نظمت مديرية أوقاف الفيوم ندوة علمية كبرى اليوم الثلاثاء، بالمركز الثقافي الإسلامي بالفيوم، تحت عنوان: "إن الله يحب المؤمن المحترف: فضل وآداب ممارسة المهن في الإسلام".

شهدت الندوة حضورًا مميزًا من علماء الدين والمتخصصين، على رأسهم فضيلة الدكتور محمود الشيمي، وكيل وزارة الأوقاف بالفيوم، والدكتور محمد أحمد محمد محمود سرحان، أستاذ ورئيس قسم التفسير بكلية الدراسات الإسلامية والعربية ببني سويف وعضو اللجنة الدائمة، بالإضافة إلى الدكورة  أسماء إبراهيم صديق، مدرس الحديث وعلومه بكلية البنات بالفيوم.

انطلاق فعاليات الدورة التدريبية للأئمة والواعظات بمديرية أوقاف الفيوم محافظ الفيوم يوجه بتوفير الرعاية الصحية والاجتماعية لغير القادرين وفرص عمل لذوي الهمم


تناولت الندوة مكانة العمل في الإسلام، وأهمية احتراف المهن بشرف وأمانة، استنادًا إلى تعاليم الدين الحنيف التي تحث على الجد والاجتهاد في الحياة العملية، كما ألقت الضوء على القيم الأخلاقية المرتبطة بممارسة المهن، مثل الإتقان، والإخلاص، واحترام الآخرين، مشيرة إلى أن العمل الصالح يُعد عبادة يُثاب عليها الإنسان، إذا ما اقترنت بالنوايا الصادقة والقيم النبيلة.

وأكد المشاركون أن المبادرة تأتي في سياق رؤية وزارة الأوقاف لتعزيز القيم الوطنية والإنسانية بين الشباب، وربط قضايا الدين بمفاهيم التنمية والنهضة المجتمعية، تنفيذًا للمحاور الأربعة التي أعلنها معالي الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف.

مشاجرة عائلية حول قطعة أرض في الفيوم تشعل مواقع التواصل الاجتماعي وكيل أوقاف الفيوم يتابع اختبارات فتح الكتاتيب ويشيد بإقبال المتقدمين


تخللت الندوة عدة مداخلات علمية، حيث قدم الدكتور محمد سرحان شرحًا تفصيليًا عن مكانة العمل في القرآن الكريم والسنة النبوية، مع التركيز على قصص الأنبياء الذين احترفوا المهن كوسيلة لكسب العيش. 

من جانبها، استعرضت الدكتورة أسماء إبراهيم صديق أخلاقيات المهنة في ضوء السنة النبوية، مشيرة إلى دور العمل في بناء شخصية الفرد وتقدمه.
اختتمت الندوة بتأكيد أهمية تضافر الجهود بين المؤسسات الدينية والثقافية لنشر الوعي بالقيم الأخلاقية، وتشجيع الشباب على الالتزام بالمبادئ الإسلامية في ممارسة المهن. كما أُعلن عن سلسلة من الندوات المستقبلية التي ستتناول موضوعات مشابهة بهدف تحقيق التنمية الفكرية والدينية للمجتمع.

هذه الفعالية تأتي استجابة لمبادرة "بداية جديدة"، التي تهدف إلى إحياء قيم العمل والاحترافية بما يساهم في بناء مجتمع أكثر تماسكًا ورقيًا.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الدراسات الاسلامية الدكتور محمود الشيمي الدورة التدريبية العمل الصالح المركز الثقافي الإسلامي أوقاف الفيوم كلية الدراسات الإسلامية والعربية مديرية اوقاف الفيوم ندوة علمية كبرى وكيل وزارة الاوقاف بالفيوم أوقاف الفیوم

إقرأ أيضاً:

الإمام محمد عبده باحثا عن النهضة

(1)

من المعلوم أن في كل أمة من الأمم وفي كل ثقافة من الثقافات أعلاما مفكرين مجدّدين مصلحين، وأئمة مخلصين يهدون الأمة ويرشدونها، وينهضون بالإصلاح والتجديد فيها، وهم -في العادة- لا يظهرون إلا في فترات من الزمن متباعدة..

ولم يكن الإمام المصلح المجدد الشيخ الجليل محمد عبده (1849-1905) مجرد رجل دين تعلم في الأزهر ودرس فيه وأصبح في زمنه أكبر علمائه وأشهر شيوخه (على الرغم من الممانعة التي واجهته بسبب جرأته وعقلانيته وملكاته الفكرية والنقدية والثقافية)، بل كان رأس الحربة في تيار الإصلاح والتجديد والنهضة التي استلم رايتها من رائد الفكر العربي الحديث رفاعة الطهطاوي (1801-1873).

قرن وربع القرن مرت على رحيله (توفي الإمام الجليل في 11 يوليو 1905) وما زال حضوره وما زالت آراؤه وما زال مشروعه الإصلاحي التجديدي النهضوي محل اهتمام ونظر وتأمل من المفكرين والمثقفين المعنيين بأزمات الفكر والنهضة والثقافة والتقدم والمستقبل.

يتفق الدارسون والمتخصصون في فكر الإمام محمد عبده على وصف خطابه بالإصلاحي التجديد الشامل، وعلى قدرته العالية على محاورة الآخر، ولو من باب السجال.

من جهة أخرى، خطاب حضاري إنساني يسعى لتأكيد قيم الحرية، والمساواة، والعدل، ويريد استنهاض الشعوب لاسترداد مجدها والسيطرة على مصيرها.

ولم يكن الخطاب الإصلاحي للشيخ محمد عبده مختلفًا في منطلقاته العامة عن خطاب أستاذه "الأفغاني"، وإن اختلف معه في التفاصيل الدقيقة، ونحن نعلم عمق تأثير الأفغاني في الشيخ محمد عبده، وهو تأثير أكثر من تأثيره في كل من أثر فيهم خلال سنوات إقامته في مصر.

لقد استطاع عبده أن يحول أطروحات الأفغاني العامة إلى خطة عمل فكري ثقافي شاملة؛ ومن خلال نهجه "الإصلاحي" تتلمذ على يد الأستاذ الإمام العشرات من رجال الفكر والثقافة والدين؛ ومن عباءته الفضفاضة خرج السلفي المغرق في سلفيته "رشيد رضا"، والليبرالي الموغل في ليبراليته "منصور فهمي" و"قاسم أمين"، والوسطي المعتدل في وسطيته "الشيخ مصطفى عبد الرازق"، والاشتراكي والاجتماعي، والتنويري، والسياسي، والناقد، والمفكر، والمفسر، والفقيه، وأستاذ الجامعة... كان من تلاميذه كلٌّ من: العقاد، وطه حسين، وأحمد أمين، وسعد زغلول، والأخوان مصطفى وعلي عبد الرازق، ومصطفى صادق الرافعي، ومحمد فريد وجدي، ورشيد رضا، وعبد العزيز جاويش، وغيرهم..

(2)

وإذا كان جل أو كل من أرخ لسيرة حياة الشيخ محمد عبده قد توقف عن الأثر الكبير لجمال الدين الأفغاني في نفسه وفي روحه وتكوينه العام، فإن ثمة اتفاقا أيضا على أن الشيخ محمد عبده قد شكل شخصيته المستقلة وجوهر مشروعه الإصلاحي والنهضوي والتجديدي وفق خلاصة تكوينه وشخصيته وإرادته الحرة المستقلة، يقول أحد الدارسين حول هذه الفكرة:

"إن الشيخ محمد عبده، وإن كان متأثرا بمبادئ أستاذه السيد جمال الدين الأفغاني، فإن مذاهبه الإصلاحية لها شخصية مستقلة، إذ كان الشيخ محمد عبده معلما مصلحا يدعو إلى النهضة والرقي في هدوء وتدرج، بينما كان السيد الأفغاني يرى أنّ الثورة هي سبيل الإصلاح الاجتماعي والسياسي".

وجدير بالذكر أنَّ الدعوات الإصلاحية للإمام محمد عبده قد وجدت طريقها إلى قلوب وعقول الناس بفضل بلاغته وقوة حجته، وقدرته على الإفهام والإقناع بما أوتي من فصاحة اللغة، وتأثير البيان.

في كتابه المهم «رائد الفكر المصري، الإمام محمد عبده»، للدكتور عثمان أمين أحد أبرز من تأثروا بمنحى الإمام فكريا ونهضويا يرى أن الأستاذ الإمام محمد عبده يحتل مكانة كبيرة في تاريخ الفكر العربي المعاصر، وفي مقدمته لهذا الكتاب الذي يعد أحد أهم الكتب التي تعرضت لدراسة فكر الشيخ محمد عبده وتحليل آرائه وتصوراته الإصلاحية والتجديدية والنهضوية، يقول أستاذ الفلسفة الإسلامية الراحل الدكتور عاطف العراقي وقد أشاد بأفكار الأستاذ الإمام الذي يعد خالدا بفكره النقدي، واتجاهه التنويري، خاصة في المرحلة المظلمة التي عاصرها، وكانت تحتاج إلى الكثير من الجهود التي تشيع النور والضياء، يقول العراقي: "عاش الأستاذ الإمام في قلب المشكلات الفكرية والاجتماعية الكبرى، وناضل من أجل حلِّها، لذا كانت جهوده الإصلاحية حية نابضة بما يتصل بالهم المصري الخاص، والهم العربي العام" خلال الفترة البسيطة التي عاشها والتي لم تزد على نصف القرن ببضع سنوات فقط.

(3)

يعتبر الدكتور نصر أبو زيد المرحلة الأخيرة من حياة الإمام محمد عبده، بالتحديد بعدما ولي مشيخة الإفتاء في الديار المصرية، هي مرحلة تبلور المشروع الإصلاحي التجديدي للفكر الإسلامي ومن ثم الفكر العربي كله. فبعد تعيينه مفتيًا للديار المصرية عام 1899 عالج الأستاذ الإمام عدة مواضيعَ اجتماعية وثقافية عملية من منظورٍ إسلامي "عقلاني"، وأنشأ برنامجًا لإصلاح التعليم العالي الإسلامي ومناهج التعليم وإعادة النظر في طريقة تدريس العلوم الشرعية.

وكذلك سعى الإمام محمد عبده لتطبيق هذه التغييرات العملية عام 1892 بإصلاحاتٍ مزمعة للتعليم عمومًا والأزهر على وجه الخصوص. وقد اقترح بالإضافة إلى ذلك خططًا كثيرة لإصلاح النظام القضائي. وكانت جهوده لإصلاح الأزهر في بعض النواحي موفقةً إلى حدٍّ ما.

ولكن نظرًا للمقاومة الشديدة من جانب العلماء التقليديين لذلك، فقد بدأ يولي "الإصلاح الفكري" اهتمامًا أكبر. وقد برهنَت كل هذه الأعمال على ثقته في كلٍّ من «العقل» و«الدين» باعتبارهما أفضل أساس للحيلولة دون ضلال العقل.

وقد جعَلَته قضايا الإسلام والمعرفة الحديثة التي شكَّلَت جوهر كتاباته يُعيد دراسة التراث الإسلامي. فقد دفَعَته لفتح «باب الاجتهاد» على مصراعَيه، وفي كل مجالات الحياة الاجتماعية والفكرية. وحيث إنه رأى أن الدين جزءٌ أساسي من الوجود البشري، فقد كان إصلاح الفكر الإسلامي هو السبيل الوحيد لبدء إصلاحٍ حقيقي.

(4)

بعبارة أخرى، يمكن القول: إن الشيخ الإمام محمد عبده قد طرح حزمة مبادئ وأصول "فكرية" وبعض تطبيقات لإصلاحٍ إسلامي فقهي لإنشاء ما يمكن أن نسميه "حداثة إسلامية" معاصرة، لا تفرط في الإسلام، ولا تحتذي الغرب.

وبهذا الموقف المركّب، وفق المؤرخ الدكتور شريف يونس، فقد أقام نقطة تقاطع ما نسميه الآن الإسلام الرسمي والحركي والليبرالي أو التجديدي اختصارًا، إذ كان سلفيا تجديديا، وكذلك مرتبطا بالمؤسسة الدينية التقليدية: (الأزهر الشريف).

وقد تفرعت عن مواقفه، سواء المكتوبة أو الإدارية في إدارة الأزهر، وفي منصب مفتي الديار المصرية تطورات في هذه الاتجاهات الثلاث، منها ما يمتد عبر رشيد رضا إلى حسن البنا، ومنها ما امتد إلى الليبراليين المسلمين بتجديداتهم في الجامعة، قاطرة التقدم والنهضة والفكر الحر، ومنها ما استقر في إصلاح المؤسسات الدينية. وبصفة عامة تجد جميع التيارات في كتاباته أصولًا لها.

كانت الأداة الأساسية التي لجأ إليها الشيخ محمد عبده هي إدانة إغلاق باب الاجتهاد، وفتحه مجددا بالعودة إلى الأصول أو السلف، سواء بإصدار فتاوى جديدة أو الأخذ بحرية من مختلف مذاهب السنة حسب مقتضى الحال، بما يعني فعليا تفتيت المنظومة الفكرية القديمة، وفتح مجال موحد يسمى "الإسلام" (السُنِّي في واقع الأمر)، تجري فيه الصراعات بين المدارس المختلفة.

كما انعكس ذلك مؤسسيا، سواء في تجديد الإسلام الرسمي ومؤسساته (يضاف إليها الإذاعات الدينية)، أو في توجهات التيار الأصولي التي تمثلت في تنظيمات مسلحة أو غير مسلحة، فضلا عن مساحة في المجال العام (كُتب، مجلات، نشرات، فضائيات مؤخرا)، أو الإسلام التجديدي الليبرالي الممثل في مؤسسات الرأي العام المختلفة وفي الجامعات بقدر ما..

مقالات مشابهة

  • الإمام محمد عبده باحثا عن النهضة
  • محافظ أسيوط يتفقد سير العمل بوحدة طب الأسرة بقرية كودية الإسلام بمركز ديروط
  • أوقاف غزة : الجيش الإسرائيلي نبش قبور وسرق جثامين من خانيونس
  • شاهد ..ندوة بأوقاف الغربية عن آداب الطريق في الإسلام
  • 150 ندوة علمية بمساجد الفيوم ضمن برنامج مجالس الذاكرين
  • اللجنة العلمية” في نقابة المقاولين تعقد ندوة بعنوان “تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاع المقاولات”
  • إدارة اتحاد الحراش تُعلن عن ندوة صحفية لتقديم مشروعها الجديد تحضيرًا للموسم القادم
  • حلقة عمل تناقش توظيف الذكاء الاصطناعي في تطوير العمل الإعلامي
  • "المدينة الطبية" تنظم ندوة "الاستقرار المالي"
  • ندوة ثقافية في جامعة إب بذكرى عاشوراء