المفتي: المقاصد الشرعية مقاصد ربانية تعتمد في جوهرها على نصوص الشارع الحكيم
تاريخ النشر: 3rd, January 2025 GMT
أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية، أن الحديث عن المقاصد الشرعية يعكس قيمة كبيرة في فهم الشريعة الإسلامية، موضحا أن هذه المقاصد تسهم في تجلية ما يتعلق بالشريعة من رحمة وسعة ومرونة وعدل، ما يجعلها شريعة ربانية مصدرها الله سبحانه وتعالى، وما يحقق الخير للبشرية.
وأكد الدكتور نظير عياد، في تصريح له، أن المقاصد الشرعية تنطوي على معانٍ عظيمة، تشمل القصد والتوجه والاعتدال، كما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية، مضيفا أن الشريعة الإسلامية تدعو إلى الاعتدال في كل شيء، حيث تتجلى في آيات القرآن الكريم قول الله تعالى: "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًى"، وكذلك توجيه النبي صلى الله عليه وسلم لأتباعه: "واقْصِدْ في مَشِيكَ"، موضحًا أن هذه المفاهيم تعكس جوهر الشريعة التي تعتمد على التوازن والرحمة في تعاملاتها.
هل يجوز تهنئة الأقباط بعيد الميلاد؟.. المفتي يجيب
هل يجوز للمرأة الصلاة ببنطلون واسع؟ وهل يجب عليها ستر القدم؟
وأشار مفتي الديار المصرية إلى أن علم المقاصد الشرعية هو علم قائم بذاته، وقد نشأ في أحضان علم أصول الفقه، موضحا أن هذا العلم له دور كبير في الكشف عن العلل والأهداف التي تقف وراء الأحكام الشرعية، حيث يساهم في تجلية حقيقة الشريعة بأنها صالحة لكل زمان ومكان، مما يساهم في رد الاتهامات التي تشير إلى أن الشريعة بعيدة عن واقع الناس.
كما تناول الدكتور عياد المراتب الثلاثة للمقاصد الشرعية: الضرورية، والحاجية، والتحسينية، مبيَّنا أن المقاصد الضرورية تتعلق بالحفاظ على الدين والنفس والنسل والعقل والمال، وهي مقاصد لا غنى عنها لحفظ النظام الكوني والمجتمعي.
وأضاف أن المقاصد الحاجية تتعلق بالأمور التي تساهم في تخفيف المشقة عن الناس، مشيرًا إلى أن الشريعة جاءت برخص في حالات معينة مثل قصر الصلاة أو الإفطار في رمضان فى بعض الحالات القصوى لتخفيف العبء عن المؤمنين.
وفيما يتعلق بالمقاصد التحسينية، قال الدكتور عياد إنها تتعلق بتحقيق الجمال في السلوك والكون، مشيرًا إلى أن غياب هذه المقاصد لا يؤدي إلى الفساد أو الهلاك، ولكن وجودها يعطي للحياة شكلاً أجمل ويحقق التعاون والتآخي بين الناس، مستشهدا بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: "حبب إليَّ من دنياكم ثلاث..."، مؤكدًا أن الشريعة تركز على الجمال والإحسان في الحياة اليومية.
وأكد الدكتور نظير عياد أن المقاصد الشرعية تعتبر مقاصد ربانية تعتمد في جوهرها على نصوص الشارع الحكيم، وهي تؤكد أن الشريعة الإسلامية هي شريعة مرنة، عادلة، ومناسبة لكل زمان ومكان، مما يجعلها الطريق الأمثل لتحقيق الخير للإنسانية.
"
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المفتي مقاصد الشريعة نظير عياد مفتي الديار المصرية المزيد المقاصد الشرعیة أن الشریعة إلى أن
إقرأ أيضاً:
مدير فتوى الأزهر يخطب من لندن عن دور الشريعة في استقرار المجتمعات
ألقى الدكتور أسامة هاشم الحديدي، مدير عام مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية خطبة الجمعة أمس ، من المركز الإسلامي بلندن، تناول فيها عددًا من القضايا الكبرى التي ترتبط بتعزيز القيم، وتحقيق التماسك المجتمعي، والتكامل الإنساني، في ضوء التعاليم الإسلامية السمحة، بحضور نخبة كبيرة من علماء المسلمين ومسؤلي المؤسسات الدينية في الشرق والغرب.
واستهل الحديدي خطبته، بالتأكيد على أن الإسلام ليس شعائر منعزلة عن واقع الإنسان، بل هو بناء تعبدي وقيمي وأخلاقي شامل يُعد أساسًا لتحقيق الاستخلاف والعمران الحضاري في الأرض، مشددًا على أن الأسرة هي لبنة بناء الإنسان الأولى وفق تعاليم الإسلام الشاملة، ومتى صلحت صلح المجتمع، وأن القرآن والسنة وضعا قواعد متينة لصيانة الأسرة وحمايتها.
وأكد أن تحقيق العبادة الحقيقية لا يكون إلا من خلال قيم تحكم السلوك وتضبط المعاملات، وأن الشريعة الإسلامية لا تنفصل عن الحياة، بل تتكامل مع الواقع في ضوء مقاصد سامية، على رأسها العدل، والرحمة، والكرامة، والعمران.
وتطرق الحديدي، إلى أهمية التكامل الإنساني والتعارف بين الشعوب، معتبرًا أن الآية الكريمة: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13] تشكل خطابًا عامًّا موجّهًا إلى البشرية جمعاء، وترسم أفقًا واسعًا للتواصل بين الحضارات، والتفاهم بين الثقافات، مضيفًا أن التفاضل الحقيقي إنما يكون بالتقوى والعمل الصالح، لا بالجنس أو العرق أو اللون.
وتابع: إن التمكين في الأرض وعد إلهي لا يتحقق إلا بالجمع بين الإيمان والعمل الصالح، كما جاء في قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 55]، مشيرًا إلى أن أصل التمكين نابع من العبادة الخالصة، والعمل الجاد المستند للقيم.
وفي سياق متصل، أوضح أن الإسلام لا يفصل بين الأخوة الدينية والأخوة الإنسانية، بل يجمع بينهما في تناغم فريد، وأن "وثيقة المدينة" التي أسسها سيدنا رسول الله في المدينة المنورة كانت أنموذجًا واقعيًّا متقدمًا للتعايش المشترك بين مختلف الأديان والأعراق داخل وطن واحد، وضمَّنها بنودًا حضارية تكفل الحقوق، وتعامل الجميع كأمة واحدة إلا من ظلم وغدر.
وعن الوحدة الإسلامية، أكد الدكتور الحديدي أنها ليست شعارًا سياسيًّا، بل أصل شرعي، ومبدأ قيمي، يجب أن يُبنى على العلم والتواصل والرحمة، مستدلًا بقول الله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103]، مشيرًا إلى أن الفرقة والتمزق لا يخدمان إلا أعداء الأمة.
واختتم مدير عام مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية خطبته بالتأكيد على أن "الوحدة العلمائية" بين علماء المسلمين من شتى البقاع، هي أساس الوصول إلى وحدة الأمة، وأن اجتماع العلماء اليوم في لندن لمناقشة قضايا الأسرة والتماسك المجتمعي في أجواء تسودها المحبة والتآخي، هو تجسيد عملي لمبدأ الوحدة العلمائية التي يسعى لها الأزهر الشريف عبر بعثاته وبرامجه العالمية.
بعد صلاة الجمعة، دار نقاش مثمر وحوار مفتوح بين الدكتور أسامة الحديدي وعدد من المصلين، الذين حرصوا على طرح تساؤلاتهم حول موضوع الخطبة وغيره من الموضوعات والقضايا التي تهم المسلمين في أوروبا عمومًا وبريطانيا خصوصًا، في أجواء تسودها المحبة والاحترام، وقد أبدى كثير من الحضور ثناءً عطرًا على جهود الأزهر الشريف في نشر الفكر الوسطي، وتصحيح المفاهيم، وتعزيز التواصل الحضاري، مؤكدين أن دور علماء الأزهر في المجتمعات الغربية ترك أثرًا إيجابيًّا كبيرًا في نفوس المسلمين، وعزز ثقتهم بهويتهم الدينية والثقافية.
وتأتي هذه الخطبة ضمن سلسلة أنشطة الأزهر الشريف في مختلف البلدان؛ اضطلاعا بأدواره العالمية، والتي تهدف إلى تعزيز الخطاب الديني المعتدل، ونشر القيم الإسلامية الأصيلة، وترسيخ التعايش السلمي بين أفراد المجتمعات.