الرغيف لن يصل 20 قرشا| وزير التموين عن الدعم النقدي: “لم يُفرَض علينا”.. وخبير: أكثر كفاءة
تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT
يُعد التحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي واحدًا من الموضوعات التي تثير جدلاً واسعًا في مصر.
ومع تزايد التحديات الاقتصادية وضغوط الموازنة، تبحث الحكومة المصرية بجدية هذا التحول كوسيلة لتحسين كفاءة منظومة الدعم وضمان وصوله إلى مستحقيه.
وتعمل وزارة التموين والتجارة الداخلية، تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، على دراسة هذا التوجه بدقة وطرح الأمر للنقاش المجتمعي والوطني.
وصرح الدكتور شريف فارق وزير التموين والتجارة الداخلية، بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي كلف بطرح مقترح التحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي للحوار المجتمعي، بمشاركة المجتمع المدني والاقتصاديين.
وأكد الوزير خلال لقائه مع الإعلامية لميس الحديدي عبر برنامجها "كلمة أخيرة" على شاشة "ON"، أن مصر لا تتلقى توجيهات من أي جهة دولية لتطبيق هذا النظام، وإنما يأتي كخطوة ذاتية لتحسين منظومة الدعم.
وأوضح الوزير أن الهدف من التحول ليس تقليل النفقات أو تحقيق وفر في الموازنة، وإنما ضمان وصول الدعم لمستحقيه بكفاءة أكبر، مع الحد من الهدر في السلع.
وأشار إلى وجود ممارسات خاطئة في منظومة الدعم العيني الحالية، ما يجعل التحول إلى الدعم النقدي ضرورة لتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين كفاءة استخدام الموارد.
وأكد الدكتور شريف فارق أن التحول إلى الدعم النقدي لن يتم فرضه بشكل مفاجئ، وإنما سيُطرح للنقاش المجتمعي لاستطلاع آراء جميع الفئات المعنية.
وأضاف أن الهدف الأساسي هو التوصل إلى توافق مجتمعي حول هذه الخطوة بما يضمن مراعاة احتياجات المواطنين وظروفهم الاقتصادية.
وأشار الوزير إلى أن الدراسة الحالية لا تعني بالضرورة أن التحول سيحدث في عام 2025، وإنما يتم التركيز على دراسة كافة الجوانب لضمان نجاح المنظومة الجديدة حال تطبيقها.
ولفت إلى أن الحكومة تعمل على وضع آليات رقابية تضمن عدم استغلال الدعم النقدي أو التلاعب به.
وكان أكد وزير التموين، أن عام 2025 سيشهد إضافة جميع مستحقي الدعم التمويني وخروج غير المستحقين، مشيرا إلى إنه حال الاستقرار على التحول إلى الدعم النقدي فلن يباع رغيف الخبز المدعم بسعره الحالي (20 قرشًا)، إذ سيكون بسعر مختلف.
رأي الخبراء في الدعم النقديويمثل التحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي خطوة استراتيجية تستهدف تحقيق كفاءة أكبر لمنظومة الدعم في مصر.
ومع طرحه للحوار المجتمعي، تأمل الحكومة في التوصل إلى آليات تحقق العدالة الاجتماعية وتلبي احتياجات المواطنين بشكل أفضل.
وتظل الشفافية والتعاون بين الجهات المعنية والمواطنين العامل الأساسي لإنجاح هذا التحول المنتظر.
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي إسلام الأمين، إن الدعم النقدي يُعد أكثر كفاءة مقارنة بالدعم العيني، إذ يمنع تعدد أسعار المنتج الواحد في السوق، ويحد من استغلال البعض لفروقات الأسعار لتحقيق مكاسب غير مشروعة. كما يسهم في تقليل التلاعب بالأسعار ويحقق استقرارًا أكبر في السوق.
وأضاف الأمين في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن التحول إلى الدعم النقدي يتطلب تطبيق مجموعة من السياسات الضرورية لضمان نجاحه، أهمها:
- تكثيف الرقابة الحكومية: مراقبة أسعار السلع والخدمات التي تخضع لآليات السوق ومنع استغلال التجار.
- خلق سوق تنافسية عادلة: الحد من التقلبات المستمرة في الأسعار لتحقيق استقرار يضمن استفادة مستحقي الدعم.
- القضاء على جشع التجار: منع محاولات الاحتكار والتلاعب التي تؤثر سلبًا على المستهلكين.
ويعتبر التحول نحو الدعم النقدي خطوة استراتيجية تسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين استهداف مستحقي الدعم، ومع تطبيق السياسات اللازمة، يمكن للحكومة تحقيق أقصى استفادة من هذا النظام وضمان استقرار السوق لصالح المواطنين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التموين الدعم الدعم النقدي الدعم العيني المزيد التحول إلى الدعم النقدی الدعم العینی
إقرأ أيضاً:
«تامر وأنغام وسعد» آخر فصول الوجع.. متلازمة الألم والإبداع في حياة النجوم
«الألم العظيم البطيء، يجبرنا على النزول إلى أعماقنا».. هكذا يقدّر الفيلسوف الألماني «نيتشه» قيمة الألم كقوة ساحرة تثري أرواحنا، وتعيد تشكيلنا من الداخل، وكما قال «جلال الدين الرومي»: «لعل ثقباً أصاب قلبك، جعله الله لك عيناً تبصر بها الحقيقة»، ففي حياة كل إنسان لحظات من الوجع، طالت أو قصرت، تأخذ منه شيئاً وتمنحه أشياء، تكسره لتعيد ترميمه، تعلّمه وتهذبه، تريه الحقيقة بكل وضوح، تكشف له أجزاء أصيلة بداخله، ولعل المفارقة الأبدية، أن الإنسان حين يتألم لا يبحث عن الشفاء فقط، وإنما يفتش عن «المعنى»، وكأن الألم «يفككنا» ثم يعيد تركيبنا مرة أخرى، يسلط الضوء على ما يستحق البقاء، ويجعلنا نتخلى عن الشوائب، فنحتفظ بكل ما هو حقيقي، لتتغير نظرتنا للحياة، وننصت إلى أرواحنا بكل هدوء.
سرّ من أسرار الكون، ذلك الألم الذي يطهّرنا، «في الوجع شيء من العافية» كما قال الشاعر الفلسطيني محمود درويش، وهو الفتنة القديمة التي لم تخطيء بشراً منذ بدء الخليقة، تلك النار التي تشوي الداخل لتصنع صلابة المعدن، فالإنسان لا ينضج بالزمن، وإنما بالوجع، والسنوات تُراكم العُمر، أما الجراح فهي تُراكم الحكمة، تخلق فينا مساحات جديدة، لا تتسع إلا بالألم.
أما عن الفنان، فهو ليس إنساناً عادياً: خلاياه أرقّ وأكثر شفافية، وفي حياته مناطق رمادية لا ترصدها الكاميرات، ثكنات للجرح والخوف والقلق حين تجتمع عليه الأوجاع كـ«رسالة سماء» ترشده للطريق، تلهم روحه مشاعر أرقى، ما كان ليشعر بها دون دفع ثمنها: بالألم، كـ«عين سحرية» تبصر ما لا يراه البشر في لحظات الفرح والأمان، وعلى مدار التاريخ، كان الألم «ورشة صياغة الإبداع»، وفقاً لـ«نيتشه» حين وصف الإبداع بأنه «مولود من رَحِم الألم»، فلا شِعر عظيم من راحة، ولا موسيقى خالدة من طريق ممهد، وبداخل الفنان «منطقة مشتعلة» يتوهج بها الألم، بقدر توهّج بريقه، تشعل صوته، كلماته، ريشته، وحتى أداءه، نعم، يتألم الفنان بعمق، فيمنح العالم جمالاً لا يشبهه.
ولعل الفنان في مصر بشكل خاص، يعيش وسط بيئة نفسية واجتماعية ضاغطة، وتوقعات جماهيرية هائلة، تجعله في صراع دائم مع «صورته الذهنية» وتتحول كل أزمة صحية يمر بها إلى مرآة كاشفة لصورته التي طالما خبأها عن العيون، وسرعان ما يحوّله الألم إلى «مارد فني» يطير نحو منطقة إبداع أكثر توهجاً، فالألم هنا كما يقولون: «وقود الفن»، شرارة الإبداع، وحين وقفت المطربة أنغام، منذ أيام، على خشبة المسرح، تطلب من الجمهور الدعاء لزميلها «تامر حسني»، لمروره بأزمة صحية واستئصال جزء من «كليته»، لم تكن «أنغام» تناجي إلا قلوباً تدرك معنى الألم، خاصة أن «تامر» معروف عنه الإحساس المرهف، فهو الشاب مصدر الإلهام والطاقة، وفجأة في لحظات بدا وكأن صوته المفعم بالحيوية، يتحول إلى «آهات ألم» كشفت «هشاشته»، في لحظات اختلط فيها الخوف على صحته، بالخوف على صوته، فالصوت هنا ليس مجرد «أداة»، وإنما «معنى» للحياة، ويترقب محبو «تامر حسني» ظهوره الأول عقب تماثله للشفاء من وعكته الصحية، في حفل «20» ديسمبر الجاري.
«أنغام»، عبرت لتوّها نفقاً صحياً شديد الخطورة، وحين غابت عن المسرح، بدا وكأن الصمت نفسه يرفض غياب صوتها، وكما قالت هي: «أنا عايزة نفسي حتى لو كل اللي باقي منها صوت»، لم تكن مجرد مطربة بل «مدرسة ألم»، كانت كل أغنية لها كرسالة من جرح قديم ما زال ينزف، وكأنها أدركت قول الفيلسوف الروماني «إميل سيوران»: «الحكمة تستر جراحنا، تعلمنا كيف ننزف خُفية»، فكان صوتها يقطر ألماً دون أن يرى أحد مكان الجرح، لم يطفئها مرضها، وإنما كشف جوهرها الأصيل، ولأن الفنان الذي يتكسّر من الداخل، يستطيع وحده أن يلمس الأجزاء المنكسرة بداخل الجمهور، عادت أنغام (بعد الاستراحة) أقوى، لتصل إلى آخر نقطة في القلب.
قبل أسابيع، فوجئ جمهور المطرب أحمد سعد بخبر تعرضه لحادث سير أثر على فقرات ظهره، فشعر محبّوه أن «الطاقة» تعطلت فجأة، فهو ليس «صوتاً ناعماً»، وإنما «صرخة حياة» تدوّي كلما عبرت أزمة، كأنه يغني محاولاً النجاة من نفسه، يصرخ كي لا يسقط، يحارب كي لا ينطفئ، أما ياسمين عبد العزيز فحكايتها منذ 2021 كانت مختلفة، واجهت مرضاً قرّبها من الموت، رآها الجمهور، لأول مرة، بلا كوميديا معتادة، قاومت كبطلة حقيقية، وعادت أكثر قوة ونضجاً وحضوراً، كأن المرض فتح لها باباً آخر داخل ذاتها.
قبل سنوات، كانت النجمة شيريهان واحدة من أساطير المواجهة، خاضت حروباً وخاضتها حروب: أمراض نادرة، حوادث مروعة جعلتها مقاتلة بجناحين مكسورين، تطير بهما رغم الألم، جسدها النحيل قاوم المستحيل، حتى نهضت من الرماد، لم يكن من الطبيعي أن تعود، لكنها عادت، لتصبح مثالاً على «معجزة الألم»، وقبلها سماح أنور التي كانت «الولد الشقي»، وداهمها حادث مروع حبسها على كرسي متحرك لمدة 11 سنة، حتى عادت أقوى من الفولاذ، أما ملكة الجمال حورية فرغلي، التي شوّهت «حدوة حصانها» وجهها، فما زالت تخوض صراعاً كل لحظة بين الألم ومحاولات استعادة صورتها الأولى: عمليات لا تنتهي، صعوبات تنفسية، ونفسية، لكنها لا تستسلم.
الأمر ليس جديداً، فالوجع كان دائماً «متلازمة النجومية»، والنموذج المثالي العندليب عبد الحليم حافظ، كان يغني وهو يحمل في جوفه نزيفاً داخلياً، يبتسم وهو يعلم أن دمه يصعد إلى الحنجرة كل ليلة، مثل شاعر إغريقي قديم، كان عذابه هو «الوثيقة الأصلية» لفنه الخالد، صوته كان يحمل كل جرح في جسده، وكل أمل في قلبه، وكان تلميذه في الوجع أحمد زكي، ظل يحترق بصمت نبيل، وصدق خالص، كان يمثّل كمن يعرف أن وقته محدود، وكأن كل مشهد هو محاولة أخيرة لترك بصمة لن تنمحي، أما فريد الأطرش، فكان قلبه يركض أسرع من موسيقاه، وكأن كل دقة قلب «منهكة» تتحول إلى نوتة موسيقية جعلت ألحانه مدرسة للشجن الجميل، وإذا كان المرض النادر للعبقري محمد فوزي، أنهى حياته بسرعة، لكنه أبقى موسيقاه خالدة، شابة، خفيفة على القلب، مرحة لكنها محملة بنبرة الوداع، وكانت صلابة كوكب الشرق أم كلثوم، درساً حين تغني وهي تتألم، دون أن تسمح للألم أن يلمس خشبة المسرح، ظلت موجة لا تنكسر، تخوض كل ليلة معركة بين الألم والسلطنة، فتنتصر، أما السندريلا سعاد حسني، فعاشت بقلب مكسور، وهشاشة مرعبة أخفتها بالابتسامة الساحرة، والصوت «المنعش» للوجدان، وماتت في هلع لم يدركه أحد، كل هؤلاء الذين مرّوا من النار، لم يكونوا ضحايا، وإنما محاربين، استخدموا الألم كبوابة نحو حياة فنية أطول من العمر نفسه.
اقرأ أيضاًموعد أول حفل لـ تامر حسني بعد أزمته الصحية واستئصال جزء من الكلى
ترك التدريس بالجامعة لشغفه بالفن.. محطات في حياة عامر منيب في ذكرى رحيله
أول تعليق من أنغام على ترشيحها لجائزة joy awards بعد طرح «سيبتلي قلبي»