جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-07@23:56:38 GMT

أرض الرباط لا تستسلم

تاريخ النشر: 18th, January 2025 GMT

أرض الرباط لا تستسلم

حاتم الطائي 

 

لم تفتر عزيمة المُرابطين في غزة الأبية رغم القصف الهجمي

البشرية لم تعرف صمودًا كصمود أهل غزة

التواطؤ الأمريكي مع إسرائيل استهدف تنفيذ مخطط الإبادة وتصفية القضية

 

أكثر من 15 شهرًا والشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة، يئن تحت وطأة أشرس عدوان إسرائيلي وحرب إبادة مُتكاملة الأركان.. ما يزيد عن 470 يومًا من القصف الهمجي المتواصل ليل نهار، حتى تسبب في استشهاد عشرات الآلاف، وإصابة أكثر من 100 ألف، فضلًا عن آلاف المفقودين تحت الأنقاض، ومثلهم في سجون الاحتلال، الذي يُنفِّذ تدميرًا وحشيًا لكل مقومات الحياة، بدءًا بالمنازل التي تهدمت على رؤوس ساكنيها ومُحيت من على وجه الأرض، والمستشفيات التي قُصِفَت بينما المرضى في داخلها يصرخون من الألم والأطباء عاجزين عن تقديم أبسط الخدمات الطبية لانعدام المستلزمات الصحية، وكذلك المساجد التي نُسِفت، حتى استحال القطاع مكانًا غير آمن ولا مناسب للعيش الآدمي.

ولكن رغم ذلك، لم تفتر عزيمة المرابطين في أرض الرباط؛ غزة الأبيّة، غزة العصية، غزة المتمردة، غزة المنتصرة، غزة مقبرة الغُزاة، غزة صوت الكرامة الإنسانية، غزة ملحمة النضال الشريف من أجل تحرير الأرض، غزة رمز الصمود الأسطوري في وجه آلة الحرب المجنونة، غزة التي حرَّكت الملايين حول العالم ليخرجوا في مسيرات ويفترشوا الأرض في اعتصامات اهتزت لها أكبر المؤسسات، وانتفضت ضدها أعتى قوات الأمن..

صمد الشعب الفلسطيني البطل في قطاع غزة أمام أحقر جيش احتلال عرفه التاريخ الحديث، صمد الفلسطينيون في غزة أمام كل هذا القهر والعدوان، تحمَّلوا القصف ليلًا ونهارًا، صيفًا وشتاءً، افترشوا الأرض وتلحّفوا السماء، أكلوا من خشاش الأرض، شربوا مياه البحر المالحة، احترقوا من شدة حر الصيف، وفتت الصقيع أجسادهم، بل مات منهم البعض من شدة البرد.

ربما لم تُسطِّر أدبيات التاريخ صمودًا كصمود أهل غزة، ولم تعرف البشرية استبسالًا كالذي نشاهده في القطاع منذ عام و3 أشهر؛ ولذلك يجب على كل إنسان فلسطيني أن يفخر بهذا الصمود، وأن يرفع رأسه عاليًا؛ لأنه انتصر في نهاية المطاف على العدو المُجرم، الذي يبدأ اليوم الانسحاب من قطاع غزة، يجُر ذيول الهزيمة النكراء، مُتجرعًا علقم المقاومة، التي أذاقته الويلات، في عمليات التحام واشتباك مُباشرة، كانت الغلبة فيها لأبطال المقاومة أصحاب الأرض المُدافعين عنها والذين ارتوى ترابها بدمائهم ودماء من سبقوهم من المقاومين البواسل.

نعم انتصر الشعب الفلسطيني، انتصرت إرادة الحياة، انتصرت المقاومة على عدو يفوقهم قوةً وعددًا وعُدةً، انتصرت فلسطين الحُرة الأبية، انتصرت عزيمة النصر، انتصر الحق على الباطل، انتصرت غزة رغم الدمار والشهداء والمصابين. نعم الثمن كان غاليًا جدًا، وثمينًا للغاية، لكن هكذا هي قضايا الشرفاء والأحرار، وعلى قدر عِظم القضية تكون التضحيات، وقضية فلسطين عظيمة جدًا، ولذلك جاءت التضحيات أعظم وأجل.

نقولها بصوتٍ عالٍ، إنَّ أرض الرباط لا تعرف الاستسلام، وإن من استسلم هم الصهاينة المجرمون، الذين انقلبوا على أعقابهم، متقهقرين، يُعانون الجنون والصرع وسائر الأمراض النفسية، مبتوري الأيدي أو الأرجل، فارين من جحيم غزة، جحيم المقاومة، هذه الجحيم التي أجبرت زعيم العصابات الصهيونية ومجرم الحرب بنيامين نتنياهو على الخنوع والموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.

لقد توهّم نتنياهو- ومن ورائه شريكه في الجُرم المشهود، الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن- أن بإمكانه القضاء على المقاومة وتهجير أهالي قطاع غزة قسريًا، لكن هيهات هيهات، فقد تجرّع الفشل مرات ومرات، وذاق مرارة الهزيمة يومًا تلو الآخر، وظلّت المقاومة تقصف من كل اتجاه، رغم الضربات العنيفة التي تلقتها، واستشهاد قادتها الأبرار في غزة ولبنان وإيران. ظنّ نتنياهو أنه قادر على إطالة أمد الحرب للفرار من محاكمته المحتومة بالفساد، ومحاكمته الكبرى أمام الجنائية الدولية والعدل الدولية، وهو الآن على رأس قائمة حمراء في العديد من مطارات العالم. هو "مطلوب للعدالة"، كما أعلناها في صحيفة "الرؤية"، بعد أيام قليلة من العدوان الغاشم على غزة، لأنه لا يصح سوى الصحيح، والصحيح أنَّ هذا المجرم عتيد الإجرام لا بُد وأن يلقى المحاكمة السريعة، كي تتحقق العدالة على هذه الأرض.

ومن المفارقات العجيبة التي تؤكد التواطؤ الأمريكي مع إسرائيل في حرب الإبادة، أن صيغة اتفاق "صفقة غزة"، هي ذاتها نفس الصيغة التي قدمها الوسطاء من أجل إنهاء العدوان وتبادل الأسرى، لكن حلف الشيطان بقيادة نتنياهو وبايدن، مارس الألاعيب، ورفض الموافقة على الصفقة، لكي يتمكن من تنفيذ مخططه الدموي لتصفية القضية الفلسطينية، وإبادة شعب غزة بالكامل. ظلت الولايات المتحدة تدعم دولة الاحتلال بالسلاح والمال والدعم السياسي في مجلس الأمن، عبر استخدام "الفيتو" ضد أي مشروع قانون يفرض وقف إطلاق النار، ما يُؤكد النية المُبيّتة لكل من أمريكا وإسرائيل لتنفيذ مخطط الإبادة والتهجير، ومن ثم القضاء على الدولة الفلسطينية وتصفية القضية بالكامل.

ويبقى القول.. إنَّ الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني في قطاع غزة بكافة مكوناته، من مقاومة باسلة ومدنيين عُزل واجهوا الاحتلال بصدور عارية، هو الذي أحبط كل المُخططات التي كانت تستهدف الإبادة والتهجير وتصفية القضية، لكن الحق أبلج والباطل لجلج، وقد وعد الله الفئة الصابرة بالنصر المُبين مهما تأخر ومهما كانت الخسائر، ووعد الله حق، وما دونه باطل. ومع سريان وقف إطلاق النار وبدء تبادل الأسرى، نقول لكل إخوتنا في فلسطين الشامخة: أنتم الأبطال، أنتم الفائزون، أنتم المُنتصرون، أنتم المرابطون، أنتم أصحاب الأرض.. دُمتم للأمة فخرًا وعزًا، ولكل المناضلين والساعين للحرية نموذجًا وقدوة.

"وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ".

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

وزيرا الخارجية والتعليم العالي يلتقيان الطلاب المصريين بفرنسا: أنتم سفراء الوطن وصورتها المشرقة

قام الدكتور بدر عبدالعاطي وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، والدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، بزيارة تفقدية لبيت مصر بالمدينة الجامعية الدولية في باريس، وعقدا لقاءًا مع عدد من الطلاب المصريين بالجامعات والمؤسسات التعليمية الفرنسية، وذلك في إطار الحرص على التواصل المستمر مع الشباب وأبناء الجالية المصرية في الخارج.

‏‎أكد الوزير "عبد العاطي" خلال اللقاء على ما توليه الدولة من اهتمام برعاية مواطنيها بالخارج وتقديم مختلف أشكال الدعم لهم، بما في ذلك التسهيلات القنصلية والخدمات التعليمية. وأشاد بما يحققه الطلاب من نجاحات وتميز أكاديمي يعكس صورة مشرفة عن مصر، مشددًا على أنهم بمثابة سفراء لمصر في الخارج وجسر للتواصل والتفاهم بين الشعبين المصري والفرنسي.

و‏‎استعرض الوزير "عاشور" البرامج والمبادرات الجديدة المطروحة لدعم الطلاب المصريين في الخارج لمعادلة الشهادات الأجنبية، وتعميق التعاون الأكاديمي بين الجامعات والمؤسسات التعليمية الدولية ونظيرتها المصرية، ودعم شباب الباحثين المصريين في الخارج للحصول على درجات الماجستير والدكتوراه من كبرى الجامعات الدولية.

وزير التعليم العالي: ذكرى 6 أكتوبر ستظل شاهدًا على بطولات وتضحيات رجال القوات المسلحةوزير التعليم العالي يتوجه إلى باريس للمشاركة في أعمال المجلس التنفيذي لليونسكو

و‏‎أبرز الوزيران أولوية الشق التعليمي والثقافي فى العلاقات المصرية–الفرنسية، والاهتمام الكبير الذي توليه مصر لتطوير التعاون مع فرنسا في مجالي التعليم العالي والبحث العلمي، وتعزيز التبادل الأكاديمي بين الجامعات والمؤسسات التعليمية في البلدين، بما يسهم في تعزيز التواصل الثقافي.

‏‎كما تناول الوزير "عبدالعاطي" التطورات الإقليمية والدولية الراهنة، مستعرضًا أبعاد السياسة الخارجية المصرية القائمة على مبدأ التوازن الاستراتيجي، مشيرًا للجهود المكثفة التي تبذلها مصر لإرساء السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وإفريقيا.

‏‎وقد قام الوزيران على هامش زيارتهما لبيت مصر بالمدينة الجامعية في باريس، بتفقد معرض "عطور مصر القديمة" لاستكشاف أسرار صناعة العطور في الحضارة الفرعونيّة، باستخدام أحدث تقنيات الواقع الافتراضي.

طباعة شارك وزارة التعليم العالي وزارة الخارجية والهجرة التعليم العالي

مقالات مشابهة

  • آخر المستجدات حول المرحلة الأولى للمفاوضات بين المقاومة والكيان
  • بعد عامين على حرب الإبادة وسياسة الأرض المحروقة.. غزة المدمرة ترنو إلى السلام
  • بعد عامين على الإبادة.. المقاومة في غزة تقصف مستوطنة نتيف هعسراه
  • كيف أفشلت المقاومة أهداف الاحتلال في غزة على مدار عامين؟
  • هل خدمت طوفان الأقصى قطاع غزة أم منحت إسرائيل فرصة تدميره؟
  • بين السادس من أكتوبر والسابع من أكتوبر.. يبقى المحتل محتلا
  • الشيطان يكمن في البنود الغامضة.. ماذا بعد موافقة المقاومة الفلسطينية على «خطة ترامب»؟
  • وزيرا الخارجية والتعليم العالي يلتقيان الطلاب المصريين بفرنسا: أنتم سفراء الوطن وصورتها المشرقة
  • البنيان للمعلمين: أنتم القدوة الأولى ومصدر إلهام أبنائنا
  • البنيان للمعلمين: أنتم القدوة الأولى ومصدر الإلهام لأبنائنا