من الهُوية الترويجية إلى بناء السردية الوطنية
تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT
حسنا فعل القائمون على البرنامج الوطني لتنمية القطاع الخاص والتجارة الخارجية (نزدهر) عندما أشركوا المجتمع في اختيار الهوية الوطنية الترويجية لسلطنة عمان عبر التصويت الإلكتروني ما جعل الأمر يتحول إلى ما يشبه الرأي العام الجمعي، خاصة مع تأكيد البرنامج أن هذه الهوية بعد اختيارها ستتحول إلى قصة وطنية تمس الجميع ويعنى بها الجميع.
وتمتلك سلطنة عمان كنوزا من التاريخ والجغرافيا والثقافة والقيم الإنسانية التي تستطيع أن تبرز جوهرها للعالم ليس بوصفها، فقط، دولة/ حضارة ذات تاريخ عظيم ولكنها دولة تسير بثبات واتزان نحو المستقبل.
لكن الهوية الترويجية ليست مجرد شعار أو حملة إعلامية عابرة؛ لكنها، أو هكذا يجب أن تكون، رؤية طويلة الأمد تتطلب استراتيجية عميقة وشاملة، تبدأ من تعريف العالم بعُمان، وتصل إلى التأثير في تصوراته عنها وبناء الصورة الذهنية الحقيقية عن بلد استثنائي بكل ما تعنيه كلمة الاستثنائية من معنى. عُمان ليست، فقط، دولة تتمتع بجمال طبيعي ساحر وبتاريخ ضارب في القدم، لكن عُمان نموذج أساسي في العالم لمعنى التعايش والتوازن والأصالة والمعاصرة، وهو أيضا نموذج في قدرة الإنسان إلى الاستدامة، بما في ذلك استدامة الكيان السياسي نفسه الذي يعد أحد أقدم الكيانات السياسية في العالم إن لم يكن الأقدم على الإطلاق.
ورغم أهمية وجود الهوية الوطنية الترويجية لكن الأهم منها إعادة الاشتغال بهوية وطنية متكاملة لكل مؤسسات الدولة تحضر فيها هوية عُمان ورواجها وقيمها ومنجزها الحضاري. ويمكن التذكير هنا بالهوية التي كانت وزارة التراث والثقافة قد أقرتها قبل عدة سنوات والمنبثقة من روح عمل الوزارة في ذلك الوقت. وهذا مشروع كبير ولكنه مهم ولا بد أن ينجز، ثم يخرج عنه كتابة «سردية وطنية» يستلهم منها العمانيون تاريخهم وقيمهم ومبادئهم وتتربى عليها الأجيال القادمة.. والتاريخ العماني غني بالأحداث الكبيرة التي تسهل كتابة السردية الوطنية العمانية. وإذا كنا نسعى إلى ترسيخ قيم المواطنة وقيم الهوية العمانية فإن نحتاج بشكل ملح إلى وجود «السردية الوطنية» التي نرى من خلالها أنفسنا وتاريخنا ونضالنا عبر الزمن في بناء عُمان وترسيخ أمجادها.
لا شك أن بناء الهوية الوطنية الترويجية أو الهوية الوطنية لمختلف المؤسسات أو بناء السردية الوطنية العمانية هو جهد كبير ومضنٍ ولكنها في مجملها استثمار في المستقبل، وترسيخ للقيم التي أنجزها السلف عبر رحلة طويلة.. إنها قصتنا جميعا، قصة وطننا التي لا يستقيم بناؤنا الداخلي وتوازننا النفسي في معزل عنه، ولذلك لا بد أن نعي أن هذا المشروع مشروعنا جميعا.. وفي كل ركن من عُمان هناك قصة تنتظر أن تُروى، وعلينا أن نكون صوتها الذي يصل إلى العالم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الهویة الوطنیة الترویجیة
إقرأ أيضاً:
معركة العقول: كيف تسيطر إسرائيل على السردية العالمية؟
وبحسب حلقة "معركة العقول" من برنامج "المقاطعة" التي بثت على موقع الجزيرة 360 بتاريخ (2025/12/11) ويمكن متابعتها من (هذا) الرابط، فإن منظومة متكاملة من الأدوات التي يستخدمها الاحتلال لفرض روايته، بدءا من تأسيس صحيفة "جيروزاليم بوست" عام 1948 لترويج السردية الإسرائيلية للرأي العام الغربي، وصولا إلى عقود بمليارات الدولارات مع عمالقة التكنولوجيا.
ورصدت الحلقة كيف تحولت حركة المقاطعة (BDS) إلى "خطر إستراتيجي" بنظر الحكومة الإسرائيلية، حيث نُقل ملفها عام 2013 من وزارة الخارجية إلى وزارة الشؤون الإستراتيجية التي كانت تُعنى بملفين فقط: البرنامج النووي الإيراني وحركة المقاطعة.
وأنفقت إسرائيل واللوبي الصهيوني، وفق تقرير مجلة "ذا نيشن"، نحو 900 مليون دولار لمحاربة حركة المقاطعة خلال سنوات قليلة، في حين تجاوزت ميزانية وزارة الشؤون الإستراتيجية 70 مليون دولار سنويا لإدارة عمليات "دعاية سوداء" وتشويه وتجريم للناشطين.
وفي سياق متصل، وثّقت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أكثر من ألف حالة رقابة على محتوى داعم لفلسطين مارستها شركة "ميتا" خلال أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني 2023 وحدهما، في نمط ممنهج من الإقصاء الرقمي.
وسلّطت الحلقة الضوء على مشروع "نيمبوس" الذي وقّعته الحكومة الإسرائيلية عام 2021 مع شركتي "غوغل" و"أمازون" بقيمة 1.2 مليار دولار، ويوفر للجيش الإسرائيلي أدوات متقدمة للتعرف على الوجوه وتتبع الأشياء وتحليل المشاعر.
حملة مضايقات
وعرضت شهادة المهندسة زيلدا مونتيس، التي فُصلت من يوتيوب بعد مشاركتها في احتجاجات ضد المشروع، حيث وصفت كيف تعرّضت لحملة مضايقات منظمة واتُهمت بـ"معاداة السامية" لمجرد معارضتها تواطؤ الشركة مع الاحتلال.
ومن جهة أخرى، استعرضت الحلقة تجربة عمدة برشلونة السابقة آدا كولاو التي علّقت علاقات مدينتها مع تل أبيب، وواجهت حملات تشويه وشكاوى جنائية، مؤكدة أن "منع مظاهرات لصالح فلسطين أمر غير ديمقراطي وينتهك الحقوق الأساسية".
وعلى صعيد الأصوات اليهودية المعارضة للصهيونية، أبرزت الحلقة شهادة المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه الذي وصف كيف يُهندَس المجتمع الإسرائيلي ليصبح "عنصريا ومتفوقا"، محذرا من أن الجيل الجديد "أكثر عنصرية من الأجيال السابقة".
وأكد الحاخام يرحميئيل هيرش من حركة "ناطوري كارتا" أن الصهيونية "تناقض مطلق لما يجب أن يكون عليه اليهودي"، مشيرا إلى أن 99.9% من اليهودية الأرثوذكسية عارضت الفكرة الصهيونية تاريخيا.
وختمت الحلقة بشهادة الفنان البريطاني روجر واترز، مؤسس فرقة "بينك فلويد"، الذي تعرّض لحملات ممنهجة لتدمير مسيرته الفنية بسبب دعمه لفلسطين، مؤكدا أن "حركة المقاطعة حققت خطوات مذهلة" رغم كل محاولات التشويه والإسكات.
Published On 11/12/202511/12/2025|آخر تحديث: 20:07 (توقيت مكة)آخر تحديث: 20:07 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2شارِكْ
facebooktwitterwhatsappcopylinkحفظ