الشريف: التغيير السياسي في ليبيا له وجهان “إما صفقة أو صدمة”
تاريخ النشر: 3rd, January 2025 GMT
قال إسماعيل علي الشريف، المحلل السياسي الليبي، إن المبعوثة الأممية لليبيا ستيفاني خوري تصارع ثلاث تحديات رئيسية إن قُدر لها النجاح في مهمتها العصية، أولها عامل الوقت وحصول توافق مؤقت بين جناحي الدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي حول ترتيبات إدارة البعثة خاصة مع إقتراب وصول سيد البيت الأبيض الجديد القديم لمكتبه، وثانيها تعديل السلوك السياسي للمعيقين لحل الأزمة الليبية بهدف إستمرار الوضع القائم، أما الثالث والأهم القدرة على إنهاء المرحلة الإنتقالية وتمكين حدوث تداول سلمي للسلطة عبر تجاوز وتحجيم عقلية ودور الطبقة السياسية المسيطرة على المشهد السياسي التي تتصف بالعناد والإنتهازية والمناورة لمنع أي تغيير سياسي.
أضاف في مقال له “تختلف الأطراف السياسية الليبية المسيطرة على العملية السياسية على كل شيء، ولكنها تتفق على شيء واحد وهو الإستمرار في مواقعها لأطول فترة ممكنة حيث متعة السلطة ونكهة النفوذ والمزايا، يشجعها على ذلك حالة الإستسلام الشعبي للواقع، متزامنة مع توافق ضمني للقوي الإقليمية والدولية التي تشكل المشهد السياسي الليبي على نفس المعادلة”.
أشار إلى أن هذا التوصيف للواقع السياسي هو نتاج طبيعي لموروث مؤسف من التاريخ السياسي للدولة الليبية وقد بلغت نيف وسبعين عاماً، فلا مكان أو معنى لمفهوم وآلية التداول السلمي للسلطة، فالتغيير السياسي في ليبيا له وجهان لا ثالث لهما، إما صفقة أو صدمة، فمن يصل للسلطة يمنح الشرعية لنفسه إلى أن تُنتزع منه، وفق قوله.
المصدر: صحيفة الساعة 24
إقرأ أيضاً:
حرب المخدرات: المتعاطي والتاجر وجهان لعملةٍ واحدة
صراحة نيوز- بقلم: جهاد مساعده
لم يعد من المقبول أو الكافي التعامل مع المخدرات بوصفها ملفًا جنائيًا أو ظاهرةً اجتماعيةً محدودةَ الأثر. الأردن يواجه اليوم حربًا حقيقية على المخدرات؛ لأنها لم تعد مسألة تهريب أو تعاطٍ فردي، بل نمطًا حديثًا من الصراع يستهدف المجتمع من الداخل، ويستنزف رأس المال البشري، ويُضعف الدولة دون مواجهة عسكرية مباشرة. إنها حرب لا تُقاس بعدد المضبوطات، بل بقدرة الدولة على منع نشوء السوق من الأساس، وعلى حماية الإنسان قبل تحوّله إلى هدف.
في السياق الإقليمي، تحوّلت المخدرات إلى أداة استراتيجية منخفضة الكلفة وعالية التأثير؛ فهي لا تضرب الحدود بقدر ما تضرب الإنسان، ولا تستهدف الجيوش بقدر ما تستهدف الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة. ومن هنا، لا يمكن قراءة دور الجيش العربي الأردني والأجهزة الأمنية كجهدٍ أمنيٍّ تقليدي، بل كجزءٍ من عقيدة دفاعٍ وطنيٍّ شاملة تمنع تحويل الأردن إلى ممرٍّ أو سوقٍ في اقتصاد قائم على الفوضى، وتُدرك أن حماية الحدود لا تنفصل عن حماية المجتمع.
غير أن أي حرب، مهما بلغت كفاءتها الميدانية، لا تُحسم بالسلاح وحده. فالمعركة ضد المخدرات معركةٌ مركّبة، تتطلب جبهةً تشريعية بقدر ما تتطلب جبهةً أمنية. وهنا تبرز حقيقة لا يجوز القفز عنها: لا يمكن كسب هذه الحرب دون تشريع صارم يردع المتعاطي نفسه؛ لأن الردع القانوني هو الأداة الوحيدة القادرة على منع الخطر من التحول إلى نمط اجتماعي دائم، ومنع الاستثناء من أن يصبح قاعدة.
في اقتصاد المخدرات، المتعاطي ليس طرفًا ثانويًا، بل هو الركيزة الأساسية للسوق. فكل تساهل في كلفة الدخول إلى التعاطي يُبقي الطلب قائمًا، ويمنح شبكات التهريب القدرة على الاستمرار. الدولة التي تتساهل في الطلب تُموّل العرض من حيث لا تقصد، وتدفع ثمن ذلك أمنًا واستقرارًا وسيادة.
من هذا المنطلق، فإن تغليظ العقوبة على المتعاطي لأول مرة يجب أن يُفهم بوصفه قرارًا سياديًا وقائيًا، هدفه تجفيف الطلب وكسر معادلة الربح لدى تجّار المخدرات، لا بوصفه قسوةً أو انتقاصًا من البعد الإنساني. فالكلفة الأخلاقية للتردد أعلى بكثير من كلفة الحسم، والكلفة الوطنية للتراخي أفدح من كلفة الردع.
في المحصلة، هذا ليس نقاشًا قانونيًا تقنيًا، بل اختبار دولة وأولويات:
أيهما نُقدّم: حماية الفرد اليوم، أم حماية المجتمع والدولة غدًا؟
والأردن، وهو يخوض هذه الحرب، يعلن موقفه بوضوح:
دولة تحمي مجتمعها بقرار، لا ممرًّا، ولا سوقًا، ولا ساحة اختبار لتجّار السمّ.