سواليف:
2025-06-15@07:56:14 GMT

من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. أحياء في قاع المدينة

تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT

#أحياء في #قاع_المدينة

من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي

نشر بتاريخ .. 8 / 10 / 2017

من قوانين الطبيعة، ومن معاهدات الحياة التي لا تنقض أبدًا: (أن القيعان تحمي كائناتها).. شاهدوا كيف يحتفي ماء البحر بأحيائه المسالمة، كيف يهيئ لها سلّمًا موسيقيًا لترقص عليه بعيدًا عن شباك الصيادين وطعوم الهواة! كيف تمشّط الشُعب المرجانية أسراب السمك الملوّن الذي يموج ويقدم على نفس الحركة كفصيل عسكري! شاهدا تنوّع المخلوقات؛ تفاوت في الأحجام، تباين في الصفات، اختلاف في السلوك، لكنها كلها تعيش في القاع، لا يحلم أي منها في السطح أبدًا، لأن السطح يعني الاستسلام للنهاية.

هناك يتكاثر الموت المشبع بالأوكسجين.. كل الأشياء إن سقطت أو ماتت تغرق في القاع، إلا كائنات القاع إن سقطت وماتت ارتقت إلى السطح، لذا هي الكائنات الوحيدة التي خرقت كل قوانين الجاذبية بتحدّي العيش، ولذا أنا أحبّها.

مقالات ذات صلة المحامي محمد احمد المجالي يكتب .. ارْجِـعْ إليْنـا سالِمــاً يا أَحمَــدُ 2024/12/25

وقت الغروب ما زال يدهشني قاع المدينة أيضا.. فأزداد يقينًا أن (القيعان تحمي كائناتها)، كيف يحتفي الرصيف وريح المساء بالمشاة المسالمين، كيف يهيئ لهم سلّما من التاريخ ليرتقوا فيه إلى بيوتهم النابتة على صدور الجبال هناك، ذات الإضاءة الخافتة والأبواب الصدئة، ذات الشبابيك الممسوحة بممحاة الانتظار، وأسلاك الهاتف ولواقط البث وحبل الغسيل وأسلاك ملغاة مثل الأحلام المدلاة من سقف الذاكرة، لا أنت جازم في إهمالها، ولا أنت قادر على تحقيقها..

وقت الغروب أنظر إلى الوجوه العائدة إلى بيوتها، كيف تختبر بلاط الطريق بأحذية نصف بالية، تطأ أغطية الكولا التي تحمل الكثير من عبارة “حظًّا أوفر”، تحاول أن تبتعد عن “البسطات” لأن الوقوف أمامها يعني الشراء، وبالتالي الدخول في معادلات حسابية معقدة حول راتب آخر الشهر، أنظر إلى الوجوه المارة هناك في القاع، أحدهم يحمل مغلفًا فيه صور أشعة تحمل اسم مستشفى حكومي، ترى كم انتظر من الأيام والشهور حتى حصل على هذا الموعد؟ ماذا يحمل المغلّف من نتائج؟ أهي “أوراق اعتماد” لدى جلالة المرض.. أم “عدم محكومية” بالوجع؟.. انظر إلى من يحمل كيس خبزه، سبعة أرغفة بالتمام والكمال.. ترى أهي لأولاده السبعة أم لأيامه السبعة؟ هذه حسنة الأكياس الشفافة، تجعلنا نعدّ لقم الفقير “ابن القاع” الذي يعيش هنا يتحدّى الإرادة، الذي يعتبر الصعود موت، والسطح نهاية.

في القاع، ريح وتشرين، وشجر يحرس الشوارع، يرمي كل حين ورقة من معطفه المصفر، كعاشق نزق، يكتب ألف رسالة لحبيبة لم تمرّ ذاك المساء.. في القاع يعاد تعريف الحياة!
في القاع، ريح وتشرين، وشجر يحرس الشوارع، يرمي كل حين ورقة من معطفه المصفر، كعاشق نزق، يكتب ألف رسالة لحبيبة لم تمرّ ذاك المساء.. في القاع يعاد تعريف الحياة!

أنظر إلى من وقفتْ طويلًا أمام “بسطة” دمى، ثمّة دمية لها مفاتيح يدوية يديرها الشاب البائع أمام زبائنه، تمشي اللعبة، ترقص قليلًا، تصفق، لكنها ما تلبث أن تقف، تنظر الأم العائدة من وظيفتها كسكرتيرة في عيادة أسنان أمام اللعبة طويلًا.. تحتار بقرار الشراء، هل تشتريها؟ لكن اللعبة لا تختلف كثيرًا عن كائنات القاع، تمشي، ترقص قليلًا، تصفق للحياة، وتقف.. تضع الأم يدها على فمها في محاولة أخيرة لاتخاذ القرار، لكنها تغادر دون الشراء.. ستوفر ثمن الدمية لتدفع قسط الحضانة..

في القاع، دخان المركبات يلتصق بالأبنية القديمة، نداء حافلات النقل العمومي يلتصق بمسامع المارين، أشجار صنوبر تحمل على أغصانها أكياس خبز يابس، وبقايا “سندويشات” لم يكملها أصحابها وعلى ساقها حروف محفورة لأسماء وقصص حبّ لم يكملها أصحابها أيضاَ، في القاع أناس فقراء، لكنهم يعشقون المكان، لا يفنون أعمارهم بالتذمّر.. لا تعنيهم السلطة كثيرًا، ولا يفكرون بصراع القوى في مياه المحيط، يعيشون لأنهم يحبّون الحياة، أو ربما لأنهم قد فُرضوا على الحياة.. لا تعنيهم صورة الزعيم كثيرًا سوى أنها علامة مرور، أو رأس إصبع يرشد السائلين.

في القاع، ريح وتشرين، وشجر يحرس الشوارع، يرمي كل حين ورقة من معطفه المصفر، كعاشق نزق، يكتب ألف رسالة لحبيبة لم تمرّ ذاك المساء.. في القاع يعاد تعريف الحياة!

احمد حسن الزعبي

ahmedalzoubi@hotmail.com

#177يوما

#الحريه_لاحمد_حسن_الزعبي

#سجين_الوطن

#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سجين الوطن حسن الزعبی فی القاع

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تنذر أهالي أحياء جديدة في غزة بإخلائها فوراً

غزة (الاتحاد)

أخبار ذات صلة المتحدث باسم «الأونروا» لـ«الاتحاد»: العملية التعليمية في غزة تشهد تعثراً غير مسبوق مستوطنون يهاجمون منازل فلسطينية قرب نابلس

أنذر الجيش الإسرائيلي، أمس، الفلسطينيين بإخلاء البلدة القديمة وأحياء الروضة والتفاح شرق مدينة غزة بشكل فوري تمهيداً لقصفها.
وقال مصدر عسكري، إن «الإنذار موجّه إلى كل المتواجدين في البلدة القديمة وأحياء الروضة والتفاح، في المنازل والمآوي»، مضيفاً «الجيش الإسرائيلي يعمل بقوة شديدة جداً في مناطق وجودكم».
وفي بيان سابق، أعلن الجيش الإسرائيلي استهداف مبنى قال إنه استخدم كبنية تحتية لإنتاج أسلحة بمنطقة الشاطئ وسط قطاع غزة.
ومنذ استئناف الحرب في 18 مارس، آذار يوجه الجيش الإسرائيلي إنذارات شبه يومية للفلسطينيين بمناطق واسعة من قطاع غزة.
وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، أن «الناس باتوا محاصرين في أماكن آخذة في التضاؤل بعدما أمسى 82 % من مساحة قطاع غزة داخل مناطق عسكرية إسرائيلية أو تخضع لأوامر نزوح».
وحذرت وزارة الصحة الفلسطينية، أمس، من أن الجيش الإسرائيلي يسعى لإخراج مجمع ناصر الطبي في جنوب القطاع، عن الخدمة عبر قصف المربعات السكنية المحيطة به وإخلاء السكان، ما قد يتسبب في كارثة إنسانية.
وذكرت الوزارة في بيان، أن الجيش الإسرائيلي أنذر سكان المنطقة المحيطة بمجمع ناصر الطبي ومحيطها في مدينة خان يونس بأنها منطقة إخلاء وعمليات، الأمر الذي تسبب في حدوث حالة من الهلع بين المرضى والسكان.
ولفتت إلى أن «الاحتلال الإسرائيلي يزيد من وتيرة تعمد إخراج المجمع عن الخدمة باستهداف المربعات السكنية المحيطة وإخلاء السكان».
وأضافت الوزارة، أن «مجمع ناصر هو المكان الوحيد جنوب القطاع الذي يقدم خدمات تخصصية كغسيل الكلى، والعناية المركزة، والحضانات، والعمليات».
وأشارت إلى أن توقفه يعني قتل مئات المرضى وحدوث كارثة إنسانية.
وأعلنت السلطات الصحية في غزة أمس، وصول 103 قتلى و427 مصاباً إلى المستشفيات من جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على القطاع خلال الـ 24 ساعة الماضية.
وأوضحت السلطات الصحية في بيان صحفي أن «حصيلة ضحايا عدوان الاحتلال على القطاع المستمر منذ السابع من أكتوبر 2023 ارتفعت بذلك إلى 55207 شهداء و127821 مصاباً».
وذكرت أن حصيلة ما وصل إلى المستشفيات من ضحايا سقطوا أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات في غزة منذ صباح أمس، بلغت 21 قتيلاً و294 مصاباً.
وأضافت أنه «يرتفع بذلك إجمالي الضحايا ممن وصلوا إلى المستشفيات من المناطق المخصصة لتوزيع المساعدات منذ نهاية مايو الماضي إلى 245 شهيداً و2152 مصاباً».
وأشارت إلى أن ذلك يأتي إلى جانب عدد من الضحايا الذين ما زالوا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.

مقالات مشابهة

  • الزعبي يحسم الجدل بشأن تعطيل الجامعات وشلل الحياة العامة
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (أوراق…إسمها عملة)
  • بيان عن أهالي وبلدية ومخاتير القاع: نُطلق صرخة دفاعاً عن حقنا في الحياة
  • جرحى وانقطاع للكهرباء في أحياء وسط إسرائيل
  • أحمد ياسر يكتب: التوقيت والسيناريوهات والتداعيات العالمية
  • دعاء المساء قصير لطلب الرزق وسد الحوائج.. 15 كلمة لا تنس ترديدها
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (قال …. من يفتحون عيونهم الآن)
  • إسرائيل تنذر أهالي أحياء جديدة في غزة بإخلائها فوراً
  • العدو الإسرائيلي يُخطر بإخلاء أحياء شرق مدينة غزة
  • أذكار المساء الواردة عن النبي.. رددها ولا تضيع ثوابها