في اليوم العالمي للغة العربية، الذي يصادف الـ 18 من ديسمبر، والذي يأتي وسط سباق تكنولوجي، يستذكر العرب مسيرة الشارخ والكثير من الإنجازات التي قدمها، أبرزها تلك المتعلقة بإخضاع التكنولوجيا لخدمة اللغة العربية، فقد كان الأول في هذا المجال، والأكثر تأثيراً وخلوداً أيضاً.

مسيرة فريدة
ولد الشارخ في الكويت عام 1942م، ونشأ ليصبح أحد الشخصيات الأكثر تأثيرًا في عالم الأعمال والتكنولوجيا.

حصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة القاهرة عام 1956م، ثم الماجستير من كلية وليامز الأمريكية عام 1968م. وشغل العديد من المناصب المرموقة، منها نائب مدير الصندوق الكويتي للتنمية وعضو مجلس إدارة البنك الدولي، وساهم في تأسيس بنك الكويت الصناعي.

ريادة التكنولوجيا العربية
التحول الأبرز في مسيرة الشارخ كان تأسيسه لشركة «صخر» لبرامج الحاسوب عام 1982م، التي فتحت آفاقًا جديدة للغة العربية في عالم التكنولوجيا. استعان بالعالم المصري نبيل علي لتطوير أسس اللغة العربية وقواعدها في الحواسيب، مما أثمر عن إطلاق أول حاسوب عربي يحمل اسم «صخر».

إنجازات بارزة
قدمت شركة «صخر» إسهامات تقنية استثنائية، من برامج الترجمة إلى الرقمنة والنطق الآلي. كما ساهمت في إدخال القرآن الكريم والسنة النبوية إلى الحواسيب، وطورت برامج التعرف الضوئي على الحروف والترجمة الآلية. وحازت على ثلاث براءات اختراع من مكتب براءات الاختراع الأمريكي.
دعم الثقافة العربية
إلى جانب التكنولوجيا، كان الشارخ داعمًا كبيرًا للثقافة العربية. أسس مشروع «كتاب في جريدة» بالتعاون مع اليونسكو عام 1997م، وأطلق «معجم الشارخ» عام 2019م، الذي يُعد من أهم المعاجم الحديثة المتاحة مجانًا على الإنترنت. كما أنشأ أرشيفًا للمجلات الثقافية والأدبية، وموّل مشاريع ثقافية عدة، منها «مركز دراسات الوحدة العربية».

إرث خالد
لم تقتصر إنجازات الشارخ على التكنولوجيا والثقافة، بل كان أيضًا أديبًا. أصدر روايات ومجموعات قصصية، أبرزها «قيس وليلى»، و»أسرار»، و»الساحة».

جوائز وتكريمات
حصل الشارخ على العديد من الجوائز، منها جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام عام 2021م، وجائزة الدولة التقديرية من الكويت عام 2018م.

فقيد الأمة
وبرحيل محمد الشارخ في يوم الأربعاء 6 مارس 2024م عن عمر ناهز الـ 82 عامًا، تخسر الكويت والعالم العربي شخصية استثنائية كرست حياتها لخدمة اللغة العربية، وترك بصمة عميقة في التكنولوجيا والثقافة، ليظل اسمه خالدًا في ذاكرة الناطقين بلغة الضاد.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

د. نرمين سامي تكتب: من مدينة السلام.. السيادة المصرية تتحدث

ليست العبرة في تاريخ الأمم بسنوات الرخاء والسلام وحسب، بل بمواقفها في ساعات المحن والأزمات، حين تُختبر المواقف ، وتُكشف النوايا، ويُوزن الرجال والدول بميزان المبدأ والشجاعة.

واليوم، تمر أمتنا بمنعطف تاريخي ستُسجل صفحاته بأحرف من نور أو جمر ، ومصر بحكمتها وثقلها وتاريخها تقف في قلب هذا المنعطف. إنها لا تدير أزمة عابرة فحسب ، بل تتقمص دورًا مصيريًا في واحدة من أعقد القضايا التي شهدها العالم؛ القضية الفلسطينية.

فالمتأمل في الموقف المصري يدرك أنه لا يلعب دور الوسيط العادي، بل إنه يحمل راية الصمود والإنسانية في وجه عاصفة عاتية. إنه يحاول، برغم كل الضغوط الهائلة، أن يكون الضمير النابض للأمة، والحصن الذي يحمي ما تبقى من مبادئ العدل والكرامة. فهل ندرك نحن، كأبناء لهذه الأمة حجم المسؤولية التي تتحملها مصر؟ وهل نعي ثمن هذا الموقف؟

إن مصر اليوم، وبكل وضوح، تضع نصب عينيها استقرار المنطقة كلها، وهي تدرك أن أي حل حقيقي وعادل للقضية الفلسطينية لا يمكن أن يمر إلا من خلالها. هذا ليس ادعاءً، بل هو استحقاق تاريخي وجغرافي وسياسي. والسؤال الذي يجب أن نوجهه لأنفسنا هو: أين نقف نحن من مصر في هذا الوقت بالذات؟

إننا إن لم نقف مع مصر اليوم، بقلوبنا وعقولنا وكلمتنا، فلا نستحق أن نتحدث غدًا عن "شرف الانتماء" للوطن. فالوطن ليس أرضًا نستظل بظلها في أوقات الرخاء فقط، الوطن هو أن نكون سندًا له حين يحتاج إلى صوتنا، إلى تأييدنا، إلى فهمنا لسياساته الصعبة في بحر متلاطم الأمواج. الوفاء للوطن في أوقات الشدة هو الذي يصنع الفرق بين المواطن والمساكن.

أما القضية الفلسطينية فتمر بمنعطف بالغ الحساسية، تتقاطع فيه المبادئ مع المصالح، والمشاعر مع التحديات الجيوسياسية الواقعية. وفي خضم هذا المشهد الملتهب، تبرز حاجة ماسة إلى التمييز بين حقائق ثابتة وأجندات متحركة.

فالحق الثابت في المقاومة والتحرير لا شك ولا جدال فيه ؛ إن لأي شعب تحت الاحتلال الحق الطبيعي والشرعي في مقاومة محتليه، وفقًا لمواثيق القانون الدولي نفسه. ففلسطين، بأرضها المغتصبة وشعبها المُشرَّد، لها الحق الكامل في الدفاع عن وجودها، واستعادة سيادتها، وتحرير أراضيها. هذا مبدأ ثابت لا يمكن المساس به .

وكلنا تربينا على أن فلسطين هي جزء منا، يؤلمنا ما يؤلمها ويفرحنا ما يفرحها. هذا الارتباط لم ينشأ فقط لأن قضيتها تمثل "أمنا قوميا" لمصر فحسب، بل هو أعمق من ذلك بكثير. لقد تشربنا القضية كجزء من عقيدتنا ووجداننا وتاريخنا المشترك، وهي رابطة دم وتضحية أصبحت جزءًا من هويتنا، ندافع عنها بكل ما أوتينا من قوة .

وهذا بالضبط ما يفسر الموقف الثابت للرئيس السيسي برفض أي عملية تهجير للفلسطينيين إلى الأراضي المصرية ؛ فما يضير مصر بإثنان مليون فلسطيني في الوقت التي تحتضن فيه ملايين الأشقاء من السودان وسوريا على أراضيها طيلة أكثر من أحد عشر عامًا ! 
ليس هذا تناقضًا بل هو ذروة الحكمة والمسؤولية ، فالرفض هنا ليس رفضًا للشعب الفلسطيني، بل هو رفض لتصفية القضية بأكملها. لأن دخول الفلسطينيين إلى مصر يعني انتهاء القضية الفلسطينية وفقدان الحق التاريخي في العودة إلى غزة وتنتهي القضية وهو ما تسعى إليه إسرائيل منذ عشرات السنين ، وساعدها فيه ما فعلته حماس في السابع من أكتوبر لعام ٢٠٢٣ ، سواء اتفقنا أو اختلفنا على كونه حدث مقصود ومدبر بالفعل .

لذلك، يكون الرفض هنا هو أعلى درجات الدفاع عن القضية، وهو موقف يستحق الإشادة والفهم قبل النقد. مصر ترفض أن تكون شريكًا في إنهاء قضية عربية إسلامية، وتؤكد أنها لن تسمح بمسح هوية فلسطين من على خارطة التاريخ.

وهنا ثمة سؤال يطرح نفسه .. هل كانت حماس مستعدة لعواقب ما فعلته في السابع من أكتوبر؟

الأيام والوقائع أثبتت أن الإجابة واضحة: كلا. فما نشهده الآن هو مشهد مأساوي يعيد نفسه، حيث تطلب حماس وقف إطلاق النار والعودة إلى ما قبل السابع من أكتوبر.!
وهو ما يشبه اعترافًا ضمنيًا بأنها خاضت معركة لم تكن مجهزة لتحمل تبعاتها الاستراتيجية. لقد أقدمت على خطوة مصيرية دون امتلاك الرؤية أو الأدوات لتحويل الانتصار إلى مكاسب استراتيجية حقيقية للشعب الفلسطيني، تاركةً غزة وشعبها يدفعون الثمن وحدهم..!

وعلى الجانب الآخر .. من ينتصر فعليًا في الصراع القائم ؟
فالناظر إلى المشهد الإقليمي سيجد أن الصراع تجاوز غزة بكثير. فبغض النظر عن الدمار في القطاع، سواء قبل السابع من أكتوبر أو بعده، فإن النتيجة الأهم التي تحققت على الأرض هي تعزيز السيطرة الإسرائيلية الفعلية على معظم جوارها المباشر. فقد سيطرت بشكل شبه كامل على سوريا (من خلال الضربات المتكررة دون ردع حقيقي )، وأضعفت حزب الله في لبنان الذي بات محاصرًا سياسيًا وعسكريًا، وقضت بشكل شبه تام على أذرع إيران الممتدة في المنطقة. كما أن غزة، بؤرة الصراع، تعود بشكل أو بآخر إلى مربع الصفر، بل وأكثر تدميرًا وانقسامًا.

إسرائيل، من منظور استراتيجي بحت، حققت انتصارات جيوسياسية كبرى على حساب أجندة المقاومة، بينما وجدت حماس نفسها وحيدة في مواجهة العاصفة، تطلب العودة إلى نقطة البداية.

لذا، إن كنت تقف مع المقاومة هذا موقف تُحترم مشاعره النبيلة. لكن ينبغي أن تدرك أن تأييدك لحركة "حماس" يختلف عن تأييدك للمقاومة ذاتها، فهي لا تمثل وجه المقاومة الفلسطينية الوحيد، بل تتحرك وفق أجندات خاصة مرتبطة بفكر "الإسلام السياسي" الذي قد لا يعبر بالضرورة عن المصالح العليا للشعب الفلسطيني بأكمله.
وهذه الأجندة نفسها هي التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه، حيث لم تتردد في توجيه سلاحها نحو من دافعوا عن القضية طوال تاريخهم، فكانت جريمة اغتيال الجنود المصريين في سيناء دليلاً دامغًا على أن دماء العرب أصبحت وسيلة مقبولة لتمرير مشاريعها، وذلك ثمن الأجندات الخفية التي جعلت من القضية الفلسطينية غطاءً لتصفية الحسابات.

لذا فمن عدم الإنصاف أن تقلل من دور مصر أو تتهمها بالتخلي عن القضية الفلسطينية ، بسبب عدم تبنيها للأجندة الكاملة لحماس.
يمكنك دعم حق الشعب الفلسطيني في التحرير دون تأييد كل ما تفعله حماس. ويمكنك أن تثق في أن الموقف المصري، بحكمته وثقله، هو من يحافظ على جذور القضية مشتعلة، ويحميها من الابتلاع والتصفية، حتى لو لم تكن خطواته تتصدر عناوين الأخبار.

فلنكن أذكياء في قراءة المشهد، وألا نسمح لعواطفنا أن تجعلنا أداة في أيدي من قد يضحي بالقضية نفسها من أجل مكاسب أخرى.

ولننظر إلى الدليل العملي على عظمة هذا الموقف ؛ لقد استطاعت مصر أن تؤمن الوفد الفلسطيني (وفد حماس) على أراضيها، ليجري مفاوضات مصيرية في مأمن من أي استهداف أو تهديد.
وفي ذكرى حرب أكتوبر وعلى أرض سيناء الحبيبة ، ورفرفة علم فلسطين جوار علم مصر في سماء مدينة السلام على أرض مصر الأمان ، ووقوف خليل الحية في وضح النهار في مأمن رجال المخابرات المصرية ، وفي الوقت الذي لم يذهب فيه الرئيس السيسي للولايات المتحدة ، يأتي الرئيس ترامب إلى مصر لتوقيع اتفاقية وقف إطلاق النار بنفسه .

إنها سيادة تمنح الأمان لكل من وطئت قدماه أرضها، وتاريخ يثبت أن مصر عندما تتحدث بالسياسة، فإنها تدعم كلماتها بقوة قادرة على الحماية والتنفيذ.

لذا ينبغي أن نرى الصورة الكبيرة؛ أن مصر تَحمل أمانة، وتدفع ثمنًا باهظًا من أجلنا جميعًا. دورنا أن نكون جدارًا بشريًا يدعمها، لا أن نكون أحمالاً إضافية تثقل كاهلها.

لتكن كلمتنا واحدة، وموقفنا واضحًا ؛ نقف مع مصر.. لأن في وقوفنا معها وقوفًا مع كرامتنا، ومع مستقبلنا، ومع شرف نحتاج أن نثبت أننا نستحقه.

فمصريتنا شرف لا يدانى ، وواجب لا يتوقف ، وتضحية لا تتردد
فافخر بأنك مصري، فأنت من سلالة من علموا العالم أن الكرامة لا تُساوم، وأن الوطن لا يُمس بسوء ما دام فيه قلب ينبض ودماء تتدفق فداءً له. 
 

طباعة شارك تاريخ الأمم الرخاء والسلام القضية الفلسطينية

مقالات مشابهة

  • العربية للتنمية الإدارية تنظم غدا بتونس الملتقى العربي السابع للحوكمة
  • انطلاق فعاليات النسخة الثالثة من نموذج محاكاة برلمان الشباب العربي بالجامعة العربية
  • دولة قطر تشارك في اجتماع وزراء العدل بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في دولة الكويت
  • تراجع سعر الذهب في الكويت الأحد 12 أكتوبر 2025
  • كلاود فلير.. حارس الإنترنت الذي يتحدى عمالقة التكنولوجيا
  • وول ستريت جورنال تتحدث عن بصمات كوشنر على خطة سلام غزة
  • سعر الذهب في الكويت اليوم السبت 11 أكتوبر 2025
  • الشباب والرياضة تستقبل وفود الدول العربية المشاركة في نموذج محاكاة برلمان الشباب العربي
  • د. نرمين سامي تكتب: من مدينة السلام.. السيادة المصرية تتحدث
  • هل يوجد ترادف كلي في اللغة العربية؟.. رئيس جامعة الأزهر: العماء انقسموا إلى رأيين