دراسة أثرية للدكتور قاسم زكي أستاذ الوراثة المتفرغ بكلية الزراعة بجامعة المنيا وعضو اتحاد كتاب مصر كشفت عن عبقرية الهوية في مصر القديمة باعتبارها نمط حياة وأسلوب تفكير ولهذا لم تمت مصر القديمة بل بقيت حية في وجدان أبنائها ودهشة زوارها تشهد أن من امتلك الوعي بذاته لا يُقهر أبدًا قديمًا أو حديثًا .
ويؤكد الدكتور قاسم زكى بأن ملامح الحضارة المصرية لم تتغير عبر أكثر من ثلاثة آلاف عام بشكل جذري ولم تذُب في ثقافات الغزاة أو تتلاشى في تقلبات الزمان والسر في ذلك هو حفاظ المصري القديم على خصوصيته الثقافية والحضارية فهوية مصر القديمة لم تكن مجرّد شعور بالانتماء بل منظومة متكاملة من الفكر واللغة والرمز والطقس والمكان والتاريخ واللغة والدين حيث تجسّدت عبقرية المصريين القدماء في بناء ذاتًا جماعية لها ملامح راسخة تُحسّ وتُرى وتستعصي على الذوبان مع بناء دولتهم .


ويتعمق خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة ، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية في تحليل هذه الدراسة الهامة موضحًا أن  أرض مصر شكّلت حجر الزاوية في الهوية، فلم تكن الأرض مجرد مجال زراعي بل كانت "كيانًا حيًا" مرتبطًا بالنيل والفيضان والفصول وكان المصري يرى في أرضه مهد الحياة وموطن الآلهة ومسرح الخلق والبعث.
عبّر المصريون عن ارتباطهم بالأرض من خلال أسماء الأقاليم والرموز النباتية (زهرة اللوتس للجنوب والبردي للشمال) كما قدّسوا النيل وأطلقوا عليه “إيتروعا” أي النهر العظيم وكان الاحتفال بفيضان النيل طقسًا وطنيًا عامًا.
كما كانت اللغة المصرية القديمة والكتابة سلاح الدفاع عن الذات ووسيلة ترميز للهوية فلم تكن فقط نظامًا للتواصل بل أداة لحفظ الذاكرة الجمعية نقشت على جدران المعابد والمقابر وكتبت فى البرديات لتعكس فكرهم وشعورهم ومعتقداتهم.
ولم تتغير البنية الأساسية للغة المصرية رغم التحولات السياسية بل تطورت من الهيروغليفية إلى الديموطيقية ثم القبطية مع احتفاظها بجذورها الأصلية وهذا الاستمرار اللغوي يبرهن على تمسك المصريين القدماء بهويتهم حتى مع موجات التأثير الخارجي.
ويتابع الدكتور ريحان من خلال هذه الدراسة بأن الديانة المصرية القديمة من أقوى عناصر الهوية لأنها شكّلت الوعي الجمعي وربطت بين الفرد والمجتمع والكون حيث آمن المصريون بفكرة "الماعت " التي تعني النظام والعدالة والتوازن واعتبروها أساس الحياة الفردية والسياسية والكونية ولم يكن الدين طقسًا عابرًا بل فلسفة وجود فكل شيء في حياة المصري يخضع لنظام إلهي الزراعة والموت والسلطة وقد أنتج هذا الإيمان العميق هوية روحانية أخلاقية راسخة لا تزعزعها تغيرات الحكم أو الزمان.
والرموز في مصر القديمة هي مفاتيح الذاكرة الجماعية الصقر حورس رمز الملكية والحماية وعلامة  عنخ (☥) رمز الحياة الأبدية والجعران رمز البعث والتجدد واللون الأبيض رمز النقاء وارتبط بالتاج الملكي للوجه القبلي ولم تكن تلك الرموز زينة شكلية بل شفرات للهوية يفهمها المصري ويستشعرها ويعيش بها سواءً في الجداريات أو الملابس أو أدوات الحياة اليومية.
وتميّزت مصر بهوية سياسية واضحة منذ عهد الملك "مينا" بتوحيد القطرين مما أوجد شعورًا بالوحدة والانتماء لكيان مركزي اسمه "كِمِت" الأرض السوداء وكانت مصر تُرى كوحدة روحية وإدارية تُحكم من ملك يُعتبر “ابن الإله رع” وتخضع لقوانين كونية واجتماعية.
الملك لم يكن مجرد حاكم بل تجسيد للهوية العليا للدولة يلبس تاجين الأحمر والأبيض للدلالة على توحيد الأرض ويقوم بدور ديني وسياسي في آنٍ واحد مما يعمّق فكرة الدولة ذات الذات الواحدة.
ونشأ الولع بالحضارة المصرية المتجسّدة في الفن والعمارة ولم يكن الفن المصري القديم تجريديًا أو عبثيًا بل فنًّا وظيفيًا يخدم الهوية فالتماثيل والمقابر والمعابد وُضعت في سياق رمزي محدد يخدم تصور المصري عن نفسه والكون.
فالأهرامات مثلًا لم تكن مجرد مقابر بل تجسيدًا لهوية خالدة تنطق بالتنظيم والدقة والخلود وأصبحت الجداريات نوعًا من "السيرة الذاتية الجماعية" تسجل أفعال الإنسان وارتباطه بالقيم العليا كالممات والبعث والخلود.
ويوضح الدكتور ريحان  أن الاسم في مصر القديمة شكّل جزءًا لا يتجزأ في منظومة الهوية حيث كان لكل مصري اسمه الذي يحمل بعدًا دينيًا أو اجتماعيًا مثل "سخم رع" و "با نفر"  وارتدى المصرى زيًا يعكس طبقته ومهنته ومكانته، فالمرأة مثلًا كانت تُصوّر بملابس دقيقة وتسريحات مميزة وأحيانًا بتيجان رمزية تعكس دورها المحوري في الأسرة والدين وكانت الطقوس المرتبطة بالاحتفالات مثل حفلات الميلاد أو الأعياد الدينية أو طقوس الدفن تُعيد صياغة الهوية بشكل دوري.
وميز المصري نفسه عن الآخرين (الليبيين، النوبيين، الآسيويين) حيث أظهرت النقوش هذه الشعوب بملابس وهيئات مغايرة مما يشير إلى إدراك المصري لخصوصيته ليس بدافع العنصرية بل دفاعًا عن ذات حضارية متميزة.
وقد مارست مصر سياسة استيعاب للثقافات الأخرى دون أن تفقد هويتها فحين حكمها الفرس ثم اليونان ثم الرومان احتفظت بمعتقداتها ورموزها ولغتها في المعابد والمجتمعات المحلية.
وتجلت عبقرية الهوية في حضارة مصر القديمة في قدرتها على البقاء والتجدد رغم العواصف والاحتلالات والتحولات فلم تكن الهوية شعارًا بل نظام حياة وأسلوب تفكير وفن تعبير وإيمان بالخلود.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: دراسة اثرية اتحاد كتاب مصر كتاب مصر قاسم زكي الزراعة مصر القدیمة لم تکن

إقرأ أيضاً:

رحلة مع قطعة أثرية مسروقة رفقة مافيا المتاحف

تخيل أن قطعة أثرية أو مجوهرات ملكية، تكون معروضة قبل ساعات خلف زجاج متحف مؤمّن، يمكن أن تختفي دون أن تترك أثرا، ثم تعود للظهور بعد سنوات، بحلة جديدة في مزاد دولي، وبوثائق جديدة.

هذا السيناريو يتكرر كثيرا، فقد صنف تقرير الإنتربول لعام 2023 الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية ضمن أبرز أسواق الجريمة العالمية المنظمة، وقدر خسائره بمليارات الدولارات كل عام.

لكن السرقة نفسها ليست في حقيقة الأمر إلا لحظة قصيرة في قصة طويلة، فقبل أن ينكسر الزجاج أو يفتح القفل، تبدأ مرحلة تعد -في نظر اليونسكو ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة- من أكثر مراحل العملية حساسية، وهي مرحلة الاستطلاع.

وتشير التقارير الأمنية إلى أن العصابات تمضي أسابيع وشهورا في مراقبة مواقع العرض، ورصد الحراس، وتحديد المناطق الأقل مراقبة، وقياس زوايا الكاميرات، وخط سير الزوار، وحتى ارتفاع منصات العرض، حيث يمكن أن تستخدم بعض العصابات أدوات تصويرية دقيقة مدمجة في نظارات وأقلام.

كما تشير التقارير أيضا إلى أن بعض الشبكات تستعين بخبراء في الفن لتحديد القطع التي تملك أغلى قيمة في السوق السوداء، والتي تكون أسهل للبيع.

فالقطعة لا تسرق لأنها نادرة بالضرورة، بل لأنها قابلة للتداول المالي، وخفيفة الوزن، ويمكن تفكيكها أو إخفاؤها أو إعادة بيعها دون إثارة الشبهات، وعندما تكتمل مرحلة تجميع المعلومات، تبدأ المرحلة الهجومية التي قد لا تتجاوز دقيقة واحدة.

View this post on Instagram

أشهر عملية

حدثت أشهر العمليات التي أثارت اهتماما عالميا في 25 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2019 داخل متحف "القبو الأخضر" في دريسدن بألمانيا، الذي يضم واحدة من أعرق مجموعات المجوهرات الملكية الأوروبية.

ورغم أن العملية وصفتها وسائل الإعلام بأنها "العملية التي تمت في 100 ثانية"، فإن العملية التي استهدفت اللوفر، في العاصمة الفرنسية باريس يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول 2025، اعتبرت الأخطر من حيث الدلالة والوقع العام.

إعلان

خلال عملية "القبو الأخضر" استولت عصابة محترفة على 21 قطعة ملكية نادرة في غضون دقائق معدودة، ورغم حجم خسارة العملية بقيت ضمن إطار سطو رفيع الاحتراف.

أما بخصوص عملية اللوفر التي تمت في 7 دقائق، فقد وقع السطو في وضح النهار على مجوهرات التاج الفرنسي، مما كشف قصورا أمنيا في المنشأة التي تعد رمزا وطنيا، بحسب وصف وزير الثقافة الفرنسي الذي قال إن "العملية التي كشفت عن إخفاق غير مسبوق".

لكن أين تذهب هذه القطع بعد سرقتها؟ وهل لها من حياة أخرى في مكان آخر؟

متحف "القبو الأخضر" تأسس في القرن الـ18 بقبو أحد القصور التاريخية في دريسدن (شترستوك)الرحلة إلى جنيف

بعد خروج القطع الفنية أو المجوهرات من المتحف أو من مكان وجودها تبدأ لحظة الإخفاء الأولى، وهي المرحلة الأكثر مراوغة في مسار الجريمة، ولها عدة أوجه، فإما أن تفكك القطع الثمينة ويعاد رصها في قطع جديدة، أو تخفى وتنقل إلى صاحبها الجديد.

ووثق مكتب اليونسكو لعام 2020 أن قطعا أصلية يمكن أن تستبدل بها نسخ عالية الدقة تصنع في ورش سرية، خصوصا في مناطق أوروبا الشرقية حيث تنتشر شبكات متخصصة في صناعة التقليد الذي لا يمكن ملاحظته بالعين المجردة بتاتا، على أن تنقل القطع الحقيقية في مرحلة أخرى خارج الحدود، وهذا ما يسميه خبراء الشرطة الدولية بـ"النافذة الزمنية الحرجة"، وهي التي تمثل الزمن الذي يستغرق قبل أن يكتشف القيمون أن القطعة مزيفة.

تبدأ رحلة القطع المسروقة إلى الخارج عبر التخفي وسط بضائع قانونية تماما، وتوثق اليونسكو في تقريرها لعام 2020 أن التهريب يكون غالبا عبر شحنات تحمل أثاثا وتحفا رخيصة أو مقتنيات ديكور، وتستعين بعض الشبكات بشركات نقل خاصة أو طرق عبور غير رسمية، خصوصا في منطقة البلقان.

وتشير اليوروبول في تقريرها للعام نفسه إلى أن الرقابة الحدودية الأقل تشددا جعلت من هذه المنطقة ممرا مركزيا للقطع المنهوبة من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبهذا تدخل القطعة المنهوبة عالم الظل، عالم تتحول فيه من أثر ثقافي إلى سلعة خفيفة عالية القيمة تنتقل بين الحدود كأنها لا تحمل قصة أو وطنا.

وقد أثبتت التقارير أن الوجهة النهائية لكل المسروقات الثمينة ليست البلقان ولا حتى الدول الكبرى في الاتحاد الأوروبي، بل سويسرا، وتحديدا مدينة جنيف.

الفريبورت.. الصندوق الأسود

تحولت جنيف خلال العقود الأخيرة إلى أحد أهم مراكز تخزين الفن في العالم، وتفسر الشرطة ذلك بوجود ما يسمى المستودعات الحرة أو الفريبورت التي تسمح بتخزين البضائع عالية القيمة دون دفع رسوم جمركية، ودون الكشف عن هوية المالك، ودون التزام المستودع بالاحتفاظ بسجل مفصل للملكية.

وتذكر صحيفة "نويه تسورخر" السويسرية ودراسات صادرة من جامعة جنيف أن هذه المستودعات تحتوي على مجموعة ضخمة وعشرات الآلاف من الأعمال الفنية المخزنة منذ عقود، ولم تشر أي جهة رسمية سويسرية إلى رقم معين يحدد حجم هذه المقتنيات، إذ تصف الإدارة الفدرالية للجمارك مستودعات الفريبورت بالمنطقة الجمركية الخاصة التي لا يمكن لأي سلطة تفتيش محتوياتها إلا بأمر قضائي محدد، وهو ما يجعل من عمليات الرقابة الفعلية شديدة الندرة.

كما أن تقريرا لديوان المحاسبة الفدرالي السويسري صدر عام 2014 كان قد انتقد صراحة غياب سجلات الملكية داخل المستودعات، بينما تؤكد وزارة المالية السويسرية أن الأعمال الفنية لا تعد من "الأصول العالية الخطورة" في إطار مكافحة غسل الأموال، مما يعني أنها لا تخضع لمتطلبات الإفصاح والشفافية التي تفرض على الأصول المالية الأخرى.

إعلان

ويشير تقرير الإنتربول لعام 2023 إلى أن "كل المستودعات تحد من قدرة أجهزة التحقيق الدولية على تتبع مسار الممتلكات الثقافية المنهوبة بسبب محدودية الشفافية"، حيث لم يصنفها التقرير كأداة للتهريب مراعاة للحدود القانونية لوظيفتها الأصلية.

وهكذا تتحول جنيف إلى مساحة رمادية تتحرك فيها القطع المنهوبة بسهولة إلى حين عودتها إلى السوق بسجل ملكية جديد.

وخلال تخزين القطع الفنية في فريبورت بجنيف يبدأ ما يشبه ولادة ثانية لتلك القطع، وذلك عبر إعادة صياغة سجل ملكية جديد كليا.

يوضح مكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات في تقريره لعام 2021 أن تزوير الملكية أصبح نشاطا يخضع لنوع من التخصص في السوق السوداء، يعتمد على أدوات دقيقة تشمل فواتير بيع صادرة عن تجار فن حقيقيين، وشهادات تقدير مزورة يصعب كشفها، ووثائق شحن مؤرخة بتواريخ قديمة، بل حتى إدراج القطعة الفنية ضمن مجموعة خاصة لا وجود لها إلا على الورق، ولا يمكن التحقق منها دون موافقة المالك المفترض.

وبمجرد اكتمال هذا السجل الجديد تصبح القطعة من منظور السوق ذات أصل قانوني، حتى وإن كان تاريخها الأصلي الحقيقي مفقودا بالكامل.

وما إن تصل هذه المرحلة حتى تصبح القطعة الفنية جاهزة للانتقال من سويسرا إلى أقوى منصات البيع في العالم من لندن إلى نيويورك.

جزء من مجمع مستودعات ميناء جنيف الحر (الفرنسية)المزادات الكبرى.. الشرعية عبر الورق

عندما تصل القطع المنهوبة إلى نيويورك أو لندن أو غيرها من المزادات العالمية تكون قد قطعت الجزء الأكثر خطرا من رحلتها، من الإخفاء والتبييض، وبناء تاريخ وسجل ملكية متماسك.

وتشير ملفات القضايا الصادرة عن وزارة العدل الأميركية إلى أن كبرى المزادات تعتمد غالبا على الوثائق المقدمة من البائع، ولا تجري تحقيقا جنائيا مستقلا في تاريخ الملكية إلا إذا ظهرت إشارة خطر واضحة، مثل إدراج القطعة في قاعدة بيانات الإنتربول.

وتوصي الإرشادات المعتمدة في المتاحف، مثل القواعد المعتمدة في رابطة مديري المتاحف الفنية في أميركا الشمالية، بالتحقق من الوثائق المتاحة أو ما يسمى الفحص المعقول، لكنها لا تلزم المزادات بتتبع كل مرحلة من مراحل تاريخ الملكية، خصوصا تلك التي تعود إلى سنوات طويلة سابقة.

ولهذا السبب تبدو القطع التي قضت سنوات طويلة في مستودعات جنيف أقل إثارة للشك، لأنها تكون غير مدرجة في أي بلاغ سرقة ولا في سجلات الإنتربول، وتحمل وثائق تبدو رسمية جدا وتاريخ ملكية يتوافق شكلا مع توقعات السوق، مما يجعل المزادات العلنية المرحلة التي تكسب فيها القطعة شرعيتها النهائية.

متهم يخبئ وجهه أثناء محاكمته بسرقة مجوهرات من متحف "القبو الأخضر" في القصر الملكي بدريسدن (الفرنسية)شرطة التحف.. أخطر جبهة

مقابل الجانب الآخر من الشبكات المعقدة، توجد وحدات مخصصة تعد خط الدفاع الأهم في مواجهة هذا النوع من الجرائم، أبرزها على الإطلاق كارابينيري في إيطاليا، وهي الشرطة التي تأسست عام 1969، وتعد الأقدم عالميا، وتشير وزارة الثقافة الإيطالية في تقريرها لسنة 2022 إلى أنها استعادت ما يفوق 1.2 مليون قطعة خلال عقد واحد من الزمن، في حصيلة تعد سابقة في العالم، وتضيف الوزارة أن النموذج الإيطالي أصبح معيارا دوليا للتعاون بين الشرطة والمتاحف والنيابة العامة.

يضطلع مكتب التحقيقات الفدرالية في الولايات المتحدة الأميركية (إف بي آي) في ملاحقة تهريب القطع الفنية في التسعينات وتعزز في 2004 بإطلاق قاعدة بيانات وطنية وتأسيس فريق متخصص.

ويشير تقرير رسمي لمكتب "إف بي آي" عام 2022 إلى أن الفريق استعاد أكثر من 15 ألف قطعة حتى الآن، مؤكدا أن "جزءا أساسيا من نجاحه يعتمد على تتبع المال قبل تتبع القطع المنهوبة، لأن الجريمة تتحدث بلغة المال أولا".

إعلان

كما توضح وزارة العدل الأميركية أن الفريق نفذ عمليات مشتركة مع دول أخرى مثل إيطاليا وتركيا والهند ومصر، وأسهم في استعادة قطع كانت معروضة في مزادات علنية عالمية ببيانات ملكية مزورة.

وعلى المستوى الأوروبي، تقود يوروبول عمليات واسعة تعرف باسم "باندورا"، يشارك فيها أكثر من 30 جهازا جمركيا وشرطيا.

ويؤكد التقرير الرسمي لليوروبول أنه "ضبط حوالي 56 ألفا و400 قطعة أثرية في 28 دولة"، محذرا من أن "السوق السوداء للتراث باتت إحدى بوابات التمويل الأساسية للجريمة المنظمة العابرة للحدود".

وتضيف الوكالة أن "شبكات التهريب تستخدم المسارات نفسها التي تهرب عبرها الأسلحة والمخدرات".

ورغم هذا الجهد الكبير، تظل نتائج عمليات إعادة التحف والمجوهرات المسروقة دون المستوى المطلوب، إذ يشير تقرير الإنتربول للفنون لعام 2023 إلى أن نجاحها لم يتجاوز نسبة 10%.

سرقات تغتال الذاكرة الجماعية

خلال رحلات القطع المنهوبة يضيع العمل الفني وكذا جزء من الذاكرة البشرية المشتركة، فالقطعة التي كان من المفروض أن تعرض أمام الجميع تتحول إلى ملكية فردية لشخص واحد، والتاريخ الذي كان متاحا للجمهور يتحول إلى سلعة في صندوق أو غرفة مغلقة لا يراها إلا نخبة صغيرة.

وتقول اليونسكو في تقاريرها: "إن سرقة أي قطعة أثرية تمثل فقدانا لا يمكن تعويضه للذاكرة الجماعية، وإن اختفاء هذه القطع يشبه تمزيق صفحة من تاريخ الإنسانية".

مقالات مشابهة

  • قبل واقعة اللوفر.. سرقة 600 قطعة أثرية من متحف بريطاني
  • “فتح الانتفاضة”: انطلاقة الجبهة الشعبية شكلت رافدا أساسيا من روافد الثورة الفلسطينية ضد العدو
  • التراث العربي: إدراج الكشري في قائمة اليونسكو خطوة مبهجة تعزز الهوية الثقافية المصرية
  • زفاف تاريخي مرتقب.. رونالدو وجورجينا يختاران هذا المكان لإتمام المراسم
  • غرفة عمليات الحزب المصري الديمقراطي تتابع سير عملية تصويت المصريين بانتخابات مجلس النواب
  • لرفع الوعي بالحضارة المصرية.."القومي للإعاقة" ينظم زيارة استثنائية لذوي الهمم إلى المتحف المصري الكبير
  • رحلة مع قطعة أثرية مسروقة رفقة مافيا المتاحف
  • أديس أبابا.. دعوات للسلام والعدالة بيوم التضامن مع فلسطين
  • الدوائر الملغاة.. مجلس الشباب المصري يصدر تقريره الختامي حول تصويت المصريين بالخارج
  • حزب المصريين: منح الرئيس السيسي وسام منظمة الفاو يعكس إيمان المجتمع الدولي بالدور المصري