يمانيون:
2025-06-03@17:13:39 GMT

ملامح الصفقة بين بيت حانون وجنين والقصف اليمني

تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT

ملامح الصفقة بين بيت حانون وجنين والقصف اليمني

يمانين../
ستة كيلومترات تفصل بيت حانون عن مستوطنة “سديروت”، وهي المسافة ذاتها بين جنين ومستوطنة العفولة، ولكنه الهدير اليمني يأتي من بعيد، يطوي المسافات ليغرق “تل أبيب” بالخوف وينزع النوم من عيون أربعة ملايين إسرائيلي منذ أسابيع متصلة، فيما تلوح تباشير صفقة الحرب والأسرى في غزة أو تكاد، لتلتقط بعض ما تبقى من الأنفاس، فيتسنى لها بعض وقت لتبكي خمسين ألفاً من الشهداء، ولكنها بيت حانون أول الهجوم وآخر الصمود.

بيت حانون تلخص قصة الطوفان في أول الغيث، كما هي مقبرة المعتدين، وهي في منطق الجغرافيا خاصرة غزة الرخوة، حتى احتسبها “الجيش” الذي قيل إنه لا يقهر منطقة عازلة حد الموات، لذا أراد أن يختتم فيها بطولاته وتحقيق أهداف حربه، فإذا بها تبعث اليأس في مفاصل خطة الجنرالات التي أرادت سحق شمال غزة وتهجير أهلها هرباً من الموت الإسرائيلي.

جرائم الحرب تكاد تضع أوزارها بقبضات رجال القسام والسرايا وصبر الناس الهائمين على الوجوه، هناك بين أطلال البيوت المدمرة في بيت حانون، وليس بعيداً من هناك تمر سحب دخان الصواريخ اليمنية صوب أهدافها إسناداً لغزة وجنين، ودفاعاً عن شعب اليمن الذي تقصف بنيته التحتية طائرات الكيان والغرب، ولكن الموقف سلاح في أدبيات جبال صعدة، وحلقات الوفاء القرآني على مائدة الحوثي وتلاميذ الإمام زيد بن علي بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب.

ملامح صفقة الخضوع الإسرائيلي، تبث بدايات فرح في كل الطيف الفلسطيني، طيف مظلومية مخيم جنين المزنر بالحصار والغارات وسيل الشهداء، وطيف لبنان المساند بدم سماحة السيد ورجال جبل عامل وأربعة آلاف شهيد على طريق القدس، هو طيف القبضات التي ضربت من العراق وإيران، وكل حنجرة هتفت ضد الإبادة في غزة من فنزويلا وكولومبيا حتى ساحة السبعين وملايين لم تغادر الميدان رغم التهديدات وجحيم الغارات.

كيف تتشكل نفسية الفلسطيني وخاصة ذلك المظلوم الغزاوي على أعتاب وقف الحرب ولو إلى حين؟ وأين تصل آثار الطوفان بعد كل هذا العذاب الكربلائي البارد؟ وهل يمكن استعادة الحياة على أطلال غزة الذبيحة من الوريد إلى الوريد؟

وبعيداً من شعارات النصر والهزيمة، هل يمكن للإسرائيلي أن يتجاوز تبعات عبور السابع من أكتوبر وآثار دم الطفولة والبراءة على يديه المتوحشتين؟

ملامح الصفقة كما هي ملامح نفسية تتشكل لآلاف الأسرى الفلسطينيين وعوائلهم وجمهور محبيهم، بعد أربعة عشر شهراً وزيادة من التنكيل والتعذيب، على يد زبانية بن غفير المنتشي طرباً على أوجاعهم في معسكر سدي تيمان وكتسيعوت وجلبوع، ولكنه على أعتاب تنفيذ الصفقة يجد نفسه خارج السياق، أو لعل صديقه في التوحش سموتريتش يقنعه بالثبات خلف نتنياهو طمعاً بالجائزة هنا في الضفة، حيث ما زالت جنين في عز صمودها في مواجهة الفتنة والغارة، وحيث تضرب الاستيطان في مستنقعه الآسن هناك في قدوميم وحومش وحرميش.

ليس الطوفان آخر حروب الفلسطيني، سواء هدأت أمواجه أم ظلت تقذف هديرها، سواء مضى نتنياهو مع الصفقة أم تراجع وتلكأ، أو سقط على حياض مرحلتها الأولى أو الثانية، فالتراجيديا الفلسطينية في فصلها الراهن مع أطلال غزة الشاهدة الشهيدة، تبث نزيفها في كل أحوالها وهي تجترح فصلاً جديداً من فصول مظلوميتها تحت الاحتلال والحصار والقهر والخذلان.

ليست هذه الصفقة أول صرخة حرية ولا هي آخر عجينة للدم مع الطين والدمع، مضت الصفقة في مراحلها أم انفرط عقدها أو أخذت تتلوى، هي محطات اللجوء والأسر والجوع ذاتها ليس فيها نصر أو هزيمة، فالشهيد ارتحل والبيت تلاشى وسط الحريق، وزيتونة الأجداد أحالها المقاوم عقدة كمين هناك في بيت حانون وهنا في جنين، وصفارات الإنذار الإسرائيلية مع القصف اليمني توقظ فجر الفلسطيني لتوقد في ذاكرته حنيناً لأصل العروبة وحروف الحكمة وحقيقة الإيمان، هناك في صنعاء والحديدة وقرية تسكن فوق الغيم تطل على حطام الواقع العربي من الخليج إلى السويس.

جاءت معركة بيت حانون المتجددة على ضفاف صفقة وقف الحرب، أو استدامة وقف النار وتبادل الأسرى، لتمضي بالمنطقة كلها نحو نسيج نفسي فكري شعوري جديد، ليس ثمة شيء يمكن أن يبقى على حاله بعد الطوفان أو في محطة تشكله الجديدة، فالنفسية العربية كما النفسية الإسرائيلية عالم جديد يتشكل، ولكنها السياسة ومؤامرات الساسة تبذل وسعها لضبط إيقاع هذا التشكّل، ليظل وفق سياقات المشاريع الإجرامية الكبرى للغرب، ولهذا الغرب تجاربه الطويلة في حروب كبيرة أكلت أخضر أوروبا ويابسها، ليحصد الأميركي ثمارها، وهنا يندفع الأميركي بل يتفرغ لغزة والمنطقة كأنه ليس لترامب وبايدن عمل في العالم سوى غزة؛ ذلك الشريط الرملي الضيق بمساحته الصغيرة التي تضيع في أدنى بقعة من حرائق كاليفورنيا ولوس أنجلوس، ولكنه صمود غزة وكمائن بيت حانون من يصنع الفرق، وهو وحده من يسكب بذرة الحياة في نفوس اكتوت بالموت ألف مرة ومرات.

يخرج الفلسطيني من حرب، هذا إن خرج، ليسكن في حروب فهو في رباط إلى يوم القيامة، رباط الدين والدم والجهاد، يخرج من الأسر فوج ليعود فوج آخر، وتستمر الحياة محن تترى، فكيف لنفسية ما بين الحروب والسجون أن تكون؟

الميادين محمد جرادات

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: بیت حانون

إقرأ أيضاً:

القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي ترسم ملامح نظام اقتصادي حديث برؤية أخلاقية

انطلقت في إسطنبول أعمال القمة العالمية الثانية للاقتصاد الإسلامي، أمس، التي ينظمها منتدى البركة للاقتصاد الإسلامي على مدى ثلاثة أيام، بمشاركة نخبة من قادة الفكر، وصنّاع القرار، وشخصيات اقتصادية مرموقة من مختلف أنحاء العالم، وذلك بحضور فخامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وخلال الجلسة الافتتاحية، ألقى عبد الله صالح كامل، رئيس مجلس أمناء منتدى البركة، كلمة أكد فيها أن العديد من العواصم العربية والإسلامية تشهد في الوقت الراهن حراكًا تنمويًا لافتًا يعكس استعدادها الفعلي للمساهمة في تشكيل ملامح الاقتصاد العالمي الجديد، مشيرًا إلى أن تلك الديناميكية التنموية تُعد دليلاً واضحًا على اتساع نطاق التوجه نحو نماذج اقتصادية أكثر عدالة وفعالية.

سفير تركيا : التجارة مع مصر وصلت لـ 8,8 مليار دولارسفير تركيا بالقاهرة يشيد بالتنمية العمرانية والسياحية داخل مصر

وأضاف كامل أن العالم الإسلامي يمتلك المقومات البشرية والمادية والقيمية التي تؤهله لقيادة نموذج اقتصادي عالمي متوازن، يقوم على أسس أخلاقية راسخة دون أن يغفل متطلبات الكفاءة المؤسسية والحداثة الاقتصادية. وأشار إلى أن التحولات الجارية في عدد من البلدان الإسلامية تؤكد إمكانات كبيرة لتبني نظم اقتصادية معاصرة مستلهمة من المنظومة الإسلامية الأصيلة.

وأكد أن الاقتصاد الإسلامي لا يُعد تصورًا نظريًا أو خيارًا هامشيًا، بل هو إطار مالي ومؤسسي فعّال أثبت جدواه من خلال أدواته المتعددة كالصكوك، والوقف، والزكاة، والتكافل، والتي يمكن دمجها في البيئات التنظيمية الحديثة ضمن رؤية تنموية شاملة ومسؤولة.

وشدد على أهمية بناء وتوسيع شراكات دولية بين الدول الإسلامية من جهة، والمؤسسات والمجتمعات الدولية من جهة أخرى، مع ضرورة تحويل التجارب الاقتصادية الناجحة في العالم الإسلامي إلى نماذج قابلة للتطبيق والنمو على نطاق عالمي، في إطار رؤية استراتيجية تستند إلى القيم وتنفتح على معطيات ومتغيرات العصر.

ويُعد منتدى البركة للاقتصاد الإسلامي مؤسسة فكرية مستقلة وغير ربحية، انطلقت أولى فعالياتها من المدينة المنورة عام 1981، ومنذ ذلك الحين دأب المنتدى على عقد لقاءات سنوية تستقطب كبار المختصين والخبراء من مختلف أنحاء العالم، سعيًا إلى بلورة رؤى اقتصادية متقدمة، وتقديم حلول عملية تدعم بناء منظومة الاقتصاد الإسلامي على أسس علمية ومعرفية راسخة.

طباعة شارك إسطنبول القمة العالمية الثانية منتدى البركة للاقتصاد الإسلامي رجب طيب أردوغان الرئيس التركي عبد الله صالح كامل

مقالات مشابهة

  • “هاري ترومان”.. الطوفان العائد بخيبات البحر الأحمر
  • تصعيد بالضفة.. استشهاد طفل في رام الله ومواجهات جنوب جنين
  • الاحتلال يقتل فلسطينيا شمال رام الله واندلاع مواجهات قرب جنين
  • تأجيل أولى جلسات محاكمة معتز مطر ومحمد ناصر بتهم الحصار والقصف العشوائي
  • هذا الصباح يقدم حلقة خاصة من داخل حدائق تلال الفسطاط
  • تسريبات تكشف ملامح ساعة Galaxy Watch 8 Classic الجديدة من سامسونج
  • حملة اعتقالات في جنين – فيديو
  • يواصل الحرب على خان يونس وبيت حانون.. الاحتلال بين أطماع التوسع والضغوط الدولية
  • مدرعات الاحتلال الإسرائيلي تصدم حافلة حجاج في جنين
  • القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي ترسم ملامح نظام اقتصادي حديث برؤية أخلاقية