نشرت مجلة "جون أفريك" الفرنسية، تقريرا، سلّطت فيه الضوء على النجاح الذي حققته تركيا من خلال دور الوساطة في المفاوضات بين  إثيوبيا والصومال، والتي انطلقت في تموز/ يوليو الماضي.

وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن أنقرة قادت لأول مرة منذ حضورها الفعلي في القارة الأفريقية سنة 2005، مفاوضات بين بلدين بمفردها، في ظل ظرف إقليمي صعب.



وأضافت أن هذا النجاح له طابع خاص من المنظور التركي، لأنه تحقّق في منطقة القرن الأفريقي التي كانت نقطة انطلاق نحو غزو الأسواق الخارجية، ومن خلاله توجه أنقرة رسالة تحدٍ إلى القوى "التقليدية"، وتعزز مكانتها كلاعب محوري في القارة، وتوسع مجال نفوذها هناك.

وكان رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، ورئيس الصومال حسن شيخ محمود، قد وقّعا في الحادي عشر من كانون الأول/ ديسمبر الجاري اتفاق مصالحة في أنقرة بفضل الجهود التي بذلها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في سبيل ضمان تسوية الخلاف بين البلدين والالتزام "بالمضيّ نحو المستقبل بشكل سلمي".

ثماني ساعات من المفاوضات
نقلت المجلة عن الخبير في مركز أوسرام لدراسات الشرق الأوسط في أنقرة، كان دفجي أوغلو، قوله: "تعززت علاقات تركيا القديمة مع الصومال بفضل الاستثمارات والدعم العسكري الذي تقدمه أنقرة.
 
وفي الوقت نفسه، تُعد إثيوبيا أحد أهم الشركاء الاقتصاديين لتركيا في أفريقيا، ومركزاً دبلوماسياً محورياً في القارة. تصاعد التوترات بين الصومال وإثيوبيا كان من الممكن أن يهدد مشاريع التعاون والأنشطة التجارية والمصالح الاستراتيجية لتركيا مع هذين البلدين".

وذكرت المجلة أن الأمور كانت على حالها منذ الجولة الثانية من المفاوضات في آب/ أغسطس من العام الحالي، وقد أُلغيت الجولة الثالثة المقررة في أيلول/ سبتمبر الماضي، لكن المشاورات السرية استمرت تحت إشراف وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان.

وبحلول أوائل كانون الأول/ ديسمبر، أحرزت المحادثات تقدماً خوّل للرئيس التركي، دعوة أبي أحمد وحسن شيخ محمود إلى أنقرة. وبعد ثماني ساعات من المفاوضات، أنهى الزعيمان الخلاف، وعقدا مؤتمرا صحفيا مشتركا.


سبب الأزمة
كانت إثيوبيا التي حُرمت من واجهة بحرية منذ استقلال إريتريا سنة 1993، قد وقعت في كانون الثاني/ يناير 2024، بروتوكول تعاون مع أرض الصومال.

بموجب الاتفاق، تعترف أديس أبابا بأرض الصومال كدولة مستقلة مقابل حصولها على عقد استغلال شريط ساحلي بطول 20 كيلومتراً.

بذلك، تضمن إثيوبيا الوصول إلى البحر الأحمر، مع إمكانية إنشاء قاعدة عسكرية وتطوير تجارتها، دون الاعتماد حصريا على ممر جيبوتي.

ردا على ذلك، استدعت السلطات الصومالية سفيرها في أديس أبابا، وبدأت خطوات للتقارب العسكري مع مصر، العدو اللدود لإثيوبيا، حسب تعبير المجلة.

وفي شباط/ فبراير وآذار/ مارس 2024، وقعت الصومال مع تركيا اتفاقاً اقتصادياً وعسكرياً، واتفاقاً للتعاون في مجال الطاقة. ينص الاتفاق الأول على أن تشرف أنقرة على تجهيز وتدريب البحرية الصومالية لمساعدتها في حماية ثرواتها وحدودها البحرية وتعزيز قدراتها ضد عمليات القرصنة وحركة الشباب المجاهدين.

ويمنح الاتفاق الثاني تركيا الحق في استكشاف النفط والغاز في المياه الصومالية واستغلال الحقول الهيدروكربونية عند اكتشافها. ومنذ ذلك الحين، سعت أنقرة لإيجاد حل يرضي الطرفين.

اتفاق المصالحة
يقوم اتفاق الحادي عشر من كانون الأول/ ديسمبر على نقطتين أساسيتين، إذ تنص النقطة الأولى على اعتراف إثيوبيا بوحدة أراضي الصومال وسيادتها، أما الثانية فإنها تنص على حق أديس أبابا في الوصول التجاري إلى البحر "في إطار القانون الدولي مع احترام سيادة الحكومة الفيدرالية الصومالية".

إلى ذلك، تعهّدت مقديشو وأديس أبابا بتوقيع اتفاقيات تجارية ثنائية من شأنها تأمين وصول إثيوبيا بشكل آمن وموثوق إلى البحر تحت إشراف السلطات الصومالية.

ومن الناحية العملية، يتعين على الفرق الفنية من كلا البلدين بدء مفاوضات تحت إشراف تركيا بحلول شباط/ فبراير 2025، على أن تُختتم في غضون أربعة أشهر. وأي نزاع يتعلق بتفسير أو تنفيذ هذه الالتزامات ينبغي حله عبر الحوار، مع إمكانية اللجوء إلى تركيا إذا لزم الأمر.


سياسة براغماتية
أضافت المجلة أن الرئيس التركي قد راهن من خلال تدخله بشكل شخصي في المفاوضات على العلاقات القوية التي تجمعه مع أديس أبابا ومقديشو. في 2005، عندما كان رئيسا للوزراء، اختار أردوغان إثيوبيا لتكون وجهته الأولى في أفريقيا.

يوجد في الوقت الراهن أكثر من 200 شركة تركية في إثيوبيا، كما لعبت الطائرات المسيّرة  من طراز "بيرقدار تي بي 2" التركية، دورا كبيرا في النزاع بين حكومة أبي أحمد والمتمردين في تيغراي.

من جهتها، تعد الصومال منطقة حيوية مهمة لتركيا في القارة، حيث تدير شركتا البيرق وفافوري ميناء ومطار مقديشو، وقد أنشأت أنقرة قاعدة عسكرية في البلاد تعمل على تدريب الجيش الصومالي على "مكافحة الإرهاب".

وأكدت المجلة أن تركيا لن تتخلى عن نهجها البراغماتي في هذه المنطقة التي تقع عند مدخل مضيق باب المندب، أحد أكثر الطرق التجارية ازدحاماً في العالم.

ويقول دفجي أوغلو في هذا السياق: "لا تعترف تركيا بأرض الصومال كدولة مستقلة، لأن ذلك قد يضر بوحدة أراضي الصومال وبعلاقاتها مع أنقرة. مع ذلك، تدرك تركيا أن أرض الصومال بحاجة إلى تحقيق الاستقرار والتنمية. لذلك، تقدم لها المساعدة بشكل غير مباشر من خلال بعض المشاريع الإنسانية والاقتصادية".


مصالح متضاربة
ترى المجلة أن التوترات في المنطقة تفتح الباب للتساؤل عن إمكانية صمود اتفاق 11 كانون الأول/ ديسمبر، في ظل وجود أطراف مؤثرة أخرى، على غرار عدد من الدول الغربية التي تملك قواعد عسكرية في جيبوتي ومصر، التي تخوض نزاعًا مع إثيوبيا بشأن تقاسم مياه النيل.

ووفقا للمجلة، تلعب الإمارات العربية المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي دورا محوريا في المنطقة، حيث أقامتا علاقات مع أرض الصومال، القريبة جغرافيا من الحوثيين في اليمن. رغم نجاحها الدبلوماسي الأخير، لم تتمكن تركيا من حل الخلاف الإقليمي الذي تغذيه التوجهات الانفصالية.

ويقول الباحث في السياسة الخارجية بمركز سيتا في أنقرة، تونتش دميرتاش: "تم تعزيز صورة ومصداقية تركيا على الساحة الدولية بفضل مسار أنقرة. من خلال العمل وفقًا لمبدأ حلول أفريقية لمشاكل أفريقيا، قد تتمكن تركيا، إذا طُلب منها ذلك، لعب دور الوسيط لاستئناف المحادثات بين الصومال وأرض الصومال أو بذل جهود للوساطة بين السودان والإمارات العربية المتحدة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي تركيا الصومال أردوغان أفريقيا تركيا أردوغان الصومال أفريقيا أثيوبيا المزيد في اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة کانون الأول أدیس أبابا المجلة أن فی القارة من خلال

إقرأ أيضاً:

أردوغان: تركيا ستبدأ في توليد الكهرباء من محطة “أكويو”

أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن تركيا ستبدأ قريبًا في توليد الكهرباء من المفاعل الأول لمحطة "أكويو" النووية، مؤكدًا استمرار الاستثمار في الطاقة النووية رغم انتقادات المعارضة.

الإمارات تبحث مع تركيا والعراق أهمية قمة شرم الشيخ للسلام لتعزيز الاستقرار تركيا تؤكد تسارع وتيرة مساعداتها الإنسانية إلى الفلسطينيين في غزة


وأشار أردوغان، في تصريحات أدلى بها عقب اجتماع مجلس الوزراء اليوم الأربعاء، إلى أن هناك مشاريع نووية أخرى قيد المناقشة ضمن الأجندة الطاقوية للبلاد، مضيفًا: "سنواصل التقدم في هذا المجال، وسنبدأ بتوليد الطاقة من أكويو في القريب العاجل".
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قد أكد، الاثنين قبل الماضي، أن أنقرة تتصدر الدول المستثمرة في مجال الطاقة الخضراء، مشيرا إلى أن أكثر من 60% من إجمالي إنتاج الطاقة في البلاد يأتي من مصادر متجددة.
جاء ذلك خلال كلمته في منتدى ومعرض كفاءة الطاقة في إسطنبول، حيث أوضح أن استهلاك تركيا اليومي من النفط يبلغ نحو مليون برميل، تُؤمن 160 ألفا منها من مواردها المحلية.
وأشار أردوغان إلى أن تركيا تحتل المرتبة الخامسة عالميا بأسطول يضم 4 سفن تنقيب، وسفينتين للبحث السيزمي (الموجات الزلزالية)، مؤكدا أنها ستنتقل إلى المرتبة الرابعة قريبا مع انضمام سفن جديدة، وفقا لوكالة أنباء "الأناضول" التركية.
وأضاف الرئيس التركي في كلمته، أن محطة "أكويو" النووية ستبدأ قريبا في توليد الكهرباء لأول مرة.
وقال في هذا الصدد: "في وقت قصير جدا... سنبدأ بتوليد الكهرباء في محطة "أكويو" للطاقة النووية، كما أنه لدينا مشاريع أخرى لبناء محطات طاقة نووية، والمفاوضات جارية بشأنها".
وعلى صعيد آخر، كشف نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك أن مباحثات الرئيسين فلاديمير بوتين وأحمد الشرع في الكرملين تناولت جوانب عدة أهمها الإنساني بالإضافة إلى الطاقة والنقل والصحة والسياحة.
وقال نوفاك في حديثه للصحفيين: "سوريا بحاجة إلى إعادة بناء بنيتها التحتية، مؤكدا أن روسيا قادرة على تقديم الدعم في هذا المجال".
وأوضح، أن موسكو ودمشق اتفقتا على عقد اجتماع للجنة حكومية دولية مشتركة في المستقبل القريب.
وأشار إلى أن مسائل الإمدادات الإنسانية إلى سوريا جرى بحثها خلال المحادثات بين الرئيسين بوتين والشرع في الكرملين.
كما كشف نوفاك أن الجانبين ناقشا التعاون في مجالات متعددة، من مجالات الطاقة والنقل وتنمية القطاع السياحي والرعاية الصحية، إلى جانب التعاون في المجالين الثقافي والإنساني، لافتا إلى أن دمشق أبدت اهتماما بالحصول على القمح والأدوية الروسية.
وأكد نائب رئيس الوزراء الروسي أنه سيجري بحث هذه الملفات بمزيد من التفصيل، مضيفا: "نحن مستعدون لتقديم الدعم والمشاركة في عملية إعادة إعمار سوريا".
وجاءت تصريحات نوفالك عقب المحادثات التي جمعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الرئيس السوري أحمد الشرع، والتي عُقدت اليوم الأربعاء في الكرملين واستمر لأكثر من ساعتين ونصف.

 

 

مقالات مشابهة

  • أردوغان: تركيا ستبدأ في توليد الكهرباء من محطة “أكويو”
  • “العدالة والتنمية” التركي: لا حل سوى بدولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة
  • أردوغان: تركيا ستتولى مهمات كبرى في غزة
  • العراق يطالب تركيا بزيادة إمدادات المياه مع تفاقم الجفاف
  • تقرير بريطاني يتناول تأثير نيجيرفان بارزاني على أردوغان ورفع الحظر التركي
  • الرئيس التركي: حل الدولتين السبيل الوحيد لتحقيق سلام دائم في غزة
  • على هامش قمة شرم الشيخ للسلام.. الرئيس التركي: حل الدولتين السبيل الوحيد لتحقيق سلام دائم في غزة
  • معاريف: إسرائيل ترفض مشاركة تركيا بـالقوة الإقليمية التي ستدخل غزة
  • طائرة الرئيس التركي أردوغان تصل شرم الشيخ
  • تركيا.. حبس 9 موظفين بوزارة الدفاع بتهمة تلقي رشوة