إجماعٌ على استحالة ردع صنعاء: جبهةُ العدوّ بلا حيلةَ أمام “عقدة” اليمن
تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT
يمانيون../
رفعت الضرباتُ اليمنية المتصاعدةُ على عمقِ كيان العدوّ الصهيوني والبحرية الأمريكية، حالةَ اليأس لدى الأمريكيين والصهاينة على حَــدٍّ سواء، حَيثُ استحوذ عنوان “استحالة ردع اليمن” على خطابهم الإعلامي بشكل متكرّر، في مشهد يكشف خواء كُـلّ التهديدات والمساعي العدوانية التي يطلقونها ضد الشعب اليمني، ويؤكّـد أن القوات المسلحة اليمنية هي صاحبة زمام فرض المعادلات في كُـلّ مسارات المواجهة المباشرة سواء مع العدوّ الإسرائيلي أَو مع البحرية الأمريكية.
“لا يمكن ردع الحوثيين” كان عنوانًا لتقريرٍ جديدٍ نشرته صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية مساء الاثنين، تزامنًا مع تهديدات جديدة وجهها وزير حرب العدوّ لليمن، وإطلاق حملة دبلوماسية في أُورُوبا لاستصدار تصنيفات “الإرهاب” ضد الشعب اليمني؛ الأمر الذي عكس بوضوح انفصال قيادة كيان العدوّ عن الواقع الذي لم يعد الإعلام قادرًا على إخفائه حتى مع وجود الرقابة المشدّدة، وهو واقع انسداد أفق كُـلّ مساعي وقف جبهة الإسناد اليمنية.
هذا أَيْـضًا ما تأكّـد بشكل عملي بعد ساعات قليلة من تهديد وزير حرب كيان العدوّ، عندما انطلقت صافرات الإنذار في عشرات المناطق المحتلّة الاستراتيجية في عمق كيان العدوّ من الوسط إلى الجنوب، بما في ذلك يافا المحتلّة (تل أبيب)، واللد، والرملة، وهرتسيليا، وبيتاح تكفا، وريشون لتسيون، ورامات غان، وبئر السبع، وأشدود، ويفنه؛ وذلك بفعل صاروخ بالستي أطلق من اليمن زعم جيش العدوّ أنه اعترضه، لكن المساحة التي أطلقت فيها صافرات الإنذار تشير بوضوح إلى فشل محاولة الاعتراض، وهو أَيْـضًا ما أظهرته مشاهد مصورة وثقها مستوطنون صهاينة.
وستكون هذه هي المرة الرابعة التي يصل فيها صاروخ يمني إلى عمق العدوّ خلال أقل من أسبوع، وبالتحديد منذ ليلة العدوان الأخير الذي كانت “إسرائيل” تعول عليه كَثيرًا في وقف العمليات اليمنية أَو على الأقل إبطائها قليلًا، والذي استطاعت القوات المسلحة اليمنية إفشاله من خلال إطلاق صاروخ فرط صوتي تزامن مع الغارات العدوانية وأربك مقاتلات العدوّ وأجبرها على قطع مهمتها، وهو ما يعني استمرار التحدي اليمني الشجاع لتهديدات العدوّ الذي لا يبدو أنه يجد أية وسيلة ذات قيمة أعلى من التهديدات الإعلامية التي لم تستطع أن تؤثر على مسار التصعيد اليمني!
هذا أَيْـضًا ما أكّـدته التناولات الإعلامية داخل كيان العدوّ، والتي برغم محاولة إشغالها بالتهديدات والتحَرّكات الدبلوماسية ضد اليمن، فَــإنَّها لم تستطع أن تتجاهل واقع استحالة وقف جبهة الإسناد اليمنية، حَيثُ ذكر موقع “زمان إسرائيل” العبري في تقرير نشره الاثنين، أن “الضربات الأخيرة بالصواريخ الباليستية التي أطلقها الحوثيون في وسط البلاد مرة أُخرى تثير تساؤلًا حول كيفية تعامل “إسرائيل” مع الساحة اليمنية” حسب تعبيره؛ مُشيرًا إلى أن “إسرائيل هاجمت اليمن ثلاث مرات، وفي كُـلٍّ من الهجمات أصابت أهدافًا للبنية التحتية، ولكن بعد كُـلّ هجمة، استمر الحوثيون إطلاق طائرات بدون طيار وصواريخ على إسرائيل”.
وَأَضَـافَ التقرير أنه “كان من المفترض أن يحمل الهجوم الأخير الذي استهدف محطتين للطاقة بالقرب من العاصمة صنعاء، رسالة بأن “إسرائيل” ستكثّـف ردودها، إذَا استمر إطلاق النار من اليمن، لكن ذلك لم يفلح، مثلما لم تفلح الهجمات التي نفذها التحالف الدولي في ردع الحوثيين”.
ولتوضيح مستوى العجز الذي يعيشه كيان العدوّ وانعدام خياراته بشكل أدق، قال الموقع العبري: إن “ما تعيشه إسرائيل والتحالف الغربي الآن، هو ما تعيشه السعوديّة منذ ثماني سنوات” مُشيرًا إلى أنه “على الرغم من أن الحوثيين كانوا دائمًا في وضع عسكري غير مؤاتٍ بشكل مُستمرّ، فَــإنَّ لديهم قدرة استيعاب عالية جدًّا” في إشارة واضحة إلى أن أي مستوى من التصعيد ضد اليمن سيتم التعامل معه جيِّدًا من قبل القوات المسلحة اليمنية ولن يستطيع العدوّ أن يحقّق منه أي مكسب حقيقي.
ووفقًا لذلك، رأى التقرير أنه “يجب التعود على هذا الوضع في “إسرائيل”؛ لأَنَّ أدوات الضغط التي مورست على حزب الله في لبنان، وحماس في غزة، والنظام في إيران، لا تجدي ضد الحوثيين، والضغط العسكري سيكون أقل فعالية عندما يتعلق الأمر بمجموعة مشبَّعة بالعقيدة الدينية” حسب وصفه.
وأضاف: “اليمن ليس على بعد نصف ساعة بالطائرة مثل سوريا أَو لبنان، فكل طلعة جوية تتطلب عملية لوجستية ضخمة تشمل التزود بالوقود للطائرات وطائرات التحذير وتعزيز قوات الإنقاذ إذَا لزم الأمر”.
وأشَارَ التقرير إلى أن انسداد الأفق أمام العدوّ الصهيوني يأتي على خلفية التجربة الفاشلة الولايات المتحدة الأمريكية وشركائها في مواجهة اليمن، حَيثُ أوضح أن “إسرائيل تركت التعامل مع الأمر في البداية للقيادة المركزية الأمريكية، التي نسقت أنشطة التحالف، ومع ذلك، ومع مرور الوقت، لاحظت “إسرائيل” أن هذا النشاط لم يحقّق أهدافه بالفعل، فلم يستمر إطلاق النار فحسب، بل اشتد” مُضيفًا أن “خيبة أمل إسرائيل من أنشطة التحالف ظلت خلف الأبواب المغلقة”.
وعلى ذكر التجربة الفاشلة للولايات المتحدة الأمريكية، فَــإنَّ الصفعة الأخيرة التي تلقتها الأخيرة من قبل القوات المسلحة من خلال الهجوم النوعي على مجموعة حاملة الطائرات (هاري ترومان) وإسقاط مقاتلة (إف-18) أثناء الهجوم، وبرغم التكتم الرسمي على العملية، قد دفعت عنوان استحالة ردع اليمن إلى الواجهة مجدّدًا فيما يتعلق بالجهود الأمريكية المساندة للعدو الصهيوني.
ونشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية الاثنين، تقريرًا أكّـد أن “عدو إسرائيل في اليمن أثبت أنه من الصعب على الولايات المتحدة ردعه” حسب وصف الصحيفة التي أشَارَت إلى أنه “برغم مئات الضربات التي شنتها الولايات المتحدة وحلفاؤها، ونشر أسطول بحري أمريكي في البحر الأحمر، واصل الحوثيون في اليمن تنفيذ الهجمات المُستمرّة على السفن وإطلاق الصواريخ على إسرائيل”.
وفي إشارة إلى تطابق حالة اليأس داخل كيان العدوّ وداخل الولايات المتحدة بشأن اليمن، فقد حذت الصحيفة الأمريكية حذو الإعلام العبري وذكرت بأن اليمنيين “صمدوا في وجه حملة شنتها المملكة العربية السعوديّة على مدى ما يقرب من عقد من الزمان؛ بهَدفِ الإطاحة بهم” لكنهم “تحولوا إلى قوة متطورة تكنولوجيًّا قادرة على استهداف البنية التحتية النفطية في السعوديّة والإمارات” حسب وصف التقرير.
ونقل التقرير عن يوئيل جوزانسكي، الخبير السابق في شؤون الخليج في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي والذي يعمل الآن في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب قوله: “لا يمكن ردعهم” وهو العنوان الذي وضعته صحيفة “يديعوت أحرنوت” لتقرير أكّـدت فيه أن اليمن بات يشكل تحديًا واسعًا لكُلٍّ من “إسرائيل” والولايات المتحدة، مشيرة إلى أن “قدرة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على ردع الحوثيين أصبحت موضع تساؤل بعد أن أظهروا قدرتهم على الصمود في مواجهة سنوات من الغارات الجوية السعوديّة المتواصلة”.
وبالمحصلة، يبدو بوضوح أن الضربات اليمنية الأخيرة على عمق العدوّ الإسرائيلي وعلى البحرية الأمريكية قد أجبرت الأمريكيين والصهاينة على العودة إلى تجربة تحالف العدوان السعوديّ الذي كان متراسهم الأول في استهداف اليمن بشكل مبكر، وهي تجربة رأوا فيها الكثير من التشابه في انسداد الأفق وانعدام الخيارات، واستحالة تغيير الواقع الميداني برغم امتلاك الإمْكَانات والنفوذ، وهو الأمر الذي يجعل كُـلّ التهديدات والتحَرّكات العدوانية ضد اليمن، على ما يمكن أن تحمله من خطورة، بلا معنى حقيقي من ناحية النتيجة النهائية.
المسيرة | ضرار الطيب
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الولایات المتحدة القوات المسلحة کیان العدو السعودی ة إلى أن
إقرأ أيضاً:
إعلام مصري: عام على الضربات الإسرائيلية في اليمن.. تصعيد غير مسبوق وتحولات استراتيجية
مرّ عامٌ كامل منذ أول ضربة جوية مباشرة نفذها الاحتلال الإسرائيلي ضد مواقع داخل اليمن، لتفتح البلاد المنهكة بالحروب والأزمات على جبهة صراع جديدة، بفعل ممارسات ميليشيا الحوثي وارتباطها بالأجندة التوسعية لإيران، بحسب مصادر عسكرية يمنية.
12 عملية إسرائيلية في 366 يومًا
منذ 20 يوليو 2024 وحتى 21 يوليو 2025، نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلية 12 عملية عسكرية استهدفت نحو 50 موقعًا حيويًا في اليمن، تركزت بشكل خاص في محافظة الحديدة، حيث كانت البداية والنهاية، وسط تنديد شعبي باستهداف البنية التحتية وتجنب ضرب القيادات الحوثية من الصف الأول.
ورغم ما تسببت به تلك الضربات من خسائر اقتصادية وبشرية فادحة، يتهم يمنيون إسرائيل بأنها تجنبت عن عمد استهداف مواقع حوثية ذات طبيعة استراتيجية، مما أثار جدلًا واسعًا حول أهدافها الحقيقية.
أبرز العمليات وأسماؤها
"الذراع الطويلة 1 و2": ضربات استهدفت الحديدة في يوليو وسبتمبر 2024.
"المدينة البيضاء": استهدفت صنعاء والحديدة في ديسمبر 2024 بموجتين متتاليتين.
العملية المشتركة: أول مشاركة لإسرائيل ضمن تحالف دولي بقيادة واشنطن ولندن في يناير 2025، طالت 30 موقعًا في صنعاء والحديدة وعمران.
"مدينة الموانئ" و"الجوهرة الذهبية": ضربات في مايو استهدفت الموانئ ومطار صنعاء وأدت لتدمير طائرات مدنية.
الهجوم البحري في يونيو: نفذته بارجة إسرائيلية في البحر الأحمر واستهدف موانئ الحديدة.
"الضربة النوعية": استهدفت اجتماعًا أمنيًا حوثيًا وأعلنت إسرائيل مقتل رئيس أركان الحوثيين اللواء محمد الغماري، قبل أن تتراجع لاحقًا.
"الجديلة الطويلة" (الضفيرة الطويلة): آخر العمليات في 21 يوليو/تموز 2025، وشهدت استخدام طائرات مسيّرة بدلًا من المقاتلات النفاثة.
ويحمل الاسم العام لهذه الحملة العسكرية تسمية "الحملة مستمرة"، وبدأ استخدامه منذ مايو.
الخسائر: بشرية واقتصادية جسيمة
وفق تقارير حقوقية، أسفرت الغارات عن مقتل 34 مدنيًا (بينهم 4 أطفال)، وإصابة 107 آخرين، إضافة إلى تدمير كامل لمطار صنعاء وثلاثة موانئ رئيسية، وتدمير 4 طائرات مدنية، وعدة منشآت حيوية في الحديدة وصنعاء وذمار وصعدة.
وقدّرت ميليشيا الحوثي الخسائر بـ2 مليار دولار، في حين يقول مراقبون اقتصاديون إن التكلفة الحقيقية تفوق هذا الرقم بكثير، نظرًا لحجم الأضرار.
رسائل متعددة.. وغياب الاستراتيجية
ورغم استمرار العمليات، يرى مراقبون أن تل أبيب لم تعتمد استراتيجية واضحة في استهداف قادة الحوثيين، ما يطرح تساؤلات حول غايات هذه الحملة، وما إذا كانت تهدف فعلًا لإضعاف الميليشيا أم مجرد توجيه رسائل سياسية لطهران عبر الساحة اليمنية.