مقدمة لدراسة صورة الشيخ العربي في السينما الأمريكية «11»
تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT
بقدر ما يعني الأمر اللغة الإنجليزيَّة فإن لَتْنَنَة (من اللاتينيَّة) المفردة العربيَّة «شيخ» قد اتخذت فـي النَّقحرة عدة أشكال حروفـيَّة منها “shaikh”، و ”shaykh” (وهذا يتصادى مع قائمة الّلتْنَنَة الصَّادرة من مكتبة الكونجرس الأمريكي، والمعمول بها فـي الأوساط الأكاديميَّة النَّاطقة بالإنجليزيَّة)، و “shayk”، و”cheikh”، و”sheikh”، و”sheik”.
على سبيل المثال، فـيما يخص السِّينما الأمريكيَّة، نجد أن شخصيَّة دكسي ليونارد (أدَّت دورها بَت مِدلَر (Bette Midler وشخصية إدي سباركس (أدَّى دوره جيمس كان James Caan) فـي فـيلم «لأجل الجنود» [For the Boys] (من إخراج مارك رايديل Mark Rydell، 1991) تقومان برحلة متحمِّسة لدعم المجهود الحربي من المحيط الهادي إلى شمال إفريقيا، من خلال التَّرويح عن الجنود الأمريكيين المنخرطين فـي الحرب العالميَّة الثانية، وقد لُقِّبتا بـ “America’s sheikhist couple” (فمن النَّاحيَّة الصَّوتيَّة تصير الإشارة فـي “sheikhist” إلى الهندام الأنيق ذي الذوَّق، ومن النَّاحية الكتابيَّة تحضر صورة «الشَّيخ» العربي بالمرادفة والمرافقة الصَّوتيَّة) وذلك لدى قيامهما بأداء فقراتهما الاستعراضيَّة الترفـيهيَّة «العربيَّة» التي يكون فـيها سباركس مرتديًا زي «شيخ» عربي، ويعينه فـي ذلك، من باب اللازمة الاستشراقيَّة الكلاسيكيَّة، سرب من الرَّاقصات.
أما فـي وقت سابق لإنتاج فـيلم «لأجل الجنود»، وفـي الحياة الأمريكيَّة الفعليَّة، فـي سياق الأزمة النّفطيَّة التي تمخَّضت عن حرب أكتوبر 1973 العربيَّة -«الإسرائيليَّة» فقد أتت وزارة الطَّاقة الأمريكيَّة (DoE) بـ«كرة شيخيَّة» بامتياز، إذا ما جاز القول، لاستثارة وتحفـيز المشاعر القوميَّة الأمريكيَّة، وتشجيع المواطنين على الاقتصاد فـي استعمال الوقود مواجهةً لوقف تصدير النّفط العربي إلى الولايات المتَّحدة بسبب موقفها السِّياسي والعسكري الدَّاعم للدَّولة اليهوديَّة. ولهذا فقد طبعت وزارة الطَّاقة الأمريكيَّة أعدادًا كبيرةً من ملصقات المِصَدَّات الخلفـيَّة للسيَّارات يقول نصُّها: “Driving 75 is sheik; driving 55 is chic”(1). يعني الأمر ضمنيًّا أن قيادة السيَّارة بسرعة خمسة وسبعين ميلًا فـي السَّاعة تصرُّف غير مسؤول (فـي ورود كلمة «شيخ sheik») بينما قيادتها بسرعة خمسة وخمسين ميلًا فـي السَّاعة تصرُّف مسؤول وجيَّد (فـي ورود كلمة «شِيك chic»). وهذا الشِّعار يثبت بصورة بيِّنة و«اقتصاديَّة» (بكل معاني الكلمة) حقًَّا أن «الشَّيخ» قد أصبح رمزًا ومفردة مكتوبة (inscribed) بصورة حرفـيَّة فـي الوعي والنُّصوص السياسيَّة والاستراتيجيَّة المباشرة للأيديولوجيا الأمريكيَّة.
خلال العقود الفائتة التي نضجت فـيها الدِّراسات النَّقديَّة والنَّظريَّة السِّينمائية فـي الأكاديميا الأمريكيَّة إلى حدٍّ كبيرٍ صار يشار إليه بالبنان من باب الاقتداء، تَراكَمَ عدد مثير للإعجاب والتقدير من البحوث والمستفـيضة والدقيقة الخاصَّة بتمثيلات (representations) الآخر(ين) على الشَّاشة الكبيرة بناء على تواريخ وخلفـيِّات من تركيبات مُتخيَّلة و/أو أصول وطنيَّة، وعرقيِّة، ودينيِّة/أيديولوجيِّة، وجندريَّة. هذا مَسحٌ تمثيلي سريع لبعض من تلك الأطروحات والدِّراسات على سبيل المثال لا الحصر: الإيرلنديُّون والأسكتلنديُّون، والأوروبيُّون عمومًا، والأمريكيُّون الأصلانيُّون ) «الهنود الحمر» ومن فـي حكمهم وتفرعاتهم)، والأمريكيُّون الهسبانيُّون (ضمن تصنيفات وتنويعات أخرى للقادمين من أمريكا اللاتينيَّة)، والأمريكيُّون من ذوي الأصول الإفريقيَّة، والخُلاسيُّون (بمختلف التَّسميات الثقافـيَّة)، واليهود، والنِّساء، والآسيويون، والرُّوس (سواء فـي حقبة الاتِّحاد السوفـييتي أو بعد سقوط الشيوعيَّة)، والمنتمون إلى أقليَّات دينيَّة وأيديولوجيَّة شتَّى، والمِثليُّون الجنسيُّون بشتى تسمياتهم وتفرُّعاتهم، وغيرهم. لكن، فـي هذه الوفرة من التَّحليلات والمعالجات، فإن الاهتمام البحثي الجاد بدراسة تمثيلات (representations) العربي بصورة عامَّة (ضمن الجنسيَّات والهويَّات المحليَّة والإقليميَّة والقوميَّة على الصَّعيد العربي)، هذا ناهيكم عن تصويرات مرجعيته الأكثر حضورًا -أي العربي- الأصل وأيقونته الكبرى، أعني «الشَّيخ»، على وجه الخصوص، لا تزال تشكِّل النُّقطة العمياء والمكان الذي لا وجود له فـي القاموس الكبير للدِّراسات السِّينمائية النَّقدية والنَّظريَّة الأمريكيَّة، أو على خارطتها الفسيحة. وهذا الشُّح فـي البحث يبعث على الاستغراب حقّا بالنَّظر إلى أن «الشَّيخ» واحد من الأيقونات الغَيريَّة الكبرى فـي تاريخ وتبلورات السِّينما الأمريكيَّة، دائمًا، كما سبق وأن أوضحت.
----------------------------------
(1): انظر فـي هذا الصَّدد:
Jack Shaheen, ABSCM: Arabiaphobia in America (Washington: The American-Arab Anti-Discrimination Committee, n. d.).
عبدالله حبيب كاتب وشاعر عماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: ة الأمریکی
إقرأ أيضاً:
نجوم فيلم Back to the Future يجتمعون لاستعادة قطعة أثرية مفقودة من تاريخ السينما
(CNN)-- اجتمع طاقم عمل فيلم "Back to the Future" الأصلي، ليس لإعادة إنتاج الفيلم، بل للمساعدة في العثور على قطعة أثرية من تاريخ السينما فُقدت قبل حوالي 40 عامًا.
ويجري البحث حاليًا عن غيتار جيبسون ES-345 الأحمر الكرزي، الذي عزف عليه مايكل جيه فوكس في فيلم عام 1985 كجزء من مشهد الرقص المدرسي المحوري في فيلم "Enchantment Under the Sea".
حاول صانعو الفيلم العثور على هذه الآلة أثناء إنتاج الجزء الثاني عام 1989، لكنهم باءوا بالفشل.
وفي فيديو نشرته شركة جيبسون للغيتار مؤخراً، ناشد فوكس، وكريستوفر لويد، وليا طومسون، وهاري ووترز جونيور، المعجبين وهواة جمع المقتنيات لمساعدتهم في العثور على هذه الآلة.
وقال فوكس: "إنها في مكان ما ضائعة في الفضاء الزمني. نحن بحاجة إلى هذا الغيتار"، وأضاف لويد، مُستلهمًا شخصيته دوك براون: "لقد فُقد الغيتار في المستقبل".
وفاز فيلم "Back to the Future" بجائزة الأوسكار، وأطلق سلسلة أفلام ناجحة للغاية.
ويدور الفيلم حول "مارتي ماكفلاي"، وهو مراهق يسافر بالصدفة 30 عامًا إلى الماضي، إلى الوقت الذي كان فيه والداه في المدرسة الثانوية. وبمساعدة المخترع غريب الأطوار "دوك براون"، يُجبر على إصلاح الخط الزمني - وضمان مستقبله - قبل العودة إلى المنزل.
ويُعد البحث عن الغيتار جزءًا من مشروع أوسع نطاقًا يُصادف الذكرى الأربعين للفيلم، وأطلقت شركة جيبسون خطًا هاتفيًا لتقديم النصائح، ويُنتج فيلمًا وثائقيًا بعنوان "Lost to the Future"، يستكشف البحث عن الغيتار وإرث الفيلم نفسه.