سودانايل:
2025-08-02@08:53:07 GMT

حكومة الدعّامة

تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT

كما أيّد مستشارو قائد قوات الدعم السريع الاتجاه الساعي لتشكيل حكومة بمناطق سيطرة القوات، فليقم القائد وفريقه بتكوينها وأن يرأسها هو نفسه، كما يقول الرأي المطروح من أحد مستشاريه والذي وجد قبولاً واسعاً، وسط جماهير الشعب السوداني المتعطشة لحكومة تمثلهم وتقضي حوائجهم، ليست كمثل عصابة بورتسودان العميلة القاصفة لهم بالطيران الحربي الأجير، المانعة إياهم حقوقهم المدنية في الحصول على الوثائق – جواز السفر، فالمساحات التي تقع تحت حماية قوات الدعم السريع هي الأكبر، والأكثر اكتظاظاً بالسكان، فلا يصح أن تحرم النسبة الأعظم من مواطني البلاد وجود إدارة حكومية ترعى شأنهم، مهما كانت المبررات، فالحرب شارفت على إتمام عامها الثاني، والأمل في نهايتها اصبح يتضاءل لدى المتفائلين بتحقيق السلام، وها قد جاء موعد جلوس الممتحنين للشهادة الثانوية، مارست عصابة بورتسودان الاخوانية ابتزازاً خبيثاً بحق المواطنين، بسرقتها للشفرات وكلمات السر الخاصة بالمؤسسات الخدمية والتعليمية المملوكة في الأصل للمواطن، والتي من بينها وزارتي التعليم والداخلية – إدارة السجل المدني، فالشعوب لا تقيم ببلد لا وجود فيه لمنظومة إدارية ترعى شأن الوطن والمواطن، والهاربون من أشاوس الخرطوم – فلول النظام البائد – يريدونها أكثر من دولة، حتى يخلو لهم الجو للاستمرار في نهب ثروات الجغرافيا المتواجدين بها، فهل يكتفي المناصرون لقوات الدعم السريع بهذه الحكومة، المؤمنون بضرورة الانتقال المدني نحو التأسيس الديمقراطي، أم ستواصل القوات المتعهدة ببتر آخر مخلب للفلول، زحفها المقدس لتحرير كل شبر من الأرض التي يتواجد بها المرتزقة والعملاء؟، هذا السؤال تجيب عليه مآلات الأمور بعد التشكيل الحكومي، ويمكن القول بأن الفزع والهلع والفوبيا والعفريت الذي اعتلى رؤوس الخاطفين لقرار الجيش، جراء ارهاصات بزوغ فجر حكومة للدعم السريع، يعكس الاحساس الحقيقي للفلول بالخطر القادم والعاصف بما تبقى من ترسانة عسكرية.


الخطر الذي يهدد مافيا بورتسودان بعد الميلاد المأمول لنظام حكم الدعّامة، هو الاعتراف الدولي والإقليمي الذي ستحظى به الحكومة الجديدة، خاصة وأن القائمين عليها هم الذين يمثلون الشرعية، كونهم آخر الرجال الصامدين في وجه طغيان الكيزان بعد انقلابهم المشؤوم، فمشروعية الحكم القادم تمكّن جيش حكومة الدعّامة من امتلاك الطيران الحربي والتمثيل الدبلوماسي، وفي هذا الخصوص سوف تشهد الكثير من القنصليات والسفارات السودانية اعلان الانسلاخ من عصابة مافيا بورتسودان، والانخراط في المنظومة الحكومية الشرعية الممثلة لسيادة الدولة، ما يسحب البساط من تحت أقدام الخاطفين لقرار الجيش والحكومة والمزورين للسيادة الوطنية، فالخطوة تعتبر (ضربة معلم) في سباق الحرب السياسية بين قوات الدعم السريع وفلول النظام البائد – الاخوان المسلمين، وقد أمهل قائد الدعّامة وفريقه مختطفي مؤسسات الحكم زمناً كافياً، لكن لم يرعو كاهنهم الكبير وزبانيته، فتعنتوا وأخذتهم العزة بالإثم ولم يحترموا جهود الإقليم والعالم في ابتدار المبادرات، واستخفوا بالمنابر الوسيطة في صلف وغرور كبيرين، وقد احتار المبعوثون الدوليون والافارقة والعرب في أمرهم، وتعجبوا في اصرارهم على تدمير وطنهم وانسانه، فلأول مرة كما قال أحد هؤلاء المبعوثين الدوليين يجدوا أشخاصاً لا يأبهون لوطنهم ومواطنيهم، فيقتلونهم ويحرقونهم ويعملون على إطالة أمد حرب حصدت أرواح أمهاتهم وآبائهم وأخواتهم وإخوانهم، وفي هذا السياق سألني مندهشاً أحد الخليجيين: يا أخي ما هذه الفتنة والعنصرية المنتنة التي تفشت بينكم ونحن نعرفكم بسماحة النفس ودماثة الخلق ونقاء السريرة؟، رددت عليه: يا أخي لقد أصرّ بعض اخوتنا الناشزين على نشر غسيلنا للعالم، وكما تعلم أن بكل بيت قذارة يغسلها أهل البيت ويدفنونها داخل بيتهم، أما نحن فيوجد بين صفوفنا من هو أفظع من بن نوح ومن هي أخطر من زوجة لوط.
لقد استنفذ الظالمون مهلة الوسطاء والمسهلين والميسرين، وجاءت الخيارات مهرولة نحو الدعّامة، أن لا تثريب عليكم فافعلوا ما بدا لكم من أسباب خدمة المجتمعات التي انهكتها الحرب، الواقعة تحت مظلتكم، فانتظار السفهاء ليس من الحكمة، ولكل بلد حكماؤها، ومهما طال السفر فإنّ للراحلين محطات ينيخون عليها بعيرهم، وينصبون فيها خيامهم، أما وقد تصلب الظالمون في مواقفهم الظالمة، فإنّ للعباد رب يرعى مصالحهم ويخرجهم من جور دولة الكيزان، التي استمرت لأكثر من ثلاثة عقود، أورثت الطيبين حرباً شعواء لا يتسبب في اندلاعها إلّا الدعي، الذي لا يبالي وهو يعرّض عرضه للعابرين والسابلة، مثلما تعرضت حرائر السودان للذل والإهانة بالعواصم الافريقية والعربية، حدث كل ذلك بقرار لموتور اسمه علي كرتي ومنحرفين حسبوا الحرب نزهة، أتوقع أن تكون حكومة الدعم السريع ملاذاً للمنتهكة أعراضهم، ونعيماً لمن قهرهم المرتزقة وعملاء الحكم البائد، فسوف تكون حكومة الدعّامة المظلة الظليلة التي يستظل تحتها البؤساء، الذين أرهقهم عنت الحرب ومشقة النزوح والسفر واللجوء، ولعلها ارتكاز للنهوض والانقضاض على رأس الأفعى الرقطاء المندسة تحت أعشاب البحر الأحمر والمختبئة بين حشائش وأشجار النخيل.

إسماعيل عبد الله
[email protected]  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

تحتجزهم ميليشيا الدعم السريع في نيالا،، الأسرى،، صـرخة لاستعادة الإنسانية

تحتجزهم ميليشيا الدعم السريع في نيالا،،
الأسرى،، صـرخة لاستعادة الإنسانية..
مخاوف تنتاب ذويهم جراء الظروف القاسية التي تواجه الأسرى..
ضغوط محلية وإقليمية عبر مذكرتين للبرهان ومُفوَّض الاتحاد الأفريقي..
مطالب بتسليم الملف لرئيس الوزراء ليكون أحد مفاتيح الحل السياسي..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
بعد مرور أكثر من شهرين على تحرير العاصمة الخرطوم وإعلانها خالية من ميليشيا الدعم السريع، بدأت جيوش القلق تجتاح نفوس الأسر والعائلات الذين كان أبناؤهم محتجزين لدى ميليشيا الدعم السريع لفترات متفاوتة في مناطق مختلفة من العاصمة الخرطوم وضواحيها، وتزداد مخاوف هذه العائلات عن مصير أبنائهم في ظل الحديث المتواتر عن ترحيلهم القسري إلى مدينة نيالا، حيث اتخذتهم ميليشيا آل دقلو دروعاً بشرية لتفادي خطر القصف الجوي من سلاح الطيران أثناء مغادرتهم العاصمة في اتجاه الغرب، وبعد مرور أكثر من شهرين على ترحيلهم، تتفاقم مأساة هؤلاء الأسرى، وتخبو جذوة الأمل في نفوس عائلاتهم الذين لم يعودوا يطلبون إلا خيط، أو معلومة تطمئنهم على حياة أبنائهم.
ظروف إنسانية قاسية:
وكان الأسرى الذين تم العثور عليهم في مناطق صالحة وجبل أولياء عقب تحرير العاصمة الخرطوم، قد عانوا من ظروف قاسية ومخالفة لأدنى معايير المعاملة الإنسانية وفقاً لشهادات عدد من الأسرى الذين تم تحريرهم، حيث أكدوا أنهم قاسوا أوضاعاً مأساوية، افتقروا خلالها لأبسط مقومات الحياة، ما أدى إلى وفاة عدد منهم بسبب الجوع وانعدام الرعاية الصحية، ومن خرج منهم كان “عبارة عن هياكل عظمية”، نتيجة الجوع والعطش، وانعدام النوم، والتعرض المستمر للتعذيب النفسي، وسط تجاهل كامل لمتطلباتهم الإنسانية، وقد ظلت هذه الصور الإنسانية عالقة في النفوس، وهو ما يزيد طين القلق بلة لدى أسر وعائلات الأسرى الذين تم ترحيلهم إلى مدينة نيالا، خاصة وأن مصادر أكدت أن عملية الترحيل تمت عبر طرق برية وعرة، قطع خلالها الأسرى مئات الكيلومترات وهم في حالة صحية ونفسية بالغة التدهور دون الحصول على الغذاء الكافي أو الرعاية الطبية، الأمر الذي يجدد القلق والمخاوف من تفاقم أوضاعهم الصحية، خاصة في ظل تفشي الأمراض ونقص الدواء في المناطق التي تسيطر عليها ميليشيا الدعم السريع.
مطالبة البرهان بالتدخل:
وفي الثالث والعشرين من يوليو الجاري وفي خطوة عكست حالة القلق الدائم والترقّب المؤلم والمخاوف التي تسللت إلى أفئدتهم وقلوبهم، وجهت أسر وعائلات الأسرى، نداءً إنسانياً مؤثراً إلى رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وطالبوا في مذكرة لهم الرئيس البرهان بالتدخل العاجل للكشف عن مصير أبنائهم الذين انقطع الاتصال بهم منذ اندلاع الحرب، مشددين على ضرورة أن تتحرك الحكومة وأجهزتها المختصة بشكل فوري للكشف عن مصير أبنائهم المختفين منذ اندلاع الحرب في الخامس عشر من أبريل 2023م، في وقت تتصاعد فيه المخاوف من تعرضهم لانتهاكات جسيمة قد تصل حد الإخفاء القسري أو التعذيب الممنهج، وأعربت أسر وعائلات المحتجزين لدى ميليشيا الدعم السريع عن قلقها البالغ على سلامة أبنائهم في ظل غياب المعلومات المؤكدة عن أوضاعهم، مناشدين كل من له تواصل أو اتصال أو تأثير على هذه القوات أن يُسارع بنقل صوتهم إليها، وأن يعمل على طمأنتهم عن ذويـهم من هؤلاء الأسرى، ويمكِّن الجهات المختصة من الوصول إليهم والاطمئنان على سلامتهم، مؤكدين أن قضية الأسرى من النظاميين والمدنيين قضية إنسانية بحتة، ولا ينبغي أن تكون رهينة للتجاذبات أو الصراعات.
مذكرة للاتحاد الأفريقي:
ولم يمضِ أسبوع على النداء الذي وجهه أسر وعائلات المعتقلين لدى ميليشيا الدعم السريع إلى الفريق عبد الفتاح البرهان، حتى عادت ذات الأسر والعائلات إلى مطالبة الاتحاد الأفريقي لتبني مبادرة إنسانية ترمي إلى إبرام صفقة تبادل بين الجيش وميليشيا الدعم السريع، ودعوا في مذكرة قدمت إلى رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي السفير محمود علي يوسف، التكتل القاري إلى الاضطلاع بدور قيادي في تسهيل مبادرة محايدة وخاضعة للرقابة الدولية لتبادل الأسرى بين أطراف النزاع في السودان، منوهين إلى القلق الذي ينتاب هذه الأسر والعائلات على سلامة أبنائها المحتجزين في ظل غياب المعلومات المؤكدة عن أوضاعهم، داعين الاتحاد الأفريقي إلى الدفاع عن حقوق الفئات الضعيفة من المحتجزين، وخاصة الأطفال والنساء وذوي الإعاقة، بما يتماشى مع الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب ومعايير القانون الدولي الإنساني.
دور حكومة الأمل:
ويطالب مراقبون بضرورة الدفع بملف الأسرى المعتقلين لدى ميليشيا الدعم السريع إلى رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس، الذي يحمل على عاتقه مسؤولية انتشال البلاد من هذا النفق المظلم، وقالوا إن إدريس مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بإعطاء هذا الملف أولوية قصوى، ذلك أن ملف الأسرى ليس فقط قضية إنسانية وأخلاقية، بل أحد مفاتيح الحل السياسي وبوابة لبناء الثقة بين أطراف النزاع، الأمر الذي يتوجب على حكومة الأمل المدنية أن تضغط عبر الوسائل الدبلوماسية والمنصات الإقليمية والدولية لكشف مصير الأسرى وتأمين إطلاق سراحهم وفقاً لمواثيق القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، مشددين على ضرورة أن تتحمل المنظمات الإنسانية والحقوقية، سواء المحلية أو الدولية، إضافة إلى الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية، مسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية في هذا الملف، وإعمال ضغوط مستمرة على ميليشيا الدعم السريع للسماح بزيارة الأسرى، وضمان معاملتهم معاملة إنسانية، وفق ما نصت عليه اتفاقيات جنيف.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر تبقى النداءات الإنسانية المتكررة من قبل الأسر والعائلات، ضرورة مرحلية ملحة لما تُحدثه من تأثير سياسي وأمني كبير، فهي تعيد ملف الأسرى إلى واجهة الأحداث، وتضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته القانونية والإنسانية، كما تشكل ورقة ضغط داخلي على الميليشيا المتمردة لإبداء حسن النية عبر إطلاق سراح الأسرى، ذلك أنّ استمرار التعتيم على مصير المحتجزين يكرّس مزيداً من الألم ويعمّق جراح الوطن، وبالتالي فإنّ كل صوت يُرفع للمطالبة بالكشف عنهم، وكل جهد يُبذل لتحريرهم، هي مبادرة نحو استعادة إنسانية ضاعت في أتون الصراع، وخطوةٌ أولى على طريق طي تداعيات النزاع.

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • هل يقود إعلان تشكيل حكومة مليشيا الدعم السريع وحاضنتها السياسية الى تفكك وإضعاف المليشيا عسكرياً؟
  • جواهر المبارك في تسجيل تحدد مكان اعتقالها من قبل الدعم السريع
  • السودان.. الجنائية الدولية تتسلم ملف جرائم الدعم السريع في دارفور
  • الدعم السريع (الجنجويد)، «مليشيا إرهابية تتحرك كأعمدة موت»
  • “الدعم السريع” تنشئ كلية حربية في إحدى مدن غرب السودان
  • كامل إدريس.. من “سويسرا” إلى “بورتسودان”
  • حاكم غرب بحر الغزال: عبور عناصر من الدعم السريع إلى جنوب السودان دون إذن رسمي أثار الذعر ونزوح السكان
  • ماذا تعني تلميحات مناوي بإمكانية تواصله مع الدعم السريع؟
  • تحتجزهم ميليشيا الدعم السريع في نيالا،، الأسرى،، صـرخة لاستعادة الإنسانية
  • السلالية في تركيبة الدعم السريع: رسالتي دي شيروها تصل نائب القائد وحميدتي ذاتو