عربي21:
2025-12-15@06:35:50 GMT

هل استجاب نتنياهو أم لا؟

تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT

تهكَّمَ بعض أصدقائي، وهم من الأصدقاء المقرّبين على مقالي ما قبل الأخير، والذي كان بعنوان: هل سيستجيب نتنياهو لـترامب؟، بالقول: كان الأجدر بالعنوان أن يكون: هل سيستجيب ترامب لنتنياهو؟، في تلميح إلى خضوع ترامب لإرادة الأخير، كما هو الحال ــ حسب آراء هؤلاء الأصدقاء، وحسب آراء غالبية كبيرة من الناس ــ بالنسبة لكلّ إدارة أميركية أخرى.



كما نعرف الآن، فقد تغيّر الموقف الإسرائيلي باتجاه التعبير عن درجة غير مسبوقة من الاستعداد لعقد الصفقة، وظهر أثناء وبعد زيارة مندوب ترامب ومستشاره إلى كلّ من الدوحة وتل أبيب، ما لم يظهر قبلها، وفجأةً بدأت وسائل الإعلام الإسرائيلية تتحدث عن قرب التوقيع عليها، وعن إنجاز أكثر من 90% من بنودها!

المهم هنا أننا بتنا على بعد أيّام من إنجاز هذه الصفقة، وباتت بنودها معلنة، وقامت وسائل إعلام إسرائيلية رسمية بنشر محتواها.

وهنا يمكننا العودة إلى نفس السؤال، دون أن نصل إلى نفس الأجوبة التي ذهبنا إليها في ذلك المقال.

ليس من الصائب أن ننتظر إجابة بـ"نعم" أو بـ"لا" عن سؤال من هذا النوع، وليس صائباً أبداً أن نعتبر الإجابة هنا أو هناك، وكأنّها قاطعة وجازمة، وذلك لأن مثلها هي في الواقع "نعم"، وهي مرفقة بـ"لكن" قوية، وهي مربط الفرس في المسألة كلّها.

كان معروفاً أنّ تهديدات الرئيس المنتخب بتحول الشرق الأوسط إلى "جحيم" لم تكن سوى رعونة وتبجّح واستعراضات دعائية مكشوفة، طالما أننا نعرف جميعاً أن ترامب لا يملك في الواقع ما يفعله أكثر مما فعله، ومما قام به نتنياهو على أكمل وأوحش وجه، وعلى كلّ وجه.

وكان معروفاً لترامب أن نتنياهو سيستجيب لا محالة، لأنه لا يملك، لا هو، ولا غيره "ترف" رفض الطلب، والأخير كان يدرك أن ترامب يريد من خلال هذه الرعونة وهذا التبجّح الظهور بمظهر من أجبر الإقليم على "الرضوخ" لتهديداته على طريقة "ذبح القطّة في ليلة الدخلة" في انتظار أن يُفصح ترامب ــ وربّما أنه قد أفصح لنتنياهو قبل الآن ــ عن الصيد الثمين الذي ينتظره نتنياهو، أو سلّة السخاء المنتظر تقديمها من أجل الإبقاء عليه، وعلى حكومته في سدّة الحكم، ومن أجل عدم سقوطها بسرعة، ومن أجل مساعدة نتنياهو على "تجاوز" أيّ أزمات قد تنجم عن قبول الأخير بالصفقة والتوقيع عليها.

وإذا كان أهمّ ما يهدف إليه نتنياهو هو أن لا يفقد "الحكم"، وإذا كان لا يملك "ترف" رفض الاستجابة لرغبة الرئيس الجديد، تصبح الإمكانية الوحيدة أمامه الآن هي اللعبة التي من شأنها أن توفّر الاستجابة والعمل على أساسها، من جهة وعدم سقوط الحكومة من جهة أخرى.

هنا سنكتشف أنّ كلّ جعجعات بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير ليست سوى "همّة" إعلامية، وسنكتشف أنّ عُتاة "اليمين" والتطرُّف الفاشي سيوافقون على الصفقة، شأنهم شأن نتنياهو بانتظار الوعود السخيّة من ترامب لاقتطاع الجزء الأكبر من الضفة، أو لجزء كبير منها، وربما لكل هضبة الجولان السورية المحتلة، كمرحلة أولى من أجل اقتطاعات جديدة مستقبلاً.

وبالمناسبة فإنّ نتنياهو يدرك أنّ لا مقدّسات عند ترامب، بما فيها الشخصيات، وبما فيها التحالفات، وبما فيها أكثرها أهمية، وأقربها إليه.

نهم ترامب للمنافسة مع الصين جعله يمهّد لإدارة ظهره عملياً لدولة بحجم كندا، وجعله يفصح عن أطماع تصل إلى البلطجة في العلاقة مع المكسيك، وفي "ضمّ" أكبر جزيرة في العالم "غرينلاند"، وفي قطع "طريق الحرير" بأيّ ثمن، فهل بقاء نتنياهو وطواقمه مسألة "تتفوّق" على ما بات يُفصح عنه ترامب، وما يخطّط له على المستوى الكوني الشامل؟

أبداً وبالمطلق، وإذا كان من مطلق هنا فهو دولة الاحتلال، وليس بالمطلق من يحكم في هذه الدولة، وقد يكون من المصلحة المباشرة لترامب أن يتخلّص من كل أنواع "المشاغبين" بمن فيهم نتنياهو نفسه.

أهمية نتنياهو بالنسبة للإدارة الأميركية الجديدة هي أهمية مؤقّتة وليست "ذخراً" إستراتيجياً كما يمكن أن يعتقد بعضنا.

والدرس الآخر، وهو درس للأنظمة العربية، فإذا كان ما أوردناه صحيحاً بالنسبة لنتنياهو وهو كذلك، فهل سيكون الزعماء العرب، وأنظمة العرب السياسية أقرب إلى ترامب من نتنياهو و"اليمين" الفاشي فيها؟

أخشى ما يخشاه ترامب حالياً إذا سقطت حكومة نتنياهو وهي لن تسقط الآن، وعلى الفور على ما يبدو، أخشى ما يخشاه هو أن تتحوّل الأمور من مرحلة المشاغبة الإسرائيلية إلى مرحلة الفوضى الشاملة فيها.

الفوضى الشاملة ستخلط كل الأوراق، ليس داخل دولة الاحتلال، وإنّما في الإقليم كلّه، ولم يعد ممكناً ترك أمور الإقليم سائبة في هذه المرحلة من الترتيبات المخطّط لها مستقبلاً.

لن يترك ترامب لـ"اليمين" الفاشي في دولة الاحتلال الفرصة الكافية لابتلاع الدولة الليبرالية حسب تعبير الأستاذ عصام مخّول، أو لن يسمح الآن، وإلى وقتٍ في المدى المتوسط بأن يتم هذا الابتلاع، أو إدخال دولة الاحتلال في أتون صراع داخلي قد يتحول في أيّ لحظة إلى صراع حاد وعنيف، لا سيّما أنّ عصابات المستوطنين لديها عشرات آلاف قطع السلاح، و"اليمين" الفاشي في أغلب الظن لديه تشكيلات مخفية داخل الجيش، وداخل الأجهزة الأمنية بأذرعها كافة.

زُعماء كُثر في الإقليم يتحسسون رؤوسهم، لأنّهم يُدركون أنّ القادم الجديد إلى البيت الأبيض "طلّق المقدّسات" طلاقاً بائناً بينونة كبرى، وزعماء في مختلف أقاليم الدنيا باتوا أكثر قلقاً من أيّ وقتٍ مضى على اختلالات مباغتة في بلدانهم بسبب "الترامبية" في نسختها الجديدة والمنقّحة، والرئيس الجديد لن يحسب حساباً سوى للأقوياء الذين يملكون أوراقاً رابحة في صفقاته وحساباته.

أقلّ من ستّة أشهر أو سنة على أبعد الحدود، سنشهد تغيّرات كبيرة في خارطة، وفي وجه الإقليم.
وعن هذه التغيرات، وهذه الخرائط ستكون لنا أكثر من وقفة.

الأيام الفلسطينية

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه نتنياهو ترامب الاحتلال نتنياهو الاحتلال صفقة التبادل ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الاحتلال من أجل

إقرأ أيضاً:

“ترامب يضغط على نتنياهو لأجل مصر”.. الصفقة الأكبر بين مصر وإسرائيل تقترب من لحظة الحسم

مصر – كشفت صحيفة “كالكاليست” الاقتصادية الإسرائيلية أن صفقة تصدير الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى مصر، البالغة قيمتها 35 مليار دولار، تقترب من لحظة الحسم.

وأشارت الصحيفة إلى أن وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين يجد نفسه في موضع حرج، إذ يتعين عليه الموازنة بين الالتزام بأسعار غاز منخفضة في السوق المحلية، وتنفيذ صفقة استراتيجية تخدم مصالح إسرائيل الجيوسياسية والاقتصادية، لكنها قد تهدد القدرة الشرائية للمواطنين في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة.

وتنص الصفقة التي جرى الإعلان عنها قبل أربعة أشهر على أن تبيع شركتا “نيو ميد إنيرجي” و”لوثيان” 130 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى مصر حتى عام 2040، مقابل 35 مليار دولار، في ما يعد أضخم صفقة تصدير في تاريخ إسرائيل.

وتأتي الصفقة كتحديث وتوسيع لاتفاقية التصدير الحالية الموقعة عام 2019، والتي كانت تنص على تصدير 60 مليار متر مكعب فقط.

وبحسب الخطة، سيبدأ التنفيذ الفعلي في النصف الأول من 2026، بتصدير 20 مليار متر مكعب، يليها 110 مليارات متر مكعب إضافية بعد الانتهاء من مشروع توسعة حقل لوثيان (المرحلة 1B)، الذي سيرفع الإنتاج السنوي، شريطة الحصول على ترخيص تصدير رسمي من وزارة الطاقة.

وتشير “كالكاليست” إلى أن شركات الغاز كانت ترفض ضخ استثمارات تصل إلى مليارات الدولارات في مشروع التوسعة دون وجود عقد تصدير طويل الأمد يضمن عوائد مستقرة — وهو ما توفّره هذه الصفقة.

ولفتت الصحيفة إلى أن كوهين واجه تحدّيين رئيسيين: أولاً: أن سعر التصدير إلى مصر أعلى بكثير من السعر المحلي، ما يخلق حافزًا قويًّا للشركات لتصدير الغاز بدلاً من بيعه في السوق المحلية، مما قد يرفع أسعار الكهرباء وتكاليف الصناعة.

ثانيًا: أن السوق الإسرائيلية تفتقر إلى المنافسة الحقيقية. فشركة “شيفرون” (المالكة لـ39.7% من حقل لوثيان و25% من حقل تمار) تُسيطر تشغيليًّا على غالبية الإنتاج، بينما يكاد المورد المنافس الوحيد (كريش) ينفد.

وفي هذا السياق، طالبت وزارة المالية — ضمن قانون “الترتيبات” الاقتصادي الحالي — بتعديل قواعد السوق عبر فرض قيود ذكية على التصدير، لا لتجميده، بل لضمان وفرة الغاز محليًّا.

ويرى خبراء الوزارة أن الحل يكمن في خلق “فائض اصطناعي” في العرض المحلي، عبر إلزام شركات الغاز بالاحتفاظ بكميات أكبر من الغاز في السوق مما يحتاجه الاقتصاد فعليًّا. هذا الفائض سيولّد منافسة بين الشركات لبيعه، ما يؤدي إلى خفض الأسعار تلقائيًّا.

واقترحت الوزارة أن لا يتجاوز التصدير 85% من الفارق بين القدرة الإنتاجية والطلب المحلي، لضمان أمن الإمدادات الداخلية.

لكن شركات الغاز اعترضت بشدة على هذه الخطة، محذرة من أنها:

تضر بجاذبية الاستثمار في قطاع الغاز الإسرائيلي، تقوض الاستقرار التنظيمي، وقد تؤدي إلى إلغاء تطوير احتياطيات الغاز المستقبلية.

كما أكدت أن الصفقة مع مصر كانت ستلغى لولا وجود ضمانات بتنفيذها كما هو مخطط. وأشارت إلى أن إلغاء مشروع توسيع لوثيان سيكلّف الدولة خسارة تصل إلى 60 مليار شيكل، تشمل:

35–40 مليار شيكل من ضرائب “شينسكي” (الضريبة الخاصة على موارد الطاقة)، 22–25 مليار شيكل إضافية من إتاوات وضرائب أخرى.

في المقابل، ترى وزارة المالية أن الاحتفاظ بالغاز تحت الأرض قد يوفّر تكاليف هائلة للمستهلكين والصناعة، نظرًا لتأثير ارتفاع أسعار الغاز المباشر على أسعار الكهرباء وتكاليف الإنتاج.

وشددت “كالكاليست” على أن الصفقة لا تهدد أمن إمدادات الغاز المحلي، إذ التزمت الشركات بعدم السماح بأي نقص، خاصةً في ظل الاعتبارات الأمنية التي تتطلب ضمان استقلالية الطاقة على المدى الطويل.

لكن القضية، وفق الصحيفة، تتجاوز الاقتصاد المحلي لتصل إلى حسابات جيوسياسية معقدة:

مصر، الشريك الاستراتيجي، تمرّ بأزمة طاقة حادة بعد تراجع إنتاجها من الغاز، رغم الطلب المرتفع على الكهرباء والصناعة. هناك شعور مصري بالإهمال من جانب إسرائيل، خصوصًا مع تقارب القاهرة من الدوحة. الصفقة تحمل أيضًا أهمية استراتيجية لأوروبا، التي تبحث عن بدائل للغاز الروسي، ويمكن للغاز الإسرائيلي أن يُوجّه عبر مصر إلى الأسواق الأوروبية.

وفي الختام، خلصت “كالكاليست” إلى أن القرار الحالي يشكل مواجهة ثلاثية الأبعاد:

وزارة المالية: تدافع عن المستهلك وتحارب التضخم. شركات الغاز: تحمي أرباحها واستقرار البيئة الاستثمارية. وزارة الطاقة: تحاول الموازنة بين غلاء المعيشة، والأمن الطاقي، وتنمية القطاع.

ورغم أن القرار الرسمي بيـد وزير الطاقة إيلي كوهين، فإن الصحيفة تشير إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيكون الطرف المحوري، خاصة أن ترامب يمارس ضغطًا شخصيًّا لضمان تنفيذ الصفقة. وفي ظل الأولويات السياسية والدبلوماسية، قد لا يولى ارتفاع تكلفة المعيشة نفس الأهمية لدى نتنياهو مقارنة بالتزاماته الدولية.

 

المصدر: صحيفة “كالكاليست”

مقالات مشابهة

  • ضو: نتنياهو لا يريد صدامًا مع ترامب وحرب لبنان غير واردة
  • مالية الإقليم:سنودع 120 مليار دينار في الخزينة الاتحادية “إذا” قررت صرف رواتب موظفي الإقليم
  • وضع يصعب على تل أبيب تحمّله.. نتنياهو يخشى المواجهة مع ترامب بشأن بيع “إف-35” للسعودية وتركيا
  • إعلام عبري: مبعوث ترامب سيلتقي نتنياهو ضمن اتصالات سرية تمهيدا للمرحلة الثانية في غزة
  • محللون: نتنياهو متمسك بتكرار نموذج لبنان في غزة ولن يخضع لترامب
  • خبيرة: نتنياهو يتجاهل خطة السلام .. وجود قوة دولية يردع انتهاكات إسرائيل
  • خبيرة أمن إقليمي : نتنياهو يتجاهل خطة السلام.. وجود قوة دولية يردع انتهاكات اسرائيل
  • صحف عالمية: الإسرائيليون يرفضون العفو عن نتنياهو ولندن تبتز الجنائية لحمايته
  • لماذا يضغط ترامب على نتنياهو لعدم التصعيد في لبنان؟
  • “ترامب يضغط على نتنياهو لأجل مصر”.. الصفقة الأكبر بين مصر وإسرائيل تقترب من لحظة الحسم