لجريدة عمان:
2025-08-16@11:09:36 GMT

أليس من واجب الكيان الصهيوني شكر العرب؟

تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT

لا أعتقد، أنه كان يرد في خلد زعماء الكيان الصهيوني، منذ قيام الصهيوني ديفيد بن جوريون، الرئيس التنفيذي للمنظمة الصهيونية العالمية ومدير الوكالة اليهودية في 14 مايو 1948م بإعلان ما يسمى وثيقة الاستقلال أو قيام دولة إسرائيل، والذي أتى متزامنًا مع انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، والتي نصت على قيام دولة يهودية على أرض فلسطين، مع فتح أبواب الهجرة اليهودية لتجميع شمل المنفيين -بحسب نص الإعلان-، ذيلها 39 صهيونيًا بتوقيعاتهم، وجلهم من يهود شرق أوروبا باستثناء واحد.

. لا أعتقد، أنه كان بإمكانهم أن يحلموا، مجرد حلم، بأن يأتي نظام عربي رسمي بهذا الوهن والخنوع، يمكنهم من تحقيق أهدافهم بكل سهولة ويسر. فمنذ 7 أكتوبر من العالم المنصرم 2023م وقيام طوفان الأقصى ضد المحتل الغاصب، وبعد مرور ما يقارب من 440 يوما على هذا العدوان، والكيان الصهيوني المجرم يقوم بما يعجز عنه خيال الشيطان، من مجازر وإبادة ضد الفلسطينيين العُزل من رجالٍ ونساء في قطاع غزة، وسط مباركة كونية مريبة، هدفها في النهاية موت فلسطين. شارك ويشارك فيها بامتياز النظام الرسمي العربي - وهذا ما أكده الصحفي الأمريكي الشهير بوب وودوارد Bob Woodward - في كتابه الذي صدر في واشنطن مؤخرًا. تسببت حتى الآن في استشهاد أكثر من 45 ألف مواطن فلسطيني في غزة، أغلبهم من النساء والأطفال. منهم أكثر من 1050 شهيدا من الطواقم الطبية وما يقارب 200 شهيد من الصحفيين وأكثر من 200 من موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، وأكثر من 107 آلاف جريح - 70% منهم من النساء والأطفال - وتهجير أكثر من مليوني فلسطيني من سكان غزة. إضافة، إلى ما يتجاوز 10 آلاف معتقل فلسطيني في السجون الإسرائيلية، يخضعون إلى ابتكارات جديدة في صنوف التنكيل والتعذيب والتجويع والإذلال، تندى لها جبين الإنسانية. وبما أن رد الفعل الرسمي العربي لا يتجاوز -بيانات التنديدات المحفوظة عن ظهر الغيب-، فإن الكيان الصهيوني اعتبر رد الفعل هذا، بمثابة مباركة غير معلنة من النظام الرسمي العربي، للاستمرار في مجازره والإبادة الجماعية التي يقوم بها. فلم يعد هناك ما يخشى منه من هذا النظام. لذا، قام على مدى الأشهر الماضية برمي عشرات الأطنان من المتفجرات على مخيمات النازحين العُزل، وترك جثث الشهداء في العراء لتنهشها الكلاب، ومنع دفنها بقتل كل من يحاول دفن هذه الجثث. وزادت وتيرة طمع هذا الكيان المجرم الغاصب في القيام بمثل هكذا فظاعات، فاستمر في قصف المستشفيات على رؤوس المرضى والأطباء والكوادر الصحية. كان آخرها مستشفى كمال عدوان -وهو آخر مستشفى رئيسي يقوم بتقديم الخدمة الصحية لجرحى هذا العدوان الآثم-، واعتقال مديره البطل الدكتور حُسام أبو صفية برفقة 240 مريضا وأفراد الكادر الطبي، وحرقه بالكامل. في خرقٍ واضح للمادة 18 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م، التي تنص على أنه، لا يجوز بأي حالٍ من الأحوال، الهجوم على المستشفيات المدنية المنظمة لتقديم الرعاية للجرحى والمرضى والعجزة والنساء، ويجب احترامها وحمايتها في جميع الأوقات. والقرار 2675، الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1970م. وينص على أن، منطقة المستشفى أو أي ملجأ مماثل لا ينبغي أن تكون هدفًا للعمليات العسكرية، ولذلك لا يسمح أبدًا بالهجمات العشوائية أو المستهدفة على المستشفيات والوحدات الطبية والعاملين الطبيين. ويكون الكيان الصهيوني قد ارتكب بأفعاله هذه -وبموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية- «جرائم حرب» كاملة الأركان، وأمعن -كعادته بكل استخفاف- في خرق أحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. ولكن، السؤال الذي يطرح نفسه هنا؟ ما الذي يجعل هذا الكيان المجرم يحترم القانون الدولي أو القانوني الدولي الإنساني، وهو يعلم، بل ومتيقن، أنه فوق القانون الدولي، ولا يوجد هناك من سيحاسبه على جرائمه وفظاعته التي وعلى مدى عقود، استمر في ارتكابها بحق الفلسطينيين العُزل، وبموجب دعم علني من الولايات المتحدة والعواصم الغربية الفاعلة، والتي يتوقف لديها كل ماله علاقة بالقانون الدولي وحقوق الإنسان، عندما يتعلق الأمر بهذا الكيان الصهيوني المُجرم. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا كذلك؟ ما الذي يمنع الولايات المتحدة والدول الغربية الفاعلة من استمرار خرق القانون الدولي والشرعية الدولية ودعم هذا الكيان الصهيوني الغاصب بكل وضوح، والدول العربية التي هي أولى بالدفاع عن فلسطين والحفاظ على ما يسمى بالأمن القومي العربي، لا تقوم بأي دورٍ يُذكر في هذا الشأن باستثناء اليمن بل أضحت هذه الدول العربية -بصمتها المريب-، تُعطي إشارات، أن القضية الفلسطينية أصبحت لا تعنيها، وما يهمها في هذه المرحلة بالذات، هو التركيز على اقتصاداتها، وإقامة علاقات خاصة مع الكيان الصهيوني، لكونه مفتاحًا لعلاقات أكبر مع الولايات المتحدة والدول الغربية الفاعلة، بغض النظر عن مدى شعور القهر الذي تعيشه شعوبها تجاه قضية فلسطين العادلة، وخُذلان هذه الأنظمة العربية الفاعلة -التي تملك كل عناصر القوة من جيوش وأسلحة واقتصاد وأموال وكتل بشرية كبيرة- لأشقائها في فلسطين. أليس من واجب الكيان الصهيوني وقادته المجرمين، بعد كل هذا التيسير له، في تحقيق أهدافه، وارتكاب مجازره، أن يتقدم بالشكر للعرب على وقوفهم هذا الموقف التاريخي، في هذه المرحلة تجاهه، والذي مكّنه من الوصول إلى تحييد المقاومة في عدة دول عربية، وتدمير ومسح كل ما له علاقة بالحياة في قطاع غزة، وصولًا لتحقيق حلمه الكبير؟

خالد المرهون، متخصص في القانون الدولي والشؤون السياسية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الکیان الصهیونی القانون الدولی هذا الکیان

إقرأ أيضاً:

فلسطين: القضية الكبرى وشاخص البوصلة الذي لا محيد عنه


خالد بن سالم الغساني

على مدى عقود استمر الاستيطان الصهيوني القمعي البغيض، للأراضي الفلسطينية، منذ وعد بلفور المشؤوم؛ الأرضية التي هيأت الطريق للاحتلال الاستيطاني الفعلي لفلسطين، ثم الانتداب البريطاني الذي منحته عصبة الأمم لبريطانيا بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، كمكافأة لها على دورها الاستعماري والتآمري ولإكمال حلقات المؤامرة؛ وما قامت به بريطانيا بعد ذلك من تسهيل ودفع بالهجرات اليهودية الى فلسطين ثم السماح بإنشاء مؤسسات صهيونية تمثلت في الوكالة اليهودية، التي عملت على بناء هياكل دولة موازية.

وقد انطلقت المقاومة الفلسطينية الأولى ضد الهجرات اليهودية المسنودة بالسياسات الاستعمارية البريطانية، وسنوات النكبة وإقامة دويلة الاحتلال، وما جاء بعد ذلك من مقاومة مسلحة من خلال تنظيم الشعب الفلسطيني لصفوفه وتشكيل فصائل النضال الفلسطيني المختلفة والمتعددة أساليب نضالها ومقاومتها للاحتلال، وما تلاها من انتفاضات شعبية، قبل وبعد اوسلو؛ فإن القضية الفلسطينية ظلت وستظل رمزاً للصمود والكفاح من أجل الحرية، تجسد نضال شعب مقاوم، سلبت منه أرضه وطرد شعبه، ونُكل به في الشتات وفي مخيمات اللجؤ، ومن تبقى منه أو عاد بعد أوسلو المشؤوم، وظن انه استقر، جاءت الأيادي الصهيونية الآثمة لتعيده إلى نقطة الصفر مرة أخرى وتدمر مساكنه على عروش ساكنيها، تقتل الأطفال، وفقاً لخطة معلومة؛ باعتبارهم مقاومي الغد، وتحاصر الجميع بعد أن تقطع كل وسائل الاتصال والتواصل والإمداد، معهم أو اليهم، إلا ما يريده ويقدره الكيان الاستيطاني وسماسرته، شعب لا يعرف الكلل أو الملل او الخوف والتراجع في سبيل استعادة حقوقه المشروعة في أرضه وهويته. 
ومنذ النكبة في العام 1948م التي شهدت تهجير مئات الآلاف وتدمير قرى بأكملها، أصبحت فلسطين المرآة الكبرى التي تعكس مدى التزام العالم بمباديء العدالة والحرية والكرامة. إنها معركة إنسانية تكشف عن مأساة مستمرة لشعب سُلبت منه أرضه، ونكل به وشرد من قبل قطعان الاستيطان الصهيوني، وتعددت اوجه ووسائل القتل والتشريد والتهجير ضده، وخذلان العالم لقضيتة ولشعبها، وتسليمه لقوى الشر الأمريكي والغربي وما تفعله وتأمر به في هذا الموضوع من اجل بقاء ودوام دويلة الاحتلال الاسرائيلي، ولتنفيذ سيطرتها على العالم وقيادته وتوجيهه وفقاً لحاجاتها ورغباتها.
لذلك فإن دعم فلسطين والوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية هو التزام أخلاقي بمبادئ المساواة والقيم الانسانية، وهو اختبار لصدق الشعارات الإنسانية التي ترفعها منظمة الأمم المتحدة وتتغنى بها.
فلسطين هوية وحضارة، واماكن طاهرة ومقدسة، تجسدت في القدس ومسجدها الأقصى، وفي بيت لحم مولد السيد المسيح وكنيسة المهد، في كل شجرة زيتون وحجر في حيفا ويافا والجليل وبيت المقدس، في كامل ترابها، إنها قضية ينبغي أن تجمع العالم وشعوبه على اختلاف أديانهم وثقافاتهم، لأنها تعبر عن جوهر الإنسانية، فالحق في العودة وتقرير المصير وإقامة دولة مستقلة ذات سيادة، هي حقوق غير قابلة للتصرف، هكذا كرستها القوانين والمواثيق الدولية، وقد سقط من اجلها الاف الشهداء وهُجّر وشُرّد ونُكّل بشعب كامل، لكنها ما زالت تنتظر التنفيذ. 
فلسطين؛ شمس تشرق كل يوم، لتذكّرنا بأن كرامة الإنسان وحريته هي أساس الحضارة، وأن التضامن مع المظلوم واجب ملزم التنفيذ، إنها رمز وايقونة للنضال ضد الاحتلال والاستعمار، وكم ألهمت قضية فلسطين ونضال شعبها من حركات تحررية عالمية، مؤكدة أن الصمود الفلسطيني هو فعل إنساني مشروع، يصحح ويرسخ معنى التضحيات من أجل الوطن ويصوغ تعريفه.
رغم كل تلك التضحيات والمآسي، وأهمية القضية، واعتراف العالم كله بمشروعيتها، إلا أنها لا زالت تواجه تحديات كبيرة، بفعل مؤامرات الصهيونية العالمية وعقليات الاستعمار الأمريكي والغربي، التي ما انفكت تضع في طريقها العراقيل الكبرى واحدة تلو الأخرى، بدءاً من التطبيع الذي يسعى لتغييب الحق الفلسطيني، مروراً بالتخاذل والتراخي العربي المستمر، إلى الصمت الدولي المريب والضالع في المؤامرة التي تعزز من قدرة القوى الاستعمارية والصهيونية على الإفلات من العقاب، وتمييع الأنظمة وابتداع الوسائل لذلك. 
إن هذه التحديات تزيد من مسؤولية الأفراد والشعوب الحرة وتحملهم مسؤولية القيام بواجبهم الإنساني تجاه دعم قضية فلسطين وكفاح شعبه الشرعي، وبشتى الوسائل، سواء من خلال دعم حركات المقاومة، أو نشر الوعي، أو المقاطعة للكيان الصهيوني وكل داعميه، أو المشاركة في الأنشطة التضامنية؛ فكل خطوة نخطوها في هذا الإطار تقرِّب العالم من تحقيق العدالة، ففلسطين لم تعد قضية الفلسطينيين وحدهم ولا العرب وحدهم، إنها القضية التي ينبغي أن توجه لها وإليها بوصلة العالم أجمع وضميره. 
إن الصور التي تظهر تدمير كل شيء وسحق أي شيء، واستهداف المدنيين بشكل مخطط وممنهج، من قبل آلة الكيان الاستيطاني، تقول لنا ولكل أحرار العالم إن الصمت تجاه هذه القضية، هو تواطؤ مع الظلم، وتدعونا وتستصرخنا لأن نُفعّل وننظم  حركات التضامن العالمية، وكل أشكال المقاطعة، وخروج المظاهرات المليونية في عواصم العالم المختلفة، تضامناً مع الشعب الفلسطيني في كل ما يواجهه ضد سلطات الإحتلال، لتعزز من صموده وتلهم حماسه لاستمرار المقاومة وتحدي أعتى أشكال القتل والدمار الذي تمارسه الصهيونية العالمية. ولتقول للقوى والعقليات الإستعمارية والاستيطانية، إن فلسطين رمز لكل شعب يناضل من أجل الحرية. 

قضية فلسطين اليوم هي شاخص بوصلة احرار وشرفاء العالم الأولى، لا بد أن تكون حاضرة باستمرار في ضمائرنا ومواقفنا، فكل صوت يرتفع من أجل فلسطين، وكل خطوة تُتخذ في سبيلها، هي خطوة نحو عالم أكثر عدلاً وإنسانية.
فلتظل قضية فلسطين، القلب النابض للعدالة، والنور الذي يهدي الضمائر حتى تتحقق أحلام شعبها في استعادة كامل حقوقه على تراب ارضه وحريته وكرامته. 

مقالات مشابهة

  • صحيفة عبرية تكشف استعداد حكومة الخونة للقتال مع الكيان الصهيوني
  • فلسطين: القضية الكبرى وشاخص البوصلة الذي لا محيد عنه
  • ألمانيا تطالب الكيان الصهيوني بوقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية
  • المهن التمثيلية تستنكر تصريحات إعلام الكيان الصهيوني
  • مصر تطالب الكيان الصهيوني بتوضيحات بشأن تصريحات نتنياهو حول مشروع “إسرائيل الكبرى”
  • مُفتي عُمان يدعو العالم إلى إدراك ما يبيته له الكيان الصهيوني
  • احتجاجًا على الإبادة في غزة.. عمال بلجيكيون يمنعون تحميل طائرة متجهة إلى الكيان الصهيوني
  • الطفايلة في عمان يردون على رئيس وزراء الكيان الصهيوني
  • إرادة جيل: تصريحات نتنياهو تؤكد أن الكيان الصهيوني لا يقيده قانون دولي
  • الجامعة العربية تدين تصريحات رئيس وزراء الكيان الصهيوني الداعية لاحتلال اجزاء من دول عربية