بعد قيام الاحتلال الإجرامي الإسرائيلي في غزة بقتل 15 ألف طفل من بين 45 ألفا قضت عليهم بأحدث وأحط الأسلحة والتقنيات العالمية، وبعد أن أضافت قوات الاحتلال للقتل بالأسلحة حرب التجويع باعتبارها منتجا إسرائيليا خالصا، يبدع المجرمون اليوم في استخدام سلاح آخر بصناعة إسرائيلية خالصة، وهو سلاح تجميد الأطفال، والشباب والنساء والشيوخ والرجال والعجائز، عبر حرق كل وسائل الإيواء والتدفئة، حتى يبقى أبناء الشعب الفلسطيني بأجسادهم العارية، وبطونهم الخاوية ومحيطهم العربي والإسلامي الخانع عرضة لسهام البرد القارس والتي تقضي عليهم تجميدًا وألما، إنها مأساة الكون التي لا يراها إلا أصحاب الضمائر الحية، ويتغافل عنها أولئك المغيبون من الجهلة وقطاع الطرق، وأدعياء الحداثة في عالمنا العربي والإسلامي.
وحتى كتابة المقال، قتل أربعة أطفال تجميدًا في جنوب قطاع غزة، وفقًا لما أعلنته وزارة الصحة الفلسطينية، التي أفادت بأن غياب وسائل التدفئة في خيام النزوح أدت إلى وفاة الأطفال الأربعة، إضافة إلى الطبيب أحمد الزهارنة الذي كان يعمل ضمن الطاقم الطبي في "مستشفى غزة الأوروبي" في خان يونس، وعثر على جثته متجمدة بعد أن فقد أبناء غزة كل الحيل في الحصول على البطاطين التي تحتجزها إسرائيل، وترفض دخولها.. وحتى الحطب الذي كان يستخدمه أبناء القطاع للتدفئة، ولكن الطائرات المسيرة تلاحق بالتفجير والحرق كل من يتحرك من أبناء القطاع خارج خيم النزوح.
وكان المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني قد أكد الجمعة الماضية أن أطفال غزة يتجمدون حتى الموت بسبب البرد ونقص المأوى، وقال: "نحتاج وقفًا لإطلاق النار وتدفقًا فوريًا للإمدادات الضرورية بما فيها إمدادات الشتاء"، مشيرا إلى أن الأغطية والإمدادات الشتوية ظلت عالقة منذ أشهر في انتظار الموافقة على دخولها إلى غزة.
واستمرارًا لمسلسل قتل الأطفال الذي ينفذه مجرم الحرب نتنياهو، أوضحت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، أن الاحتلال الإجرامي يقتل طفلًا فلسطينيًا في غزة كل ساعة، وطالبت الوكالة في بيان لها، بوقف فوري لإطلاق النار لحل الأزمة الإنسانية في القطاع، وقالت: "لا مكان للأطفال، فمنذ بداية الحرب تم الإبلاغ عن مقتل 14500 طفل في غزة". وتابعت: "يُقتل طفل كل ساعة، هذه ليست مجرد أرقام، إنها حياة قُطعت". وأوضحت أن كل من نجا "من الأطفال أصيب بندوب جسدية ونفسية"، وحذرت قائلة: "الوقت ينفد بسرعة لهؤلاء الأطفال، إنهم يخسرون حياتهم ومستقبلهم ومعظم آمالهم".
وأوضح مجرم الحرب نتنياهو رؤيته للتعامل مع أطفال غزة منذ طوفان الأقصى عندما قال إنه لا يرد أطفالًا يتعلمون مقاومة إسرائيل، أو كما قال يكرهون دولته، ويريدون إقامة دولة خاصة بهم. ومن هذا المنطلق تقوم قوات الاحتلال بقتل الأطفال ومنع خروجهم من غزة لجوءًا أو علاجًا.
وفي إشارة واحدة إلى تلك السياسة، رفض مجرم الحرب في يوليو الماضي إقامة مستشفى ميداني داخل إسرائيل لعلاج أطفال غزة المرضى، وقال فليبحثوا عن دولة تقبل علاجهم بالخارج، وعندما أبدت الإمارات استعدادها لعلاج 150 طفلا فلسطينيا رفض أيضًا خروجهم من غزة.
ويبقى أن التاريخ يسجل أن عربا ومسلمين غضوا أبصارهم وعقولهم عن شعب منهم يفنى قتلًا وتجويعًا وتجميدًا.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: أطفال غزة تجمید ا
إقرأ أيضاً:
المرحلة الثانية من خطة ترامب في غزة.. ترقب فلسطيني وعرقلة إسرائيلية
تترقب الأوساط الفلسطينية دخول المرحلة الثانية من خطة ترامب بشأن غزة حيز التنفيذ بفارغ الصبر، بعد أن عمدت حكومة الاحتلال إلى عرقلتها، والتملص من استحقاقاتها على مدار الأسابيع الماضية، في محاولة لحصر الخطة في مرحلتها الأولى فقط.
ورغم ضابية المشهد وعدم الوضوح بشأن الموعد المحدد لدخول المرحلة الثانية، قالت مصادر صحفية، إن إدارة الرئيس الأمريكي تمارس ضغوطا على "إسرائيل" لإكمال بنود الخطة المعلنة بشأن غزة، على رأسها "المرحلة الثانية" التي ينتظرها أهالي القطاع بفارغ الصبر، كونها تعني تثبيت وقف إطلاق النار، والبدء بخطة الإعمار. وسط مخاوف من استمرار عرقلتها من قبل حكومة الاحتلال.
وقال موقع "أكسيوس" إن الرئيس الأمريكي يعتزم الإعلان قبل عيد الميلاد الذي سيحل بعد نحو ثلاثة أسابيع عن الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق إنهاء الحرب في غزة، وتشكيل هيئة حاكمة جديدة لحكم القطاع، كما ذكر مسؤولون أمريكيون.
علام تنص بنود المرحلة الثانية؟
تنص بنود هذه المرحلة على إلى إدارة القطاع بواسطة هيئة حكم انتقال مدنية تتكون من مستقلين فلسطينيين وخبراء دوليين.
كما تتضمن انتشار قوة استقرار دولية في غزة، واستكمال انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من الخط الأصفر إلى الأحمر، بالإضافة إلى إزالة أطنان من الركام والأنقاض وبدء إعادة الإعمار.
ولكن قبل البدء في البنود أعلاه، لا بد من "نزع سلاح حركة حماس وتدمير ما تبقى من أنفاق في قطاع غزة"، كشرط للتقدم في المرحلة الثانية، وهو الأمر الذي يثير مخاوف الفلسطينيين من وضع هذا الشرط الذي يصعب تحقيقه في المرحلة الحالية، كذريعة لوقف التقدم نحو المرحلة الثانية، رغم وجود مؤشرات أمريكية على إمكانية تأجيله إلى مراحل لاحقة.
خلافات عميقة
وتشير تقارير عبرية إلى أن "إسرائيل" لا تزال تعتبر نزع سلاح حركة حماس بالكامل شرطا غير قابل للتفاوض، وترى أن أي صيغة بديلة مثل تخزين السلاح أو إخراجه مؤقتا من الخدمة، أمر غير مقبول بالنسبة لها، في المقابل، تتحدث أوساط إسرائيلية عن طرح أمريكي جزئي لـ"إخراج السلاح من الخدمة"، على غرار تجارب نزاعات أخرى، وهو ما ترفضه إسرائيل خشية إعادة استخدام السلاح لاحقا، أو تأجيل ملف السلاح إلى ما بعد المرحلة الثانية.
ونقلت "يديعوت أحرنوت" قبل أيام عن مسؤولين إسرائيليين تهديدات صريحة بأن عدم تنفيذ نزع السلاح سيقابل بتدخل عسكري مباشر، ما يفرغ اتفاق وقف النار من مضمونه، ويبقي خيار الحرب حاضرا في أي لحظة.
محاولات لإفشال المرحلة الثانية
ويعتقد رئيس لجنة المتابعة العليا لفلسطينيي 48، جمال زحالقة أن أن السلوك الإسرائيلي في المرحلة الأولى، لن يتغيّر في المرحلة الثانية لتنفيذ اتفاق ترامب، مؤكدا أنه لا مؤشّرات أنّ حكومة نتنياهو ستبدّل تعاملها في المرحلة المقبلة. العكس هو الصحيح، فهي ستواصل خرقها لوقف إطلاق النار والتضييق على المساعدات وعلى فتح المعابر، وسوف تنقل خروقات المرحلة الأولى كأدوات ضغط ومناورة في المرحلة الثانية.
وشدد زحالقة في مقال له، نشرته "عربي21" على أنه كان من المفروض أن يكون دخول لمساعدات إنسانية كاملة، وفتح للمعابر ووقف فعلي لإطلاق النار، مقابل تسليم المحتجزين في غزة ، لكن "إسرائيل" استلمتهم كما نص الاتفاق، لكنّها لم تدفع الثمن، إلا جزئيا واحتفظت لنفسها بالجزء الأكبر للمقايضة به لاحقا.
ويعتقد زحالقة أن إمكانية التقدم في المرحلة الثانية ليست صعبة فحسب، بل شبه مستحيلة. محذرا من أن الذي قد يحدث في حال انسداد الأبواب السياسية هو العودة إلى الحرب الشاملة في غزة، بكل ما يعنيه ذلك من المزيد من الكوارث والدمار.
لماذا لا يريد "نتنياهو" المرحلة الثانية؟
يقول الكاتب محمد صابر في مقال له، إن المرحلة الثانية تفرض على "إسرائيل" انسحابا أوسع، ودخولا لحكومة مدنية انتقالية، وتقليصا للسيطرة العسكرية، وهذه المرحلة تعني أنه يجب على "إسرائيل" أن تدفع ثمنا، فيما المرحلة الأولى من الاتفاق كانت مريحة لإسرائيل: إطلاق بعض الأسرى، خفض نسبي للقصف، لا التزامات سياسية، لا انسحاب حقيقيا. أما المرحلة الثانية فتفرض لأول مرة: انسحابا أوسع، ودخولا لحكومة مدنية انتقالية، وتقليصا للسيطرة العسكرية. وهذا أمر يرفضه نتنياهو لأنه سيعني نهاية "حربه" التي يستخدمها للبقاء في السلطة، فتح ملفات التحقيق في فشل 7 أكتوبر، وبدء نقاش جدي حول من يحكم غزة. لذلك جمّد المرحلة الثانية تماما.
ويرى صابر أن سبب رفض نتنياهو للدخول للمرحلة الثانية، لأنه يعيش على حرب لا تنتهي؛ الحرب بالنسبة لنتنياهو ليست معركة، بل وسيلة للبقاء. إذا بدأت المرحلة الثانية ستبدأ لجان التحقيق، وستظهر حقيقة أن "النصر الكامل" مجرد شعار، وسيُسأل: لماذا لم يتم إنقاذ الرهائن؟ لماذا استمر القتل بلا هدف؟.. لذا يبقي نتنياهو الوضع بين: لا حرب شاملة، ولا سلام حقيقيا، بل قتل يومي منخفض الإيقاع.
وإضافة إلى ذلك، قال المحلل السياسي إن هناك خلاف جذري بين مشروعين متناقضين، فحماس تريد وقفا نهائيا للحرب، ورفع الحصار، وضمانات مكتوبة بعدم إعادة الاحتلال، و"إسرائيل" تريد تجريد المقاومة من القوة، ووصاية أمنية دائمة، وحكما مدنيا ضعيفا لا يملك قرارا مستقلا. لذلك تحوّل الاتفاق إلى صدام بين مشروعين لا يلتقيان.