تسعى سلطنة عمان إلى تحقيق تنمية شاملة ومستدامة تسهم في تحسين حياة المواطنين والمقيمين في سلطنة عمان، بتعزيز القيم الثقافية. وأولت اهتمامًا جليًا من خلال أهداف «رؤية عمان 2040» التي شملت تكاتف جميع القطاعات للعمل بيد واحدة للنهوض بالقيم والمبادئ والحفاظ على الموروث والهُوية الوطنية. ففي قطاع التعليم، تم تطوير المناهج الدراسية لتشمل تاريخ عمان وثقافتها، مما يساعد على تعزيز الهُوية الوطنية لدى الأجيال الجديدة.

ومع تنوع الفعاليات الثقافية وتنظيم المهرجانات، والفعاليات الثقافية والفنية التي تعكس التراث العماني، كالفنون الشعبية والموسيقى التقليدية، مما يعزز من الوعي الثقافي بين المواطنين والمقيمين. بالإضافة إلى المحافظة على التراث بالعمل على حفظ المواقع التراثية والتاريخية، وتشجيع السياحة الثقافية، والمشاركة المجتمعية بتعزيز دور المجتمع في الحفاظ على القيم الثقافية، وتشجيع الأنشطة التطوعية والمبادرات المحلية التي تعزز الوعي الثقافي.

ولأن سلطنة عمان تحرص على توفير مجتمع متماسك يعبر عن قيمه الثقافية ويحتفي بتاريخه وتراثه، تم تتويج الجهود والتوجيهات التي تسعى إليها الحكومة بإصدار قانون الإعلام العماني في مرسوم سلطاني صدر بتاريخ 10 نوفمبر 2024، يعكس الاهتمام المباشر من لدن جلالة السلطان هيثم بن طارق - حفظه الله ورعاه - بتوفير بيئة إعلامية مستقرة تبني أجيال المستقبل وتحفظ حقوقهم وتقدم لهم كل ما يربطهم بثقافتهم وموروثهم، والنهج الذي تتبناه سلطنة عمان بالنهوض بالإعلام العماني.

فالإعلام يقود الأمم، ويبني ثقافة الأجيال، ويحدد مسار المجتمع، ونظرا لدوره المهم في تعزيز الهُوية الوطنية لدى المجتمع، اهتم المرسوم بكافة تفاصيل الجانب الإعلامي، كتعزيز حرية التعبير وضمان حقوق الصحفيين، مع وضع ضوابط تحمي هذه الحريات، ولحماية المجتمع من الغزو الفكري جاء المرسوم منظما لوسائل الإعلام بالمتابعة، مما يضمن التزامها بالقوانين والمعايير المهنية، كما تطرق إلى المحتوى الرقمي، ومعالجة التحديات المرتبطة بالمحتوى الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي، لحماية البيانات الشخصية ومكافحة الأخبار الكاذبة، وحدد العقوبات المترتبة على الانتهاكات، مما يضمن المساءلة في مجال الإعلام، فضلا عن تشجيع الإعلام المحلي من خلال تقديم الدعم المالي والتقني للمؤسسات الإعلامية العمانية.

تأثير إيجابي

وجاءت أبرز أصداء المرسوم حول التأثير الإيجابي للقانون على حرية الصحافة، وتطوير المحتوى الإعلامي، بالإضافة إلى ردود الفعل من قبل الصحفيين والمجتمع المدني. حيث حدد قانون الإعلام العماني أدوار كل عنصر إعلامي ووظائفه، مثل الصحف والمجلات والإعلانات، وحدد حقوق الرأي والحقوق الشخصية للعاملين في مجال الإعلام، ومنع التحريف والتلاعب بالرسائل الإعلامية وضمان نشر الأخبار بموضوعية وصدق وحيادية، كما فرض القانون حظرًا على الإعلانات التي تتعارض مع الضوابط التي حددها القانون، وأشار إلى عدم التمييز بين الطوائف الدينية أو العرقية في المحتوى الإعلامي، وجعل الالتزام بالقوانين والضوابط شرطًا لممارسة النشاط الإعلامي، كما تضمن القانون حماية لمصادر الأخبار، وإعاقة ممارسة الضغوط عليها، وذكر شروط الحصول على تراخيص لممارسة النشاط الإعلامي داخل البلاد أو نشر الإعلانات، بالإضافة إلى تحديد السلطات المختصة والإجراءات اللازمة لتطبيق القوانين والضوابط الإعلامية.

رؤية مستقبلية

ويدعم قانون الإعلام العماني الجديد «رؤية عمان 2040» من خلال تعزيز حرية التعبير وتوفير بيئة إعلامية تشجع على الابتكار والمشاركة المجتمعية، ويتضمن إجراءات تهدف إلى تحسين جودة المحتوى الإعلامي وتعزيز الشفافية، بالتركيز على تطوير القدرات البشرية، وتعزيز الهُوية الوطنية، وتحقيق التنمية المستدامة، بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، مما يساهم في بناء مجتمع متماسك ومتعلم.

القيم الوطنية

التمسك بالقيم الوطنية يسهم في بناء مجتمع واعٍ ومتحضر ومسؤول، ويعزز التلاحم الاجتماعي والتعاون بين أفراد المجتمع، وأبرز قانون الإعلام العماني الجديد أهمية تعزيز القيم الوطنية وتشجيع الإبداع والتطور الثقافي والتنموي في سلطنة عمان. حيث يهدف إلى تعزيز القيم الوطنية وتشجيع الإبداع والتطور الثقافي في كافة ربوع سلطنة عمان، مما يعكس الجهود التي تقوم بها الحكومة العمانية لتعزيز الهُوية الوطنية وتعزيز الانتماء للوطن بين المواطنين.

ويأتي الاهتمام الذي يقدمه الإعلام العماني تشجيعا للإبداع والابتكار في تطوير القطاع الثقافي والفني، نظرا لأهمية الإبداع في بناء مواهب الأجيال والنهضة الثقافية للمجتمع، كما يساهم في تعزيز الهُوية الوطنية ونشر الثقافة العمانية في العالم. وتعزيز التطور الثقافي الذي يسهم في رفع مستوى التعليم والتثقيف بين أفراد المجتمع، وتشجيع الشباب على المشاركة في صناعة المستقبل.

نهضة متجددة

وتأتي النهضة المتجددة مع تولي جلالة السلطان هيثم بن طارق -أيده الله - مقاليد الحكم في البلاد، وانعكس ذلك بالتطور والتقدم الذي تسعى الحكومة العمانية إلى تحقيقه في مختلف القطاعات، برؤية طموحة تهدف إلى رفع مستوى الحياة في سلطنة عمان، وتطوير البنية الأساسية، وتعزيز الاقتصاد وتحقيق التنمية المستدامة. فشملت التنمية أهمية تضمين القيم الوطنية وتشجيع الإبداع والتطور الثقافي والتنموي في القوانين الإعلامية، حيث يمثل ذلك الأساس الذي يدعم بناء مجتمع متقدم ومزدهر يسهم في تعزيز الهُوية الوطنية وتعزيز التقدم الشامل.

أنشطة وفعاليات

وضمن سياسة سلطنة عمان وتوجهها لحفظ ثقافة الأجيال، يأتي تعزيز القيم الوطنية والثقافية أمرًا في غاية الأهمية، ويتم تعزيزها من خلال العديد من المبادرات والأنشطة التي تُقام على مدار العام، بتكليف مباشر من المقام السامي، برعاية أهم الفعاليات الثقافية والفنية، فضلا عن الاهتمام بالموروث والحضارة العمانية في العديد من الفعاليات، كفعالية رنين الفنية بولاية مطرح، التي اشتملت على أنشطة ثقافية حفظت التراث العماني، وإبرازه للمجتمع، وتنوعت الأنشطة فيه بين الرسم والتصوير والموسيقى والنحت، كما نقلت تجارب المقيمين واحترامهم لثقافة سلطنة عمان.

وتمت إقامة العديد من المبادرات الثقافية والتعليمية لتعزيز الهوية الوطنية، وترويج القيم العمانية التقليدية، فضلا عن الفعاليات التي تشجع على التحاور الثقافي والاجتماعي بين أفراد المجتمع العماني.

الاحتفالات الوطنية

يحافظ المجتمع في سلطنة عمان على الاحتفالات الوطنية لتعزيز القيم الوطنية وتعزيز الانتماء للوطن، ويتم خلال هذه الاحتفالات، تنظيم فعاليات ثقافية وتراثية تسلط الضوء على التراث العماني وتعزز القيم الوطنية. ويشارك المواطنون بالمحافظة على هذه القيم، بجهود متكاملة تقوم بها الحكومة والمؤسسات الثقافية، ووسائل الإعلام لتعزيز الهوية الوطنية وتشجيع الإبداع والتطور الثقافي في المجتمع العماني.

دور المحطات الإعلامية

يقوم الإعلام العماني بدور حيوي في تعزيز القيم الوطنية والثقافية من خلال برامجه التلفزيونية والإذاعية، بتسليط الضوء على الفعاليات الثقافية والاجتماعية التي تعزز الهُوية الوطنية، وتشجيع المواطنين على المشاركة في تلك الفعاليات والأنشطة بتخصيص مسابقات وجوائز عدة، ويتجلى ذلك في الأسئلة الثقافية التي تقدمها مسابقات شهر رمضان المبارك، والمناسبات المختلفة.

ويمكن لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، التقليدية والإلكترونية، أن تؤدي دورًا حاسمًا في نشر وتعزيز الثقافة والتقاليد العمانية، من خلال إنتاج محتوى يعكس القيم والموروثات الثقافية بتسليط الضوء على الإنجازات الوطنية، وإبراز الإنجازات التنموية والاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها سلطنة عمان، مما يعزز الشعور بالفخر والانتماء لدى المواطنين.

كما توفر القنوات الإعلامية منصة للنقاش من خلال برامج حوارية ومناقشات، ونلمس ذلك بمشاركة المواطنين في البرامج الحية بالتعبير عن آرائهم ومناقشة قضايا المجتمع، وتساهم في تعزيز الوحدة والتماسك بين مختلف فئات المجتمع العماني من خلال تغطية الأحداث والفعاليات الوطنية.

المنصات الإلكترونية

ركز قانون الإعلام العماني الجديد الذي حدده المرسوم السلطاني على القطاع الخاص في الإعلام، والمنصات الإلكترونية، نظرا لدورها في التأثير على النشء والجيل الجديد، ومع استخدام وسائل الإعلام الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي، بات من السهل بالنسبة للشباب الوصول إلى البرامج الأرشيفية، والتحاور، والاطلاع، مما يؤدي لتعزيز هويتهم الوطنية من خلال محتوى يتناسب مع اهتماماته، لنلامس دور الإعلام الفعّال في تعزيز الهُوية الوطنية في ظل الرؤية الجديدة للتواصل والانفتاح بتنظيم العمل مع ما ورد في قانون الإعلام الجديد. مع التركيز على التوعية الثقافية، ونشر المعرفة حول التراث العماني، والعادات والتقاليد، مما يعزز الفخر بالهُوية الوطنية بين الأبناء والمجتمع، ونشر المحتوى الإيجابي من خلال إنتاج محتوى يعكس القيم والمبادئ العمانية، حيث يساعد الإعلام على تعزيز الانتماء والولاء للوطن. كما تكمن أهمية التفاعل المجتمعي بالتعليقات، التي تتيحها المنصات للتفاعل بين الأفراد والمجتمعات، في تعزيز الروابط الاجتماعية، والتشجيع على المشاركة الفعّالة في الأنشطة الوطنية. ناهيك عن التعليم والتثقيف بتركيز الإعلام الخاص على البرامج التعليمية والثقافية التي تهدف إلى تنمية الوعي الوطني لدى الشباب، مما يعزز فهمهم لتاريخ وثقافة عمان، ودعم المبادرات الوطنية والمشاريع التنموية لتعزيز روح التعاون والانتماء.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: تعزیز القیم الوطنیة الفعالیات الثقافیة التراث العمانی فی سلطنة عمان مما یعزز من خلال

إقرأ أيضاً:

ابتكار ياباني ثوري.. مشبك ذكي يحاكي الرؤية البشرية بدقة 82٪

اليابان – طوّر فريق من العلماء من جامعة طوكيو للعلوم مشبكا عصبيا ضوئيا قادرا على تمييز الألوان بدقة تقارب دقة العين البشرية.

ويبشّر هذا الإنجاز بثورة في أنظمة الرؤية الآلية منخفضة الطاقة المستخدمة في الهواتف الذكية والمركبات ذاتية القيادة والطائرات بدون طيار.

ويعتمد الجهاز، الذي طوّره فريق بقيادة الدكتور تاكاشي إيكونو من قسم هندسة النظم الإلكترونية بالجامعة، على التصميم المستلهم من طريقة عمل العين والدماغ البشريين، حيث يحاكي المشابك العصبية البيولوجية في تعاملها مع المؤثرات البصرية، لكنه يتميّز بعمله الكامل على ضوء الشمس دون الحاجة إلى مصدر طاقة خارجي.

ويأتي الجهاز الجديد عبارة عن مشبك عصبي كهروضوئي إلكتروني ذاتي التشغيل، صُمم خصيصا لتقليل استهلاك الطاقة في أنظمة الرؤية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي. ويتكوّن من خليتين شمسيتين محسّنتين بالصبغة (DSSCs)، استُخدمتا لاكتشاف ألوان مختلفة من الضوء وتوليد إشارات كهربائية استجابة لذلك.

وعند تعريض الجهاز لأطوال موجية معينة، يُنتج استجابة كهربائية ثنائية القطب: موجبة تحت الضوء الأزرق وسالبة تحت الضوء الأحمر، ما يمكّنه من تنفيذ عمليات منطقية والتعرف على الألوان بدقة تصل إلى 10 نانومتر — وهي دقة توازي تقريبا قدرة العين البشرية.

وفي تجربة حقيقية، اختبر الفريق الجهاز عبر دمجه في شبكة حوسبة مادية للتعرف على حركات بشرية ملوّنة بالأحمر والأخضر والأزرق. ورغم استخدام مشبك عصبي واحد فقط، بلغت دقة التعرف 82% عبر 18 تركيبة من الألوان والحركة، مقارنة بأنظمة تقليدية تعتمد على أجهزة استشعار متعددة.

ويشير العلماء إلى أن هذا الدمج بين دقة تمييز الألوان والقدرة على إجراء عمليات منطقية والتشغيل الذاتي، قد يحدث نقلة نوعية في الذكاء الاصطناعي البصري منخفض الطاقة، ويمهّد الطريق لتطبيقات واسعة تشمل:

السيارات ذاتية القيادة: تحسين التعرف على الإشارات المرورية والمشاة.

الرعاية الصحية: تطوير أجهزة قابلة للارتداء لمراقبة المؤشرات الحيوية باستهلاك طاقة منخفض.

الإلكترونيات الاستهلاكية: إطالة عمر بطارية الهواتف وأنظمة الواقع الافتراضي والمعزز.

وقال إيكونو: “نأمل أن تساهم هذه التقنية في تطوير أنظمة رؤية آلية متقدمة، تجمع بين الكفاءة البصرية العالية والاستهلاك المنخفض للطاقة، في مجموعة واسعة من الأجهزة والتقنيات المستقبلية”.

نشرت نتائج الدراسة في مجلة Scientific Reports العلمية.

المصدر: interesting engineering

مقالات مشابهة

  • المواجهة النارية بين النشامى ونظيره العماني
  • السيسي يتلقى تهنئة بعيد الأضحى من سلطان عمان.. وتأكيد مشترك على تعزيز التعاون الثنائي والعلاقات التاريخية
  • خطبة العيد.. رسائل رحمة وسلام ومضامين ترسخ القيم
  • علماء يابانيون يطورون مشبكاً عصبياً يحاكي الرؤية البشرية
  • جمعية للابتكار الصناعي
  • القنصل العماني لـ"اليوم": المملكة قدمت تسهيلات لـ15 ألف حاج عماني
  • يابانيون يبتكرون مشبكاً ذكياً يحاكي الرؤية البشرية بدقة 82٪
  • تعزيز الابتكار ودعم الشركات الطلابية بجامعة التقنية
  • ابتكار ياباني ثوري.. مشبك ذكي يحاكي الرؤية البشرية بدقة 82٪
  • النشامى في مواجهة نارية أمام نظيرة العماني غداً