مختار جمعة يوضح بلاغة التنوع الأسلوبي في القرآن حول قول:"الغني الحميد"
تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT
قال الدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف السابق أن بلاغة القرآن الكريم تتجلى في تنوعه الأسلوبي ودقة اختيار التعبيرات التي تناسب السياقات المختلفة، ومن أبرز الأمثلة على هذا التنوع، استخدام التعبير "الغني الحميد" في مواضع متعددة من القرآن الكريم، حيث تأتي هذه العبارة بصور مختلفة تعبيرًا عن غنى الله سبحانه وتعالى واستغنائه عن الخلق، واقتران غناه بالحمد والكمال.
فيما يلي استعراض جمعة عبر صفحته الرسمية (فيسبوك) بعض المواضع ودلالاتها البلاغية:
1. سورة التغابن: خطاب للمنكرين
في قوله تعالى: "فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوا ۚ وَاسْتَغْنَى اللَّهُ ۚ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ" (التغابن: 6)، يأتي التعبير "والله غني حميد" دون مؤكدات، لأن النص يعرض حالة من سبقوا، موضحًا استغناء الله عن إيمانهم وعبادتهم. السياق لا يتطلب تأكيدًا إضافيًا، إذ يعكس الغنى المطلق لله عز وجل وحمده لذاته.
2. سورة النساء: خطاب عام للناسفي قوله تعالى: "وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا" (النساء: 131)، جاء التعبير "وكان الله غنيًا حميدًا" دون الحاجة إلى مؤكدات، حيث الخطاب عام يشمل المؤمنين وغيرهم، مبينًا أن الطاعة أو الكفر لا ينقص من غنى الله أو كماله شيئًا.
3. سورة فاطر: مواجهة المشركينفي قوله تعالى: "وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ" (فاطر: 15)، جاء التعبير مؤكدًا بضمير الفصل، واسمية الجملة، لتعزيز المعنى في سياق مواجهة عبثية عبادة الأصنام.
4. سورة البقرة: دعوة للتطهر من الشحفي قوله تعالى: "وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ" (البقرة: 267)، جاء التعبير مؤكَّدًا بإنَّ واسمية الجملة، حيث يناسب هذا الخطاب النفوس البشرية التي تحتاج إلى تطهير من الشح، مذكّرًا بأن الله غني عن صدقاتهم، وهي تعود عليهم بالنفع.
5. سورة لقمان: مواجهة الاستكبارفي قوله تعالى: "فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ" (لقمان: 12)، جاء التعبير مؤكدًا بإنَّ واسمية الجملة، حيث يسبق السياق الحديث عن مستكبرين يعرضون عن الحق، مما يتطلب تأكيدًا قويًا يعزز المعنى.
6. سورة إبراهيم: في مواجهة قوم موسىفي قوله تعالى: "فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ" (إبراهيم: 8)، جاء التعبير مؤكدًا بعدة أدوات: إنَّ، واسمية الجملة، ولام التأكيد، ليتناسب مع خطاب قوم موسى الذين خرجوا عن طريق الجادة.
7. سورة الحديد: مواجهة البخل والشحفي قوله تعالى: "فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ" (الحديد: 24)، جاء التعبير مؤكدًا بإنَّ وضمير الفصل، ليعكس شدة الحاجة للتأكيد في سياق يتحدث عن أناس لم يقتصروا على شح أنفسهم، بل دعوا غيرهم للبخل.
بلاغة التنوع في السياقيتضح من هذه المواضع أن القرآن الكريم يستخدم أساليب متنوعة لتعبير واحد بما يناسب السياق والمخاطبين. فمرة يأتي التعبير مجردًا بلا مؤكدات حينما يكفي السياق لإيصال المعنى، ومرة أخرى يأتي مؤكدًا بأدوات بلاغية متعددة لتعزيز المعنى وإبرازه في مواقف أكثر تعقيدًا أو تتطلب الحجة الواضحة.
هذا التنوع يعكس جمال البيان القرآني، حيث يوصل المعنى بقوة دون إفراط أو تفريط، مؤكدًا أن كل حرف في القرآن الكريم موضوع بميزان دقيق يعكس الحكمة الإلهية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: بلاغة سورة القرآن القران الكريم القرآن الکریم قوله تعالى
إقرأ أيضاً:
خطبة الجمعة من المسجد النبوي
أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي بالمدينة المنورة فضيلة الشيخ الدكتور صلاح البدير المسلمين في خطبة الجمعة اليوم بتقوى الله ومراقبته، فهي منبع الفضائل، ومجمع الشمائل، وأمنع المعاقل، من تمسك بأسبابها نجا.
وقال فضيلته: “ذكر الله تعالى رواء الأرواح وشفاء الجراح وعلامة الصلاح وداعية الانشراح وعين النجاح والفلاح قال جل وعز: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ومن واظب على ذكر الله تعالى أشرقت عليه أنواره وفاضت عليه آثاره وتوافدت عليه خيراته وتواصلت عليه بركاته، والذكر هو الزّاد الصالح والمتجر الرابح والميزان الراجح فضائله دانية القطوف وفوائده ظاهرة جليّة بلا كسوف.
ومضى فضيلته قائلًا: “وقد أمر الله عباده بكثرة ذكره وتسبيحِهِ وتقديسِهِ، والثناءِ عليه بمحامدِهِ وجعل لهم على ذلك جزيل الثواب وجميل المآب قال جل وعزّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا)، وعن عبدالله بن بسر -رضي الله عنه-: أنَّ رجلًا قَالَ: يَا رسولَ الله، إنَّ شَرَائِعَ الإسْلامِ قَدْ كَثُرَتْ عَليَّ، فَأَخْبِرْنِي بِشَيءٍ أَتَشَبثُ بِهِ قَالَ: «لا يَزالُ لِسَانُكَ رَطبًا مِنْ ذِكْرِ الله» أخرجه الترمذي، فاذكروا الله في البيع والشراء والأخذ والعطاء والعلن والخفاء والصباح والمساء وعلى وجه الأرض وفي جوّ السماء”.
أخبار قد تهمك خطب الجمعة من الحرمين: “السلام” عنوان موحّد بـ35 لغة 4 يوليو 2025 - 1:35 مساءً وكالة الشؤون النسائية بالمسجد النبوي تُطلق فرصًا تطوعية لتعزيز تجربة الزائرات 29 يونيو 2025 - 12:40 صباحًاوأشار فضيلته أن الذكر يرضي الرحمن ويطرد الشيطان ويقوي الإيمان ويبدد الأحزان ويمنح النفوس الطمأنينة والسكينة والأمان، والذّكر يزيل الوحشة ويذيب القسوة ويذهب الغفلة وينزل الرحمة ويشفي القلوب قال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه:” لكل شيء جلاء وإن جلاء القلوب ذكر الله عز وجل”، والذكر غياث النفوس الظامئة وقوت القلوب الخالية ونور الدروب الشائكة، وبه تستجلب الخيرات والبركات وتستدفع الكربات والنقمات وبه تهون الفواجع النازلات والحوادث المؤلمات فما ذكر الله عز وجل في مصيبة إلا هانت ولا في كربة إلا زالت.
وأبان إمام وخطيب المسجد النبوي في ختام الخطبة أن الأجور المترتبة على الذكر عظيمة لا يعبِّر عن عظمتها لسان ولا يحيط بها إنسان مطالبًا فضيلته المسلمين بالمحافظة على الأدعية والأذكار الصحيحة الواردة في الأحوال المختلفة والإكثار من ذكر الله تعالى في كل حين وأوان.