نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيليّة تقريراً جديداً تحدّثت فيه عن توجهات الحكم الجديد في سوريا تجاه إسرائيل.   ويقول التقرير الذي ترجمهُ "لبنان24" إنه من بين النقاط الرئيسية التي يتم مناقشتها حول مستقبل سوريا، تتصلُ بمنحى العلاقة الذي سيكون قائمة بين الأخيرة وإسرائيل، وأضاف: "يبدو أن رئيس القيادة السورية الجديدة أحمد الشرع المعروف أبو محمد الجولاني، مستعدٌّ تماماً لهذه المناقشة، وقد قال لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إنَّ البلاد مُنهكة من الحروب وتحتاجُ إلى النمو ولا تشكل أي تهديدٍ لأي دولة في العالم".

  التقرير اعتبر أن تصريح الجولاني كان "صريحاً"، وبالتالي فهو يستبعدُ سوريا تماماً عن الصراع مع إسرائيل، كما أن هذا الأمر يُغلق صفحة وجود سوريا ضمن ما تُسمّيه إيران بـ"محور المقاومة"، فمن وجهة نظر القيادة السوريَّة الجديدة، فإنه لا وجود لمحور ولا لمقاومة.   في المقابل، قال التقرير إن كلام الشرع ما هو مجرد استعراض للنوايا ولا يُمكن الوثوق به بشكل كامل، وأضاف: "ينبعُ هذا الشك من عاملين، الأول أن الأمور لم تستقر بعد بالنسبة للقيادة السورية الجديدة، وثانياً، فإن الخلفية المتشددة التي يتسم بها زعماء سوريا الجدد تدعو إلى الانتظار واختبار هذه الأهداف إلى أن يتم تنفيذها داخل هيئات الدولة الموثوقة".   وأكمل:  "كذلك، يتعين التأكد من أن اللاعب الإقليمي الذي كان له نفوذ على عملية صنع القرار السوري لفترة طويلة قد استسلم للحقيقة الجيوسياسية الجديدة".   وأضاف: "تشير كلمات الجولاني إلى تفهمه لما يسبب التوتر الحالي بين سوريا وإسرائيل، حيث ذكر أن إسرائيل لديها أسباب لتدخلها في سوريا في ما يتعلق بالجماعات الإيرانية وحزب الله ، والآن لم يعد هناك أي أساس للقوات الإسرائيلية للتقدم في سوريا".   وتابع: "كذلك، أشار الجولاني إلى سبل دبلوماسية للتعامل مع إسرائيل في هذا الشأن، بما في ذلك الضغط الدولي والأمم المتحدة، كما قال إن سوريا يجب أن تكون جسراً وليس لاعباً في الصدام بين روسيا والولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل".   وأردف: "الجدير بالذكر أن الجولاني استبعد تماماً أي ذكر لإيران على الرغم من حضورها القوي ونفوذها المتزايد في الشأن السوري في السنوات الأخيرة. لقد بدا الجولاني واثقاً من إمكانية القضاء على كل الإرث الإيراني بضربة واحدة أو بمجرد سقوط بشار الأسد".   في المقابل، يوضح التقرير إنه يجب ملاحظة أنّ الجولاني رحب ببقاء روسيا على الأراضي السورية، ويعتقد أن سوريا لا يمكن أن تنفصل عن روسيا بسرعة، كما يرى أن بناء علاقات استراتيجية على أسس جديدة تضمن سيادة سوريا وحرية اختيارها أمر ممكن، مشيراً إلى "الاتفاقيات غير العادلة" بين الأسد وروسيا.   واعتبر التقرير أن "هذا القبول الأساسي للوجود الروسي لا يتعلق فقط بالقدرة الروسية على الوصول إلى داخل سوريا، بل إنه يُظهِر أن الجولاني ورفاقه يدركون أن أحد أهم دعائم وجودهم وحصولهم على الدعم الإقليمي والدولي هو الانفصال الكامل عن إيران، والواقع أن هذا الانفصال حدث منذ اللحظات الأولى لسقوط الأسد".   ويقول التقرير إن إسرائيل لم تنتظر حتى تختبر نبض النظام السوري الجديد، بل سارعت إلى تكثيف ضرباتها على المنشآت السورية الرئيسية ومخازن الأسلحة والمواقع العسكرية الحيوية، وأردف: "كانت هذه الإجراءات تهدف إلى القضاء تماماً على أي فرصة للتهديد من جانب النظام الجديد. لقد بررت إسرائيل هجماتها بأنها تهدف إلى تعزيز أمنها ومنع الأسلحة المتقدمة، مثل الأسلحة الكيميائية، من الوقوع في أيدي ما أسمتهم بالجماعات الإرهابية".   وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الجيش السوري دمر نحو 80% من قوته العسكرية، واعتبرت تحركاته دفاعية، كما نشرت إسرائيل قواتها في المنطقة العازلة على الحدود السورية التي تفصل مرتفعات الجولان عن الأراضي السورية.   ويقول التقرير أيضاً إنَّ "إسرائيل استعدت لصدامات عسكرية جديدة قد تندلع داخل سوريا بين جماعات مسلحة، لأن مثل هذه المعارك تهدد أمن إسرائيل. إنّ هذا الاستعداد يوضح الدرس الأصعب الذي تعلمته إسرائيل بعد هجوم حماس على أراضيها في السابع من تشرين الأول، وهو أنه عليها ألا تترك أي شيء للصدفة. وعلاوة على ذلك، يجب عليها أن تعمل أولاً على حماية نفسها وشعبها من أي تهديدات محتملة، مهما كانت صغيرة".   وتابع: "إن هذا النهج مهم بشكل خاص لأن التجربة الإقليمية تظهر أن مخازن الأسلحة السورية قد تنتقل إلى مجموعات سورية متشددة مختلفة. ومن شأن مثل هذه الحركة أن تعزز من قدرتها على شن الهجمات أو حتى التهديد بالقيام بذلك. وعليه، لم تعد إسرائيل تتردد في القضاء على مصادر التهديد المحتملة، والواقع أن التقليل من أهمية التهديدات من أجل السلام أصبح الآن من الماضي".   ويرى التقرير أن إسرائيل لن تُمانع في إقامة علاقات طبيعية مع النظام السوري الجديد بشرطين: الأول أن تنهي سوريا ارتباطها بإيران، والثاني أن تمنع الجماعات الإرهابية من التواجد داخل سوريا، وأردف: "لكن ربما يكون من السابق لأوانه تكوين وجهة نظر واقعية حول ما إذا كانت إسرائيل ستقبل نظام حكم سوري يقوده جهاديون سابقون". المصدر: ترجمة "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

المفاوضات السورية المباشرة مع إسرائيل: اضطرار لحظي أم خيار استراتيجي؟

ملاحظة تمهيدية: هذا المقال لا يهاجم مبدأ التفاوض كخيار سيادي، بل يدعو إلى أن يكون هذا التفاوض ممثلا لتطلعات السوريين، منسجما مع تطلعاتهم في العدالة والحرية، وأن يتم على قاعدة استعادة الحقوق لا على شرعنة الأمر الواقع أو الخوف.

لحظة فارقة.. لا تُحتمل فيها الالتباسات

نحن لا نعيش زمنا عاديا، بل نقف عند لحظة تأسيس لما بعد الاستبداد والانهيار، حيث تُعاد صياغة المفاهيم الوطنية والسياسية من جديد. وفي مثل هذه اللحظات، لا يمكن لأي خطوة سيادية كبرى، خاصة بمستوى التفاوض مع إسرائيل، أن تمر من دون مراجعة عميقة لمعاييرها الأخلاقية والشعبية.

الواقع الإقليمي والدولي معقد بلا شك، وسوريا الخارجة من سنوات الخراب والانقسام تتعامل مع معطيات جديدة، أبرزها وجود إسرائيل كفاعل مباشر على حدود الجولان. لكن من الخطأ القاتل أن يتحول هذا "التعاطي" إلى تفاوض خارج إطار وطني جامع، أو أن تُغلّف الاتفاقات بلغة تقنية وأمنية تحجب جوهر الصراع القائم على الاحتلال والحقوق المغتصبة.

لا أحد يريد حربا غير محسوبة أو مزيدا من الانهيار، لكن الخطورة تبدأ حين يتحول هذا "الاضطرار اللحظي" إلى خيار دائم، ثم إلى عقيدة سياسية مغلقة تُسوّق لاحقا تحت عناوين مثل "منطق الدولة" أو "مصلحة عليا"، دون أي مساءلة أو مشاركة شعبية
المفاوضات كاضطرار ظرفي.. ولكن!

نعم، يمكن النظر إلى هذه المحادثات -إن وُجدت- كإجراء ضروري لضبط التوتر على خطوط التماس أو احتواء اشتباك محتمل. لا أحد يريد حربا غير محسوبة أو مزيدا من الانهيار، لكن الخطورة تبدأ حين يتحول هذا "الاضطرار اللحظي" إلى خيار دائم، ثم إلى عقيدة سياسية مغلقة تُسوّق لاحقا تحت عناوين مثل "منطق الدولة" أو "مصلحة عليا"، دون أي مساءلة أو مشاركة شعبية.

لقد علمتنا التجارب أن التنازل الصامت أخطر من الفشل المُعلن، وأن التفاوض في غياب مشروع وطني واضح المعالم يتحول بسرعة إلى وظيفة أمنية مغلّفة بخطاب سياسي.

من يُفاوض.. ولماذا؟

ليست المشكلة في مبدأ التفاوض نفسه، بل في الجهة التي تمثّل السوريين ضمن هذا التفاوض، وفي الأهداف المعلنة والمضمرة، والشرعية الشعبية التي تغطيه أو ترفضه. إن أي كيان انتقالي -مهما امتلك من الشرعية أو السلاح- لا يملك حق التصرف في ملفات كبرى مثل الجولان، دون العودة إلى الناس.

نحن لا نتحدث هنا عن تفاهم أمني على نقطة حدودية، بل عن أرض محتلة وإرث من القهر والذاكرة الوطنية. كل تفاوض لا يُبنى على هذا الفهم هو قفز فوق التاريخ وتضحيات السوريين.

الانفصالية.. والتذرّع الخاطئ

يُقال إن التفاوض مع إسرائيل يضعف المشاريع الانفصالية، لكن هذا الطرح يخلط بين أعراض المرض وسببه. الانفصال لا يهزمه التفاوض مع الخارج، بل يُهزم داخليا حين تُبنى دولة عادلة يشعر فيها المواطنون جميعا أنهم شركاء لا توابع.

سوريا لا تُحمى من التقسيم عبر الصفقات، بل عبر عقد وطني جامع يُعيد تعريف الدولة، ويُكرّس المساواة والحقوق، لا الأمن والوصاية.

التفاوض لا يجب أن يكون وظيفة أمنية

الثورة السورية لم تكن فقط ضد النظام، بل ضد منطق الدولة الأمنية الذي حوّل حتى ملفات السلام إلى أدوات لإدارة الاحتلال، لا لإنهائه.

لذا، إن وُجد تفاوض، فيجب ألا يكون معزولا عن:
نريد الاستقرار، ولكن لا على أنقاض السيادة، نطمح إلى نهاية للحروب، لكن لا أن تُستبدل بأساليب مغلّفة بشعارات باسم "السلام" الموهوم. إذا كانت هناك مفاوضات، فلتكن على أرضية الكرامة والسيادة الوطنية
• رؤية سياسية واضحة حول الجولان وحقوق أهله.

• ضمانة وطنية ومؤسساتية لمضامين التفاوض.

• آلية شفافة للمساءلة والمكاشفة.

لا مزايدة.. ولكن لا تسوية على حساب الدم

لا أكتب هذا من موقع تنظيري، بل من موقع الشاهد. كفلسطيني سوري، عايشت نكبتين: الأولى على يد الاحتلال، والثانية على يد نظام مجرم تاجر بالمقاومة وهو يقصف مخيماتنا ويدفننا في حفرة التضامن.

أعرف أن الناس منهكون من الحرب والمزايدات، لكنهم في الوقت نفسه يرفضون إعادة صياغة حاضرهم تحت اسم "الواقعية"، إذا كانت تلك الواقعية تعني سحق العدالة والكرامة.

نعم، نريد الاستقرار، ولكن لا على أنقاض السيادة، نطمح إلى نهاية للحروب، لكن لا أن تُستبدل بأساليب مغلّفة بشعارات باسم "السلام" الموهوم. إذا كانت هناك مفاوضات، فلتكن على أرضية الكرامة والسيادة الوطنية، لا على بساط الخوف أو التسويات التي تنتقص من الحقوق والثوابت الوطنية.

ختاما، كُتِبت هذه السطور والاحتلال الاسرائيلي يقصف أراضٍ سورية ويرتقي على إثر هذا القصف شهيد مدني!

مقالات مشابهة

  • المفاوضات السورية المباشرة مع إسرائيل: اضطرار لحظي أم خيار استراتيجي؟
  • الشرع في الكويت... زيارة رسمية للرئيس السوري تعيد رسم خريطة العلاقات السورية | تقرير
  • واشنطن بوست: سوريا قد تُساق لحرب أهلية من جديد!
  • “جيروزاليم بوست”: حماس لن تنهار حتى بعد استشهاد “السنوارين”
  • "جيروزاليم بوست": حماس لن تنهار حتى بعد مقتل "السنوارين"
  • "واشنطن بوست": بقاء المقاتلين الأجانب في سوريا قد يشكل الآن تحديًا كبيرًا للرئيس الشرع
  • ابن فرحان: لدى سوريا الكثير من الفرص، والشعب السوري قادر على الإبداع والإنجاز وبناء وطنه، ونحن معه في ذلك
  • الوزير الشيباني: إعادة إعمار سوريا لن تفرض من الخارج، بل من قبل الشعب السوري، ونرحب بكل مساهمة في هذا المجال
  • تقرير يضع 6 دروس عراقية أمام سوريا: إحذروا منها
  • "قو للاتصالات" توقّع مذكرة تعاون مع وزارة الاتصالات السورية لتسريع التحول الرقمي وتمكين الذكاء الاصطناعي في سوريا