دراسة إسرائيلية ترصد فشل سياسة جز العشب ومخاطر تصاعد المقاومة في الضفة
تاريخ النشر: 23rd, January 2025 GMT
أظهر هجوم المقاومة الأخير، على مستوطنة كدوميم، مرّة أخرى، مدى صقل المقاومين لأساليبهم، مستوحين ذلك من عملية السابع من أكتوبر على مستوطنات غلاف غزة، إذ تبقى النقطة الضعيفة للاحتلال تتطلب تغييراً في حماية طرق المرور في الضفة الغربية، لأن سياسة "جز العشب" لم تعد تكفي.
وأكد قائد منطقتي القدس والضفة ورئيس قسم السايبر في جهاز الأمن العام- الشاباك، إريك باربينغ، أنّ: "الهجوم المميت الذي وقع في مستوطنة كدوميم، وقُتل فيه ثلاثة مستوطنين، يثبت، وليس للمرة الأولى، أن طرق المرور بالضفة الغربية أصبحت أكثر خطورة".
وأضاف باربينغ، في مقال نشرته "القناة 12" العبرية، وترجمته "عربي21" أنّ: "المقاومين طوروا وصقلوا قدراتهم لإلحاق الضرر بالروتين اليومي للمستوطنين الذين يتنقل مئات الآلاف منهم على هذه الطرق".
المقاومون الأبطال
تابع رئيس قسم السايبر في جهاز الأمن العام- الشاباك، أن "منفذي العملية معروفون لأجهزة أمن الاحتلال، وهم أعضاء في خلية منظمة، ولا تعدّ هجومًا منفردًا عشوائيًا، بل إن عملياتها عادةً تكون نتيجة لتخطيط مسبق دقيق".
"تنبع من وسائل التواصل الاجتماعي، وفي هذه العملية، خطّط المقاومون للتنفيذ، وقتل أكبر عدد ممكن من المستوطنين، بهدف العودة سالمين لمنطقة إقامتهم، حيث سيتخفّون بين الفلسطينيين المتعاطفين معهم، باعتبارهم: أبطالا" أضاف باربينغ.
وأشار إلى أنه: "في تنفيذ هجوم مخطط، يتم إجراء تحضيرات مسبقة من أعضاء الخلية ومساعديهم وأطراف أخرى ذات صلة، لذلك، حتى لو كان عدد شركائهم السريين صغيرًا، ويشمل من أرسلهم، ومن زوّدهم بالأسلحة، ومن يخفيهم بعد التنفيذ، فإن الافتراض العملي يجب أن يكون أنهم يعملون بمستوى عالٍ من السرية".
واسترسل: "يستخدمون المعلومات الاستخباراتية قبل العملية، ويقومون بدوريات في الموقع المخطط له، ويتعرفون على روتين المرور الإسرائيلي هناك، ويحددون ساعات الذروة، ويفحصون نشاط الجيش في المنطقة، ومدى تكراره، وبناء طرق الهروب، وإعداد مكان للاختباء مسبقًا".
وأوضح أنه "بهذا المعنى، فهي عملية عسكرية بكل معنى الكلمة، حتى وإن كانت خصائصها تختلف قليلاً عن مصطلح "العملية العسكرية" كما نعرفها، ولذلك فإن الإحباط الكبير الذي أصاب أفراد وضباط أجهزة الأمن الميدانيين ومكتب الشاباك يعود للفجوة الاستخباراتية والعملياتية أخفقت في إحباط الهجوم مبكراً".
وأردف: "مع أنه مقابل كل بضع هجمات مسلحة يتم إحباطها قبل تنفيذها، هناك واحد أو اثنان ينجحان، وهذه الحقيقة لا تمنح راحة للضباط الإسرائيليين".
التنفيذ والانسحاب
أضاف أنه "سيتم إجراء تحقيق شامل لمعرفة سبب نجاح منفذي العملية في الانسحاب من المكان، وأين يجب أن يكونوا، ما يعني توسّع ساحة المواجهة وتنتقل لجنوب الضفة، وهي منطقة حساسة ذات أهمية خاصة".
واعترف بأن "عملية حماس في السابع من أكتوبر، كان ولا يزال، مصدر إلهام كبير للخلايا المسلحة لحماس والجهاد الإسلامي في الضفة الغربية، رغم ما يستثمره الجيش والشاباك من كثير من الوقت والجهد في محاولة لإيجاد حلّ لهذه المعضلة الأمنية، ومنع التصعيد على الأرض".
وأكد: "لكن الجميع يعلم أن هجمات إطلاق النار من السيارات المارة قد تكون خطيرة بشكل خاص بسبب قربها من السيارات الإسرائيلية، فضلاً عن القدرة على التوقف، والخروج من السيارة، ثم إطلاق النار على المستوطنين، ثم الانسحاب من المكان".
وزعم أنه: "رغم الجهود الاستخباراتية والعملية للجيش والشاباك، لكن نقطة الضعف الأساسية تتمثل بطرق المرور التي ستتطلب منهم استخدام أدوات إضافية لحماية المستوطنين عليها".
"بما فيها اتخاذ تدابير إضافية ومتزايدة، والنشاط الجوي، والطائرات بدون طيار للتعرف المبكر على المشتبه بهم، والملاحظات المموهة، والمواقع الديناميكية، والتغييرات المفاجئة وغير المخطط لها في أساليب التفتيش، مع التخطيط والفهم بأنها قد تسبب اختناقات مرورية كبيرة" أبرز باربينغ.
اشتعال الحريق
أكد أنه "كلما زادت درجة المفاجأة في إجراءات الأمن على طرق الضفة الغربية، زادت فرصة إحباط المقاومين في طريقهم لمكان الهجوم، ومن ذلك إمكانية فصل طرق المستوطنين عن طرق الفلسطينيين، رغم ما سيسفر عنه من إدانات دولية رافضة، بجانب توسيع عدد المستوطنين الحاملين لأسلحة شخصية".
ودعا الكاتب لـ"توسيع نطاق العقوبة والردع ضد عائلات المقاومين، بما فيها إبعاد وترحيل أفرادها"، بزعم أن: "الترحيل لقطاع غزة أصبح تنفيذه "أسهل" اليوم، وفي الوقت ذاته فإن عمليات انتقام المستوطنين ضد الفلسطينيين تعتبر غير أخلاقية وغير قانونية، ويرجح أن تشعل حريقًا أكبر، ما يؤدي لفوضى خطيرة للغاية".
وأكد أنها: "حرب يومية، 24 ساعة في اليوم، سبعة أيام في الأسبوع، مما يجعلها صعبة، وتشكل تحدياً كبيراً للاحتلال، وتتزامن مع ما يخوضه حالياً بكثافة عالية على جبهات إضافية، لكن الهدف دائماً هو مفاجأة العدو في مكان لم يتوقع أن نصل إليه، وفي وقت لم يتوقعه".
وأشار إلى أن: "الجهد الاحتلالي ضد المقاومة في الضفة الغربية يتطلب جمع معلومات استخباراتية معقدة، وقدرات تشغيلية عالية، لمواجهة ظاهرة "الكتائب" المسلحة في مخيمات اللاجئين شمال وبعض مدن شمال الضفة الغربية، بما فيها جنين وطولكرم ونابلس".
"هي حرب مستمرة يخوضها الاحتلال، ويستخدم فيها أساليب متنوعة من البر والجو، وبوسائل وأدوات مختلفة، تنفيذا لسياسة "جزّ العشب"، لكيفية تفكيك الخلايا، وهذا الصراع مستمر حتى اليوم، وأحياناً من خلال أنشطة أجهزة أمن السلطة الفلسطينية" بحسب الكاتب نفسه.
وختم بالقول: "الفلسطينيين كانوا هدفاً رئيسياً لجهاز الشاباك منذ فترة طويلة، لكن الفوضى في الضفة الغربية تسببت باتساع ظاهرة المقاومة، وخلقت هذه الظاهرة روح "البطل"، الذي بات مثارا لإعجاب الشباب، خاصة في مخيمات اللاجئين".
واستطرد: "هؤلاء المُعجبون سرعان ما يتحولون لمقاومين مسلحين، ما يستدعي ضرورة دراسة مدى خطورة الموقف، والحاجة الماسة للعناية الكبيرة بالبيئة الداعمة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية المقاومة الضفة الغربية جز العشب الضفة الغربية المقاومة جز العشب المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الضفة الغربیة
إقرأ أيضاً:
لوموند: إسرائيل تفرض نظاما غير مسبوق من الإرهاب في الضفة الغربية
مستوى العنف الممارس على الفلسطينيين في الضفة الغربية لم يسبق له مثيل، إطلاق نار قاتل من قبل الجيش، وضرب مبرح على يد المستوطنين، ومداهمات واعتقالات تعسفية، وتعذيب داخل السجون، إنه وضع من الإرهاب.
بهذه المقدمة افتتحت صحيفة لوموند تحليلا بقلم مراسلها في القدس لوك برونير يقدم فيه صورة شاملة عن التحول العميق الذي شهدته الضفة الغربية خلال العامين الأخيرين، حيث تفرض إسرائيل عبر الجيش والمستوطنين والأجهزة الأمنية نمطا جديدا من السيطرة يقوم على العنف الممنهج، والردع بالترهيب، والعقاب الجماعي.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نيويورك تايمز: مخيمات تنظيم الدولة في صحراء سوريا قنابل موقوتةlist 2 of 2موقع إيطالي: هل تنافس غواصة "ميلدن" التركية نظيراتها الأوروبية؟end of listبدأ المراسل مقاله بمشهد من كفر عقب، وهو حي يقع بين القدس ورام الله قتل فيه جنود حرس الحدود شابين فلسطينيين بدم بارد، وزعموا أنهم واجهوا أعمال شغب، ورشقا بالحجارة وإطلاق ألعاب نارية.
ويعرض المقال عبر شهادات السكان حالة الرعب التي يعيشونها يوميا، حيث الخوف من الجيش والشرطة وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك) صار جزءا من الحياة اليومية، وكذلك الخوف من السفر بين المدن، ومن المداهمات الليلية، ومن الاعتقال دون تهمة.
يقول موظف في أحد المطاعم -طالبا عدم ذكر هويته- إن "الجنود يأتون ويغلقون الطريق ثم يطلقون الغاز، وأحيانا الرصاص دون سبب، إنهم يرهبوننا".
ويضيف آخر أنه يحلم باللجوء إلى إسبانيا، ويقول ثالث "يريدوننا أن نرحل"، ويقول رابع "الدم الفلسطيني يسيل ولكنه لا يساوي شيئا، لا أحد يوقفهم".
وتتردد هذه الأقوال -حسب المراسل- في رام الله وبيت لحم ونابلس وطوباس وفي كل الضفة تقريبا، حيث غيّر الاحتلال العسكري طبيعته جذريا منذ وصول حكومة اليمين واليمين المتطرف بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نهاية 2022 حسب مصادر فلسطينية وإسرائيلية عديدة، وتضاعف ذلك بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
إعلانويؤكد الكاتب أن مستوى القمع لم يبلغ هذا الحد منذ بدء الاحتلال عام 1967، إذ تشير الأرقام إلى مقتل 1043 فلسطينيا خلال عامين وإصابة أكثر من 10 آلاف، في حين تُظهر إحصاءات الأمم المتحدة ارتفاعا حادا في عدد الضحايا المدنيين، بمن فيهم النساء والقاصرون وذوو الإعاقة، كما تقول الصحيفة.
وتقدر 12 منظمة حقوقية إسرائيلية أن السبب الرئيسي لتصاعد العنف العسكري غير المسبوق هو تخفيف قواعد إطلاق النار واعتماد تكتيكات قتالية مأخوذة من الحرب في غزة، مما يعني إطلاق النار بكثافة أكبر وفي ظروف أقل وضوحا.
وأشار المراسل إلى استخدام المروحيات الهجومية، وتدمير مخيمات اللاجئين في جنين وطولكرم بشكل شبه كامل، إضافة إلى تدريبات عسكرية تستند إلى سيناريوهات ضربات جوية داخل الضفة، في خطوة غير مسبوقة تكشف أن القيادة العسكرية باتت تتعامل مع الضفة كمنطقة قتال مفتوحة.
وتُظهر المعطيات أن التحقيقات في عمليات القتل نادرة والأحكام شبه معدومة، إذ لم تصدر سوى عقوبة رمزية خلال أ4 سنوات، في حين أن الأغلبية العظمى من الشكاوى لا تصل إلى المحاكم، مما يجعل الجنود يعملون دون خشية من المحاسبة.
وحتى عندما توثق الكاميرا عمليات إعدام لمدنيين بوضوح كما حدث في جنين -كما يقول المراسل- يخرج وزراء مثل وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير للدفاع العلني عن الجنود.
وخلال عامين -كما تقول منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان- استشهد نحو 100 معتقل فلسطين في السجون الإسرائيلية، بينهم 26 من الضفة الغربية.
ويتحدث المقال عن شهادات متكررة بشأن تعذيب جسدي وجنسي وإهمال طبي متعمد تدعمها تصريحات بن غفير نفسه الذي تحدّث صراحة عن ضرورة تجويع الأسرى، مما يعكس سياسة ممنهجة لإسقاط الأسير نفسيا وجسديا.
وكذلك، اعتُقل في العامين الأخيرين أكثر من 21 ألف فلسطيني في الضفة -أغلبهم دون تهمة- ضمن نظام "الاعتقال الإداري"، كما نفذ الجيش عمليات تمشيط واسعة شملت مئات المنازل يرافقها الضرب غالبا والإهانات والقيود، إضافة إلى احتجاز جماعي طويل في العراء أو الملاعب، كما يقول المراسل.
وإلى جانب ذلك توسعت سياسة العقاب الجماعي، من إغلاق للطرق والمدن بشكل كامل، وتدمير البنى التحتية الأساسية، واحتجاز جثث الشهداء لأشهر، واستخدام الحواجز بشكل يخنق الحياة اليومية، وهو ما يصفه أحد رؤساء البلديات قائلا "نعيش في سجن كبير"، حسب ما أورد المراسل.
وكشفت منظمات إسرائيلية عن ظاهرة "منهجية" من نهب الأموال والذهب والممتلكات خلال المداهمات، وهي ممارسات موجودة منذ عقود لكنها ازدادت وتحولت إلى أمر اعتيادي دون محاسبة، حسب المراسل.
ويلعب المستوطنون دورا محوريا في منظومة القمع هذه، وقد ارتفعت الاعتداءات على الفلسطينيين، بما فيها أكثر من ألف إصابة مع توسع عمليات الاستيلاء على الأراضي حتى بلغت 1600 اعتداء منذ بداية العام، وهو أعلى رقم على الإطلاق، حسب المقال.
وذكر المراسل أنه منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وزعت السلطات الإسرائيلية 220 ألف رخصة سلاح جديدة، ذهب عدد كبير منها للمستوطنين الذين أصبحوا أشبه بمليشيات خاصة، وقد قفز عدد البؤر الاستيطانية غير القانونية إلى مستويات قياسية بلغ 32 بؤرة عام 2023، وفي عام 2024 بلغ 61 بؤرة، و68 خلال أشهر قليلة في عام 2025.
منظمات إسرائيلية كشفت عن ظاهرة "منهجية" من نهب الأموال والذهب والممتلكات خلال المداهمات، وهي ممارسات موجودة منذ عقود لكنها ازدادت وتحولت إلى أمر اعتيادي دون محاسبة
وفي هذا السياق، تبدو الضفة الغربية -حسب المقال- منطقة مخنوقة اقتصاديا ومجتزأة جغرافيا ومهددة في هويتها الوطنية.
إعلانويرى ناشطون فلسطينيون أن إسرائيل لم تعد تسعى فقط إلى "قمع المقاومة"، بل إلى إلغاء الوجود الوطني الفلسطيني نفسه في الضفة الغربية.
ومع ارتفاع عدد القتلى والمعتقلين والجرحى بشكل هائل ومع يأس الناس من أي حماية يسود شعور بالخوف والغضب، ويتوقع كثيرون انفجارا مقبلا، خاصة أن السلطة الفلسطينية تفقد ما تبقى من شرعيتها، وينظر إليها على أنها شريك في إبقاء الوضع القائم عبر التنسيق الأمني مع إسرائيل، ويقول أحد تجار كفر عقب "نعيش تحت احتلالين، إسرائيل والسلطة الفلسطينية"، حسب تعبيره.