يناير 1, 2025آخر تحديث: يناير 1, 2025

حامد شهاب

باحث إعلامي

يعد الأستاذ الدكتور عبد الكريم علي الدبيسي من المتخصصين في دراسات الذكاء الإصطناعي وأشكال ومضامين إستخداماته على نطاق أقليمي ودولي ، ولديه أبحاث كثيرة في هذا الشأن تدعم وجهات نظره ، وتؤشر دراساته العلمية البالغة الإهتمام رصدا غاية في الأهمية عن تأثيرات إستخدامات الذكاء الإصطناعي لأغراض مختلفة ، وبخاصة بشأن دراسات الرأي العام ، وما تتوصل اليه تلك الدراسات من نتائج مهمة تكون محط أنظار كبار الباحثين والمهتمين بشؤون وعمليات وتأثيرات الذكاء الإصطناعي.

وفي هذه الدراسة عن (استخدامات الذكاء الإصطناعي وتطبيقاته في قياس اتجاهات الرأي العام وتأثير المعلومات المضللة) التي أعدها الأستاذ الدكتور عبد الكريم الدبيسي ونشرت بمجلة الجزيرة لدراسات الاتصال والاعلام الصادرة عن مركز الجزيرة للدراسات في العدد الخامس السنة الثالثة 2025 يوضح الباحث ان “شبكات التواصل الاجتماعي تؤثر تأثيرا فاعلا في تشكيل الرأي العام، ومجريات أمور الجماعة الإنسانية على النطاق المحلي والوطني والقومي والدولي؛ لأنها جمعت عدة مزايا تفوقت بها على وسائل الاتصال التقليدية. وامتلكت خصائص مؤثرة مثل: الفورية، والتفاعلية، والكونية في النشر. واستخدمت خوارزميات تحليل المشاعر، أو التنقيب عن الرأي للتعرف على آراء، أو مشاعر عامة الناس، من خلال تحليل ما ينشر على شبكات التواصل الاجتماعي. واعتمدت وسيلة للتنبؤ بنتائج الانتخابات، وقياس اتجاهات الرأي العام، والحالة المزاجية للجمهور”.

الباحث الدبيسي يؤشر في دراسته هذه أن “الشائعات والمعلومات المضللة كانت من أبرز الأساليب التي اعتمدت للتلاعب بالمجتمعات،أو السيطرة عليها بتزييف الوعي وخداع الرأي العام.وقد أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي حاضنات للأخبار المزيفة، والمضللة أكثر من كونها أدوات للتمكين، والتغيير الاجتماعي”.

ويوضح الدكتور الدبيسي أن “انتشار المعلومات المضللة، وحملات التضليل في بيئة النظام الرقمي؛ تضعف بشكل كبير قدرة الأفراد على اتخاذ قرارات حرة ومستنيرة، وتتأثر تبعا لذلك قدرتهم على المشاركة الديمقراطية، وقرارات التصويت جراء التلاعب الفعال بآرائهم مما يعرض الديمقراطية لمخاطر كثيرة”.

وهو بهذا يكشف أن ” تشخيص مخاطر إستخدامات الذكاء الإصطناعي في قياس اتجاهات الرأي العام عبر خوارزميات تحليل المشاعر، واستخراج الرأي مما ينشر على شبكات التواصل الاجتماعي جعل الخوارزميات تتفوق على الأساليب التقليدية في استطلاعات الرأي العام، لأنها تتيح إجراء تقدير للرأي العام أكثر دقة، وسرعة، وأقل كلفة لتقدير نتائج الانتخابات”، لافتا الى “إن المراقبة الآلية للرأي العام باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي تمثل اليوم أداة فاعلة من أدوات الذكاء الاصطناعي القادرة على التنبؤ، وقياس اتجاهات الرأي العام، والتنبؤ بنتائج الانتخابات”.

ويذهب الباحث الأستاذ الدكتور عبد الكريم الدبيسي الى أبعد من ذلك حين يشير الى “ان المعلومات الضخمة عن مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي أتاحت العديد من المجالات لاستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي في تحليل المشاعر، لمعرفة اهتمامات واتجاهات وتفضيلات المستخدمين، وتوظيف تلك المعلومات في تخصيص الرسائل إليهم لأغراض الاستهداف السياسي الدقيق. فضلا عن توظيفها في تنويع محتوى الإعلانات لزيادة كفاءة نشاط الحملات الإعلانية الهادفة إلى الوصول لشرائح محددة من المستخدمين، وإثارة دافعيتها للتفاعل مع الحملة. وبات امتلاك تلك البيانات يشكل مكمن القوة في أيدي الذين يمتلكونها، ويستفيدون من القدرة على معالجتها. فقد اتاح الذكاء الاصطناعي ظهور جيل جديد من ممارسات التسويق السياسي، والإعلان الرقمي التي تعمل على أتمتة الاستهداف الدقيق بنطاق وحجم غير مسبوقين. كما رفع توظيف الذكاء الاصطناعي في الاستهداف السياسي، مستوى مشاركة الناخبين في الانتخابات واهتمامهم بالسياسة”.

ويعود الباحث ليوضح مخاطر هذا الاستهداف ويكشف عن “عدة مخاطر منها: التلاعب بالناخبين وتضليلهم، والافتقار إلى الشفافية، وانتشار المعلومات المضللة، وتزايد المنافسة غير العادلة بين الجهات الفاعلة السياسية، والاستقطاب السياسي، وتغلغل التأثير الأجنبي في الشؤون الداخلية، إضافة إلى انتهاكات خصوصية الفرد، أما على المستوى الجمعي والمجتمعي، يشكل استخدام هذا الاستهداف الممنهج لأغراض سلبية تهديدا للتماسك الاجتماعي، والسيادة الوطنية، والخطاب العام النزيه والمستنير، ومبدأ الانتخابات الحرة النزيهة، ويقوض أسس الديمقراطية “.

من جانب آخر تطرقت الدراسة الى الانتخابات الامريكية بين عامي 2016 ـ 2020 ، ووجد الباحث “أن المرشــح الرئاسي، دونالد ترامب، كان أكثر شعبية من جو بايــدن على منصة “إكس”، وعلى الرغم من ذلك حظي بايدن بمتوســط نســبة من المشــاعر إلإيجابية أعلى من ترامب على المســتوى الوطني. وكانت نسبة المشاعر السلبية تجاه ترامب أعلى من بايدن؛ مما أدى إلى التنبؤ بتفوق جو بايدن على دونالد ترامب في انتخابات .2020.

وخلصت الدراســة بحسب الباحث إلى “أن تحليل المشــاعر القائم على بيانات شبكات التواصل الاجتماعي يوفر نموذًجا دقيًقا للتنبؤ بنتائج الإنتخابات الرئاسية مقارنة بالاستطلاعات الاميركية، وأن منصة “إكس” لها مزايا متعددة إذ توفر عينات أكبر بكثير مما يحد من تأثيرات تحيز انتقاء العينات، وذلك بجمع ملايين التغريدات لعدد المشاركين وهو أعلى بكثير من الاستطلاعات التقليديــة، باإلاضافة إلى ذلك، فإن تكلفــة الحصول على البيانات من “إكس” قليلة جدا، وأسرع بكثير، وغير مثقل بالقيود من المستجيبين غير المتعاونين)”.

وهنا يحذر الباحث من مخاطر مظاهر التزييف للحقيقة والتلاعب بها لافتا الى “ان تزييف الوعي ظاهرة متكررة عبر التاريخ لتضليل الرأي العام.‏ وقد ساعدت الثورة الرقمية، والتقدم السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي على انتشارها في الوقت الحاضر، إذ أصبح بإمكان الذكاء الاصطناعي التوليدي إنتاج معلومات مخادعة بسهولة، وبشكل أقرب إلى الواقع، ونشرها على شبكات التواصل الاجتماعي لجمهور مستهدف بسرعة، وبنطاق لا مثيل لهما”.

وتخلص الدراسة التي أعدها الدبيسي الى “تنامي قدرات خوارزميات الذكاء الاصطناعي في إنتاج التزييف العميق حتى باتت المعلومات المضللة تشكل ظاهرة عالمية تستدعي اتخاذ الإجراءات الضرورية على المستوى الدولي لحماية المجتمعات منها،بعد أن أصبحت الأخبار الكاذبة، والمعلومات المضللة، والشائعات التي يتم تمرير نشرها على أنها واقعية، سلاحا فعالا للخداع، وتزييف الوعي للتأثير في تشكيل اتجاهات جمهور الرأي العام لتحقيق أغراض معينة مخطط لها”.

وفي ختام دراسته المهمة هذه يؤكد الأستاذ الدكتور عبد الكريم الدبيسي ” أن هناك قلقا متزايدا من هذه الظاهرة في البلدان النامية لأنها كانت سببا في إثارة تحديات سياسية، واقتصادية فضلا عن زيادة الانقسامات الاجتماعية، وإثارة الكراهية، والعنف لتقويض النظام السياسي. وغالبا ما يرتبط نشر المعلومات المضللة بحالات الاستقطاب السياسي، والسخرية السياسية، وخطاب الكراهية، والتنمر”.

ومن وجهة نظري كباحث إعلامي إن العراق لم يسلم من مخاطر توجهات تضليل مختلفة الأشكال والمضامين تعرض في وسائل الإعلام المختلفة وفي وسائل التواصل الإجتماعي من جهات مختلفة، وعبر وسائل تواصل مختلفة هي الأخرى ، وهي تتسبب بتأثيرات خطيرة على مجمل أوضاع العراق السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والنفسية ، وفي تشتيت وعي الجمهور وتزييف الكثير من الحقائق أمام الجمهور وحتى النخب السياسية والثقافية والصحفية بحيث يسعى هذا التضليل أو التزييف لإستدراج البعض منها لمسايرة توجهاتها في تحقيق أهداف أجندة الدول والجماعات التي تشترك في مثل تلك اللعبة الخطيرة التوجهات.

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: شبکات التواصل الاجتماعی المعلومات المضللة الذکاء الاصطناعی الذکاء الإصطناعی

إقرأ أيضاً:

حظر وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال في فرنسا: ما هي العقبات التي تواجه ماكرون؟

أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن رغبته في حظر استخدام الأطفال دون 15 عامًا لمواقع التواصل الاجتماعي، مستندًا إلى حادثة طعن أودت بحياة معلمة في ضواحي باريس. غير أن تنفيذ هذا المقترح يواجه عقبات، فما هي؟ اعلان

سبق للحكومة الفرنسية اتخاذ إجراءات حمائية، مثل حظر الهواتف الذكية في المدارس، والحد من استخدام الشاشات في دور الحضانة، وإلزام منصات الإباحية بالتحقق من عمر المستخدمين، ما دفع بعض الشركات الكبرى إلى تعليق خدماتها في فرنسا الشهر الماضي.

لكن الحظر الشامل لوسائل التواصل الاجتماعي للأطفال قد يؤدي إلى صدام مع المفوضية الأوروبية ومنصات التواصل الاجتماعي. وفق تقرير لموقع "بوليتيكو".

كيف سيحصل ذلك؟

يعتمد الاتحاد الأوروبي لائحة تنظيمية على مستوى التكتل تمنح المفوضية صلاحيات إشرافية على المنصات الإلكترونية الكبيرة جدًا مثل وسائل التواصل الاجتماعي الرئيسية، وتسمح بروكسل للدول الأعضاء بتحديد "سن الرشد الرقمي" بشرط أن يكون فوق 13 عامًا، مع إمكانية الوصول تحت موافقة الوالدين. لكنها لا تتبني طرح الرئيس الفرنسي، بحجة أن الحظر الشامل ليس ضمن أولوياتها، وتركز بدلًا من ذلك على إرشادات للتحقق من العمر.

في المقابل، يطالب ماكرون بنظام أوروبي موحّد، كما كان قد حذّر من أن بلاده قد تتخذ خطوات منفردة إذا لم تتحقق تعبئة أوروبية. لذلك، فإن أي قانون فرنسي في هذا الصدد قد يواجه طعنًا قانونيًا من المفوضية، حسب مراقبين.

Relatedهيئة تسوية النزاعات الأوروبية: فيسبوك يتصدر قائمة الشكاوى الخاصة بإزالة المحتوىبين الاضطرابات النفسية ووسائل الترفيه.. كيف نقيّم علاقة الأطفال بالهواتف الذكية؟ماكرون يتوعد بحظر وسائل التواصل عن القصّر دون 15 عاماً وبروكسل تترك الأمر للحكوماتصدام مع جماعات حماية الخصوصية

إلى جانب ذلك، يشير تقرير "بوليتيكو"، إلى أن باريس قد تواجه اعتراضات من جماعات حماية الخصوصية إذا قررت المضي قدمًا في مشروعها لحظر وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال.

ففي وقت سابق، أقرت فرنسا آلية تحقق من العمر عبر الإنترنت باستخدام نظام مزدوج التعمية، حيث يطلع مدقق العمر المستقل على بيانات الشخص دون معرفة المنصة التي يرغب في زيارتها.

وقد حاز ذلك الإجراء على موافقة هيئة حماية البيانات (CNIL)، التي اعتبرت أنه يوفر حماية كافية للخصوصية.

مع ذلك، أكدت الهيئة أن استخدام التحقق من العمر يجب أن يقتصر على سياقات محددة، خاصة عند وجود مخاطر مباشرة على القاصرين.

كما حذرت من أن توسيع نطاق التحقق من العمر ليشمل جميع المنصات قد يؤدي إلى إنشاء "عالم رقمي مغلق"، حيث يُطلب من الأفراد إثبات أعمارهم أو هويتهم بشكل متكرر. واعتبرت أن مثل هذا النهج يهدد الحقوق الأساسية، بما في ذلك حرية التعبير، ويثير مخاوف جدية بشأن الخصوصية.

تحديات للمشرعين وشركات التكنولوجيا

ويشير التقرير إلى أن قرار ماكرون قد يُشكِّل تحديًا كبيرًا للمُشرِّعين وشركات التكنولوجيا. فقد ذكرت وزيرة الرقمنة الدنماركية كارولين ستايج أولسن أن ما يقرب من نصف الأطفال دون سن العاشرة لديهم حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي في الدنمارك، أي أنه لا يوجد تقيّد حقيقي بالقوانين.

وفي سياق متصل، أكدت جيسيكا بيوتروفسكي، رئيسة كلية أبحاث الاتصال بجامعة أمستردام ومستشارة لشركة يوتيوب في قضايا حماية القاصرين، أنه "لا توجد بيانات" تدعم فعالية مثل هذه القرارات، مشيرة إلى أن الحظر قد يكون ضارًا، لأن القاصرين يجدون طرقًا بديلة للوصول."

ويزداد الموقف تعقيدًا بسبب الخلافات بين شركات التكنولوجيا الكبرى حول من يتحمل مسؤولية التحقق من أعمار المستخدمين. إ ذ أن شركات مثل ميتا وبعض منصات الإباحية ترى أن المسؤولية تقع على مشغلي أنظمة التشغيل مثل آبل (iOS) وغوغل (Android).

في المقابل، يؤكد مالكو أنظمة التشغيل أن تطبيقات التواصل الاجتماعي هي المسؤولة عن منع المحتوى الضار من الوصول إلى القاصرين.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • حظر وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال في فرنسا: ما هي العقبات التي تواجه ماكرون؟
  • منصات التواصل الاجتماعي تلحق مخاطر كبيرة بنفسية الأطفال والمراهقين
  • باحث: خسائر مؤشر سوق الأسهم تجاوزت الـ9% منذ بداية العام رغم متانة الاقتصاد 
  • تقرير يدق ناقوس الخطر حول مخاطر الشبكات الاجتماعية على الصحة النفسية للأطفال
  • ميمات الكراهية في وسائل التواصل الاجتماعي
  • من يصنع الرداءة والتفاهة وينشرهما في وسائل التواصل الاجتماعي؟
  • جريمة في شهر العسل.. مقتل عريس على يد زوجته يهز الرأي العام في الهند
  • شبيهة ياسمين صبري تُشعل مواقع التواصل الاجتماعي ..فيديو
  • المظاهرات بأمريكا تمتد لـ12 مدينة.. وخوارزميات وسائل التواصل تعزز المعلومات المضللة
  • FT: تحول في الرأي العام الإسرائيلي تجاه حرب غزة