أحمد ياسر يكتب: "سوريا" بين الحُلم الكردي وطموحات تركيا
تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT
تركيا تقف على أعتاب تحقيق أكبر قدر من المكاسب في دوافعها الاستراتيجية الخاصة المتمثلة في السيطرة على شمال شرق سوريا الذي يهيمن عليه الأكراد على طول الحدود الجنوبية لتركيا، في حين يبدو صراع محتمل على السلطة وشيكًا بين الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا وهيئة تحرير الشام في مواجهة قوات سوريا الديمقراطية التي يهيمن عليها أكراد، يستعد كلاهما لمستقبل غير مؤكد للتنازلات والتسويات القيادية السياسية.
يشكل الأكراد أكبر مجموعة عرقية بلا جنسية في منطقة غرب آسيا، ويقيمون إلى حد كبير في تركيا والعراق وسوريا وإيران - ويقاتلون ضد الاستيعاب والقمع من أجل الحكم الذاتي الإقليمي والحكم الديمقراطي في الدول المعنية،
في سوريا، يشكل الأكراد 10٪ من إجمالي السكان، ويقيمون بشكل أساسي في المدن الشمالية الشرقية مثل حلب وكوباني ومنبج وعفرين والجزيرة ودمشق. كان الأكراد أداة فعالة في مكافحة البصمة المتوسعة للجماعة المتطرفة داعش في منطقة بلاد الشام على خلفية الفوضى التي أحدثها الربيع العربي.
منذ عام 2015، تعاونت قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، وقادت العمليات البرية التي هدمت خلافة داعش في الرقة، وقد أدى هذا الإنجاز العسكري إلى ترسيخ الأكراد كفاعل مهم في الساحة السياسية المتفرقة في سوريا وأحيا التطلعات الكردية لتحقيق إقليم لامركزي ومستقل في شمال شرق سوريا يسمى الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وهو ما يشبه حكومة إقليم كردستان العراق التي تتمتع بوضع شبه دولة في العراق.
ومع ذلك، واجه "الحلم الكردي" العديد من العوائق في ظل نظام الأسد، وعلاوة على ذلك، أدت العمليات العسكرية التركية في المناطق الكردية السورية والموقف الغامض للولايات المتحدة، الحليف الأجنبي الرئيسي، إلى تفاقم المأزق الكردي، وفي حين عرضت واشنطن مساعدة أساسية ضد داعش، فإن إحجامها عن تحدي مصالح تركيا جعل الأكراد عرضة للخطر.
طموحات تركيا في سوريا ما بعد الأسدلقد تطورت الأهداف الاستراتيجية التركية في سوريا منذ الربيع العربي، وكان أحد الأهداف المركزية لأنقرة إحباط التطلعات الكردية لإقامة كيان كردي مستقل في سوريا على طول حدودها الجنوبية، والتي تعتبرها تهديدًا وشيكًا لأمنها القومي.
تربط تركيا قوات سوريا الديمقراطية ومكونها الرئيسي، وحدات حماية الشعب، بحزب العمال الكردستاني، وهو كيان محظور ينفذ تمردًا في تركيا منذ عام 1984، والذي صنفته أنقرة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أنه جماعة إرهابية، وسعت حكومة أردوغان المتعاقبة في أنقرة إلى القضاء على مساحات شاسعة من شمال سوريا تسيطر عليها وحدات حماية الشعب والتي يزعم أنها "ممر إرهابي"، مما يعرض سلامة أراضي تركيا للخطر.
من ناحية أخرى، كان الدعم السياسي والعسكري الأمريكي لقوات سوريا الديمقراطية ضد داعش دائمًا مصدرًا للخلاف بالنسبة لتركيا، حليفتها في حلف شمال الأطلسي، ومع ذلك، وعلى الرغم من دعم الولايات المتحدة لقوات سوريا الديمقراطية، فقد شنت تركيا، طوال الحرب الأهلية السورية وبعد انسحاب القوات الأمريكية من سوريا في عام 2019، عدة هجمات عسكرية، مثل عمليات درع الفرات (2016)، وغصن الزيتون (2018)، ونبع السلام (2019)، في سوريا التي يهيمن عليها الأكراد.
ولتبرير عملياتها العسكرية داخل سوريا، دعت حكومة أردوغان إلى إنشاء "منطقة عازلة" أو "منطقة آمنة" بطول 30 كيلومترًا على طول الحدود السورية لإعادة تأهيل ثلاثة ملايين لاجئ سوري، وهو ما أصبح مصدرًا للعبء الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للاقتصاد التركي المنهار والليرة المتدهورة باستمرار.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: سوريا بشار الأسد المعارضة السورية ايران حزب الله اسرائيل هضبة الجولان تركيا سقوط نظام أكراد سوريا الأكراد السوريين الاسد دمشق روسيا أخبار مصر قمة الدول الثماني اردوغان سوریا الدیمقراطیة فی سوریا
إقرأ أيضاً:
"استبدل ملّة إبراهيم باتفاقيات أبراهام".. داعش يهاجم أحمد الشرع بعد لقائه ترامب
هاجم تنظيم "داعش" الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع بعد لقائه ترامب، حيث اتهمه بـ"التفريط بالدين"، ودعا المقاتلين الأجانب للانضمام إليه، في ظل تصاعد الانقسامات داخل الفصائل المتطرفة. اعلان
شن ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) هجومًا عنيفًا على الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، إثر لقائه مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في العاصمة السعودية الرياض، واصفًا اللقاء بـ"الانحدار"، ومتهماً رجل دمشق القوي بـ"التفريط بالشريعة مقابل الدعم الأميركي".
وجاء الهجوم في افتتاحية العدد الأسبوعي الأخير من صحيفة "النبأ" الإلكترونية التابعة للتنظيم، حيث أكد داعش أن الصورة أصبحت "أكثر وضوحًا" بعد هذا اللقاء، مشيرًا إلى أن الخلاف مع الشرع لا يقتصر على التكتيك السياسي، بل هو "صراع بين التوحيد والشرك، والإسلام والديمقراطية"، مضيفًا أن هناك "من سيده محمد ومن سيده ترامب"، في تصريح استفزازي واضح.
كما اتهم التنظيم المتشدد الشرع باستبدال ما سماه "ملة إبراهيم" باتفاقيات "إبراهام"، مستنكرًا الاحتفاء باللقاء مع ترامب باعتباره "إنجازًا تاريخيًا"، ومشيرًا إلى أن هذا الحدث لم يكن ليتم لولا "المليارات السعودية والقطرية، والتعهدات التركية التي أقنعت ترامب بأن يخصص وقتًا للقاء الشرع ومنحه فرصة عظيمة"، بينما وصف الشرع بأنه يملك فقط "هوسًا بالسلطة".
Relatedاجتماع دولي حول سوريا.. المبعوث الأممي الخاص: الوضع لا يزال هشًافرحة وألعاب نارية وهتافات.. احتفالات تعم سوريا بعد قرار واشنطن رفع العقوبات عن دمشق الشرع: سوريا طوت صفحة الماضي ولن تكون ساحة لتقاسم النفوذدعوة للانشقاق عن الشرعوفي تطور خطير، وجه التنظيم دعوة مباشرة للمقاتلين الأجانب المنضوين تحت وزارة الدفاع السورية للانضمام إلى خلاياه المنتشرة في الأرياف، معتبرًا أن الشرع استغلهم لتحقيق مشروعه الشخصي.
وقال التنظيم: "كانت من ضمن الإملاءات الأمريكية على الجولاني (أحمد الشرع) التخلص من المقاتلين غير السوريين الذين قاتلوا إلى جانبه طويلاً.. وقد نصحناكم مرارًا لكنكم أعرضتم. الآن أنتم تدفعون الثمن، فلا تجعلوا أنفسكم ورقة يحرقها الجولاني كسبًا للرضا الدولي."
ودعا التنظيم المقاتلين إلى "التوبة والعودة" والانضمام إلى "سرايا الدولة الإسلامية"، مؤكداً أن "الباب لا يزال مفتوحًا".
انشقاقات داخل بنية الفصائل المتطرفةوعلى خلفية هذه الدعوات، بدأت تظهر مؤشرات واضحة على انشقاقات داخل صفوف الفصائل المتطرفة، حيث تم تداول مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تشير إلى مبايعة عدد من المقاتلين السوريين وغير السوريين لأبي حفصى الهاشمي القرشي، كأمير لهم.
وتشير التقارير إلى ظهور تنظيم داعش باسم جديد "القرشي"، يتبنى نهجًا أكثر تشددًا، ويقدم نفسه كبديل "نقي وغير مهادن" لما وصفه بـ"خيانة الجولاني" لمبادئ الجهاد.
ويواجه أحمد الشرع المعروف بالجولاني ضمن صفوف التنظيمات المتطرفة، تحديًا وجوديًا حقيقيًا، بسبب التوترات العقائدية المتزايدة بين الفصائل المسلحة، خاصة بين الموالين له بعد سيطرته على الحكم في سوريا والمجموعات الراديكالية غير السورية من العرب والشيشان والإيغور.
رد فعل الجيش السوريفي الوقت ذاته، أعلن الجيش السوري عن أول اشتباك مباشر مع التنظيم الجديد في أحياء حلب الشرقية، أسفر عن اعتقال عدد من العناصر ومقتل آخرين، إضافة إلى ضبط كميات كبيرة من الأحزمة الناسفة والمعدات العسكرية.
وكان وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، قد أعطى مهلة مدتها عشرة أيام لجميع الفصائل المسلحة للانضمام إلى صفوف الجيش النظامي، وإلا ستواجه "إجراءات لم يحددها"، في إشارة إلى احتمال شن عمليات عسكرية شاملة ضد المجموعات الخارجة عن القانون.
فيما تواردت أنباء عن شن الجيش السوري عملية عسكرية استهدفت مقاتلين أجانب وعرب دون تحديد جنسياتهم في محافظتي حماة وإدلب، أسفرت عن اعتقال عدد منهم، وذلك بعد يوم من رفع بعض العقوبات الأمريكية عن سوريا.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة