الطواقم الطبية في غزة بين فكي الحرب.. لا أمان للمستشفيات ولا رأفة بالجرحى
تاريخ النشر: 4th, January 2025 GMT
بعد مرور أكثر من 14 شهراً من الحرب على غزة، يواصل الجيش الإسرائيلي استهداف الطواقم الطبية الفلسطينية، في سلسلة من الاعتقالات والتعذيب والتغييب التي طالت العديد من الأطباء والممرضين. وكان آخر هذه الحوادث اعتقال الطبيب حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة، في 27 ديسمبر 2024.
منذ بداية الحرب الإسرائيلية الدامية على قطاع غزة قبل أكثر من 14 شهرًا، يستهدف الجيش الإسرائيلي المستشفيات الفلسطينية بشكل متواصل، ما أدى إلى تعطيل العديد منها عن تقديم الرعاية الصحية الأساسية للمرضى والجرحى.
ولم تقتصر الهجمات الإسرائيلية على المنشآت الصحية فحسب، بل شملت أيضًا الطواقم الطبية التي تعرضت للاعتقال والتعذيب، حيث راح عدد من الأطباء والممرضين ضحايا لهذه الاعتداءات.
آخر هذه الاعتداءات طالت الدكتور حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان، في 27 ديسمبر 2024، في خطوة تعكس تصاعد الضغوط على القطاع الصحي في غزة.
وتعرض أبو صفية للضرب المبرح من قبل الجنود الإسرائيليين فور خروجه من المستشفى، بعد استهدافه بقنابل الصوت أثناء محاولته إخلاء المستشفى، وفقاً لما نشره د. منير البرش، مدير عام الصحة في غزة عبر صفحته الرسمية في منصة "إكس".
ونقل إلى مركز تحقيق ميداني في منطقة الفاخورة بمخيم جباليا، حيث تعرض لتعذيب قاسٍ، شمل ضربه باستخدام سلك غليظ وإجباره على خلع ملابسه أمام المعتقلين.
من جانبه، أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن إسرائيل تتحمل المسؤولية عن سلامة أبو صفية، مشيرًا إلى تدهور حالته الصحية نتيجة التعذيب في معسكر "سدي تيمان" جنوبي إسرائيل. وأشار إلى أن هذا الحادث يأتي ضمن سلسلة من الانتهاكات التي تستهدف الأطباء الفلسطينيين في غزة.
Relatedشاهد: لقطات تظهر حجم الدمارفي مستشفى الشفاء إثر الغارات الإسرائيلية طواقم الإسعاف تستخرج مزيدا من الجثث من تحت أنقاض مستشفى الشفاء في غزة الطبيب الفلسطيني حسام أبو صفية يدفع ثمن إنسانيته.. اعتقال وضرب وتعذيب على يد الجيش الإسرائيلي استياء في تل أبيب بعد الإفراج غير المتوقع عن مدير مجمع الشفاء الطبي ومعتقلين آخرينالقامات الطبية ضمن دائرة الاستهدافهذا الحادث لم يكن الأول من نوعه في سلسلة الهجمات المتواصلة ضد الأطباء الفلسطينيين. ففي أبريل 2024، تعرض الدكتور عدنان البرش، أحد أبرز جراحي غزة ورئيس قسم العظام في مستشفى الشفاء، للاعتقال من قبل القوات الإسرائيلية. تم نقله إلى سجن عوفر حيث تعرض لتعذيب قاسٍ أدى إلى وفاته داخل السجن، ما يسلط الضوء على استهداف الطواقم الطبية الفلسطينية في سياق الحرب المستمرة.
أما الدكتور محمد أبو سلمية، مدير مستشفى الشفاء وأحد أبرز الأطباء في غزة، فقد تم اعتقاله من قبل القوات الإسرائيلية في 23 نوفمبر 2023 أثناء الحرب على غزة. قضى أبو سلمية أكثر من سبعة أشهر في السجون الإسرائيلية حيث تعرض لظروف قاسية.
بعد الإفراج عنه في يوليو 2024، تحدث عن معاناته داخل السجون واصفًا الظروف بأنها الأسوأ منذ عام 1948، مطالبًا بتحرك دولي جاد لتحرير الأسرى الفلسطينيين.
وفي أكتوبر 2023، قُتل الدكتور عمر صالح فروانة في قصف إسرائيلي استهدف منزله، ما أسفر عن مقتل 16 من أفراد أسرته. كما قُتل الدكتور مدحت صيدم، جراح الحروق في مجمع الشفاء، في نفس الشهر إثر قصف إسرائيلي استهدف منزله.
وفي 12 نوفمبر 2023، قُتل الدكتور همام اللوح، اختصاصي زراعة الكلى، في قصف طال منزله، حيث كان برفقته والده.
هذا وأبلغت إحدى النساء اللواتي تم طردهن من المنطقة خلال اقتحام الجيش الإسرائيلي لمستشفى كمال عدوان، بتفاصيل حادثة مؤلمة تعرضت لها ممرضة على يد أحد الجنود. حيث قام الجندي بإجبار الممرضة على خلع بنطالها، ثم وضع يده عليها. وعندما حاولت التصدي له، اعتدى عليها بالضرب المبرح على وجهها، مما أسفر عن إصابتها بنزيف حاد في الأنف.
من جهتها، دعت فرانشيسكا ألبانيزي، المقررة الخاصة للأراضي الفلسطينية المحتلة، عبر حسابها الرسمي في منصة "إكس" الأطباء في مختلف أنحاء العالم إلى الانضمام إلى حملة مناهضة لانتهاكات إسرائيل في غزة. وأشارت إلى أن الجيش الإسرائيلي قتل أكثر من 1000 طبيب وممرض في غزة خلال 14 شهراً، بينما تعرض العديد منهم للاعتقال والتعذيب.
وفي هذا السياق، أشار البرش عبر تغريدة إلى مشاهد لاستهداف الجيش الإسرائيلي المتعمد لسيارة إسعاف في شمال القطاع، ما أسفر عن مقتل جميع من كانوا في السيارة، باستثناء طفلة تم العثور عليها بعد 24 ساعة تحت الأنقاض.
وتساءل البرش: "هل كان يمكن لمشهد كهذا أن يُمرر بصمت لو حدث في قلب أوروبا أو الولايات المتحدة؟"
وفي ظل هذه الانتهاكات المستمرة، دعا المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل للضغط على إسرائيل للإفراج عن الطبيب حسام أبو صفية وضمان سلامته.
كما طالب بإرسال بعثة تحقيق دولية للتحقيق في الانتهاكات المستمرة ضد الأسرى الفلسطينيين، ودعا إلى اتخاذ إجراءات جادة لوقف الحرب على غزة وحماية المدنيين الفلسطينيين.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية رهينة إسرائيلية لحكومة نتنياهو: "هل تريدون قتلنا؟" وارتفاع عدد القتلى في غزة وتوغلات إسرائيلية جنوب عشرات القتلى في غزة وجهود لسد ثغرات اتفاق وقف إطلاق النار وحماس تطالب العالم بإرسال مستشفيات ميدانية لحظات مريرة في غزة: تدافع الجائعون على كشك طعام في خان يونس وسط أزمة حادة قطاع غزةضحاياقتلالصراع الإسرائيلي الفلسطيني اعتداء إسرائيلتعذيبالمصدر: euronews
كلمات دلالية: ضحايا دونالد ترامب ألمانيا قصف روسيا قطاع غزة ضحايا دونالد ترامب ألمانيا قصف روسيا قطاع غزة قطاع غزة ضحايا قتل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني اعتداء إسرائيل تعذيب ضحايا دونالد ترامب ألمانيا قصف روسيا قطاع غزة سوريا إسرائيل فرنسا حياة مهنية حكم السجن الجیش الإسرائیلی الطواقم الطبیة مستشفى الشفاء حسام أبو صفیة یعرض الآن Next قطاع غزة أکثر من فی غزة
إقرأ أيضاً:
البابا والملفّ اللبناني.. هل تشكّل زيارته حاجزًا أمام التصعيد الإسرائيلي؟
يصل البابا ليو الرابع عشر إلى لبنان في 30 تشرين الثاني، في ظلّ القلق الذي يعيشه اللبنانيون من احتمال اندلاع حرب شاملة، فهل يمكن لهذه الزيارة أن تشكّل نافذة لفرملة التصعيد، أم أن أي قرار إسرائيلي بالحرب لن يتأثر بثقل الكرسي الرسولي؟
اختار البابا لبنان، إلى جانب تركيا، كأول محطة خارجية له منذ انتخابه، في خطوة قرأتها الأوساط اللبنانية على أنها رسالة دعم لبلد جريح أنهكته الحروب والانهيارات والنزوح الواسع، كما رأت في الزيارة رغبة في إعادة إدراج لبنان على الخريطة الدولية وإحياء الاهتمام بمعاناة شعبه. ورغم أن برنامج البابا لا يشمل جولة جنوبية، فإن أصواتًا مسيحية من القرى المنكوبة في الجنوب عبّرت عن رجاء بأن تمنح الزيارة قوة للبقاء في أرض تراجعت فيها مقومات الحياة تحت وطأة الغارات.
هذا البعد الروحي يتقاطع مع لحظة إقليمية حسّاسة، حيث يتواصل التصعيد الإسرائيلي رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي تمّ التوصل إليه في السابع والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر 2024. وقد أكدت مصادر وزارة الصحة اللبنانية لـ"يورونيوز" وقوع أكثر من 340 قتيلًا ونحو 1300 جريح منذ دخول الاتفاق حيّز التنفيذ، فيما وثّقت اليونيفيل أكثر من 7300 انتهاك جوي و2400 نشاطًا عسكريًا شمال الخط الأزرق.
على هذه الأرضية المضطربة، حيثُ الضغوط الدبلوماسية الأمريكية تترافق مع مطالبات بنزع سلاح حزب الله، تُطرح فرضية أن وجود البابا في بيروت قد يشكّل "فرملة" مؤقتة لأي قرار إسرائيلي بالتصعيد، ولكن مقابل هذه القراءة، ثمّة من يجزم بأن الاعتبارات العسكرية لدى الدولة العبرية تبقى العامل الحاسم.
تحمل زيارة البابا إلى لبنان أسئلة تتجاوز البعد الروحي إلى مقاربة حسابات الحرب والسلم، فبين حديث اللبنانيين المتكرر عن أنّ الحرب قد تندلع بعد مغادرته، وبين الرهان على رمزية حضوره كـ"فرملة" مؤقتة للتصعيد، يبرز السؤال: هل يمكن لثقل الفاتيكان، ولعلاقاته مع العواصم المؤثرة، أن يرفد المساعي الدولية الجارية لتفادي حرب شاملة؟
في هذا السياق، يقدّم المحلل السياسي سركيس نعوم مقاربته، معتبرًا أن "إسرائيل، بوصفها دولة مرتبطة بالمنظومة الغربية وبالحسابات الأمريكية، لا تقدم عادةً على خطوات كبرى تتعارض مع مصالح حلفائها أو تضعها في موقف محرج أمام المجتمع الدولي". وبالتالي، فإن دخولها حربًا واسعة خلال وجود البابا في بيروت يبدو احتمالًا ضعيفًا، ولو مرحليًا.
تأجيل الحرب لا يلغي احتمال وقوعها، والتهديد مستمرّ، بينما اللبنانيون أنفسهم مدعوون إلى مساعدة البابا والدول الأخرى في اتخاذ مواقف تساهم في جمع الصفّ الداخلي سركيس نعوم محلل سياسيويرى نعوم في حديثه مع "يورونيوز" أنّ إسرائيل "رغم كونها دولة عدوّة ومتوحّشة"، بحسب تعبيره، تبقى دولة تعرف أصول العمل السياسي ولا تستطيع تجاوزها، معتبرًا أن أي ضربة كبيرة قبل وصول البابا "ستُفهم وكأنها استهداف لزيارة بابا المسيحيين، وستبدو كعمل يضرب المعنويات التي يحاول بثّها لدى اللبنانيين عمومًا، ولدى المسيحيين خصوصًا".
ويرى أنّ إسرائيل لا تبدو في عجلة من أمرها: الحرب بالنسبة لها لم تنتهِ أصلًا، ويمكنها تأجيل أي خطوة بلا كلفة تُذكر، بدل الوقوع في "مأزق دولي" أو مواجهة المجتمع المسيحي العالمي.
أما بالنسبة إلى الدور المحتمل للزيارة في كبح أي تصعيد، فيشير نعوم إلى أن "المنع هنا مؤقت وواقعي في الوقت نفسه: "من غير المنطقي أن تشنّ إسرائيل حربًا جديدة على لبنان في وقت يستعدّ فيه البلد لاستقبال البابا… لا مصلحة لها في ذلك."، لكن المحلل السياسي يحذر، في المقابل، من الإفراط في التفاؤل، فالتأجيل لا يعني الإلغاء، والتهديد مستمرّ، بينما اللبنانيون أنفسهم مدعوون - بحسب رأيه - إلى مساعدة البابا والدول الأخرى في اتخاذ مواقف تساهم في جمع الصفّ الداخلي: "بدون جمع اللبنانيين، لا توجد نهاية للحرب. قد تتوقف الحرب مؤقتًا، لكنها قد تعود بعد سنوات".
يصف نعوم الرهان على تأثير الكرسي الرسولي بأنه "رهان كبير" له ما يبرره، لكنه محدود، فالفاتيكان بما يمثله من ثقل روحي وسياسي قادر على التواصل مع مختلف الدول، إلا أنّ قدرته على التأثير الفعلي تبقى مرتبطة بتقاطع المصالح الدولية.
ويستعيد مثال الاتحاد السوفيتي وبولونيا، حين تمكنت الباباوية من لعب دور تاريخي "لأن الحافز البابوي التقى بحافز أمريكي واضح". أما إذا غاب هذا التقاطع، فإن قدرة الفاتيكان على تحقيق تغيير كبير في ملفات شائكة، ومنها نزع سلاح حزب الله، تصبح محدودة.
إذاً، يبدو أن أي دور للفاتيكان في المسار الدبلوماسي الحالي المتعلق بلبنان سيبقى محكومًا بمدى انسجامه مع المصالح الأمريكية والغربية، فالملف مرتبط بتوازنات دولية تتجاوز قدرة أي جهة روحية على تغييرها بمفردها.
الرسائل البابوية وحدود التأثيرفي قراءة أبعاد الزيارة بالنسبة إلى مسيحيي الشرق الأوسط، يلفت نعوم إلى أن الخطاب البابوي يبقى خطاب سلام وتثبيت للعيش المشترك واحترام بين الأديان، لكنه يعيد التأكيد على أن "التأثير الحقيقي يأتي من الداخل اللبناني، لا من الخارج"، إذ يؤكد أن الزيارات البابوية السابقة لم تغيّر مسار النزاعات أو البنى السياسية، وظلّت التحولات الكبرى تحصل بمعزل عنها.
Related في مستهل زيارته لتركيا.. البابا ليو الرابع عشر يدعو أنقرة لتكون عاملاً للاستقرار في المنطقةالبابا ليون الرابع عشر: يجب أن نكون "صانعي صداقة" في "زمن الانقسام والعنف"البابا ليو الرابع عشر يزور ضريح أتاتورك في إطار أول زيارة خارجية لهوبالنسبة إلى الطروحات التي تعتبر الزيارة رسالة تحذيرية للسلطة، يرفض نعوم هذا الربط، مشددًا على أن دور البابا هو إعادة إحياء الإيمان بالعيش المشترك، لا الدخول في لعبة التوازنات الداخلية. ويضيف أنّ التحالفات القائمة في لبنان، وخصوصًا التحالف الشيعي اللبناني ـ الإيراني، تعمل وفق مصالح خارجية، بينما "لم يتعلم اللبنانيون بعد أن عليهم التحالف فيما بينهم لبناء دولة مدنية.. وبدون ذلك لن يبقى لبنان".
أما بشأن قدرة الزيارة على تحفيز شركاء الفاتيكان لتقديم دعم إضافي للبنان، فيوضح المحلل أن حلفاء الفاتيكان وشركاؤه، مثل فرنسا وإنكلترا وألمانيا والولايات المتحدة، يتحركون أساسًا في الملف اللبناني، وأن المواقف البابوية قد تساعد في تعزيز هذه الجهود، لكنه يشدد على أن الدعم الحقيقي يحتاج إلى رؤية لبنانية تجمع مصلحة المسيحيين والمسلمين على حدّ سواء وتؤسس لـ"إعادة إنتاج وطن لبناني جديد ودولة جديدة"، معتبرًا أن هذا هو جوهر الرسالة التي ينبغي تلقّفها.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة