يخلد الشعب المغربي يوم 11 يناير من كل سنة ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال التي تعتبر مرجعا سياسيا وتاريخيا لإحدى المحطات البارزة في تاريخ الكفاح الوطني المغربي ضد المستعمر الفرنسي من أجل الحرية والاستقلال وتذكرنا هنا المقولة الشهيرة لزعيم النضال الدولي نلسون منديلا « الحرية لا توهب، بل تنتزع بالنضال والتضحيات »
وقد شكلت هذه الوثيقة منعطفا تاريخيا في مسار الكفاح الوطني المغربي بعد توقف المقاومة المسلحة التي قادها زعماء مثل محمد بن عبد الكريم الخطابي وموحى أوحمو الزياني وغيرهما.
إن ما يجعل وثيقة المطالبة بالاستقلال وثيقة التاريخ والحاضر والمستقبل بل وثيقة الذاكرة الوطنية المغربية الخالدة هو جوهرها ومحتواها القوي والمعبر عن إرادة وطموح المغاربة في التحرر من التبعية الاستعمارية والتمتع بالاستقلال وبالسيادة الوطنية الكاملة.
وقد تضمنت الوثيقة الذهبية الخالدة:
‒ إنهاء نظام الحماية المفروض على المغرب.
‒ الاعتراف بسيادة المغرب الكاملة تحت قيادة الملك محمد الخامس.
‒ إقامة نظام ديمقراطي يحترم حقوق المواطنين والمواطنات.
وتأتي وثيقة المطالبة بالاستقلال في ظل الحراك الوطني الذي قاده حزب الاستقلال ونخبة من الوطنيين وكانت بمثابة نداء وطني ودولي من أجل الحرية والاستقلال الكامل للمغرب ووضع حد لنظام الحماية. وقد خلدت مقولة الزعيم الراحل علال الفاسي التي قال فيها « الاستقلال حق طبيعي لكل أمة تناضل من أجل حريتها وكرامتها ». هذه المبادرة التي استنفرت قوات الاحتلال فقامت بنفي العديد من الزعماء الوطنيين وبالكثير من الاعتقالات في حق الوطنيين.
يمكن القول أن هذا الحدث التاريخي كان بمثابة نقطة فاصلة بين مرحلتين كبيرتين من تاريخ المغرب خلال القرن العشرين. حيث كان حدث تقديم الوثيقة بمثابة بداية العد العكسي لإنهاء الاستعمار بالمغرب الذي لم يعمر بعده طويلا. إذ أنه بعد اثنى عشر سنة أي سنة 1956 كان المغرب على موعد مع الاستقلال الذي يعتبر تتويجا مستحقا لنضال وكفاح المغاربة قاطبة تحت قيادة المغفور له جلالة الملك محمد الخامس الذي قال « لست سعيدا لأنني استرجعت العرش وإنما لكوني حملت لواء الحرية والاستقلال وحققت كرامة شعبي » وقد كان رفيقه في النضال آنذاك المغفور له ولي العهد جلالة الملك الحسن الثاني.
إن الاحتفال بذكرى تقديم وثيقة الاستقلال مناسبة للرجوع بالذاكرة المغربية إلى محطة كبيرة في تاريخه السياسي المعاصر، من أجل الحفاظ على الهوية المغربية التي كانت بمثابة المنارة التي عملت على تقوية الروح الوطنية لدى المغاربة من أجل تعزيز الكفاح ضد الاستعمار. وكانت الدافع الرئيسي لتوطيد وتقوية العلاقة بين الملك والشعب في مواجهة الاستعمار وإرغامه على التفاوض والانسحاب.
إن هذه الذكرى بمثابة استحضار لقيم الوطنية والتضحية لدى المغاربة. ودرس في الوطنية لكل الأجيال المتعاقبة من أجل فهم ومعرفة التاريخ المجيد للمغرب والمغاربة. والتي تعتبر عبرة يجب اقتباسها من أجل السير على منوال الآباء والأجداد في وطنيتهم وتضحياتهم وغيرتهم على الوطن. ومن أجل مواصلة المسير في الشطر المتعلق بالهدف الثاني من الوثيقة الذي يدعو إلى الديمقراطية من خلال بناء دولة الحق والقانون ودولة المؤسسات.
إن هذه الملحمة الوطنية، وعرفانا لوطنية وتضحيات المغاربة، تلزم كل المغاربة بمواصلة البناء، بناء مغرب اليوم ومغرب الغد، مغرب الأمجاد والسمو والازدهار في ظل عهد جلالة الملك محمد السادس حفاظا على المكتسبات السياسية والاقتصادية وحفاظا على المنجزات الدبلوماسية والدولية فالموقع الجيواستراتيجي للمغرب يؤهله أن تكون له كلمته على المستوى القاري والإقليمي والدولي.
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: من أجل
إقرأ أيضاً:
البورصة تجذب اهتمام المغاربة و إقبال غير مسبوق على شراء الأسهم
زنقة 20 | خالد أربعي
تعرف بورصة الدارالبيضاء، طفرة غير مسبوقة مع إقبال واسع من المستثمرين الأفراد على الاكتتابات العامة، حيث جمع اكتتاب شركة كاش بلس 750 مليون درهم بمشاركة 80,759 مشتركاً من 75 جنسية، ما يعكس ثقة المغاربة في إمكانات الشركات المدرجة ورغبتهم في الاستفادة من النمو الاقتصادي الجاري.
ويأتي هذا النجاح في ظل اكتتابات سابقة ناجحة مثل بنك CFG الذي جمع 600 مليون درهم مع طلبات اكتتاب بلغت 21 مليار درهم، “SGTM”، حيث بلغ عدد المكتتبين 173,000 شخص، وأكديطال التي زادت رأسمالها مليار درهم وتمت تغطية الاكتتاب 29 مرة، وبنك مصرف المغرب الذي باع حصة أسهم بمليار درهم وتمت تغطية العملية 18 مرة، ما يظهر زيادة ملحوظة في اهتمام المستثمرين الأفراد الذين تضاعفت مشاركتهم خمس مرات خلال الربع الثاني من العام.
وتواكب هذه الطفرة مشاريع استثمارية ضخمة بقيمة 100 مليار دولار مخطط لتنفيذها بحلول نهاية العقد الجاري، أبرزها الاستعداد لاستضافة كأس العالم 2030 بشكل مشترك مع إسبانيا والبرتغال، بما يشمل بناء الملاعب وخطوط النقل والبنية التحتية، إضافة إلى مشاريع تحلية مياه البحر والطاقة المتجددة، وتطوير شبكة الطرق والسكك الحديدية وإعادة إعمار مناطق متضررة من الزلازل، وهو ما يشكل محفزاً رئيسياً للبورصة ويجذب المستثمرين للتحرك مبكراً للاستفادة من الفرص الاستثمارية.
و أصبحت ثقافة البورصة تتوسع شيئا فشيئا داخل المجتمع المغربي، حيث يمكن للمواطنين العاديين الاستثمار بمبالغ صغيرة، وهو ما يؤكد انفتاح السوق المالية أمام الجميع، رغم بعض الأصوات التي لا تنظر بعين الرضا إلى هذا التطور و تريد أن تبقى البورصة دائما في حوزة “النخبة المالية”.
ومع استمرار الطروحات العامة الأولية لشركات مغربية وتنامي المشاريع الكبرى، من المتوقع أن تستمر البورصة المغربية في تسجيل مستويات قياسية من النشاط والإقبال، مع التطلع إلى إدراج أكثر من 300 شركة بحلول 2035، ما يعزز مكانة المغرب كوجهة استثمارية واعدة.
تابعوا آخر الأخبار من زنقة 20 على Google News