جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-10@16:58:53 GMT

أرض الرباط لا تستسلم

تاريخ النشر: 18th, January 2025 GMT

أرض الرباط لا تستسلم

حاتم الطائي 

 

لم تفتر عزيمة المُرابطين في غزة الأبية رغم القصف الهجمي

البشرية لم تعرف صمودًا كصمود أهل غزة

التواطؤ الأمريكي مع إسرائيل استهدف تنفيذ مخطط الإبادة وتصفية القضية

 

أكثر من 15 شهرًا والشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة، يئن تحت وطأة أشرس عدوان إسرائيلي وحرب إبادة مُتكاملة الأركان.. ما يزيد عن 470 يومًا من القصف الهمجي المتواصل ليل نهار، حتى تسبب في استشهاد عشرات الآلاف، وإصابة أكثر من 100 ألف، فضلًا عن آلاف المفقودين تحت الأنقاض، ومثلهم في سجون الاحتلال، الذي يُنفِّذ تدميرًا وحشيًا لكل مقومات الحياة، بدءًا بالمنازل التي تهدمت على رؤوس ساكنيها ومُحيت من على وجه الأرض، والمستشفيات التي قُصِفَت بينما المرضى في داخلها يصرخون من الألم والأطباء عاجزين عن تقديم أبسط الخدمات الطبية لانعدام المستلزمات الصحية، وكذلك المساجد التي نُسِفت، حتى استحال القطاع مكانًا غير آمن ولا مناسب للعيش الآدمي.

ولكن رغم ذلك، لم تفتر عزيمة المرابطين في أرض الرباط؛ غزة الأبيّة، غزة العصية، غزة المتمردة، غزة المنتصرة، غزة مقبرة الغُزاة، غزة صوت الكرامة الإنسانية، غزة ملحمة النضال الشريف من أجل تحرير الأرض، غزة رمز الصمود الأسطوري في وجه آلة الحرب المجنونة، غزة التي حرَّكت الملايين حول العالم ليخرجوا في مسيرات ويفترشوا الأرض في اعتصامات اهتزت لها أكبر المؤسسات، وانتفضت ضدها أعتى قوات الأمن..

صمد الشعب الفلسطيني البطل في قطاع غزة أمام أحقر جيش احتلال عرفه التاريخ الحديث، صمد الفلسطينيون في غزة أمام كل هذا القهر والعدوان، تحمَّلوا القصف ليلًا ونهارًا، صيفًا وشتاءً، افترشوا الأرض وتلحّفوا السماء، أكلوا من خشاش الأرض، شربوا مياه البحر المالحة، احترقوا من شدة حر الصيف، وفتت الصقيع أجسادهم، بل مات منهم البعض من شدة البرد.

ربما لم تُسطِّر أدبيات التاريخ صمودًا كصمود أهل غزة، ولم تعرف البشرية استبسالًا كالذي نشاهده في القطاع منذ عام و3 أشهر؛ ولذلك يجب على كل إنسان فلسطيني أن يفخر بهذا الصمود، وأن يرفع رأسه عاليًا؛ لأنه انتصر في نهاية المطاف على العدو المُجرم، الذي يبدأ اليوم الانسحاب من قطاع غزة، يجُر ذيول الهزيمة النكراء، مُتجرعًا علقم المقاومة، التي أذاقته الويلات، في عمليات التحام واشتباك مُباشرة، كانت الغلبة فيها لأبطال المقاومة أصحاب الأرض المُدافعين عنها والذين ارتوى ترابها بدمائهم ودماء من سبقوهم من المقاومين البواسل.

نعم انتصر الشعب الفلسطيني، انتصرت إرادة الحياة، انتصرت المقاومة على عدو يفوقهم قوةً وعددًا وعُدةً، انتصرت فلسطين الحُرة الأبية، انتصرت عزيمة النصر، انتصر الحق على الباطل، انتصرت غزة رغم الدمار والشهداء والمصابين. نعم الثمن كان غاليًا جدًا، وثمينًا للغاية، لكن هكذا هي قضايا الشرفاء والأحرار، وعلى قدر عِظم القضية تكون التضحيات، وقضية فلسطين عظيمة جدًا، ولذلك جاءت التضحيات أعظم وأجل.

نقولها بصوتٍ عالٍ، إنَّ أرض الرباط لا تعرف الاستسلام، وإن من استسلم هم الصهاينة المجرمون، الذين انقلبوا على أعقابهم، متقهقرين، يُعانون الجنون والصرع وسائر الأمراض النفسية، مبتوري الأيدي أو الأرجل، فارين من جحيم غزة، جحيم المقاومة، هذه الجحيم التي أجبرت زعيم العصابات الصهيونية ومجرم الحرب بنيامين نتنياهو على الخنوع والموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.

لقد توهّم نتنياهو- ومن ورائه شريكه في الجُرم المشهود، الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن- أن بإمكانه القضاء على المقاومة وتهجير أهالي قطاع غزة قسريًا، لكن هيهات هيهات، فقد تجرّع الفشل مرات ومرات، وذاق مرارة الهزيمة يومًا تلو الآخر، وظلّت المقاومة تقصف من كل اتجاه، رغم الضربات العنيفة التي تلقتها، واستشهاد قادتها الأبرار في غزة ولبنان وإيران. ظنّ نتنياهو أنه قادر على إطالة أمد الحرب للفرار من محاكمته المحتومة بالفساد، ومحاكمته الكبرى أمام الجنائية الدولية والعدل الدولية، وهو الآن على رأس قائمة حمراء في العديد من مطارات العالم. هو "مطلوب للعدالة"، كما أعلناها في صحيفة "الرؤية"، بعد أيام قليلة من العدوان الغاشم على غزة، لأنه لا يصح سوى الصحيح، والصحيح أنَّ هذا المجرم عتيد الإجرام لا بُد وأن يلقى المحاكمة السريعة، كي تتحقق العدالة على هذه الأرض.

ومن المفارقات العجيبة التي تؤكد التواطؤ الأمريكي مع إسرائيل في حرب الإبادة، أن صيغة اتفاق "صفقة غزة"، هي ذاتها نفس الصيغة التي قدمها الوسطاء من أجل إنهاء العدوان وتبادل الأسرى، لكن حلف الشيطان بقيادة نتنياهو وبايدن، مارس الألاعيب، ورفض الموافقة على الصفقة، لكي يتمكن من تنفيذ مخططه الدموي لتصفية القضية الفلسطينية، وإبادة شعب غزة بالكامل. ظلت الولايات المتحدة تدعم دولة الاحتلال بالسلاح والمال والدعم السياسي في مجلس الأمن، عبر استخدام "الفيتو" ضد أي مشروع قانون يفرض وقف إطلاق النار، ما يُؤكد النية المُبيّتة لكل من أمريكا وإسرائيل لتنفيذ مخطط الإبادة والتهجير، ومن ثم القضاء على الدولة الفلسطينية وتصفية القضية بالكامل.

ويبقى القول.. إنَّ الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني في قطاع غزة بكافة مكوناته، من مقاومة باسلة ومدنيين عُزل واجهوا الاحتلال بصدور عارية، هو الذي أحبط كل المُخططات التي كانت تستهدف الإبادة والتهجير وتصفية القضية، لكن الحق أبلج والباطل لجلج، وقد وعد الله الفئة الصابرة بالنصر المُبين مهما تأخر ومهما كانت الخسائر، ووعد الله حق، وما دونه باطل. ومع سريان وقف إطلاق النار وبدء تبادل الأسرى، نقول لكل إخوتنا في فلسطين الشامخة: أنتم الأبطال، أنتم الفائزون، أنتم المُنتصرون، أنتم المرابطون، أنتم أصحاب الأرض.. دُمتم للأمة فخرًا وعزًا، ولكل المناضلين والساعين للحرية نموذجًا وقدوة.

"وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ".

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

تأجيل القضية للغد.. تفاصيل المحاكمة المثيرة داخل أروقة جنايات الإسكندرية

شهدت قاعة محكمة الجنايات في الإسكندرية صباح اليوم إجراءً غير مسبوق داخل قاعات المحاكمة، حيث وضعت هيئة المحكمة الأطفال الخمسة ضحايا واقعة الاعتداء داخل إحدى المدارس الدولية في حاجز زجاجي مخصص داخل القاعة، وذلك مع بدء أولى جلسات محاكمة المتهم، في خطوة تهدف إلى حمايتهم نفسيًا ومنع تعرضهم لأي صدمات خلال وجودهم داخل المحكمة.

وقررت محكمة جنايات الإسكندرية، برئاسة المستشار سمير على محمد شرباش، رئيس المحكمة، اليوم الاثنين، تأجيل أولى جلسات محاكمة المتهم بهتك عرض أطفال في المدرسة الدولية بمنطقة المندرة فى الإسكندرية، إلى جلسة غدا الثلاثاء 9 ديسمبر الجارى.

جاء القرار بناءً على طلب هيئة الدفاع عن المتهم للاطلاع والاستعداد للمرافعة.
وجاء هذا الإجراء الاستثنائي بناءً على توصيات النيابة العامة والأخصائيين النفسيين المرافقين للأسر، لضمان عدم رؤية الأطفال للمتهم أثناء الجلسة، تجنبًا لأي حالة هلع أو تذكير مؤلم بالتجربة التي مروا بها، خصوصًا في ظل صغر سنهم وحساسية وضعهم النفسي.
وحرصت المحكمة منذ اللحظات الأولى لبدء الجلسة على توفير بيئة آمنة للأطفال، حيث تم إدخالهم من ممر جانبي بعيد عن المتهم، فيما رافقهم أولياء أمورهم وفريق من المتخصصين النفسيين. كما قامت قوات التأمين بتشديد الإجراءات داخل القاعة لضمان مرور الجلسة دون أي احتكاك أو توتر.
يأتي ذلك بالتزامن مع حضور هيئة الدفاع عن الضحايا، التي أكدت تقديرها لهذا الإجراء الذي وصفته بأنه «خطوة مهمة لحماية الحالة النفسية للأطفال وضمان قدرتهم على الإدلاء بشهاداتهم دون ضغط أو خوف»، مشددين على أن الواقعة تركت آثارًا عميقة تتطلب أعلى درجات الدعم والرعاية.
وتواصل المحكمة اليوم مناقشة دفوع هيئة الدفاع عن الضحايا، والاستماع إلى ملابسات الواقعة التي أثارت جدلًا واسعًا في الإسكندرية خلال الأسابيع الماضية، وسط مطالبات مشددة بضمان تحقيق العدالة الكاملة للأطفال وأسرهم.

طباعة شارك الاسكندرية جنايات الإسكندرية محكمة الأطفال اعتداء

مقالات مشابهة

  • طبيب الأهلي: غدًا.. فحص طبي جديد لكريم فؤاد
  • أمن المقاومة يحذّر من منشورات دعائية ألقتها مسيّرات الاحتلال وسط النصيرات
  • من أنتم؟.. شقيقة محمد صلاح ترد على انتقادات الفنان عباس أبو الحسن | ماذا قالت؟
  • مصر تعاملت مع القضية الفلسطينية والتهجير بحنكة سياسية
  • إلغاء حق الجنسية بالولادة.. ماذا قال ترامب عن احتمال خسارة القضية؟
  • ندوة أكاديمية تستعرض تأثير الفيتو الأمريكي على القضية الفلسطينية
  • سرايا القدس تُعلن إغلاق ملف الأسرى الإسرائيليين
  • عمرو أديب: مصر لم تبع القضية الفلسطينية.. وأهدافنا إنهاء المأساة الإنسانية في غزة
  • قيادي بـ”حماس”: إسناد إدارة قطاع غزة للجنة تكنوقراط مقترح مصري
  • تأجيل القضية للغد.. تفاصيل المحاكمة المثيرة داخل أروقة جنايات الإسكندرية