعيد جديد وتوسيع لنطاق الهجمات، وهو ما يطرح تحديات إضافية أمام الإستراتيجية الأميركية في البحر الأحمر.
أما في الداخل الإسرائيلي، فيرى جبارين أن حكومة نتنياهو تجد في التصعيد الحوثي فرصة لإعادة تأطير الحرب على غزة، وتقديمها على أنها جزء من مواجهة إقليمية أوسع، مما يطيل أمد العملية العسكرية ويمنحها غطاء سياسيا.
ويوضح أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تدرك أن الانشغال بجبهات متعددة، من اليمن إلى لبنان وسوريا، يضعف تركيز الجيش ويستنزف قدراته، وهو ما يعزز الجدل الداخلي حول كفاءة إدارة الحرب وخيارات الخروج منها.
ويرى جبارين أن تل أبيب تعتمد في ردها هجمات "جبهة اليمن" على الولايات المتحدة، التي تنوب عنها في تنفيذ الضربات ضد الحوثيين، مما يعكس هشاشة القدرة الإسرائيلية على التعامل مع هذا التهديد منفردة.
إعلان معادلة ردع جديدةويخلص جبارين إلى أن الضربات الحوثية، حتى وإن كانت محدودة الأثر الميداني، فإنها تفرض معادلة ردع جديدة عنوانها أن إسرائيل لم تعد تملك السيطرة المطلقة في الإقليم، وأن خصومها باتوا قادرين على تهديد عمقها من مسافات بعيدة.
وفي السياق ذاته، حذر الروحاني من تداعيات اتساع ساحة المواجهة، مشيرا إلى أن تطور الصراع قد يؤدي إلى خلط أوراق اللاعبين الدوليين في البحر الأحمر، وجر قوى جديدة إلى صراع غير محسوب العواقب.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة تسعى حاليا إلى بناء تحالفات بحرية لتأمين ممرات التجارة العالمية، لكن الحوثيين أثبتوا قدرة على ضرب هذه المنظومة من دون تكبّد خسائر كبيرة، مما يعقّد حسابات الأمن البحري الدولي.
وعلى المدى المتوسط، يرى الروحاني أن إصرار الحوثيين على مواصلة الهجمات سيزيد من هشاشة التحالف الأميركي، وسيدفع شركات الشحن العالمية إلى تقليص نشاطها في البحر الأحمر، وهو ما يضر بإسرائيل اقتصاديا وأمنيا.
مسألة هامشية
ومع ذلك، تبقى المفارقة -وفق جبارين- أن إسرائيل لا تزال تعتبر التصعيد مع الحوثيين مسألة هامشية مقارنة بجبهة قطاع غزة، لكنها تدرك في الوقت نفسه أن تجاهل هذه الجبهة قد يؤدي إلى استنزاف تدريجي لا يمكن تجاهله على المدى البعيد.
ويلفت إلى أن الهجمات التي تنطلق من اليمن باتت تمثل رمزية أكبر من حجمها العسكري، إذ توصل رسالة إلى الإسرائيليين مفادها أن أمنهم لم يعد مضمونا، وأن سياسات حكومتهم تُكلفهم ثمنا يتجاوز حدود قطاع غزة.
ورغم ضبابية الصورة، يتفق الضيفان على أن الهجمات الحوثية أوجدت معادلة جديدة، تضع إسرائيل أمام واقع إقليمي متغير، تتراجع فيه هيمنتها، وتضطر للتعاطي مع خصوم غير تقليديين يملكون أدوات تهديد لم تكن مألوفة في الحروب السابقة.
وبدعم أميركي مطلق، ترتكب إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في غزة، خلفت نحو 174 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
إعلان